تايوان توجه رسالة مزدوجة لواشنطن وبكين عبر مناورة «هان كوانغ»
ذهب خبراء إلى أن مناورات «هان كوانغ» التي أطلقتها تايوان تحمل بضع رسائل سياسية وعسكرية إلى الصين والولايات المتحدة والمجتمع الدولي، مفادها أن تايبيه مستعدة للتصدي لأي هجوم صيني مستقبلي.
وبدأت تايوان تدريباتها العسكرية السنوية «هان كوانغ»، مؤخرًا، بمشاركة قوات تضم أكبر عدد على الإطلاق من جنود الاحتياط، ستستمر 10 أيام، وتهدف إلى التدريب على الدفاع ضد غزو صيني محتمل، وستستخدم خلالها أحدث قاذفات صواريخ تسلمتها الجزيرة من الولايات المتحدة هذا العام.
وتستمر هذه التدريبات التي أُطلق عليها «هان كوانغ» حتى الـ18 من يوليو- تموز الجاري، في ظل تأكيد مستمر من الصين أن تايوان جزءٌ لا يتجزأ من أراضيها ولا تستبعد خيار الغزو المسلح للجزيرة لضمها إذا لزم الأمر. وفق وكالة «فرانس برس».
رسالة ردع
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ»إرم نيوز» ، أن مناورات تايوان تحمل رسالة ردع واضحة للصين التي قامت بالعديد من الخطط الحربية وتغطية سماء تايوان وشواطئها عسكريًّا ضمن مخطط بكين لغزو الجزيرة، بأن تايبيه مستعدة للتصدي لأي هجوم صيني مستقبلي، وأن الحرب ستكون مكلفة وأن على بكين التفكير مرتين قبل غزو تايوان.
وبحسب الخبراء، فإن رسائل تايوان موجهة أيضًا إلى حلفائها خاصة الولايات المتحدة بأنها عنصر فاعل في مواجهة التمدد الصيني، وأن هناك متطلبات بزيادة دعمها بإمكانيات عسكرية في صدارتها تزويدها بـ»قبة حديدية» مماثلة لقبة إسرائيل لمواجهة الصواريخ الصينية.
رسائل سياسية وعسكرية
ويقول الخبير في العلاقات الدولية والمتخصص في شؤون دول شرق آسيا، الدكتور محمد بايرام، إن المناورات في تايوان تحمل الكثير من الرسائل السياسية والعسكرية الحاسمة للصين والمجتمع الدولي.
وأوضح بايرام في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن هذه المناورات تحمل رسالة ردع واضحة للصين التي قامت بالعديد من الخطط الحربية وتغطية سماء تايوان وشواطئها بالعديد من الجنود والمعدات والمناورات حتى وقت قريب؛ ما يعني أن حكومة تايبيه تريد إظهار أن الجيش التايواني قادر على الدفاع عن الجزيرة في حال حدوث غزو من قبل الصين.
وأشار إلى أن هناك تدريبًا للقوات التايوانية على ما يسمى بـ»محاكاة سيناريو الاجتياح» وذلك عبر خطط تشمل صد الإنزال البحري والهجمات الصاروخية التي تعكس خططًا من الممكن أن تحدث في حال غزو الصين للجزيرة؛ ما يدل على أن تايبيه تأخذ تهديدات بكين على مَحمل الجد.
وتابع بايرام، أن من بين الرسائل إظهار تايبيه ما طرأ من تحسينات على ما يسمى «التنسيق الدفاعي» ما يوضح ما بات عليه الجيش التايواني من استعداد وتكامل أكبر لعمليات قتالية متعددة الجبهات.
تعزيز الجبهة الداخلية
ويعتقد أن هذه المناورات تحمل رسائل أيضًا للداخل التايواني بطمأنة الشعب أن ما يجري بغرض تعزيز ثقة السكان المدنيين على قدرة الجيش في الحماية ولا سيما مع تصاعد التهديدات الصينية في وقت يريد فيه الرئيس التايواني الذي وجهت له بكين انتقادات عدة وحاولت دعم المعارضة السياسية التايوانية ضده، تعزيز الجبهة الداخلية والتأكيد أن حكومته مؤيدة للاستقلال.
وبين بايرام أن تايوان تريد تقديم رسائل لحلفائها أيضًا وبالتحديد الولايات المتحدة واليابان بأنها ليست مجرد نقطة ضعف استراتيجية إقليمية لهم وأنها عنصر فاعل في مواجهة التمدد الصيني، فضلًا عن رغبة تايبيه في الحصول على «قبة حديدية» لمواجهة الصواريخ الصينية، مماثلة للقبة الحديدية الإسرائيلية.
وتحدث عن تقديم تايوان رسالة إستراتيجية للصين بأن الحرب ستكون مكلفة، وأن على بكين التفكير مرتين قبل غزو تايوان، في وقت لا تريد فيه بكين أي شيء يستنزف اقتصادها.
حشد التعاطف الدولي
وتطرق بايرام إلى وجود رسالة من تايبيه إلى الرأي العام الدولي بأنه عندما تقوم تايوان كـ»جزيرة» صغيرة في خاصرة الصين بهذا الإحراج، ستحصل على تعاطف دولي في صورة أن هناك بلدًا كبيرًا مثل الصين تريد التهام جزيرة صغيرة لها حكومتها، وشعب لا يريد الانضمام للصين، ما يجعل تايوان تظهر في هيئة «الضحية»؛ ما يأتي بدعم دولي لها.
رسالة تحذير
فيما يرى الخبير في الشؤون الآسيوية، سامر خير أحمد، أنه رغم أن هذه المناورات تقوم بها تايوان سنويًّا بغرض الاستعداد لاحتمالات قيام الصين بغزو الجزيرة وضمها إلى أراضيها بالقوة العسكرية، إلا أنها تحمل رسائل تحذير إلى بكين بأن تايبيه مستعدة للتصدي لأي هجوم صيني مستقبلي.
ويؤكد خير في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن هذه المناورات كونها دورية وسنوية إلا أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أنها تجري للمرة الأولى بعد عودة الرئيس دونالد ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض وبالتالي تغير السياسة الأمريكية التي اتبعها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن.
وفسر ذلك بالقول، إن سياسة الرئيس الديمقراطي السابق بايدن، كانت قائمة على الحشد العسكري في محيط الصين وجعل قضية تايوان أولوية للسياسة الأمريكية للإيحاء بعدة أمور من بينها أن الصين تريد ابتلاع تايوان وهو الأمر الذي نفته بكين مرارًا. واستكمل خير أن هذا التغيير في أولويات السياسة الأمريكية يعني أن المناورات العسكرية التايوانية الحالية تريد أن تقول أيضا إننا كـ»تايوان» قادرون على الدفاع عن أنفسنا بأنفسنا، وإننا لن نتردد في خوض المعركة والمواجهة إلى النهاية حتى لو تغيرت الأولويات الأمريكية في محيطنا الجغرافي.