فورين أفيرز: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي بات حتمياً
تناول الصحافي الإسرائيلي أمير تيبون تطور العلاقات بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ،في ظل نقاط خلاف بين واشنطن وتل أبيب، معتبراً أن الصدام بين الجانبين على بعض الجبهات، أصبح حتمياً.
وكتب تيبون، في مقال لمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، أن الأشهر الأولى من ولاية بايدن الرئاسية بدت كأنها بشرى سارة لإسرائيل. فبايدن، الذي يتفاخر أمام الجماهير بأنه يعرف كل رئيس وزراء إسرائيلي بداية من غولدا مئير ومن تلاها، دعم إسرائيل علناً خلال العدوان على قطاع غزة في مايو -أيار 2021، مؤكداً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأحجم عن أي انتقاد علني للإجراءات التي اتخذتها تل أبيب ضد القطاع.
وبعد انتهاء الحرب، وعد بايدن على الفور بتجديد نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “القبة الحديدية”. وبعد ثلاثة أشهر، رحّب بايدن بنفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد في البيت الأبيض ترحيباً حاراً، معرباً عن سعادته باستضافة الرجل الذي أنهى مسيرة بنيامين نتنياهو في السلطة، 12 عاماً.
هشاشة التحالف
وقال الصحفي الاسرائيلي إن بايدن أدرك هشاشة التحالف مع الجانب الإسرائيلي، وبذل جهوداً لتفادي أي مواجهات شديدة مع بينيت.
واستشهد تيبون بالقضية الشائكة التي يمثلها فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، التي أغلقها ترامب في 2019، والتي وعد بايدن خلال حملته الانتخابية بإعادة فتحها.
ولكن بعد مرور أكثر من عام على توليه مقاليد الحكم في واشنطن، لم يتخذ الرئيس الأمريكي أي خطوات. وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن بينيت أخبر بايدن بأن إعادة فتح القنصلية قد يؤدي إلى زيادة حدة التوترات داخل تحالفه، ما دفع بايدن إلى تعليق خططه، دون أن يصرح بذلك.
وفي ديسمبر -كانون الأول، تحسن موقف بينيت السياسي عندما تمكّنت الحكومة الإسرائيلية من تمرير ميزانية الدولة الأمر الذي منحها استقراراً لمدة عام أو عامين. ورغم ضُعف التهديد بعودة نتنياهو في المستقبل القريب، إلا أن ذلك يعني نهاية شهر العسل بين بايدن وبينيت.
وقال الكاتب إنه في ظل مجموعة من القضايا، بداية من برنامج إيران النووي، ووصولاً إلى بناء مستوطنات إسرائيلية في الأراضي المحتلة، تظهر خلافات واضحة، وبدأ صبر الجانبين في النفاد.
وأكد تيبون أن “الصدام بين الجانبين على بعض الجبهات أصبح حتمياً».
الاتفاق على إيران؟
ورث بايدن وبينيت على حدٍ سواء وضعاً بائساً بسبب إيران. ووصفت مجموعة من كبار مسؤولي الدفاع الإسرائيليين المتقاعدين قرار الانسحاب من الاتفاق النووي بكارثة مكتملة الأركان، لأنه مكّن إيران من الاقتراب أكثر من أي وقت مضى من التحول إلى دولة نووية.
وأوضح الكاتب أنه بعد مرور وقت قصير على تولي بينيت منصبه، أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه يؤمن بأهمية التنسيق الهادئ مع الولايات المتحدة، حتى في ظل الخلافات.
كما وعد بتجنب السير على خطى نتانياهو، مؤكداً للبيت الأبيض أنه في ظل قيادته للحكومة الإسرائيلية، ستُسوّى الخلافات بين واشنطن وتل أبيب مباشرةً خلف أبواب مغلقة، ولن يُجاهَر بها علناً. وحتى هذه اللحظة أوفى بينيت بوعده في الغالب.
إلا أن تيبون اعتبر أن الاختبار الحقيقي سيحين أوانه إذا وصلت واشنطن إلى اتفاق نووي مع طهران مرة أخرى.
وقال إن نتانياهو، الذي لا يزال يطارد بينيت من مقاعد المعارضة، سيصف أي اتفاق بين واشنطن وطهران بكارثة تهدّد وجود إسرائيل. ولم يتضح بعد كيف سيتصدّى بينيت لهذا النوع من الضغط السياسي، وهل سيفي بوعده، أم سيتَّبع سياسة الهجوم على بايدن لاسترضاء أنصاره اليمينيين المتطرفين في إسرائيل.
سيئة وجيدة
أكد الكاتب أن الصين تمثل مصدراً آخر من مصادر الخلافات المحتملة بين إسرائيل والولايات المتحدة. وتتمثّل أهم مصادر القلق الأمريكي في مشاركة الصين في مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية في إسرائيل، مثل ترميم ميناء كبير وإدارته في شمال البلاد.
وتتمثّل الأخبار التي وصفها الكاتب بـ “السيئة” لبايدن وبينيت، في أنه لن يسهل نزع فتيل أي مصدر من مصادر هذه التوترات، إذ تضم حكومة بينيت عدداً كبيراً من اليمينيين، ما يمنعها من تلبية التوقعات الأكثر تواضعاً للبيت الأبيض في القضية الفلسطينية.
وتتمتع الصين بالأهمية والقوة الشديدتين، بحيث يتعذر على تل أبيب قبول كل المطالب الأمريكية عن بكين. وعن إيران، يبدو أن الثغرات القائمة بين تصريحات بايدن وبينيت العلنية تزيد مع مرور الوقت.
أما الأخبار التي وصفها الكاتب بـ”السارّة”، فهي أن الخلافات التي لا يمكن تسويتها يمكن إدارتها بحكمة، إذا أراد الطرفان.
وقال تيبون: “من المؤكد أن صدامات ستحدث بسبب السياسة بين بايدن وبينيت في 2022. غير أن الأسئلة المهمة تتمثَّل في تكرارها، والضرر الذي ستسببه، وهل سيتعامل معها الطرفان عبر قنوات دبلوماسية هادئة أم على الملأ».
وأضاف “يمكن أن يختار الطرفان من خلال تصريحاتهما والإجراءات التي يتخذانها، إقامة علاقة مثمرة أو الانحدار إلى أدنى المستويات المزعجة على غرار السنوات التي جمعت بين أوباما ونتانياهو».
الشرق الأوسط؟
ورأى أن العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة ستواجه على المدى الطويل مشكلة أكبر من أي خلاف مُحدَّد مع بايدن، بعد تراجع أهمية الشرق الأوسط، إذ تتراجع المنطقة من قائمة أولويات واشنطن بعد أن بات يُنظر إليها على أنها تشتت انتباه واشنطن عن مشاكلها الأكثر إلحاحاً، بداية من التنافس مع الصين ووصولاً إلى التعافي من جائحة كورونا.
وختم الكاتب أنه على مدى عقود، كان هناك اتفاق بين صُناع السياسة الأمريكيين على أن الولايات المتحدة تنظر إلى الشرق الأوسط باعتباره منطقة مهمة، وأن الدعم لإسرائيل ساعد في تحقيق الأهداف الأمريكية في المنطقة. ولذلك سيتعين على إسرائيل أن تتأهب لمستقبل لا تنظر فيه واشنطن إلى الأمور بهذه الطريقة.