مع جيرانه في الشرق:

الاتحاد الأوروبي يسعى إلى إيجاد ردّ على روسيا...!

الاتحاد الأوروبي يسعى إلى إيجاد ردّ على روسيا...!

-- منذ إطلاق الشراكة الشرقية قبل اثني عشر عامًا، تغيّر الوضع الجيوسياسي
-- انقسامات داخل الاتحاد الأوروبي حول انضمام أوكرانيا إلى الناتو
-- أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا، صراعات بالجملة أمام الأوروبيين
-- إن المغامرة بدخول هذه المناطق، هو دخول في مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع موسكو


   يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي أمس الأربعاء، وسط الأزمة الأوكرانية، مع نظرائهم من الشراكة الشرقية (أرمينيا وأذربيجان وجورجيا ومولدوفا) الذين يعانون من الصراعات المجمدة.    وبالنظر للسياق المتفجر على الحدود الأوكرانية، فإن الملصق ملفت للانتباه. سيلتقي رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة في بروكسل في قمة الشراكة الشرقية.
 
وتهدف هذه المؤسسة، التي تأسست عام 2009، في البداية إلى تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لست دول في أوروبا الشرقية وجنوب القوقاز في إطار ما يسمى بسياسة “الجوار” الأوروبية.
    حول الطاولة، سيكون زعماء أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا. وعلقت روسيا البيضاء، التي كانت في الأصل جزءً من المنتدى، مشاركتها في يونيو بسبب العقوبات المفروضة عليها جراء سلوكها غير الديمقراطي. اذن، ستكون هناك دول مهددة بالغزو من قبل روسيا (أوكرانيا)، أو في حالة حرب بينها في المنطقة المتنازع عليها من كاراباخ العليا (أرمينيا وأذربيجان)، ولكن تحت وساطة روسية، أو أضعفها صراع مجمد بسبب روسيا (جورجيا ومولدوفا).  

  تهدف هذه القمة الرسمية الأولى منذ عام 2017 بين الاتحاد الأوروبي وجيرانه الشرقيين، إلى “إعادة إطلاق الشراكة، أي مساعدة الدول التي لا تزال تتمتع بقابلية التعاون الاوروبي معها على تسريع الإصلاحات الداخلية، مثل مكافحة الفساد أو احترام الحريات الأساسية”، يشير سيريل بريت، الباحث المشارك في معهد جاك ديلور. ولكن ضمن حدود معينة.   

بالنسبة إلى لور ديلكور، الأستاذة المحاضرة في جامعة السوربون-نوفيل، والمتخصصة في سياسة الجوار في الاتحاد الأوروبي، تظل الانتظارات حول هذه القمة “محدودة”. “ما سيوافق عليه رؤساء الدول والحكومات ليس له قيمة أخرى غير القيمة الإعلانية، تبرر الخبيرة، لا شيء ملزم، ولا يوجد أيضًا اتفاق بين دول الاتحاد الأوروبي لمنح الدول المنتسبة إمكانية العضوية”... ولسبب وجيه.

بيلاروسيا، الغائب الحاضر
   منذ إطلاق الشراكة الشرقية قبل اثني عشر عامًا، تغير الوضع الجيوسياسي. “في ذلك الوقت، لم تكن أوكرانيا قد ضُمّت أراضيها من قبل روسيا، ولم تكن شبه جزيرة القرم قد انفصلت بعد، يذكّر سيريل بريت، ولم تكن روسيا خاضعة للعقوبات، ولا يزال التعامل قائما مع بيلاروسيا إلى حد ما، ولم تهاجم أذربيجان أرمينيا مرة أخرى، ولم يقم الاتحاد الأوروبي بتحديث أهدافه الاستراتيجية بعد: لقد اعتقد أنه لا يزال قادرا على الإشعاع من خلال القانون والمساعدة الفنية والإدارية «.

   من الواضح أن الوضع الاستراتيجي والعسكري منذئذ أصبح أكثر تصلّبا. ويرى الباحث ان: “روسيا هي منافس للاتحاد الأوروبي في كل هذه المجالات، وتدرك بروكسل أن المغامرة في هذه الأراضي تعني الدخول في مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع موسكو».

   وكما هو الحال في كثير من الأحيان، فإن الاجندة الرسمية للاجتماعات ستحجب ما يجري وراء الكواليس. أولاً، اتفق الزعيمان الأرميني والأذربيجاني في منتصف نوفمبر على الاجتماع على هامش هذه القمة في محاولة لتخفيف التوترات على حدودهما -وهي الأولى منذ محادثاتهما في موسكو في يناير. بعد ذلك، ستكون “بيلاروسيا”، الغائبة حول الطاولة، حاضرة في أذهان الجميع بسبب سياستها المتمثلة في زعزعة استقرار الهجرة في شرق القارة الأوروبية. “لا ينبغي أن نتوقع أي شيء جديد، إن لم يكن إدانة جديدة لهذا الهجوم الهجين”، تحذر ماري دومولين، مديرة برنامج أوروبا الموسعة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية.

أوكرانيا مصدر خلافات
   وخصوصا، فإن 27، الذين سيجتمعون الخميس والجمعة، سيستعدون للرد على روسيا بشأن أوكرانيا، التي تحشد القوات والموارد العسكرية الكبيرة على حدودها منذ عدة أسابيع. وقد حذرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمس الأول الثلاثاء من أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتبني عقوبات إضافية ضد موسكو في حال حدوث عدوان جديد. خيارات أخرى على الطاولة: “يمكن أن يعلن الاتحاد الأوروبي دعمًا أمنيًا أكثر وضوحًا لأوكرانيا، وكذلك للدول الأخرى المشاركة”، تقول ماري دومولين.

   ومن المتوقع أن تكون هذه المسألة مثيرة للجدل بعد الاتصال الهاتفي أمس الأول الثلاثاء بين الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. في حال وقوع هجوم روسي، وعد جو بايدن بشكل ملحوظ بزيادة دعمه العسكري لأوكرانيا، وتعزيز “قدراتها” مع حلفائها في الناتو في أوروبا الشرقية، وخاصة فرض عقوبات اقتصادية أشد بكثير من تلك التي تم اتخاذها ضد روسيا بعد عام 2014، بدون تأثير كبير.
  «قد تسبب هذا في مناقشات معقدة أمس الأربعاء، تلاحظ ماري دومولين، لأن بولندا ودول البلطيق تعتبر أن قلب أمنها مهدد أيضًا. وهذه الدول مؤيدة جدًا لانضمام أوكرانيا إلى الناتو، وهذا ليس موقف أعضاء آخرين في الاتحاد الأوروبي ...”. لن يكون من السهل العثور على” لغة مشتركة” في هذا الموضوع، كما هو الشأن بالنسبة لمواضيع أخرى.
------------------------------