تلغراف: العقوبات تغير خريطة نفوذ روسيا في شرق أوروبا
قال صحيفة «تلغراف» البريطانية في تقرير لهانس فان ليوين، محرر الاقتصاد الدولي، وميليسا لوفورد مراسلة الاقتصاد الأمريكي، إن العقوبات الأمريكية الأخيرة على عملاقي النفط الروسيين، روسنفت ولوك أويل، وجّهت لكمة اقتصادية قاسية للرئيس فلاديمير بوتين، في لحظة يحاول فيها الحفاظ على نفوذه الإقليمي والاقتصادي وسط حرب طويلة ومرهقة.
وأضاف التقرير أن العقوبات لا تهدد فقط قدرة موسكو على تمويل الحرب، بل تدفعها أيضاً إلى فقدان مناطق نفوذ تاريخية في شرق أوروبا، منها بلغاريا، وصربيا. وأوضح أن بلغاريا، عضو الاتحاد الأوروبي وحلف ناتو، اتخذت خطوة جذرية بإخراج لوك أويل من اقتصادها، رغم الروابط التاريخية العميقة مع موسكو. وأضاف التقرير أن الحكومة استولت على أكبر مصفاة تكرير في البلاد وأكثر من 200 محطة وقود، وعيّنت رومين سبِتسوف للإشراف عليها.
وأشار التقرير إلى أن البرلمان البلغاري تجاوز فيتو الرئيس الموالي لروسيا، رومن راديف، ما اعتبره الباحث روسـلان ستيفانوف، بداية تفكيك نفوذ روسيا لسنوات طويلة. وقال التقرير إن بلغاريا تدرك أن موسكو، حتى لو انتهت الحرب، ستبقى خصماً للاتحاد الأوروبي، وأن فك الارتباط هو اللعبة الأساسية الآن.
وتابع التقرير أن صربيا، التي تتأرجح منذ سنوات بين موسكو وبروكسل، تجد نفسها مضطرة الآن إلى تحديد موقف واضح. وقال الباحث الصربي إيغور نوفاكوفيتش إن الجلوس على السياج لم يعد خياراً. وأوضح التقرير أن مصفاة نِيس، لشركة غازبروم نفط، تعطّلت تماماً بسبب العقوبات، ما يدفع الرئيس ألكسندر فوتشيتش لاتخاذ قرار تأميمها أو بيعها لمستثمر غير روسي، رغم محاولته تجنب استفزاز موسكو علناً. وأضاف التقرير أن خسارة روسيا لهذه الأصول تعني فقدان أهم أدوات الضغط في المنطقة.
وقال التقرير إن صادرات النفط الروسية إلى الصين تراجعت بـ 500 ألف برميل يومياً، إلى أدنى مستوى منذ بداية الحرب، بينما انخفضت الشحنات إلى الهند، وتركيا أيضاً. أما صادرات لوك أويل، فتبخرت تقريباً، بعد هبوطها بـ 89% في شهرين فقط. وأوضح التقرير أن موسكو أصبحت مضطرة لبيع نفطها للصين والهند بخصومات كبيرة، إذ انخفض سعر النفط الروسي من علاوة فوق خام برنت إلى خصم بـ 4 دولارات. ويقدّر بنجامين هيلغنستوك من معهد كييف للعلوم الاقتصادية أن العقوبات تكلف بوتين ما بين 2.5 و5 مليارات دولار شهرياً، أي نحو ثلث إيرادات الصادرات الروسية. وأضاف التقرير أن موسكو تسعى إلى الالتفاف على العقوبات عبر تسجيل الشحنات بأسماء شركات غير معروفة أو حديثة التأسيس، في تكرار لنموذج إيران. وقال المحلل همايون فلكشاهي إن حجم النفط المباع عبر جهات مجهولة تضاعف 3 مرات إلى 1مليون برميل يومياً، متوقعاً نجاح روسيا في إعادة بناء شبكة البيع خلال أشهر قليلة.
وأشار التقرير إلى رصد تفريغ ونقل من سفينة إلى أخرى قرب مومباي، وفي نقاط غير مألوفة، إضافة إلى شحنات تلتف في منتصف الطريق بين الصين والهند، في محاولة لإخفاء هوية البائع الحقيقي. وأوضح التقرير أن فقدان موسكو لنفوذها في قطاع الطاقة بشرق أوروبا يشكّل ضربة مؤلمة لفكرة المجال الحيوي الروسي التي تبناها بوتين. ونقل التقرير عن الكاتبة البلغارية إميليا زانكينا، أن خروج موسكو من قطاع الطاقة يدفعها إلى الزاوية، وأن هذا لا يعني انتهاء نفوذها، لكن بالتأكيد سيضيق، وسينتقل إلى شبكات أكثر غموضاً.