فايننشال تايمز: انعدام الثقة بين طهران وواشنطن أعمق مما مضى

الجيش الإسرائيلي يعرض على الحكومة سيناريوهات الهجوم على إيران

الجيش الإسرائيلي يعرض على الحكومة سيناريوهات الهجوم على إيران


قالت صحيفة “هآرتس” إن الجيش الإسرائيلي عرض على القيادة السياسية سيناريوهات لضرب أهداف في إيران، بعدما حصل على أسلحة متطورة، وأجرى تدريبات جوية، وعزز بنك الأهداف المحتملة في إيران.

«ونسبت الصحيفة إلى مسؤولين عسكريين أن الجيش الإسرائيلي سيكون مستعداً لضرب إيران، فور موافقة الحكومة، وأنه يستعد أيضاً “لعواقب” ضرب إيران، بما في ذلك جولة من قتال ضد حزب الله في لبنان أو حماس في قطاع غزة. ويقول الجيش إنه في إطار استعداداته في الأشهر الماضية لهجوم محتمل على إيران، حصل على أسلحة متطورة، وأجرى تدريبات جوية، وعزز بنك الأهداف المحتملة، كما حصل أيضاً على ميزانية إضافية بـ9 مليارات شيكل (2.9 مليار دولار) لهذا الغرض.
ويوضح مسؤولو الدفاع أن هذه الشراكة “تعزز العلاقات بين إسرائيل وجيرانها، ويمكن أن تُضفي شرعية أكبر على عمل عسكري إسرائيلي محتمل في إيران».

ويُذكر أن قائد القوات الجوية الإسرائيلية الجديد الميجر جنرال تومر بار، قال في الأسبوع الماضي إن إسرائيل قادرة على ضرب المنشآت النووية الإيرانية “غداً، وبنجاح، إذا اقتضى الأمر».
وأضاف “لا نبدأ من الصفر، جهزنا أنفسنا بمقاتلات F-35، ونشرنا آلافاً من صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية لتحصين دفاعاتنا». إلى ذلك، تناول الكاتبان أندرو إينغلاند من لندن ونجمة بوزرجمهر من طهران في مقال بصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية الجولة الثامنة من المفاوضات النووية في فيينا، فقالا إن المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي انتظر كثيراً قبل أن يوافق علناً على الاتفاق النووي في 2015 مع القوى العالمية.

ولكن وعندما كان السياسيون الإيرانيون المعتدلون ومؤيدوهم يحتفلون أملاً في أن يشكل الاتفاق عهداً جديداً في الدولة المنبوذة، أعلن خامنئي بوضوح شكه في الولايات المتحدة واللاعبين الآخرين الذين وقفوا وراء الاتفاق، وفي رسالة مفتوحة نشرت بعد جلوس الإيرانيين والأمريكيين والأوروبيين والروس والصينيين إلى طاولة في فندق كوبورغ للمرة الأولى في اجتماع أول “للجنة المشتركة”، كان خامنئي يتوقع فشلها حتى قبل أن تبدأ، كتب إلى الرئيس الإيراني يومها حسن روحاني المؤيد بقوة للاتفاق، متهماً واشنطن بـ”عداوة أبدية” ضد إيران، وإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بالخداع واتباع “سياسة تنمر».

انعدام الثقة
وبعد ستة أعوام، يبدو أن الاتفاق انهار على نحوٍ يمنع إحياءه. فانعدام الثقة بين طهران وواشنطن أعمق مما كان عليه في أي وقت مضى، بعد انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أحادياً من الاتفاق، وفرض مئات العقوبات على إيران، ورد طهران بتسريع برنامجها النووي.
ومع تخصيب إيران للأورانيوم بأعلى نسب على الإطلاق، وتشديد كل الأطراف لهجتها، يقول الخبراء إن الأزمة النووية المقبلة، الأمر الذي صممت خطة العمل الشاملة المشتركة لتجنبه، قد تكون على مسافة أشهر.
ومع إمساك المتشددين، الذين كانوا مشككين دائماً في الاتفاق، بالسيطرة على كل مفاصل النظام في إيران للمرة الأولى منذ نحو عقد، فإن المشاعر التي أعرب عنها خامنئي في 2015 تلوح في الأفق من جديد، أكبر من السابق.
وقال رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المتحدثة باسم المتشددين حسين شريعتمداري، إن “الولايات المتحدة وحلفاءها يعلمون جيداً أن عهد الخداع الكبير، والوعود الفارغة، قد انتهى».

الخيار الأفضل
وأمضى المفاوضون من كل الأطراف معظم ديسمبر (كانون الأول) في محادثات بفيينا في محاولة أخيرة لإنقاذ الاتفاق، الذي يعتبره ديبوماسيون غربيون الخيار الأفضل لمنع إيران من تطوير سلاح نووي. وحققوا تقدماً هزيلاً قبل أن يتوقفوا لبعض الوقت، قبل معاودة المفاوضات الإثنين.
جاءت هذه الجولة من المفاوضات، بعد توقفها خمسة أشهر عقب انتخاب الرئيس إبراهيم رئيسي الموالي لخامنئي رئيساً لإيران في يونيو(حزيران). وشكلت الانتخابات نهاية لعهد روحاني، وعززت قبضة المتشددين على السلطة. ولكن ما إن عاودوا المفاوضات، حتى اتهم المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون الحكومة الإيرانية الجديدة بالتراجع عن تعهدات توصلوا إليها في المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في النصف الأول من 2021.

الإيرانيون “جديون»
ويصر المسؤولون الإيرانيون على أنهم جديون في إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، ويلومون القوى الأوروبية، على غياب التقدم.
ومن وجهة نظر النظام الإيراني، فإن شكوك خامنئي وجدت ما يبررها في قرار ترامب إطلاق حملة “الضغط الأقصى” ضد طهران، رغم التزامها بالاتفاق. ويقول محللون إن خامنئي الذي يتحكم في كل القرارات الرئيسية، لن يسمح للتاريخ بأن يعيد نفسه.

وفي واشنطن، يتعين على الرئيس جو بايدن الإبحار في ممر دقيق بين تأمين اتفاق يفي بوعده بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، ورفع كثير من العقوبات إذا التزمت إيران كلياً بالاتفاق، في الوقت الذي لا يظهر فيه مرناً مع ما تعتبره المؤسسة السياسية الأمريكية، دولة مارقة.
ويقول ديبلوماسيون وخبراء إن الوقت أمام الجانبين يضيق إلى أشهر إن لم يكن أسابيع. وهناك احتمال للتوصل إلى معادلة “القليل مقابل القليل” توافق بموجبها إيران على تجميد نشاطها النووي في المستويات الحالية، مقابل بعض المكاسب الاقتصادية. لكن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، يبقي المسائل الكبرى، تختمر.

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية لدى “مركز تشاتام هاوس” سانام فاكيل، إن من شأن هذا الاتفاق، أن “يُعطي الوقت للجميع، لكننا سنكون في الوقت نفسه جالسين على قنابل موقوتة، ودون احتواء ذلك بسرعة، فإننا نتدحرج نحو أزمة كبيرة».