تولد الفترة الانتقالية الكثير من المخاطر الخاصة بها
بوتين يترقب إدارة ترامب.. هل يتخلى عن المواجهة مع الغرب؟
أشار مدير مركز كارنيغي لشؤون روسيا وأوراسيا في برلين ألكسندر غابويف إلى تصريح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال فيه: “ما قيل عن الرغبة باستعادة العلاقات مع روسيا، بإنهاء الأزمة الأوكرانية، يستحق في رأيي الاهتمام على الأقل”، إذ جاء تصريح بوتين بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية.
وكتب غابويف في صحيفة “فايننشال تايمز” أن القيادة الروسية حذرة بشأن توقعاتها من الإدارة الجديدة، وعلى سبيل المثال،
إذا دفع ترامب باتجاه خفض أسعار النفط العالمية إلى 50 دولاراً للبرميل، فقد يولد ذلك تحديات طويلة الأجل لحكم بوتين،
ومع ذلك، قد يأمل الكرملين في أن تعوض الاضطرابات التي سيتسبب بها ترامب لحلفاء واشنطن الأوروبيين عن الجوانب السلبية المحتملة.
وتسود مخاوف في العواصم الغربية من احتمال أن يقلل ترامب بشكل كبير من الدعم لأوكرانيا،
إذ تعهد بإنهاء الحرب سريعاً، وطرح المقربون منه مقترحات من شأنها تجميد القتال على طول خطوط التماس الحالية،
وسيترك هذا 20% من الأراضي الأوكرانية محتلة، من دون أي ضمانات ذات مغزى بأن روسيا لن تغزوها مرة أخرى.
مواصلة أو وقف الحرب
بطبيعة الحال، لا يعني الضغط من أجل وقف إطلاق النار أن الولايات المتحدة ستقبل بمطالب بوتين الكبيرة مثل تبعية أوكرانيا لروسيا بحكم الأمر الواقع، وحتى مع وجود وقف إطلاق نار غير كامل، وبعيداً من السؤال المراوغ حول عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي، قد تتخذ الولايات المتحدة خطوات لضمان بقاء أوكرانيا دولة ذات سيادة،
بما في ذلك توفير الأسلحة والتدريب، والاستثمار في قدرات كييف الردعية التقليدية.
وإذا تم تنفيذ هذه التدابير بشكل متواصل على مدى فترة طويلة بعد انتهاء القتال، فقد يجعل تكلفة حرب جديدة ضد أوكرانيا باهظة بالنسبة إلى روسيا.
ولهذا السبب قد يكون بوتين على استعداد لمواصلة القتال.
ومع ذلك، قد يكون لدى بوتين أيضاً أسباب للموافقة على صفقة غير كاملة – في الوقت الحالي، إذ تحتاج آلة الحرب الروسية إلى مهلة لإعادة التسلح وإعادة بناء قدرتها الهجومية.
وقد يأمل الكرملين أنه بمجرد تمكن ترامب من ارتداء عباءة صانع السلام، ستتغير أولوياته وتُسحب إدارته في اتجاهات مختلفة،
وستترك أوكرانيا في حال من الانهيار التدريجي، كما سيصبح الأوروبيون منقسمين للغاية، بحيث لا يمكنهم تولي زمام المبادرة في تقديم المساعدة الكافية لكييف.
هل تنتفي المواجهة مع الغرب؟
وبينما توجد الكثير من العوامل غير المضمونة التي يصعب التنبؤ بنتائج الدبلوماسية بعد تنصيب ترامب، فإن انتخابه يزيل الحوافز التي قد تدفع بوتين إلى التفاعل بشكل هادف مع الإدارة الحالية في الوقت المتبقي لها.
ويأمل بوتين في الحصول على صفقة أفضل،
إن لم تكن مثالية، من ترامب، في حين أن إدارة بايدن تفتقر إلى الأدوات القوية، إن وجدت، لإجبار بوتين على التوصل إلى اتفاق أفضل لكييف مقارنة بصفقة قد تتوسط فيها إدارة ترامب.
إغراء بوتين
علاوة على ذلك، تابع الكاتب، تولد الفترة الانتقالية الكثير من المخاطر الخاصة بها، على سبيل المثال،
إغراء بوتين بتدمير ما تبقى من البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا هذا الشتاء، وبالتالي بناء المزيد من النفوذ للمحادثات المستقبلية.
ويتطلب نزع فتيل هذا التهديد دبلوماسية هادئة مع الكرملين قد تشمل الفريقين القادم والمغادر في البيت الأبيض.
بالرغم من أن توقف إطلاق النار في أوكرانيا أمر مرغوب به، ستظل الأسباب الأساسية للمواجهة بين موسكو والغرب قائمة،
إذ أكد فوز ترامب مجدداً وجهة نظر بوتين القائلة إن الغرب غير مستقر سياسياً إلى الحد الذي قد يؤدي إلى تغير السياسات بشكل جذري مع كل دورة انتخابية.
وبالتالي فإن انعدام الثقة بالغرب سيستمر، وبخاصة مع تزايد عدد المحاربين القدامى في النظام الروسي وخطط بوتين للبقاء في السلطة حتى سنة 2036 على الأقل.
هل تتخلى روسيا عن الصين؟
لذلك، إذا حاول فريق ترامب تقديم حوافز لموسكو لإغرائها بالانسحاب من أحضان بكين، فسيستغل الكرملين بكل سرور أي صفقة قد تعرضها الولايات المتحدة.
ولكنه لن يفعل أي شيء ذي معنى لزعزعة شراكته مع الجار العملاق، لأن من المرجح أن يستمر النظام الشيوعي الصيني والرئيس شي جين بينغ نفسه إلى ما بعد رحيل ترامب، وإذا حدث أي شيء،
فإن أي مبادرات من جانب ترامب قد تعزز إلى حد ما يد موسكو الضعيفة في التعامل مع بكين.
ويختم الكاتب “إن التأثير المصدّع لعودة ترامب في أوروبا واحتمال تشجيع قوى اليمين الشعبوي هناك، يشكل هدية طبيعية للكرملين،
والحقيقة المحزنة هي أن القتال ضد الغرب أصبح المبدأ المنظم لحكم بوتين، وقد ولد العديد من المستفيدين بحيث لا يمكن التخلي عنه في أي وقت قريب».