خبراء يحذرون: زلازل أفغانستان ستترك آثاراً لأجيال

خبراء يحذرون: زلازل أفغانستان ستترك آثاراً لأجيال


دمرت الزلازل في شرق أفغانستان هذا الشهر المنازل والماشية، وهي الأصول الوحيدة بالنسبة لمعظم الأسر، مما ترك الناجين بلا أي إمكانيات تقريباً لإعادة البناء في ظل نقص المساعدات بعد أن سوت الزلازل بعض القرى بالأرض. ولقي ما لا يقل عن 2200 شخص  ، وتضرر أكثر من نصف مليون آخرين عندما ضرب زلزال قوي المنطقة ليلاً في 31 أغسطس -آب الماضي، متبوعاً بسلسلة من الهزات الارتدادية القوية. وتركت الزلازل عشرات الآلاف من الناس بلا مأوى ويخشى البعض من حدوث المزيد من الانهيارات الأرضية. ويعيش عبد الغفار، البالغ من العمر 52 عاماً، مع عائلته المكونة من 10 أفراد تحت غطاء من القماش المشمع في قرية بامبا كوت، في إقليم ننكرهار شرق أفغانستان منذ وقوع الزلازل. تصدعت جدران منزله الحجري وانهارت الأسقف وصارت الأنقاض تغطي الأرض، مما أجبر العائلة على النوم في العراء. وقال عبد الغفار إن «العائلة تحتاج خيمة واحدة فقط»، مشيراً إلى أن المسؤولين رفضوا تسجيل منزله ضمن المباني غير الصالحة للسكن. وبالنسبة للكثير من الأسر في المناطق الريفية في أفغانستان، فإن المنازل والأراضي والماشية هي كل ما يمكنهم أن يسموه ملكاً لهم. وقالت جينيفر بريك مرتازاشفيلي، الأستاذة بجامعة بيتسبرغ والمتخصصة في الحوكمة في الدول الهشة: «في أفغانستان، تضع الأسر ثرواتها في المنازل والأراضي والماشية، لذا عندما تدمر الزلازل هذه الأصول، تنهار الميزانيات العمومية بأكملها بين عشية وضحاها».
وقال ستيفن رودريكس، المندوب المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أفغانستان، إن أكثر من 1.3 مليون حيوان تأثر في إقليمي ننكرهار وكونار الأكثر تضرراً، حيث دُمرت مخازن الحبوب وأنظمة الري، مما يهدد إمدادات الغذاء وموسم الزراعة المقبل. وأفاد المجلس النرويجي للاجئين، بأن أكثر من 7 آلاف رأس من الماشية نفقت، ودُمرت 7 أنظمة ري، كما تضررت أنظمة أخرى. وقال إيلان نوي، رئيس قسم اقتصاديات الكوارث وتغير المناخ في جامعة فيكتوريا في ولنجتون: «عندما تختفي هذه المدخلات، فإننا نرى إنتاجا أقل، وأسعاراً أعلى للغذاء، وأضراراً طويلة الأمد للتغذية والصحة، وخاصة بالنسبة للأسر الأكثر فقراً». وأضاف «بدون التمويل فإن التعافي سيستغرق وقتاً أطول بكثير، وستكون هناك سلسلة طويلة الأمد من التداعيات والتي يمكن أن تستمر لفترة طويلة للغاية، وربما لأجيال».
ووجهت الأمم المتحدة نداء لجمع مساعدات بقيمة 140 مليون دولار، لكن التعهدات تأخرت بسبب تركيز المانحين على غزة وأوكرانيا، ومعارضتهم لتمويل سلطات طالبان بسبب القيود التي تفرضها على النساء العاملات في مجال الإغاثة. وتقول سلطات طالبان، إن الزلازل دمرت أكثر من 6700 منزل. ولا تزال العائلات تعيش في خيام مع استمرار الهزات الارتدادية. وقال توماس بارفيلد، رئيس المعهد الأمريكي للدراسات الأفغانية، إن «الشتاء القادم من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة، وإن عقوداً من الحرب والهجرة تعني أن عدداً أقل من الأقارب متوفر للمساعدة في إعادة إعمار المنطقة».
وتضيف الزلازل صعوبات إلى الاقتصاد الذي تضرر بشدة، بسبب العقوبات وتجميد الأصول وخفض المساعدات منذ سيطرة طالبان على السلطة في عام 2021، في حين أدى ترحيل أكثر من مليوني شخص من باكستان وإيران هذا العام، إلى زيادة الضغط على إمدادات الغذاء والسكن.
وقال إبراهيم بهيص من مجموعة الأزمات الدولية: «كان قطاع البناء مصدر توظيف ضخم ثم اختفى بعد سيطرة طالبان على السلطة، ويتقلص قطاع المنظمات غير الحكومية مع خفض المساعدات، وحتى القطاع العام يعاني من ضغوط». وأضاف «يجلب كل عام الجفاف والفيضانات، والآن الزلازل فوق كل ذلك، مما يؤدي إلى تفاقم المأساة التي يواجهها الأفغان.»
وقال المحللون إن بعض المساعدات وصلت ببطء عقب الزلزال، من الخيام إلى الإمدادات الغذائية، ولكنها ليست كافية على الإطلاق.
وقال عبيد الله بهير، المحاضر المساعد في الجامعة الأمريكية في أفغانستان ومقرها كابول: «المساعدات الطارئة أشبه بمنشفة مبللة في حريق غابة. لن تسد الفجوة». وحذر من أن تدفق المساعدات انخفض بشدة بالفعل في بلد يعتمد عليها منذ عقدين، وأن «التأثير الحقيقي لن يظهر إلا العام المقبل».