رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيسي إندونيسيا والغابون بذكرى استقلال بلديهما
أدب عادل عبد الله حميد بين السرد والتأريخ
أثبت الكاتب الإماراتي عادل عبدالله حميد، من خلال إصدار كتابه الجديد "السلطان هيثم بن طارق آل سعيد" - سلطان المجد وقائد النهضة العُمانية المتجددة - عن دار المفكر العربي للنشر والتوزيع ، وبإجازة وزارة الإعلام في سلطنة عُمان، أن المفكرين والأدباء بالمنطقة العربية مهتمين بجغرافيا المكان ومنصهرين مع تاريخ الأسلاف، حيث تناول في مؤلفاته السابقة سيرة القيادة الرشيدة لدولة الإمارات ودولة الكويت، وبين مدى حرصهم على القيام بالنهضة والتنمية المستدامة للوصول بالشعوب إلى مصاف الدول المتقدمة، مؤكداً على عشقه لوطنه الإمارات وإيمانه بالتقارب القوي بين المجتمعات العربية خاصة منطقة الخليج العربي، وذلك للتشابه الكبير في البيئة والتراث والجغرافيا وأسلوب الحياة المشترك
جاء الكتاب في سبعة أبواب تخلل كل باب عدة فصول وذلك في ٢٠٨ صفحة، وضم الكتاب صوراً ومعالم وأشخاص، بهدف التأريخ الشامل للمرحلة الراهنة مع تسليط الضوء على تاريخ السلطنة وتقدمها عبر العصور المتلاحقة، حيث اشار في المقدمة إلى وصف السلطنة بأنها منجم للرجال والوطنية لا ينضب، وعنواناً للأصالة والشهامة والكرم والوفاء والفكر المستنير والقيادة الحكيمة، واصفاً أرضها بالأمن والأمان، وما بها من نخيل وشجر اللبان ، واعتمد في وصفه على تقديم صورة متكاملة للتضاريس من الجبال والعمران، مشيراً إلى امتلاكها التراث والعادات والتقاليد من الخناجر والسيوف والخيزران، كما حاول الكاتب أن يذهب بالقارئ إلى أبعد من كونه يصف المكان، فتطرق إلى سلوك الشعب من سمات التسامح والتعايش والسلام واحترام الحضارات وتنوع الثقافات، ونقل القارئ إلى جو من التاريخ بوصفه القلاع والحصون والأبراج والأفلاج والبحور والشطآن.
اهتم الكاتب عادل عبدالله حميد، بذكر تواريخ كل مرحلة ليصبح الكتاب مرجعاً للباحثين وطلاب العلم والمهتمين بتاريخ سلطنة عمان، حيث ذكر تاريخ تولي السلطان هيثم بن طارق آل سعيد مقاليد الحكم في 11 يناير 2020م ، بعد وصية من المغفور له السلطان قابوس بن سعيد آل سعيد، وهذا الانتقال السلس ينم عن عشق العمانيين لوطنهم وحبهم الاستقرار واحترامهم لقيادتهم، وهذا ما أشار إليه الكاتب في مؤلفه، حيث أهتم بتاريخ سلطنة عمان من خلال إلقاء الضوء على قائدها في خط تاريخي مع التنمية والتطوير، وكأن الكاتب أراد أن يسرد تاريخ السلطنة من المهد لهذه المرحلة من خلال قائدها وسيرته، وهذا نوع متميز من أدب الرحلات والسير الذاتية، فكم من كتب تخصصت في تأريخ الأشخاص وربطها بالمكان وخطوط الأحداث الكبرى، وهذا النوع من الكتابة يترك عند القارئ مصداقية لارتباط السرد والقصة بالأحداث، بالإضافة لجرعة ثقافية يمحنها الكاتب لقرائه، مما تسهم في صقل معرفتهم عن الدولة ونشأتها وتطورها وخططها المستقبلية من خلال سرد السيرة الذاتية للقادة، كما ورد في كتاب "البحث عن الذات" للرئيس محمد أنور السادات، فقصة القادة ترتبط بحركة التطور والتنمية والأحداث المحلية والإقليمية والعالمية
التزم الكاتب عادل عبدالله حميد، بالمعايير الأساسية لكتابة السير الذاتية، فجاء الكتاب متكامل لاعتماده على البحث الميداني والاستعانة بالمصادر والمراجع الموثقة، بالإضافة لتعزيز الخبر بالصور والإشارة، حتى أن الكتاب يعتبر بحث أكاديمي إلا أنه يخلوا فقط من فكرة الهوامش والعناوين الأساسية والفرعية، لكنه كتاب مكتمل المعايير الفنية والأدبية، ويظهر من المحتوى أن الكاتب اجتهد وبذل جهد كبير في البحث عن المعلومة وتأكيد صحتها، وقراءة العديد من المصادر والعودة إلى المراجع والرواة، فالكتابة عن أشخاص خاصة الملوك والسلاطين والرؤساء تحتاج إلى حرص كبير في البحث، ويصبح التأكيد على المعلومة مرهق جداً ويحتاج لجهد مضاعف، غير كتابة الرواية او القصة القصيرة أو حتى المسرحية، لأن هذه الكتب مجرد طرحها في المكتبات تعد مراجع معتمدة وموثقة عند الباحثين وطلاب العلم والمهتمين بتاريخ الدول، لذا حرص الكاتب أن يكون مؤلفه مراجعاً مراجعة دقيقة ليصبح ضمن المصادر الحية والموثوق في تحليلها ومعلوماتها.
اهتم الكاتب عادل عبدالله حميد، باللغة السلسة غير المعقدة، بل خرج من عباءة اللغة البحثية الجامدة إلى الأسلوب الأدبي المعتمد على الوصف والمهتم بالصورة، لينقل القارئ بكل سهولة من مكان إلى أخر بحرفية ملحوظة وبناء لغوي شيق، فلا يملك القارئ من كثرة الأحداث أو الإطالة الغير مبررة، فكان لدى الكاتب ميزان في تناول الكلمات والجمل وحرص على بناء اللغة بشكل مبهر ما جعل الكتاب متميز من حيث السرد والتسلل الزمني والانتقال الساحر بين الأحداث، فلقد فطن الكاتب إلى أن هذه النوعية من الكتابة لابد وأن تكون بسيطة وسهلة لكي تتماشى مع مرحلة التكنولوجيا والقراءة الالكترونية، فالكتاب تمكن من عرض تاريخ سلطنة عمان وخططها المستقبلية من خلال سيرة قائدها، بأسلوب متميز استطاع الكاتب أن يضيف للمكتبة العربية واحد من الكتب الجديدة والمهمة في مجال التأريخ.