ستكون خامس شخص يقود البلاد ما بعد الشيوعية

كاتالين نوفاك، منتوج أوربان ورئيسة المجر القادمة

كاتالين نوفاك، منتوج أوربان ورئيسة المجر القادمة

-- لن ترتقي بدور رئيس للدولة فوق الأحزاب، وغير قادرة على توحيد أمّة مقسّمة، لكنها مرشحة ممتازة لفيدس
-- مندوبة الأوربانية في العالم، اغوت متعددة اللغات اليمين البديل الأمريكي ورموز اليمين الأوروبي المتطرف
-- تحافظ ابنة طبيب الأطفال واختصاصية الأنف والأذن والحنجرة على صورة فتاة عاملة قوية، لكنها تسند دورًا رجعيًا للمرأة
-- إذا فاز بيتر ماركي-زاي وتحالف المعارضة، فسيكون لها قدرة كبيرة على الاضرار بأنشطة الأغلبية الجديدة


تبلغ من العمر أربعين عامًا، وثلاثية اللغات، ستصبح وزيرة الأسرة السابقة، أول امرأة في التاريخ تقود البلاد. تتويج لهذه الوفيّة للزعيم المجري القومي الشعبوي.
بودابست، 8 أبريل 2018، مساء فوزه الانتخابي الثالث على التوالي، شكر رئيس الوزراء فيكتور أوربان أنصاره المتحمسين وقد تجمّعوا أمام مركز بالنا الثقافي المطل على نهر الدانوب. وعلى بعد خطوات قليلة إلى يسار الزعيم “غير الليبرالي”، كانت كاتالين نوفاك، في ثوب متعدد الألوان، وأقراط برتقالية متدلية عليها شعار فيدس، الحزب الحاكم، تبتلع كلماته. انتهى الخطاب، ردد أوربان، نوفاك وكوادر المنتخب الوطني المحافظ النشيد الوطني المجري بروح كنائسيّة، بمعيّة حشد منتش يصفق لانتصار فيدس.

في ذلك الوقت، كانت كاتالين نوفاك تشغل منصب وزيرة الدولة للأسرة والشباب، وكانت واحدة من نواب رئيس الحزب المسيطر على المجر بقبضة من حديد منذ عام 2010، وفازت للتو بمقعد نائب. في الأول من أكتوبر 2020، استحوذت الأربعينية على وزارة الأسرة المؤثرة بدون حقيبة. وفي الربيع المقبل، ستحصل سفيرة سياسة الانجاب الحكومية، بدعم من فيكتور أوربان في 22 ديسمبر 2021، على موافقة البرلمان، وبسهولة، لتصبح أول امرأة تقود المجر.

محامية متعددة اللغات
أصيلة سزجد، وهي مدينة جامعية كبيرة في جنوب المجر، سترث كاتالين نوفاك، الا في صورة حدوث كارثة، الرئيس يانوس ادير، المجبر على التقاعد في 10 مايو 2022 في نهاية فترة ولايته الثانية (خمس سنوات)، كما ينص عليه الدستور. سيجري التصويت في الثلاثين إلى الستين يومًا السابقة لنهاية الولاية الحالية.
لم تكن نوفاك الخيار المفضل لدى أوربان: فقد أراد رئيس الوزراء أن يصبح لازلو كوفير، رئيس الجمعية الوطنية، رئيسًا للدولة. لكن المؤسس المشارك لـ فيدس (مارس 1988)، والمقرب من قبطان المجر، رفض العرض.
“كاتالين نوفاك تتقدم على سلسلة من الرجال يعلوهم الشيب. وبهذا التكريس والتتويج، يحذر أوربان حزبه من أن الولاء فقط هو الذي يهم، ويحذر اتباعه من أن وحدهم الذين يدعمونه دون تحفظ يمكنهم التقدم والارتقاء”، يحلل جيرجيلي مارتون، الصحفي السياسي في الأسبوعية الليبرالية “هيتي فياجازداساج”.
و”تؤكد السياسية، إنها لن تتغير، ولن تلعب الشهرة براسها إذا انتخبت رئيسة. ومع ذلك، فإن وعدها يتضمن قراءة أخرى. في قصر ساندور، ستظل كاتالين نوفاك من الاتباع المنضبطين لأوربان “.

تخرجت كاتالين نوفاك في الاقتصاد والقانون، وبدأت حياتها المهنية الثرية كملحق في وزارة الخارجية بين 2001 و2003، ثم اوقفت مسيرتها طيلة سبع سنوات لدعم عمل زوجها وتربية أطفالها الثلاثة في ألمانيا، بالقرب من فرانكفورت.
بعد إجازة الأمومة الطويلة، عملت مستشارة لرئيس الدبلوماسية المجرية يانوس مارتوني (2010-2012) وترأست ديوان وزارة الموارد البشرية (2012-2014). وسحرت مشاركتها ولغاتها الثلاث (الإنجليزية والفرنسية والألمانية) أقرانها إلى حد جذب انتباه أوربان.
وموقع يؤدي إلى آخر، ارتقت كاتالين نوفاك إلى ان اصبحت من اركان حكومة ذكوريّة جدا. لقد أوقفت إجراءاتها بخصوص الولادة، التي جمعت بين الإعانات والائتمانات المميزة والجزرة الضريبية، التدهور الديموغرافي مع تثبيت الولادات كأداة لسياسة السلطة التنفيذية المناهضة للهجرة.
مندوبة الاوربانيّة في جميع أنحاء العالم، أغوت سيدة القانون متعددة اللغات، اليمين البديل الأمريكي ورموز اليمين الأوروبي المتطرف. ومنذ عام 2019، ترأس نوفاك الشبكة السياسية للقيم، وهي منظمة دولية “مؤيدة للحياة”، تدافع عن نموذج الأسرة الكلاسيكي والحرية الدينية.

محافظة أصيلة
في مارس 2021، هي التي أعلنت على تويتر القطيعة مع حزب الشعب الأوروبي، العائلة اليمينية القارية الكبيرة التي سئمت تجاوزات نظام أوربان. وفي الخريف الماضي، نسّقت نوفاك الناطقة بالفرنسية، والحاصلة على وسام الشرف الفرنسي عام 2019 لمساهمتها في التقارب بين باريس وبودابست، الزيارات المجرية الملفتة للمتطرفين إريك زمور ومارين لوبان. ويشيد أنصار السلطة، الذين حيوا وصول نوفاك لرئاسة المجر، بتجربتها وتعلقها بقيم الأسرة التقليدية ومهاراتها الشخصية.
وحسب صحيفة “مجيار نمزت” اليومية، فإن شخصيتها بصفتها “وزيرة متحصلة على شهادتين جامعيتين”، و “صانعة علاقات فيدس الخارجية”، و”المتحدثة بثقة واتقان للغات الأوروبية الرئيسية”، و”المحافظة الاصيلة”، و”الزعيمة الرشيقة لسياسة الأسرة”، تضفي جميعها الشرعية على تعيين كاتالين نوفاك كمرشحة. “إنه اختيار ذكي وماهر. ويثبت هذا القرار أن فيدس يجسد حزبًا يمينيًا شعبيًا حديثًا، يضم في صفوفه سياسيين ناجحين يقدّرهم الجمهور”، يضيف أستاذ العلوم السياسية أوجستون صامويل مراز، المقرّب من السلطة القائمة.
خارج الساحة السياسية، تمارس الرياضية نوفاك الملاكمة بجدية، وتمارس رياضة التزحلق منذ طفولتها، وتركض بانتظام، وفي بعض الأحيان تمارس الرماية، وتشارك بعض لحظات الطبخ على صفحتها على فيسبوك.
 وتحافظ ابنة طبيب الأطفال، وأخصائية الأنف والأذن والحنجرة هذه، على صورة فتاة قوية تعمل كثيرا، لكنها تسند دورًا رجعيًا للمرأة. في فيديو مثير للجدل ديسمبر 2020، أعلنت محظيّة فيكتور أوربان، أن النساء “لا ينبغي أن يتنافسن دائمًا مع الرجال”، وحثت على ان يعتبرن أنفسهن “سعيدات لأنهن قادرات على إعطاء الحياة”، و”يجرؤن على قول نعم للطفل”.

محايدة أم “دمية”؟
تستعد كاتالين نوفاك لتصبح خامس شخص يقود المجر ما بعد الشيوعية، بعد المقاوم المناهض للفاشية والمناهض للبلاشفة أرباد غونكز، ورجلي القانون فيرينك مادل ولازلو سوليوم، وبطل المبارزة الأولمبي في مناسبتين بال شميت (الذي انتحل أطروحة دكتوراه واستقال في أبريل 2012) ورجل القانون يانوس آدير، صديق أوربان منذ فترة طويلة والشريك في تأسيس حزب فيدس. يتطلب انتخابها ثلثي الأصوات في الجمعية الوطنية، لكن الإجراء سيكون شكليًا مع 133 فيدس من أصل 199 نائبًا. ولم تختر المعارضة مُهرها بعد.

 يعتقد منتقدو نوفاك، أنها ستخدم أوربان سواء فاز أو فشل في غضون ثلاثة أشهر ضد المعارضة الموحدة بقيادة بيتر ماركي زاي. “تعيين كاتالين نوفاك هو الضربة القاضية لمنصب الرئاسة، التي استمرت هيبتها في التدهور بعد أرباد غونكز  الرئيس من 1990 إلى 2000، ملاحظة المحرر  وستختفي بقايا سلطتها مع رحيل يانوس آدير”، يقول الكاتب الصحفي زولت كيرنر. “نوفاك ليست مناسبة للارتقاء بدور رئيس للدولة فوق الأحزاب، وغير قادرة على توحيد أمّة مقسّمة، لكنها مرشحة ممتازة لفيدس”، يضيف قلم موقع 24.hu.
في مقابلة مع بوابة اندكس، ادعت كاتالين نوفاك أنها لن تكون “دمية” في يد حكومة فيدس، وستدافع عن “وحدة الأمة”، و “لن تؤيد تفكك سيادة ودولة القانون”. بانتخاب كاتالين نوفاك، سيحتفظ فيدس بمدخل للسلطة حتى عام 2027 على الأقل. وإذا عاد فيكتور أوربان، فمن المحتمل أن تساعد الرئيسة الموالية للزعيم الشعبوي القومي في توطيد النظام. وإذا فاز بيتر ماركي-زاي وتحالف المعارضة المتنوع، فسيكون لها قدرة كبيرة على إلحاق الضرر بأنشطة الأغلبية الجديدة