بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
هيمنة الصين على سلاسل إمداد المعادن تهدد أمريكا
ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” مؤخراً أن شركات صناعة السيارات الأمريكية يساورها القلق من أن حوافز الطاقة المتجددة، لقانون خفض التضخم ستجعل “التحول الأخضر” أكثر تكلفة.ولفتت الصحيفة إلى أن تشجيع إدارة بايدن على تصنيع السيارات الكهربائية وألواح الطاقة الشمسية، وغير ذلك من التقنيات الصديقة للبيئة والمعتمدة بكثافة على المعادن يغفل مخاطر اعتماد الولايات المتحدة على غريمتها الصين.وفي هذا الإطار، قالت سارة مونتالبانو، محللة سياسات التعليم في منتدى ألاسكا للسياسات، في مقالها بموقع “ريل كلير ورلد”: قبل أن تشهد الولايات المتحدة تحولاً أخضر، عليها أن تتخلى تدريجياً عن المعادن الأجنبية المصدر في أسرع وقت ممكن».وأضافت مونتالبانو، قائدة إقليمية للقطاع الشمالي الغربي لمؤسسة Young Voices، إن السيارات الكهربائية والألواح الشمسية وغيرها من تقنيات الطاقة المتجددة تستخدم العديد من المعادن البالغة الأهمية، بما في ذلك النحاس والكوبالت والنيكل والليثيوم والعناصر الأرضية النادرة بكميات أكبر من التقنيات التقليدية، وتستهلك بطاريات السيارات الكهربائية ستة أضعاف كمية المعادن التي تستهلكها السيارات التقليدية، ولتوفير الطاقة عندما لا تكون الأجواء مشمسة، تحتاج مزارع الطاقة الشمسية إلى بطاريات تستخدم 35 من أصل 50 معدناً حيوياً مهماً للأمن القومي.. ويمكن لتوربينة رياح واحدة أن تستهلك أكثر من 1000 رطل من العناصر الأرضية النادرة.
وأشارت الكاتبة إلى أنه ليس لدى الولايات المتحدة سلاسل توريد محلية موثوقة لهذه المعادن كلها تقريباً.. ففي عام 2022، كانت الولايات المتحدة تعول بنسبة 56% على مصادر أجنبية للنيكل و76% للكوبالت، وتعتمد كلياً على مصادر أجنبية للغرافيت والمنغنيز.
والأدهى من ذلك، حسب الكاتبة، هو أن إعانات إدارة بايدن حفزت الطلب، فأمست هناك حاجة ماسّة إلى “زيادة بمقدار 42 ضعفاً في الطلب على الليثيوم، و25 ضعفاً في الطلب على الغرافيت و21 ضعفاً في الطلب على الكوبالت” بحلول عام 2040.
وتسعى الصين إلى الاستيلاء على المزيد من سلاسل التوريد وتوسيع نطاق هيمنتها على السلاسل التي تسيطر عليها بالفعل.وتحظر الحكومة في الصين على الشركات الأجنبية التنقيب عن المعادن الأرضية النادرة داخل حدودها، وتدعم شركاتها بخصومات ضريبية على الصادرات.
وحتى عام 2015، حفزت الصين معالجة المعادن الأرضية النادرة واستخدامها داخل حدودها، ما عزز إنتاجها من السيارات الكهربائية والإلكترونيات الاستهلاكية.وموّلت الصين بقوة جهود التعدين في البلدان النامية في إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وعلى مدى العامين الماضيين، ضخت الشركات الصينية 4.5 مليارات دولار في التنقيب عن الليثيوم في ناميبيا وزيمبابوي ومالي.. وهناك مستوى مثيل من الاستثمارات في أمريكا الجنوبية والمكسيك.
وأكدت الكاتبة ضرورة أن تحذر الولايات المتحدة من الاعتماد على أي بلد وحيد للحصول على المعادن التي لا يمكن للاقتصاد والجيش الأمريكيين العمل دونها.. لكن مخاطر الاعتماد على الصين يجب أن تكون واضحة، إذ تهدد الصين تايوان حالياً، وتشارك في عمليات تجسس صناعي، وتشن هجمات إلكترونية.
وقد تقرر الصين التي تحكم سيطرتها على المعادن الحيوية حجب تلك المعادن في حالة تصاعد التوترات الراهنة، أو على الأرجح أن تجعل الولايات المتحدة تدفع ثمناً باهظاً مقابل الحصول على تلك المعادن.. فقد ارتفعت أسعار المعادن بالفعل في عامي 2021 و2022 بالتزامن مع ارتفاع أسعار الليثيوم بشكل مذهل بنسبة 738%، ولا تزال الأسعار أعلى من مستوياتها التاريخية حتى عام 2023.
فضلاً عن ذلك، تضيف الكاتبة، لا تتبع الدول الأجنبية المعايير البيئية والعمالية الأمريكية عند التنقيب عن المعادن الحيوية ومعالجتها، مشيرة في هذا الصدد إلى أن إندونيسيا التي شاركت بحماس في مشروعات مشتركة عبر مبادرة حزام وطريق الصينية قد تضاعف إنتاجها من النيكل بين عامي 2020 و2022، إلى ما يربو على 48% من المعروض عالمياً.وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تبسط الشركات المملوكة للصين سيطرتها على 70% من الكوبالت في العالم أجمع، يستخرج أكثر من 40 ألف طفل هذا المعدن النادر، وبعضهم لم يتجاوز حتى السادسة من عمره.وقد تؤدي التطورات الواعدة في تقنية البطاريات في نهاية المطاف إلى الحد من الكميات الواردة من المعادن النادرة وتكلفتها والخسائر البشرية المترتبة على استخراجها، لكن قليلاً منها على الأرجح سيكون مجدياً من الناحية التجارية، ولن يكون أيها جاهزاً في الوقت الملائم لتلبية معايير إدارة بايدن المتعلقة بانبعاثات عوادم السيارات، تلك المعايير التي إن تبناها الأمريكيون فستلزم أن تمثل السيارات الكهربائية ثلثي مبيعات سيارات الركاب الصغيرة بحلول عام 2032.
بالنظر إلى هذه الحقائق، تقول الكاتبة: “قد تعزز الإدارة الأمريكية الحصيفة جهود التعدين المحلي وإقامة شراكات مع الحلفاء والبلدان النامية، مع التركيز على السلامة والحد من التأثير البيئي.. وبدلاً من ذلك، تشجع إدارة بايدن الطلب على المعادن من خلال قانون خفض التضخم، ما يشجع على تدمير البيئة وشيوع ظروف العمل الخطرة في الخارج، ويوهن الأمن القومي في الداخل».