إبراهيم تراوري.. زعيم الانقلاب في بوركينا فاسو يكتسب شعبية متزايدة
يكتسب إبراهيم تراوري، زعيم بوركينا فاسو، شعبيةً متزايدة داخل القارة الإفريقية وخارجها، باعتباره رمزاً جديداً لمناهضة النفوذ الغربي، بحسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية.
وبحسب الصحيفة، فإنه في الوقت الذي يُركّز فيه تراوري على الأمن، والاعتماد على الذات، والقومية الإفريقية، متخلياً عن التحالف التقليدي مع فرنسا ومقترباً من روسيا طلباً للدعم، يشهد الوضع الأمني في بلاده تدهوراً مستمراً؛ ما يثير تساؤلات بشأن قدرته على تحقيق الاستقرار.
ووفق الصحيفة، كان تراوري قبل ثلاث سنوات ضابطاً مغموراً في جيش بوركينا فاسو، لكنه بات اليوم بطلاً مفاجئاً في نظر كثيرين، يروّج لخطاب الاستقلال والسيادة، مستعيداً خطاب القادة الأفارقة الذين قادوا حركات التحرر في منتصف القرن الماضي.
ومنذ الإطاحة بالرئيس العسكري السابق للبلاد في عام 2022، وتوليه السلطة، حاز تراوري إعجاباً واسعاً في أنحاء أفريقيا، على نحو ذكّر كثيرين بزمن نيلسون مانديلا وقادة الاستقلال، بحسب الصحيفة.
ورغم محاولات روسيا استثماره كأداة لتقويض النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل، إلا أن تراوري – وفق التقرير – لديه أجندة مستقلة تتمثل في إحياء المشروع القومي الأفريقي، وربط التنمية بالتحرر السياسي والاقتصادي من التبعية الغربية.
وقدّم تراوري نفسه باعتباره رجل الشعب، فطرد القوات الفرنسية، التي فشلت في القضاء على التمردات الجهادية، وأعاد التفاوض على عقود شركات تعدين الذهب لضمان حصة أكبر للدولة. كما قدّم الدعم للمزارعين عبر توزيع معدات وأسمدة، وأشرف على إنشاء مصانع محلية، بما فيها أول مصفاة للذهب في البلاد.
وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة أفروباروميتر العام الماضي، أن غالبية سكان بوركينا فاسو يؤيدون الحكم العسكري، معتبرين إياه وسيلة فعالة لمواجهة الفساد المستشري في عهد الحكومات المدنية.
وأشار الاستطلاع إلى أن أكثر من نصف الأفارقة مستعدون لتقبل تدخل الجيش في السياسة في حال إساءة استخدام السلطة من قبل الحكام المنتخبين، رغم أن ثلثي المشاركين ما زالوا يرفضون الحكم العسكري كنظام دائم. وعلى مستوى الداخل، ركّز تراوري على كسب دعم فقراء الريف، حيث ألغى تخصيصات الأراضي التي كانت تُمنح للشركات الكبرى، وأعاد الاعتبار للحقوق العرفية للمجتمعات المحلية، في محاولة لمعالجة التفاوتات القديمة في توزيع الأرض. وفي المقابل، عبّر مثقفون وصحفيون وناشطون عن قلقهم من أن تراوري لا ينوي تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، خاصة بعد تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة العام الماضي إلى عام 2029، بدعوى أن الظروف الأمنية لا تسمح بإجرائها في جميع أنحاء البلاد. وعلى الرغم من خطابه القومي وشعبيته المتصاعدة، إلا أن الوضع الأمني ازداد سوءاً. فبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية الأفريقية التابع لجامعة الدفاع الوطني الأمريكية، قُتل أكثر من 17 ألف شخص في أعمال عنف منذ تولي الجيش السلطة، أي أكثر من ثلاثة أضعاف عدد القتلى خلال السنوات الثلاث الأخيرة من الحكم المدني. كما اتهمت منظمات حقوقية الجيش بارتكاب عمليات قتل خارج إطار القانون واعتقالات تعسفية، فضلاً عن استخدام قوانين الطوارئ لتجنيد المدنيين قسراً، بمن في ذلك معارضون وناشطون.