الأزمة الأوكرانية تعمق العلاقات بين روسيا والصين

الأزمة الأوكرانية تعمق العلاقات بين روسيا والصين


قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن الأزمة الأوكرانية تعمق العلاقات بين روسيا والصين، مشيرة إلى أن التحذيرات الأمريكية والأوروبية من غزو موسكو الوشيك لكييف، قد تُثير خوف الغرب، لكن شبح الحرب في بكين، أثار ردود فعل مختلفة.
واستشهدت الصحيفة في تحليلها بتصريحات مدون صيني بارز معروف باسم هواشان تشيونغ جيان، في الأسبوع الماضي، قال إن “أزمة أوكرانيا ستكون فرصة تاريخية لنا لحل مشكلة تايوان، الحرب في أوكرانيا ستكون نافذة تاريخية لتوحيد الوطن الأم، لا يجب تفويتها». ويرفض الدبلوماسيون وقدماء المراقبين للسياسة الصينية هذه الفكرة، لكن الولايات المتحدة وبعض جيران الصين يخشون أن تجعل الحرب في أوكرانيا بكين أقوى.

فرصة مهمة للصين
وقال ألكسندر جابويف، الخبير الروسي في مركز “كارنيغي” للأبحاث: “إذا وقعت الحرب، فستكون مصدر إلهاء كبير للولايات المتحدة. أما للصين، فستكون هذه فرصة بنفس حجم 2014”، في إشارة إلى الأزمة الأوكرانية الماضية عندما دعمت روسيا حركة انفصالية في البلاد وضمت شبه جزيرة القرم.
ومزق هذا الخلاف، علاقات روسيا مع الغرب، ودفع موسكو إلى أحضان الصين. وبين 2013 و2021، تضاعف نصيب الصين من التجارة الخارجية مع روسيا من 10 إلى 20%.
ويعتقد المحللون أنه إذا تابعت الولايات المتحدة وأوروبا التهديد بفرض عقوبات على روسيا إذا غزت أوكرانيا مرة أخرى، فإن “موسكو ستُصبح أكثر اعتماداً على بكين».

أسئلة مهمة
وأشارت الصحيفة إلى أن أهم الأسئلة التي تلوح في الأفق عن دور الصين المحتمل في صراع أوكرانيا ستكون عن شراكتها السياسية والعسكرية مع روسيا، مضيفة أنه رغم إصرار البلدين على أنهما ليسا في تحالف، فقد وصل التعاون العسكري بينهما، في بعض المناطق، إلى مستوى تنافسي بين الحلفاء التقليديين.
ونقلت عن تشاو مينغوين، وهو دبلوماسي صيني سابق وخبير في الشأن الروسي يعمل الآن في معهد الصين للدراسات الدولية “لا حد أقصى لتطوير علاقتنا، ولا حدود. يمكن القول إننا حلفاء أكثر من الحلفاء”، وأن روسيا والصين “ستدعمان بعضهما في النزاعات التي ترى الدولتان أن وراءها قوى خارجية».
وقال: “إذا أُجبرت الصين على توحيد تايوان بالقوة وتدخلت واشنطن، أعتقد أن موسكو لن تقف مكتوفة الأيدي، وإذا طلبت روسيا الدعم الصيني في حرب أوكرانيا، فقد تكون بكين في وضع يمكنها من المساعدة».
بدوره، قال ألكسندر كوروليف، الخبير في العلاقات الأمنية الروسية الصينية في جامعة نيو ساوث ويلز، إن “التدريبات المشتركة المتكررة والموضوعية، والتعاون في تطوير الأسلحة، والمشاورات المنتظمة حول القضايا العسكرية والأمنية، وتبادل العسكريين طويل الأمد، تمكن الجيشين الروسي والصيني من العمل بشكل مشترك في حروب حقيقية».
 تعاون الجيشين
ورجح المحللون أن يساعد الجيشان بعضهما في تتبع صواريخ العدو، وتوجيه أنظمتهما للقيادة والاتصالات والاستهداف.
وقال مارك هيلبورن، الخبير في الشؤون الدفاعية في “كينغز كوليدج لندن”: “الصين قادرة على امتلاك محطات رادار أرضية في روسيا، وهو ما ينطبق على روسيا أيضاً، ما يوسّع نطاق انتشارها بشكل كبير».
علاوة على ذلك، يسعى البلدان إلى ربط نظامي الأقمار الاصطناعية للملاحة العالمية، ما يمنح موسكو وبكين عدداً من الأقمار الاصطناعية أكثر من الولايات المتحدة، باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي GPS.
وفي هذا الإطار، قال هيلبورن: “إذا تعرضت أنظمة روسيا للضغط، أو تعرضت أقمارها الاصطناعية للخطر في نزاع ما، فيمكنها الحصول على مساعدة الصين».

تقويض مصالح اليابان
ورغم أن الصين وروسيا تراجعتا عن اعتبار الولايات المتحدة، قوة عظمى، إلا أنهما كانتا أكثر حذراً في التعامل مع القضايا الإقليمية أو المحلية. وقال كوروليف: “لن تتخذ الصين ولا روسيا تحركات جريئة في المجالات التي يكون للجانب الآخر فيها مصالح ذات أولوية، ولن تدعما المطالب الإقليمية الأكثر إثارة للجدل للطرف الآخر».
وتوقّع دبلوماسي أوكراني في آسيا أن تكثف بكين جهودها لتقويض المصالح اليابانية، على سبيل المثال بزيادة عدد السفن التي يستخدمها خفر السواحل في الدوريات في المياه حول جزر سينكاكو، أو جزر دياويو، المتنازع عليها.
كما يشعر الخبراء اليابانيون بالقلق من احتمال شن الصين المزيد من الهجمات الإلكترونية على أهداف سهلة في اليابان.

تقويض القوة الأمريكية
لكن كوروليف قال إن موسكو وبكين تدعمان بعضهما البعض، بقوة عندما تشتركان في مواجهة الولايات المتحدة.
وخلصت الصحيفة إلى أنه “إذا رأت الصين أن الأزمة الأوكرانية جزء من هذا الصراع العالمي، فسيمكنها استغلالها لتقويض القوة الأمريكية، رغم أن المراقبين قالوا، إن بكين لن تهاجم تايوان».