رئيس الدولة ونائباه يهنئون ملك البحرين بذكرى اليوم الوطني لبلاده
سباق الإليزيه يشتدّ:
الثقل الاقتصادي للحرب الأوكرانية قد يفيد مارين لوبان
• حتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وعدت مارين لوبان بـ صدمة القدرة الشرائية من خلال تعهدها بـ حماية الشعب
• والجولة الأولى على الابواب، قد تثبت الاستراتيجية الاجتماعية الشعبوية لمرشحة التجمّع الوطني أنها مربحة
• تأتي مارين في المرتبة الأولى في نوايا التصويت بين 25-34 عامًا بنسبة 22 بالمائة من الأصوات، متقدمة على ماكرون
• راهنت لوبان سياسيًا على أن المخاوف الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة للناخبين يمكن أن تمنحها ميزة حاسمة على منافسيها
• ستتوقف نتيجة الجولة الأولى على استجابة المترشحين لأسئلة القدرة الشرائية وزيادة الأسعار وحماية الفرنسيين من التأثير الاقتصادي للحرب
التأثير الاقتصادي للحرب في أوكرانيا يلقي بثقله على الناخبين الفرنسيين حيث تنضاف أسعار الطاقة المرتفعة إلى التضخم الذي صاحب تعافي الاقتصاد الفرنسي بعد القيود المرتبطة بوباء كوفيد -19.
قبل أيام من الجولة الأولى، يمكن أن تكون استراتيجية مارين لوبان "الاجتماعية الشعبوية" -أي التموقع على اليسار الاقتصادي المرتبط بالخطاب الشعبوي والقومي -، والتي طبقتها رئيسة الجبهة الوطنية على مدى عشر سنوات، رهانا سياسيا مربحا. تفرض المخاوف الاقتصادية نفسها كموضوع يهيمن على الحملة. ووفق الموجة الأخيرة من الاستطلاع الانتخابي سيفيبوف –معهد العلوم السياسية بباريس، الذي تم إجراؤه في 21-24 مارس، قال 58 بالمائة من الفرنسيين أن الأسعار والقدرة الشرائية سيكون لهما تأثير كبير على تصويتهم في أبريل، أي زيادة بنسبة 6 بالمائة منذ مطلع مارس.
مسألة القدرة الشرائية أساسية في الحملة
إذا كانت الحرب في أوكرانيا لا تزال تقلق الفرنسيين، فإن المخاوف تتلاشى إلى حد ما: قال الثلث (34 بالمائة) ممن شملهم الاستطلاع، إنهم "قلقون للغاية" بشأن الحرب، وكانوا 43 بالمائة في بداية مارس. ويبدو أيضًا أن الصراع العسكري في أوكرانيا يفقد أهميته في اختيار التصويت: يقول 23 بالمائة فقط من المستطلعين أنه سيؤثر على قرارهم، بانخفاض قدره 10 بالمائة بعد شنّ الغزو الروسي مباشرة.
ينصبّ التركيز الآن على العواقب الاقتصادية للأزمة الأوكرانية، حيث صرح 43 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع بأنهم "قلقون للغاية"، وهذا يمثل انخفاضا مقارنة بالموجة السابقة التي نُفذت في الفترة من 10 إلى 14 مارس، ولكنها لا تزال تُظهر مستوى عالٍ من القلق بين الفرنسيين. المخاوف من صراع أوسع أو حرب نووية أقل نسبيًا عند 33 بالمائة و28 بالمائة، بانخفاض 6 بالمائة و7 بالمائة على التوالي منذ أوائل مارس.
وفي ضوء هذه المعطيات، ستتوقف نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية إلى حد كبير على استجابة مختلف المترشحين لأسئلة القدرة الشرائية وزيادة الأسعار وحماية الفرنسيين من التأثير الاقتصادي للحرب.
توقعًا "لأزمة ستندلع"، شدّدت حكومة جان كاستكس، على أهمية دعم الاقتصاد الفرنسي من خلال تطوير خطة "صمود" طارئة. وبعد سياسة "مهما كان الثمن" خلال وباء كوفيد-19، تهدف هذه الخطة الجديدة التي تبلغ قيمتها 7 مليارات يورو إلى مساعدة الشركات والأسر على التعامل مع ارتفاع تكاليف الطاقة في الداخل، بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا.
على اليمين، استراتيجيات اقتصادية متباينة
ولئن لا يزال إيمانويل ماكرون يبدو مهيمنا على معركة الجولة الأولى في الوقت الحالي -مع 28 بالمائة من نوايا التصويت، بانخفاض طفيف في الموجة الأخيرة من استطلاعنا -فقد أصبحت المخاوف الاقتصادية أحد مفاتيح المعركة على المرتبة الثانية.
على اليمين، الاستراتيجيات الاقتصادية للمتنافسين الثلاثة الرئيسيين تتباعد. بشكل أساسي، تم تحديد المبادئ التوجيهية الرئيسية للحملة الخاصة بـ فاليري بيكريس واريك زمور ومارين لوبان منذ عدة أشهر، قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا. ولكن مع اقتراب الجولة الأولى، تخلق الأزمة الأوكرانية فرصًا مختلفة لكل من هؤلاء المترشحين.
على الصعيد الاقتصادي، دافع إيريك زمور وفاليري بيكريس عن برنامج لهجته ليبرالية، يتميز بمكافحة "المساعدة " عند الاول، أو تقليص عدد الموظفين في الإدارة العمومية عند مرشحة الجمهوريين. وكلاهما يؤيد أيضًا رفع سن التقاعد القانوني -64 لزمور و65 لبيكريس -وهو الإصلاح الذي لا يزال يرفضه ما يقرب من سبعة من كل عشرة فرنسيين.
في خضم عاصفة الأسعار والقدرة الشرائية، يصطدم هذا التوجه الليبرالي بالانتظارات الموجودة، لا سيما داخل جمهور الناخبين، لمزيد من الحماية الاجتماعية والصحة وإعادة التوزيع: في مسحنا، تعد القدرة الشرائية قضية مهمة بالنسبة لـ قرار التصويت لـ 63 بالمائة من الموظفين و67 بالمائة من العمّال.
تقع هذه المسائل الاجتماعية على وجه التحديد في قلب حملة مارين لوبان. في مواجهة منافسيها الرئيسيين على اليمين، اختارت مرشحة التجمّع الوطني في وقت مبكر جدًا مسارًا اقتصاديًا مختلفًا، مع التركيز على القدرة الشرائية والصحة، والدفاع عن الخدمات العامة، وإعادة التوزيع.
وحتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وعدت مرشحة التجمّع الوطني بـ "صدمة القدرة الشرائية" من خلال تعهدها بـ "حماية شعبنا" و "إعادة أموالهم إلى الفرنسيين".
سمح هذا الخطاب، ذو النغمة الاجتماعية القوية، لمارين لوبان بتحويل الانتباه عن مواقفها المؤيدة لروسيا ودعمها لفلاديمير بوتين في الماضي، لإعادة تركيز حملتها على العواقب الاقتصادية للصراع الأوكراني على الحياة اليومية للفرنسيين.
الاستراتيجية "الاجتماعية الشعبوية"
بل أكثر من ذلك، فهو يسمح لمرشحة التجمّع الوطني بإثبات مصداقيتها كمرشحة "للقدرة الشرائية" مع الفئات الشعبية والطبقات الوسطى الأكثر قلقًا بشأن التأثير الاقتصادي للأزمة.
ويُظهر تحليل إحصائي لمشروع مارين لوبان الرئاسي، أن مكوّن "إعادة التوزيع" يمثل ما لا يقل عن ثلثي (66 بالمائة) برنامجها الاقتصادي: وهي أعلى نسبة منذ الاختراق الانتخابي للجبهة الوطنية في منتصف الثمانينات. هذه الركيزة الأولى تجمع كل التدابير الاجتماعية أو الاقتصادية للتوجه الكينزي، القائم على العرض والحماية الاجتماعية وإعادة التوزيع.
يقدم برنامج مارين لوبان، من بين أمور أخرى، تخفيضات على ضريبة القيمة المضافة، وزيادة الأجور، وإعفاءات ضريبية، ونقل مجاني للعمّال الشباب. إن هجوم إعادة التوزيع الشامل هذا على القدرة الشرائية والصحة من أولوياته استهداف الطبقات العاملة والعمّال الشباب، الذين يشكلون الجزء الأكبر من كتائب ناخبي التجمّع الوطني.
وتؤكد الموجة 8 من استطلاع سيفيبوف، على أهمية هذه القطاعات الانتخابية لمارين لوبان. تأتي هذه الأخيرة في المرتبة الأولى في نوايا التصويت بين 25-34 عامًا بنسبة 22 بالمائة من الأصوات، متقدمة على إيمانويل ماكرون. كما أن رئيسة التجمع الوطني ستفوز على نطاق واسع في الجولة الأولى بين العمال (34 بالمائة) والموظفين (22 بالمائة).
هدف آخر: المتقاعدون، الذين ما زالوا أقل ميلًا لدعم التجمّع الوطني -سيصوت 13 بالمائة منهم فقط لرئيسته. بالنسبة لكبار السن، تعد مارين لوبان بإعادة تقييم المعاشات التقاعدية والحد الأدنى للشيخوخة، وإلغاء الضرائب على الميراث المباشر للأسر ذات الدخل المنخفض والطبقات المتوسطة.
في نفس الوقت، ابتعد التجمّع الوطني عن المواقف الاقتصادية الأكثر ليبرالية فيما يتعلق بموظفي الإدارة العمومية أو إلغاء القيود أو انسحاب دولة الرفاهية. وتمثل هذه السياسات 21 بالمائة فقط من برنامج 2022 مقارنة بـ 35 بالمائة قبل خمس سنوات. وكانوا يمثلون ما يقرب من 80 بالمائة في عهد جان ماري لوبان في منتصف الثمانينات.
أخيرًا، احتفظت بجذورها في القومية الاقتصادية (13 بالمائة من البرنامج). تواصل مارين لوبان الدفاع عن السيادة الاقتصادية الوطنية، والحمائية، ورفض التجارة الحرة، أو التفضيل الممنوح للشركات الوطنية ضد المنافسة الحرة للاتحاد الأوروبي.
هذا التموقع على اليسار الاقتصادي، المرتبط بالخطاب الشعبوي والقومي التقليدي لحزب التجمّع الوطني والذي يضع النخب الاقتصادية والسياسية "المعولمة" في صدام مع الشعب، يرسم الخطوط العريضة لـ "الشعبوية الاجتماعية" التي تميز اليوم بوضوح شديد مارين لوبان عن المنافسين الآخرين على اليمين، بمن فيهم إريك زمور: البرنامج الاقتصادي لمرشح "استعادة فرنسا" يجمع ما مجموعه 43 بالمائة من التدابير ذات التوجه الليبرالي، أي أكثر من ضعف تلك الخاصة برئيسة حزب التجمع الوطني.
مشروع مارين لوبان الاجتماعي الشعبوي ليس جديدًا. لقد بدأ قبل عشر سنوات، فور وصولها على رأس الجبهة الوطنية.
ففي أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، وأزمة الديون السيادية عام 2011، اعتمدت الجبهة الوطنية برنامج "كينزي" للإنفاق العام، وتوسيع الخدمات العامة، والقدرة الشرائية ضد التقشف الذي فرضته حكومة فرانسوا فيون. عام 2012، اتجهت 59 بالمائة من مقترحات الجبهة الاقتصادية نحو اليسار الاقتصادي، مخالفة للتوجهات الليبرالية للحزب في عهد جان ماري لوبان.
رهان رابح محتمل
طوال فترة ولاية إيمانويل ماكرون ، عملت مارين لوبان على ترسيخ صورتها الاجتماعية الشعبوية، حيث انضمت إلى صفوف اليسار والنقابات في عدة مناسبات. في نهاية عام 2019، كانت قد عارضت بشدة إصلاح نظام التقاعد. في مارس 2021، نددت رئيسة الجبهة الوطنية بإصلاح الحكومة للتأمين ضد البطالة، وطالبت إيمانويل ماكرون بوضع حد لهذا "النزيف الاجتماعي".
وتؤكد الموجة الأخيرة من استطلاعنا الانتخابي أن هذا رهان رابح محتمل: تجمع مارين لوبان 17 فاصل 5 بالمائة من نوايا التصويت فيه (+3 نقاط منذ بداية مارس)، متقدمة بفارق كبير على إيريك زمور (12 بالمائة) وفاليري بيكريس (10 بالمائة). في اجتماع عُقد في سان مارتن لاكوسادي في 25 مارس، كررت مارين لوبان رؤيتها الشعبوية للمبارزة التي تأمل في تقديمها ضد إيمانويل ماكرون، تعارض بين "الكبار" و"الصغار"، وبين "الشعب" و"المنتخبين". وصرحت "بين إيمانويل ماكرون ونحن، إنه الاختيار بين سلطة المال التي تعود بالفائدة على قلة، والقدرة الشرائية التي تعود بالفائدة على الجميع".
إن ارتفاع أسعار الوقود المرتبط بغزو روسيا له صدى قوي في الخطاب الاجتماعي الشعبوي الليبيني، ويمنح اليوم اسبقية لمارين لوبان. لاعبة مرة أخرى على تعارض الصغار ضد الكبار، اقترحت زعيمة التجمّع الوطني في 10 مارس "إزالة الزيادات" في ضرائب الوقود بين 2015 و2018 والتعويض عن هذه الإلغاءات بـ "ضريبة استثنائية على (مجموعات النفط)".
ويُظهر المسح الانتخابي لسيفيبوف، أن المخاوف الاقتصادية المتعلقة بالحرب هي الأقوى بين خزّان مارين لوبان الانتخابي: قال 53 بالمائة إنهم "قلقون للغاية" بشأن الاقتصاد، مقارنة بـ 43 بالمائة من مجموع الناخبين. ويؤكد ما لا يقل عن 69 بالمائة من ناخبي مارين لوبان، أن القدرة الشرائية هي إحدى القضايا الأكثر أهمية في اختيارهم للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مقارنة بـ 56 بالمائة من ناخبي فاليري بيكريس، و47 بالمائة فقط من ناخبي اريك زمور.
من خلال الدفاع عن برنامج اجتماعي شعبوي قبل فترة طويلة من اندلاع الحرب في أوكرانيا، راهنت مارين لوبان سياسيًا على أن المخاوف الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة للناخبين يمكن أن تمنحها ميزة حاسمة وأسبقية على منافسيها الرئيسيين. ويبدو أن استطلاعات الرأي، في الوقت الحالي، تثبت أنها على حق.
*باحث في العلوم السياسية، معهد العلوم السياسية بباريس
• والجولة الأولى على الابواب، قد تثبت الاستراتيجية الاجتماعية الشعبوية لمرشحة التجمّع الوطني أنها مربحة
• تأتي مارين في المرتبة الأولى في نوايا التصويت بين 25-34 عامًا بنسبة 22 بالمائة من الأصوات، متقدمة على ماكرون
• راهنت لوبان سياسيًا على أن المخاوف الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة للناخبين يمكن أن تمنحها ميزة حاسمة على منافسيها
• ستتوقف نتيجة الجولة الأولى على استجابة المترشحين لأسئلة القدرة الشرائية وزيادة الأسعار وحماية الفرنسيين من التأثير الاقتصادي للحرب
التأثير الاقتصادي للحرب في أوكرانيا يلقي بثقله على الناخبين الفرنسيين حيث تنضاف أسعار الطاقة المرتفعة إلى التضخم الذي صاحب تعافي الاقتصاد الفرنسي بعد القيود المرتبطة بوباء كوفيد -19.
قبل أيام من الجولة الأولى، يمكن أن تكون استراتيجية مارين لوبان "الاجتماعية الشعبوية" -أي التموقع على اليسار الاقتصادي المرتبط بالخطاب الشعبوي والقومي -، والتي طبقتها رئيسة الجبهة الوطنية على مدى عشر سنوات، رهانا سياسيا مربحا. تفرض المخاوف الاقتصادية نفسها كموضوع يهيمن على الحملة. ووفق الموجة الأخيرة من الاستطلاع الانتخابي سيفيبوف –معهد العلوم السياسية بباريس، الذي تم إجراؤه في 21-24 مارس، قال 58 بالمائة من الفرنسيين أن الأسعار والقدرة الشرائية سيكون لهما تأثير كبير على تصويتهم في أبريل، أي زيادة بنسبة 6 بالمائة منذ مطلع مارس.
مسألة القدرة الشرائية أساسية في الحملة
إذا كانت الحرب في أوكرانيا لا تزال تقلق الفرنسيين، فإن المخاوف تتلاشى إلى حد ما: قال الثلث (34 بالمائة) ممن شملهم الاستطلاع، إنهم "قلقون للغاية" بشأن الحرب، وكانوا 43 بالمائة في بداية مارس. ويبدو أيضًا أن الصراع العسكري في أوكرانيا يفقد أهميته في اختيار التصويت: يقول 23 بالمائة فقط من المستطلعين أنه سيؤثر على قرارهم، بانخفاض قدره 10 بالمائة بعد شنّ الغزو الروسي مباشرة.
ينصبّ التركيز الآن على العواقب الاقتصادية للأزمة الأوكرانية، حيث صرح 43 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع بأنهم "قلقون للغاية"، وهذا يمثل انخفاضا مقارنة بالموجة السابقة التي نُفذت في الفترة من 10 إلى 14 مارس، ولكنها لا تزال تُظهر مستوى عالٍ من القلق بين الفرنسيين. المخاوف من صراع أوسع أو حرب نووية أقل نسبيًا عند 33 بالمائة و28 بالمائة، بانخفاض 6 بالمائة و7 بالمائة على التوالي منذ أوائل مارس.
وفي ضوء هذه المعطيات، ستتوقف نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية إلى حد كبير على استجابة مختلف المترشحين لأسئلة القدرة الشرائية وزيادة الأسعار وحماية الفرنسيين من التأثير الاقتصادي للحرب.
توقعًا "لأزمة ستندلع"، شدّدت حكومة جان كاستكس، على أهمية دعم الاقتصاد الفرنسي من خلال تطوير خطة "صمود" طارئة. وبعد سياسة "مهما كان الثمن" خلال وباء كوفيد-19، تهدف هذه الخطة الجديدة التي تبلغ قيمتها 7 مليارات يورو إلى مساعدة الشركات والأسر على التعامل مع ارتفاع تكاليف الطاقة في الداخل، بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا.
على اليمين، استراتيجيات اقتصادية متباينة
ولئن لا يزال إيمانويل ماكرون يبدو مهيمنا على معركة الجولة الأولى في الوقت الحالي -مع 28 بالمائة من نوايا التصويت، بانخفاض طفيف في الموجة الأخيرة من استطلاعنا -فقد أصبحت المخاوف الاقتصادية أحد مفاتيح المعركة على المرتبة الثانية.
على اليمين، الاستراتيجيات الاقتصادية للمتنافسين الثلاثة الرئيسيين تتباعد. بشكل أساسي، تم تحديد المبادئ التوجيهية الرئيسية للحملة الخاصة بـ فاليري بيكريس واريك زمور ومارين لوبان منذ عدة أشهر، قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا. ولكن مع اقتراب الجولة الأولى، تخلق الأزمة الأوكرانية فرصًا مختلفة لكل من هؤلاء المترشحين.
على الصعيد الاقتصادي، دافع إيريك زمور وفاليري بيكريس عن برنامج لهجته ليبرالية، يتميز بمكافحة "المساعدة " عند الاول، أو تقليص عدد الموظفين في الإدارة العمومية عند مرشحة الجمهوريين. وكلاهما يؤيد أيضًا رفع سن التقاعد القانوني -64 لزمور و65 لبيكريس -وهو الإصلاح الذي لا يزال يرفضه ما يقرب من سبعة من كل عشرة فرنسيين.
في خضم عاصفة الأسعار والقدرة الشرائية، يصطدم هذا التوجه الليبرالي بالانتظارات الموجودة، لا سيما داخل جمهور الناخبين، لمزيد من الحماية الاجتماعية والصحة وإعادة التوزيع: في مسحنا، تعد القدرة الشرائية قضية مهمة بالنسبة لـ قرار التصويت لـ 63 بالمائة من الموظفين و67 بالمائة من العمّال.
تقع هذه المسائل الاجتماعية على وجه التحديد في قلب حملة مارين لوبان. في مواجهة منافسيها الرئيسيين على اليمين، اختارت مرشحة التجمّع الوطني في وقت مبكر جدًا مسارًا اقتصاديًا مختلفًا، مع التركيز على القدرة الشرائية والصحة، والدفاع عن الخدمات العامة، وإعادة التوزيع.
وحتى قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، وعدت مرشحة التجمّع الوطني بـ "صدمة القدرة الشرائية" من خلال تعهدها بـ "حماية شعبنا" و "إعادة أموالهم إلى الفرنسيين".
سمح هذا الخطاب، ذو النغمة الاجتماعية القوية، لمارين لوبان بتحويل الانتباه عن مواقفها المؤيدة لروسيا ودعمها لفلاديمير بوتين في الماضي، لإعادة تركيز حملتها على العواقب الاقتصادية للصراع الأوكراني على الحياة اليومية للفرنسيين.
الاستراتيجية "الاجتماعية الشعبوية"
بل أكثر من ذلك، فهو يسمح لمرشحة التجمّع الوطني بإثبات مصداقيتها كمرشحة "للقدرة الشرائية" مع الفئات الشعبية والطبقات الوسطى الأكثر قلقًا بشأن التأثير الاقتصادي للأزمة.
ويُظهر تحليل إحصائي لمشروع مارين لوبان الرئاسي، أن مكوّن "إعادة التوزيع" يمثل ما لا يقل عن ثلثي (66 بالمائة) برنامجها الاقتصادي: وهي أعلى نسبة منذ الاختراق الانتخابي للجبهة الوطنية في منتصف الثمانينات. هذه الركيزة الأولى تجمع كل التدابير الاجتماعية أو الاقتصادية للتوجه الكينزي، القائم على العرض والحماية الاجتماعية وإعادة التوزيع.
يقدم برنامج مارين لوبان، من بين أمور أخرى، تخفيضات على ضريبة القيمة المضافة، وزيادة الأجور، وإعفاءات ضريبية، ونقل مجاني للعمّال الشباب. إن هجوم إعادة التوزيع الشامل هذا على القدرة الشرائية والصحة من أولوياته استهداف الطبقات العاملة والعمّال الشباب، الذين يشكلون الجزء الأكبر من كتائب ناخبي التجمّع الوطني.
وتؤكد الموجة 8 من استطلاع سيفيبوف، على أهمية هذه القطاعات الانتخابية لمارين لوبان. تأتي هذه الأخيرة في المرتبة الأولى في نوايا التصويت بين 25-34 عامًا بنسبة 22 بالمائة من الأصوات، متقدمة على إيمانويل ماكرون. كما أن رئيسة التجمع الوطني ستفوز على نطاق واسع في الجولة الأولى بين العمال (34 بالمائة) والموظفين (22 بالمائة).
هدف آخر: المتقاعدون، الذين ما زالوا أقل ميلًا لدعم التجمّع الوطني -سيصوت 13 بالمائة منهم فقط لرئيسته. بالنسبة لكبار السن، تعد مارين لوبان بإعادة تقييم المعاشات التقاعدية والحد الأدنى للشيخوخة، وإلغاء الضرائب على الميراث المباشر للأسر ذات الدخل المنخفض والطبقات المتوسطة.
في نفس الوقت، ابتعد التجمّع الوطني عن المواقف الاقتصادية الأكثر ليبرالية فيما يتعلق بموظفي الإدارة العمومية أو إلغاء القيود أو انسحاب دولة الرفاهية. وتمثل هذه السياسات 21 بالمائة فقط من برنامج 2022 مقارنة بـ 35 بالمائة قبل خمس سنوات. وكانوا يمثلون ما يقرب من 80 بالمائة في عهد جان ماري لوبان في منتصف الثمانينات.
أخيرًا، احتفظت بجذورها في القومية الاقتصادية (13 بالمائة من البرنامج). تواصل مارين لوبان الدفاع عن السيادة الاقتصادية الوطنية، والحمائية، ورفض التجارة الحرة، أو التفضيل الممنوح للشركات الوطنية ضد المنافسة الحرة للاتحاد الأوروبي.
هذا التموقع على اليسار الاقتصادي، المرتبط بالخطاب الشعبوي والقومي التقليدي لحزب التجمّع الوطني والذي يضع النخب الاقتصادية والسياسية "المعولمة" في صدام مع الشعب، يرسم الخطوط العريضة لـ "الشعبوية الاجتماعية" التي تميز اليوم بوضوح شديد مارين لوبان عن المنافسين الآخرين على اليمين، بمن فيهم إريك زمور: البرنامج الاقتصادي لمرشح "استعادة فرنسا" يجمع ما مجموعه 43 بالمائة من التدابير ذات التوجه الليبرالي، أي أكثر من ضعف تلك الخاصة برئيسة حزب التجمع الوطني.
مشروع مارين لوبان الاجتماعي الشعبوي ليس جديدًا. لقد بدأ قبل عشر سنوات، فور وصولها على رأس الجبهة الوطنية.
ففي أعقاب الأزمة المالية لعام 2008، وأزمة الديون السيادية عام 2011، اعتمدت الجبهة الوطنية برنامج "كينزي" للإنفاق العام، وتوسيع الخدمات العامة، والقدرة الشرائية ضد التقشف الذي فرضته حكومة فرانسوا فيون. عام 2012، اتجهت 59 بالمائة من مقترحات الجبهة الاقتصادية نحو اليسار الاقتصادي، مخالفة للتوجهات الليبرالية للحزب في عهد جان ماري لوبان.
رهان رابح محتمل
طوال فترة ولاية إيمانويل ماكرون ، عملت مارين لوبان على ترسيخ صورتها الاجتماعية الشعبوية، حيث انضمت إلى صفوف اليسار والنقابات في عدة مناسبات. في نهاية عام 2019، كانت قد عارضت بشدة إصلاح نظام التقاعد. في مارس 2021، نددت رئيسة الجبهة الوطنية بإصلاح الحكومة للتأمين ضد البطالة، وطالبت إيمانويل ماكرون بوضع حد لهذا "النزيف الاجتماعي".
وتؤكد الموجة الأخيرة من استطلاعنا الانتخابي أن هذا رهان رابح محتمل: تجمع مارين لوبان 17 فاصل 5 بالمائة من نوايا التصويت فيه (+3 نقاط منذ بداية مارس)، متقدمة بفارق كبير على إيريك زمور (12 بالمائة) وفاليري بيكريس (10 بالمائة). في اجتماع عُقد في سان مارتن لاكوسادي في 25 مارس، كررت مارين لوبان رؤيتها الشعبوية للمبارزة التي تأمل في تقديمها ضد إيمانويل ماكرون، تعارض بين "الكبار" و"الصغار"، وبين "الشعب" و"المنتخبين". وصرحت "بين إيمانويل ماكرون ونحن، إنه الاختيار بين سلطة المال التي تعود بالفائدة على قلة، والقدرة الشرائية التي تعود بالفائدة على الجميع".
إن ارتفاع أسعار الوقود المرتبط بغزو روسيا له صدى قوي في الخطاب الاجتماعي الشعبوي الليبيني، ويمنح اليوم اسبقية لمارين لوبان. لاعبة مرة أخرى على تعارض الصغار ضد الكبار، اقترحت زعيمة التجمّع الوطني في 10 مارس "إزالة الزيادات" في ضرائب الوقود بين 2015 و2018 والتعويض عن هذه الإلغاءات بـ "ضريبة استثنائية على (مجموعات النفط)".
ويُظهر المسح الانتخابي لسيفيبوف، أن المخاوف الاقتصادية المتعلقة بالحرب هي الأقوى بين خزّان مارين لوبان الانتخابي: قال 53 بالمائة إنهم "قلقون للغاية" بشأن الاقتصاد، مقارنة بـ 43 بالمائة من مجموع الناخبين. ويؤكد ما لا يقل عن 69 بالمائة من ناخبي مارين لوبان، أن القدرة الشرائية هي إحدى القضايا الأكثر أهمية في اختيارهم للتصويت في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مقارنة بـ 56 بالمائة من ناخبي فاليري بيكريس، و47 بالمائة فقط من ناخبي اريك زمور.
من خلال الدفاع عن برنامج اجتماعي شعبوي قبل فترة طويلة من اندلاع الحرب في أوكرانيا، راهنت مارين لوبان سياسيًا على أن المخاوف الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة للناخبين يمكن أن تمنحها ميزة حاسمة وأسبقية على منافسيها الرئيسيين. ويبدو أن استطلاعات الرأي، في الوقت الحالي، تثبت أنها على حق.
*باحث في العلوم السياسية، معهد العلوم السياسية بباريس