يضمّ القضاة فقط

تونس: إحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء

تونس: إحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء

-- استبعاد عضوية المحامين والأساتذة الجامعيين والخبراء
-- يحظر الإضراب وتعطيل سير العمل بالمحاكم وللرئيس الحق في طلب إعفاء القضاة


قرر الرئيس التونسي قيس سعيّد استحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء يحل محل المجلس الحالي رغم ما سبق أن أثاره طرح فكرة حل المجلس في نسخته القديمة من جدل وتباين في الآراء. فقد صدر في الرائد الرسمي، مجلس يتمتع بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية، يُشرف على شؤون القضاء العدلي والإداري والمالي، يحلّ محلّ المجلس الأعلى للقضاء، ويسمّى “المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء” ومقّره تونس العاصمة.

وتضمّنت تركيبته قضاة مباشرون بصفاتهم وقضاة متقاعدون، وبحسب التركيبة الجديدة فقط، تمّ إلغاء عضوية المحامين والأساتذة الجامعيين والخبراء. ويتكوّن المجلس الأعلى المؤقّت للقضاء من المجلس المؤقّت للقضاء العدلي والمجلس المؤقّت للقضاء الإداري والمجلس المؤقّت للقضاء المالي.
ويترأس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء الرئيس الأوّل لمحكمة التعقيب وله نائبان أولهما الرئيس الأول للمحكمة الإدارية وثانيهما رئيس محكمة المحاسبات.
وفي حالة الشغور النهائي في تركيبة المجلس المؤقت للقضاء تتم إحالة قائمة الترشحات إلى رئيس الجمهورية طبق مقتضيات الفصلين 6 و19 من هذا المرسوم في أجل لا يتجاوز واحدا وعشرين من تاريخ حصول الشغور النهائي.
وبانقضاء الأجل المذكور بالفقرة السابقة، لرئيس الجمهورية تعيين من يراه ممّن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها بهذا المرسوم.

تحجير الإضراب
وكان الرئيس، قد تولى السبت، ختم مرسوم يتعلّق بإحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء يحلّ محلّ المجلس الذي كان قائما.
وقد نصّ الفصل التاسع من المرسوم الرئاسي المتعلّق بإحداث المجلس المؤقت، على تحجير الإضراب على القضاة من مختلف الأصناف. كما يحجّر على القضاة، بمقتضى هذا المرسوم، “كلّ عمل جماعي مُنظّم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم”.
كما مَنح المرسوم الرئاسي المتعلّق بإحداث المجلس المؤقّت، رئيس الجمهورية الحقّ في طلب إعفاء كلّ قاضٍ يُخّل بواجباته المهنية بناء على تقرير معلّل من رئيس الحكومة أو وزير العدل.
وأوضح الفصل 20 من هذا المرسوم أنّه، في هذه الحالة، يُصدر المجلس المعني المؤقّت للقضاء فورا قرارا بالإيقاف عن العمل ضدّ القاضي المعني، ويبتّ في طلب الإعفاء في أجل أقصاء شهر واحد من تاريخ تعهّد بعد توفير الضمانات القانونية للمعني بالأمر، وفي صورة عدم البتّ، في الأجل المحدّد لرئيس الحكومة أو وزير العدل التعهّد بالملف لإجراء الأبحاث اللازمة خلال خمسة عشر يوما قبل إحالته على رئيس الجمهورية الذي له عندئذ سلطة اتخاذ قرار الإعفاء.

مخالفة احكام الدستور
وفي رد فعل على الخطوة الرئاسية، قال رئيس المجلس الاعلى للقضاء المنحل، يوسف بوزاخر، في تصريح إذاعي أمس الأحد ان المرسوم خالف احكام الدستور بتمكين السلطة التنفيذية من التدخل في المسارات المهنية للقضاة، وبالتالي يمكن لرئيس الجمهورية حسب فصول هذا المرسوم الاعتراض على تسمية قضاة، وتعويض قضاة، والتدخل في المسالة التأديبية في شأنهم، مضيفا انه مخالف للأمر 117 في حد ذاته المتعلق بتنظيم السلطة التنفيذية والتشريعية، معتبرا ان ما زاد على ذلك من اصلاحات لا يمكن ان يندرج إلا في اطار الفصل 22 من هذا المرسوم  المتعلق بالإصلاحات السياسية التي يعتزم الرئيس انجازها بعد انجاز الاستشارة وغيرها وفق قوله. وأكد ان هذا المرسوم ينهي الضمانات المتعلقة باستقلال القضاء لأنه لم يعد هناك فصل بين السلطة القضائية والتنفيذية على حد تقديره.

من جانبه قال انس الحمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين، إن المرسوم “يؤكد كل المخاطر التي نبهت اليها الجمعية وهو يثبت نية الرئيس في وضع يده على السلطة القضائية” وفق تعبيره. ولفت إلى أن تركيبة المجلس المؤقت تكشف ان جميع اعضائه يخضعون لرئيس الجمهورية، معتبرا ذلك ضربا للتمثيلية للرتب القضائية وضرب لمبدأ الانتخاب، قائلا “نحن متخوفون جدا جدا على مستقبل القضاء في تونس”.
وشدد في السياق ذاته، على أن رئيس الدولة ووزيرة العدل سيتحكمان في التعيينات وفي الحركة القضائية وفي التأديب وفي اعفاء القضاة دون اي ضمانات، قائلا “نخشى من وجود نية لإحداث مجزرة في الوسط القضائي بإعفاء القضاة بطريقة احادية من قبل رئيس الجمهورية لأنه هو الذي يعين ويصادق على الحركة القضائية ويعترض عليها ويعين من يراه صالحا في صورة عدم الاستجابة”، على حد قوله.
وتابع الحمادي، “نحن نرفض تمشي رئيس الجمهورية وفي إطار خلية الازمة التي تم احداثها والاعلان عنها السبت في الاجتماع العام للقضاة، سنحدد الاشكال النضالية المقبلة وسنمضي قدما في حماية سلطتنا القضائية النزيهة والعادلة”.