خبراء: الاعتقالات الواسعة تُربك المشهد السياسي في مالي
أثارت حملة الاعتقالات التي تعرفها مالي، والتي تستهدف ضباطاً عسكريين وجنوداً وأيضاً سياسيين بارزين، مخاوف من أن تقود إلى إرباك المشهد السياسي الذي يتسم أصلاً بالجمود.
ومن أبرز الوجوه التي جرى اعتقالها في الأيام الفائتة في البلاد الواقعة في الساحل الإفريقي رئيس الوزراء السابق، شوغيل كوكالا مايجا، الذي تم احتجازه بتهم فساد، فيما تم إيقاف نحو 40 عسكرياً منهم ضباط كبار بتهم محاولة القيام بانقلاب عسكري ضد السلطات الانتقالية بقيادة الرئيس آسيمي غويتا الذي وصل إلى الحكم إثر انقلابين عرفتهما مالي.
تصفية للخصوم
تأتي هذه التطورات في خضمّ أزمة سياسية تعرفها مالي حيث تتصاعد الانتقادات لغويتا ورفاقه العسكريين الذين يقودون الحكم بسبب تزايد الهجمات التي تنفذها الجماعات المسلّحة وأيضا التقارب مع روسيا. وعلق المحلل السياسي المالي، قاسم كايتا، على الأمر بالقول إن: «ما حدث في مالي خلال الأيام الماضية جلب انتباه الداخل كما الخارج، لأن الاعتقالات كانت واسعة واستهدفت شخصيات بارزة في المؤسسة العسكرية وأيضاً سياسيين بارزين وهو ما زاد من حدة الجدل». وأضاف كايتا في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن «تزامن هذه الاعتقالات يعطي انطباعا واضحا بأن السلطات الانتقالية قررت تصفية خصومها السياسيين والعسكريين وإبعادهم عن المشهد نهائياً خاصة في ظل الانتقادات المتصاعدة من داخل المؤسسة العسكرية نفسها لأداء السلطات».
وشدد على أنّ «هذه الاعتقالات ستزيد من إرباك المشهد السياسي لأنها لن توقف الانتقادات المتزايدة تجاه السلطات بل العكس ستغذيها في ظل القلق الذي يشعر به الكثير من تصاعد الانغلاق السياسي الذي تعرفه البلاد».
وختم المتحدّث ذاته قائلا، إنّ «هذه التطورات قد تستغلها أيضاً الجماعات المتشددة التي ترى في التوتر السياسي والاجتماعي فرصةً سانحة لتعزيز نفوذها خاصة أن ذلك يخلق فراغاً أمنياً كبيراً في مالي».
ميل نحو الاستبداد
وكانت السلطات المالية قد اتهمت دبلوماسيا فرنسياً بالتجسس في خضمّ هذه الاعتقالات، لكن باريس نفت أن يكون موظفها قد ارتكب أي مخالفات وطالبت باماكو بالإفراج عنه فوراً.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد إدريس، إنّ «هذه الاعتقالات تأتي في سياق حساس للغاية تعرفه مالي، حيث تشهد البلاد توتراً أمنياً متزايدا وسط دعوات إلى تغيير استراتيجية الجيش تجاه عملياته لمكافحة التمرد والإرهاب، وهي دعوات يخشى غويتا أن يتم استغلالها للتحرك ضده».
وأوضح إدريس في تصريح لـ»إرم نيوز» أن «الملاحظ أيضاً أن هناك ميلا كبيرا نحو الاستبداد في مالي، حيث يسعى غويتا لتثبيت نفسه رقماً عصيًّا على كل الخصوم، وهذا الأمر لن يزيد البلاد إلا توتراً واحتقاناً».
وأكد المتحدّث أنّ «الدلائل على ذلك كثيرة، وأهمها اعتقال الكثير من الصحفيين والسياسيين والآن جاء الدور على العسكريين، منهم ضابطان كبيران، وبالتالي فإن الأمور تتجه نحو التعقيد في مالي».