رئيس الدولة ونائباه يحيون معلمي الإمارات أصحاب الرسالة النبيلة
من المفاوضات إلى الضغوط
كيف وقعت أوكرانيا في دوامة حرب مفتوحة؟
منذ أن وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنهاء الحرب الأوكرانية في “24 ساعة”، بدا المشهد وكأنه أمام صفقة سحرية تُخرج العالم من أخطر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.لكن بعد مرور أشهر على عودته إلى البيت الأبيض، تحولت تلك الوعود إلى سلسلة من التراجعات والتقلبات، لتصبح أوكرانيا اليوم رهينة حرب مفتوحة، تُدار بالتسليح والضغوط الاقتصادية، أكثر مما تُدار بالمفاوضات السياسية.وقبل تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، ردد وعوداً متكررة بإنهاء الحرب الأوكرانية بسرعة، بل وصل به الأمر إلى القول إنه سينهيها حتى قبل دخوله المكتب البيضاوي.وبعد التنصيب في 20 يناير 2025، أعلن في فبراير أنه تحدث مع بوتين لبحث وقف إطلاق نار محتمل، في إشارة أوحت حينها بجدية نواياه، ولكن سرعان ما انقلب الخطاب؛ ففي إبريل اعترف ترامب بأن وعده كان “مبالغة” لا أكثر.
وفي شهر يوليو الماضي، حاول استمالة موسكو بوعود رفع العقوبات، بينما رفض تجديد المساعدات لأوكرانيا، ليتراجع في أغسطس إلى الحديث عن “اتفاق سلام” بعد قمة مع بوتين في ألاسكا.
ويعتبر التحول الأبرز في سبتمبر الماضي، حين أعلن ترامب أنه يرى أوكرانيا قادرة على استعادة جميع أراضيها المحتلة بدعم من الاتحاد الأوروبي، وبدأت إدارته تدرس تزويد كييف بصواريخ “توماهوك».
ووفقا للمراقبين، منذ هذا الإعلان الأمريكي، بدا واضحًا أن استراتيجية التسوية السريعة التي وعد بها قد تبخرت، وحلت مكانها مقاربة قائمة على دعم أوكرانيا عسكرياً، بما يفتح الباب أمام حرب استنزاف ممتدة.
وبعد محاولات ترامب المتكررة والفشل في تنفيذ تعهداته بشأن الملف الاوكراني، يبقى السؤال الأبرز، هل نحن أمام حرب استنزاف طويلة أم أن هناك مؤشرات على تسويات سياسية قريبة؟.ويرى خبراء أن محاولات ترامب المتكررة لإنهاء الحرب الأوكرانية الروسية لم تحقق أهدافها، إذ لم تكن تسعى إلى وقف حقيقي للصراع بقدر ما كانت محاولة لكسب الوقت وتزويد أوكرانيا بالمزيد من الدعم العسكري، في وقت ترفض فيه موسكو أي هدنة مؤقتة وتصر على “سلام دائم” وفق شروطها.
وقال إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، إن فكرة عقد لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي لحل النزاع أثبتت فشلها، مشدداً على أن هذا السيناريو لم يعد قابلاً للتنفيذ، وأن المطلوب التفكير في “السيناريوهات المستقبلية” للحرب.
وأشار يواس في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز” إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير موقفه جذريًا، فبعدما كان يعتبر أوكرانيا ستفشل ويدعو إلى اتفاق مع روسيا، أعلن مؤخراً أن كييف قادرة على الانتصار واستعادة أراضيها، بل وربما التقدم أكثر.
ولفت إلى أن هذا التحول يعكس مرحلة جديدة من حرب الاستنزاف، حيث تتواجه اقتصادات الغرب مع الاقتصاد الروسي، وأن موقف الصين يظل حذرًا، إذ تستفيد من التوترات دون تقديم دعم مباشر لموسكو.واعتبر أن العالم يرسل رسالة واضحة إلى روسيا بأنه مستعد لـ”حرب طويلة الأمد”، متسائلاً عن قدرة الاقتصاد الروسي على الصمود.
وحذر إيفان يواس، من ما سماه استفزازات موسكو لحلف الناتو، التي قد تدفع أوروبا إلى تعزيز تسليحها بدعم أمريكي وأوكراني على حد سواء، قائلا: “نحن أمام مرحلة مفصلية».
من جانبه، أكد ميرزاد حاجم، أستاذ العلاقات الدولية في موسكو، أن محاولات ترامب لوقف الحرب الأوكرانية الروسية فشلت.
وأوضح أنها لم تكن تهدف لإنهاء الصراع بل لـ”كسب الوقت وتسليح أوكرانيا”، وأن موسكو لا تقبل بهدنة مؤقتة، بل تسعى إلى “سلام طويل الأمد».
وأضاف في تصريحات لـ”إرم نيوز” أن ما يجري هو صراع مركّب بين السياسة والحرب، أقرب إلى “لعبة شطرنج معقدة”، يصعب إيقافها بسهولة.
وتساءل: “من المستنزف فعلياً؟ روسيا أم أوروبا؟”، لافتاً إلى أن دول الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو بدأت تعاني اقتصادياً وسياسياً، بينما روسيا لا تزال متماسكة اقتصادياً وحاضرة على طاولة المفاوضات.
وشدد حاجم على أن الاستنزاف الحقيقي يقع على أوروبا والداعمين لأوكرانيا، وليس على روسيا، وأن الحل العسكري لن ينهي الحرب. بل الحل يكمن في التفاوض المباشر مع موسكو على “سلام دائم».