الحزب الاشتراكي، الجمهوريون، أوروبا البيئة-الخضر

بعد الهزيمة، أي مصير للأحزاب التقليدية الفرنسية...؟

بعد الهزيمة، أي مصير للأحزاب التقليدية الفرنسية...؟

• يسعى الجمهوريون إلى توحيد الصفوف للانتخابات التشريعية وضمان بقائهم السياسي
• طريق الحزب الاشتراكي، الميّت سريريّا، للإصلاح وعرة، وأمله في قيادات المناطق
• أوروبا البيئة-الخضر تحتاج إلى دعم مالي لمواصلة المعركة من أجل البيئة


لقد عرفوا هزائم تاريخية في بعض الأحيان مساء الأحد الماضي بنتائج سيئة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الى درجة أن مسألة مستقبلهم باتت مطروحة اليوم. في ما يلي تقييم الوضع عند الجمهوريين والحزب الاشتراكي وأوروبا البيئة-الخضر.
الجمهوريون على وشك الانفجار
النتيجة الكارثية التي تحصلت عليها فاليري بيكريس، 4 فاصل 78 بالمائة، في الرئاسية ستجبر قيادات الحزب إلى وضع أيديهم في جيـــــوبهم لتسديد نفقات الحملة الانتخــــابية، الأمر الذي أزعجهم وأربكـــــهم، خــــاصة أن الجانب المالي يعدّ مجرد عنصر ثانوي في البزل.
فالسؤال المركزي هو، ما الذي يجب القيام به في ضوء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ويمكن تلخيصه في سؤال واحد: دعم إيمانويل ماكرون أم لا؟

لئن دعت فاليري بيكريس الى قطع الطريق امام اليمين المتطرف، فان أصواتا وازنة داخل حزب الجمهوريين ترفض التصويت لماكرون، وأبرزها إريك سيوتي، الذي أكد انه لن يصوت لماكرون، مضيفًا: "تصويتي يخصني، وسنرى ما سيحدث في الأيام المقبلة"... طريقة لعدم استبعاد تصويت لوبان.
   لذلك، تحرك كريستيان جاكوب على وجه السرعة لتفادي انفجار الحركة من خلال إيجاد موقف لا يزعج أحدا. وصوّت الجمهوريون لصالح اقتراح يعتبر أنه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، "لا يمكن التصويت لمارين لوبآن"، التي "سيؤدي مشروعها السياسي والاقتصادي إلى الفوضى". وتم اعتماد البيان الصحفي بما يشبه الإجماع من قبل مئات الكوادر الجمهوريين الأعضاء في المكتب السياسي، في حين امتنع 13 عن التصويت ويعتقد البعض أنه كان على الحزب دعم إيمانويل ماكرون بشكل أكثر وضوحًا. ويؤكد باقي البيان الصحفي: "إن الجمهوريين ليسوا قابلين للذوبان داخل الماكرونية، ولا في اللوبنية، وان هناك طريق أخرى: طريق اليمين الجمهوري.

تجنب هزيمة أخرى في التشريعية
ويأمل كريستيان جاكوب، بهذا، تفادي هزيمة جديدة خلال الانتخابات التشريعية. ولكن كيف ندعو للتصويت لمرشحي الجمهوريين بدلاً من الجمهورية الى الامام إذا كان الحزب يقف وراء الرئيس-المرشح؟ مسألة التحالف الحكومي مع الجمهورية الى الامام، التي يود نيكولا ساركوزي اقتراحها على إيمانويل ماكرون، تم تناولها من قبل جان فرانسوا كوبي "كان هناك صمت شديد بعد أن تحدث"، هذا ما أفاد به أحد كوادر الجمهوريين.
   والفكرة الطاغية هي بالأحرى توحيد الصفوف للانتخابات التشريعية، اذ يتوقف على ذلك الآن جزء من موارد الحزب المالية، ولكن خصوصا بقاؤه السياسي.
   "يتم الآن تعبئة أسرتنا السياسية وحلفائنا الوسطيين للانتخابات التشريعية من أجل تقديم مشروع يميني مستقل للشعب الفرنسي، ملتزم بالدفاع عن الاقاليم ضد دولة مركزية، مع نساء ورجال ذوي قناعة راسخة ومنصتين لمخاوف الفرنسيين "، يؤكد البيان الصحفي الذي تم التصويت عليه.    لا يزال اليمين الفرنسي يؤمن بفرصه ضد حركة الجمهورية الى الامام، التي لم تتمكن من تثبيت وجودها في المناطق، الا ان إدوارد فيليب، رئيس الحكومة والجمهوري السابق، يترصد هو المكلف بافتكاك دوائر الجمهوريين لضمها الى رصيد إيمانويل ماكرون إذا تم انتخابه.

في الحزب الاشتراكي، إعادة البناء في أذهان الجميع
   كانت الهزيمة متوقعة من قبل الحزب الاشتراكي الذي تحصلت مرشحته آن هيدالغو على 1.75 بالمائة من الأصوات (616651 صوتًا فقط). لكن هذه الهزيمة تحولت إلى فاجعة تاريخية لحزب شغل قبل أقل من 10 سنوات جميع السلطات، الإليزيه والبرلمان والمناطق، وهو اليوم ميّت سريريًا، كما يقر معظم كوادره.     في مواجهة هيئة تحرير صحيفة لا ديباش في نهاية شهر مارس، اعترفت آن هيدالغو أنه منذ عام 2017 وقنبلة انتخاب إيمانويل ماكرون، لم يعمل الحزب بشكل كافٍ، ولم يتم إجراء أي تقييم لفترة ولاية فرنسوا هولاند، ولم يتم إجراء أي وقفة تأمّل وتفكير لإعادة تشكيل المنظومة الأيديولوجية وتخيّل عرض اشتراكي ديمقراطي لمعارضة الليبرالية الاجتماعية لرئيس الجمهورية والذي تذبذب البعض تجاهه.

   عادت الروح للحزب الاشتراكي بعد فوزه في الانتخابات المحلية في بحر من الامتناع عن التصويت عامي 2020 و2021. وجاءت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لتضعه في مكانه: حزب مقطوع عن الواقع. لكن هل محكوم على حزب ميتران العمل فقط في المناطق ولم يعد يأمل في لعب دور على المستوى الوطني؟ يرفض من هم في "الخمسين" قبول مثل هذا الاحتمال.
    آن هيدالغو، التي أحاطت نفسها بـ "فريق فرنسي من المنتخبين المحليين" لحملتها، أوضحت أنها "زرعت بذورا" معهم. وهذا يعني، أن إعادة تشكيل الحزب ستمر عبر المناطق وبالضرورة عبر أوكسيتانيا، التي أصبحت معقلًا اشتراكيًا. ويبدو أن رئيسة الحزب الاشتراكي الإقليمي، كارول ديلغا، التي شهدت نمو "ديلغا 2022" عندما تم اختيار السيدة هيدالغو، ضرورية لإعادة بناء يسار اشتراكي وعلماني وجمهوري وبيئي.

   "على اليسار، أتفهم أن العديد من ناخبينا تثبطهم الانقسامات. وهذا المساء، أتعهد بالعمل على الوحدة وتحديد خط سياسي واضح، حول قيم قوية، لإعطاء معنى لجمهوريتنا. وهذا التجمع اليساري الذي نجحنا به في كل مكان في المدن والمقاطعات والمناطق، يسار القرب هذا والعمل الذي أثبت جدارته، يجب أن يُحمل الى فرنسا "، أعلنت مساء الأحد.
   نفس اللهجة لدى عمدة مونبلييه. "الليلة، للمرة الثالثة خلال 20 عاما، لا يتأهل اليسار للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. إنه فشل: فشل الوحدة ووضوح الأفكار. ومن الواضح أن الحزب الاشتراكي في شكله الحالي يقترب من نهاية دورته، وسيتعين القيام بعملية طويلة لإعادة إطلاق قوة على اليسار وبالتالي الأمل"، كتب على صفحته بفيسبوك.

عودة فرانسوا هولاند؟
   ومع ذلك، فإن الطريق إلى هذا الإصلاح مليئة بالمزالق: العلاقات هشة جدًا مع أوروبا البيئة-الخضر وفرنسا المتمردة -رغم أن هذه الأخيرة كانت أفضل من الحزب الاشتراكي في الانتخابات الرئاسية عشر مرات -ويبدو أن أفيال الحزب مترددين للتنازل عن مواقعهم. فرانسوا هولاند، الذي حلم لحظة ما بمناشدة ترشيح هيدالغو، بإمكانه الترشح للانتخابات التشريعية في كوريز. ويوم الأربعاء الماضي، نظم مأدبة عشاء مع السيدة هيدالغو والسيدة ديلغا، من بين آخرين، لمناقشة بقية المشوار، دون تصور التأثير السلبي الذي يمكن أن تشكله عودته لكثير من الناخبين على اليسار ...    معزول، أطلق السكرتير الأول أوليفييه فور "نداءً مهيبًا للقوى اليسارية والاجتماعية والخضر، وللمواطنين المستعدين للالتزام، من أجل بناء ميثاق للعدالة الاجتماعية والبيئية معًا. نُشر على تويتر، تمت إعادة تغريد نداءه 98 مرة فقط ... "العمل يعد بأن يكون طويلًا ومتطلبًا"، قال مايكل ديلافوس... لا أحد يستطيع قول أفضل من هذا...

أوروبا البيئة-الخضر، دعوة للتبرعات
"لبيئة بحاجة إلى دعمكم المالي... أدعوكم لزيارة الموقع المخصص لذلك، صرخة أطلقها مساء الأحد يانيك جادو، الذي لم يصل إلى علامة 5 بالمائة التي تسمح له باسترجاع تكاليف حملته.
   يقال إن حزب الخضر اقترض أكثر من 7 ملايين يورو. وعلى الموقع، تحدد رسالة أنه "لمواصلة المعركة التي تسكنهم، يجب أن يجمع دعاة حماية البيئة 2 مليون يورو بحلول 15 مايو 2022".
  وأوضح جوليان بايو، السكرتير الوطني لـ أوروبا البيئة-الخضر، على تويتر: "إذا أعطى كل ناخب لـ يانيك جادو 3 يورو، فسنقوم بتعويض الحملة، وسنكون قادرين على مواصلة الكفاح من أجل البيئة".