صحف عربية: المشهد الليبي مرشح للدخول في صدام
ليبيا.. عودة إلى المربع الأول من الانقسام
عادت الأوضاع في ليبيا إلى المربع الأول من الانقسام، في الوقت الذي يبحث فيه مجلس النواب الليبي انتخابات وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، رئيساً مكلفاً بتشكيل حكومة جديدة بدلا من الحكومة الحالية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة والذي أعلن استمراره في الحكم إلى حين تنظيم انتخابات.
ووفق صحف عربية صادرة أمس الخميس، إن المشهد الليبي مرشحاً للدخول في صدام بين قوى الشرق والغرب، لكنه في الغرف المغلقة، ويبدو مغايراً فالمفاوضات والمقايضات جارية على أشدها لرسم تفاصيل المرحلة الانتقالية التي دُفعت البلاد اليها في أعقاب إرجاء الانتخابات الرئاسية والنيابية.
كواليس المشهد السياسي
وكشفت صحيفة “النهار العربي” أن محادثات مكثفة تُجرى في الكواليس بين مجلسي النواب و”الأعلى للدولة”، في الساعات الأخيرة قبل التئام البرلمان أمس الخميس لانتخاب رئيس حكومة جديد.
وأوضحت أن محور هذه المفاوضات على ما يبدو مقايضة بين المضي في إجراءات وضع دستور جديد للبلاد والاستفتاء عليه قبل إجراء الاستحقاقات الانتخابية، في مقابل دعم مجلس الدولة إجراءات عزل الدبيبة وعدد من وزرائه، وتعيين رئيس حكومة جديد، والمرشح الأقرب للمنصب هو وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، القريب من القوى الفاعلة في الغرب الليبي، والمحسوب على مدينة مصراتة وميليشياتها صاحبة النفوذ.
وكشف المصدر لـ”النهار العربي” أن “فتحي باشاغا هو الأقرب للحصول على ثقة البرلمان لرئاسة الحكومة الجديدة، على أن يُعين نائبان له الأول يمثل الشرق والآخر الجنوب. وبخصوص تصريحات الدبيبة الأخيرة، ولقائه عدداً من أعضاء المجلس الأعلى للدولة لدعمه في مواجهة قرار البرلمان، أكد المصدر أن “هذه اللقاءات غير رسمية ولا تمثل المجلس الأعلى للدولة. الدبيبة سيجد نفسه معزولاً ما سيضطره إلى مغادرة منصبه».
كما تطرق المصدر إلى حصول الحكومة الجديدة على اعتراف دولي، قائلاً: “في حال وجد المجتمع الدولي اتفاقاً بين الفرقاء على شخصية رئيس الحكومة سيدعمه ولن تكون هناك مشكلة”، لافتاً إلى أن من ضمن السمات التي ترجح كفة باشاغا “تحركاته الخارجية السابقة وتمكنه من امساك العصا من المنتصف، والتفاهم مع القوى الإقليمية والدولية النافذة، سواء الداعمة لمعسكر الشرق أم لمعسكر الغرب».
صراع سلطوي
فيما ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط” أن الأوضاع السياسية في ليبيا أخذت منحنى تصاعدياً قوياً، بعد تأكيد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة “الوحدة الوطنية”، عدم تخليه عن منصبه في مواجهة مساعي مجلس النواب لعزله من منصبه، في وقت تحاول فيه قيادات أوروبية وعربية الحيلولة دون انزلاق البلاد إلى الفوضى مجدداً، بينما حذرت الأمم المتحدة من السير بالبلاد في “الاتجاه المعاكس».
وأوضحت الصحيفة أن المشهد السياسي في ليبيا منفتح على “صراع سلطوي”، ربما يُحتكم فيه “لسلاح الميليشيات”، بعد عام من استقرار نسبي، خاصة بعد رد الدبيبة المليء بالتحدي على من وصفهم بأنهم يسعون “لاختيار سلطة موازية من أجل الحكم والمال».
وقالت الصحيفة “إن هناك محاولات لمنع انزلاق الأوضاع إلى الفوضى مجدداً ومنع انهيار العملية السياسية في البلاد، تتحرك ستيفاني ويليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا، على مسارات مختلفة، حيث التقت في روما وزير الخارجية الإيطالي، لويغي دي مايو ونظيره اليوناني، وتمحورت المشاورات على استعراض تطورات الأوضاع في ليبيا، وحشد الدعم الدولي للعملية السياسية، وتمكين الليبيين من إجراء الانتخابات».
ويرى متابعون للمشهد السياسي أن هذه الاجتماعات تتم بمعزل عما يجري على الأرض راهنا، إذ تكونت جبهات جديدة بين المؤيدين للدبيبة، ولباشاغا في غرب ليبيا، مما يهدد باندلاع صراع حال اعتماد مجلس النواب الأخير رئيساً للحكومة الجديدة.
ترويج للمشروع الشعبي
ومن جانبها قالت صحيفة “العرب” إنه بعد قرابة عام من توليه رئاسة الحكومة والقيادة الفعلية للسلطة التنفيذية في البلاد، لم يتقدم الدبيبة خطوة واحدة في اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية، أو توحيد المؤسسة العسكرية، وكان واضحا أنه لا يريد ذلك، بل اختار أن يفترش بساط الميليشيات ويتغطى بالحضور التركي، ويتغذى من العلاقة المتينة بين الدبيبة وعلي الصلابي في إطار من العمل المشترك الذي يجمع بين تطلعات السياسي ورغبة التاجر في تحقيق الأمان بما يخدم مصالحه التوسعية بأموال ريعية لا رقيب على من يتصرف فيها، كما حدث طيلة سبع سنوات من حكم فائز السراج.
وأوضحت الصحيفة أن الدبيبة خصص أكثر من نصف فترة حكمه، للترويج لمشروعه الشعبي من أجل شراء أصوات لانتخابات رئاسية كان قد قرر الترشح لها رغم أنه تعهد سابقا بألا يخوضها، وعندما سئل عن سبب تراجعه عن تعهده، أجاب أنه كان تعهدا أخلاقيا لا أكثر.
ولما فرض قانون انتخاب الرئيس الصادر عن مجلس النواب على أي مترشح أن يكون قد تخلى عن منصبه قبل ثلاثة أشهر من يوم الاقتراع، لم يستجب الدبيبة لذلك الشرط إلا في فترة متأخرة.
كان طموحه في البداية تأجيل الانتخابات إلى موعد غير محدد، وعندما لاحظ الإصرار الدولي على تنظيمها في الرابع والعشرين من ديسمبر، نجح في الإطاحة بالقانون عبر الضغط الفعلي على مفوضية الانتخابات، واعتبر أن يوم تقدمه بملف ترشحه كاف ليكون يوم تخليه المؤقت والصوري عن منصبه، وسعى في ذات السياق للضغط من أجل فرض تقدمه قائمة المنافسين على منصب الرئيس مقابل التشكيك في أهلية منافسيه الأساسيين ولاسيما سيف الإسلام القذافي وخليفة حفتر وفتحي باشاغا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدبيبة يواجه معركة كسر العظم مع مجلس النواب، ومع وزير الداخلية السابق باشاغا، ومع مساعي تشكيل حكومة جديدة تطيح بحكومته، التي يعتبرها صاحبة الشرعية الوحيدة، فيما كل المؤشرات تثبت أن جميع الشرعيات في ليبيا منتهية الصلاحية، وأن كل السلطات التي حكمت البلاد منذ 2011 هي سلطات مسقطة من خلال التدخلات الخارجية، بما في ذلك الحكومة الحالية التي تم فرضها من قبل ستيفاني وليامز كنتاج لانتخابات داخل ملتقى الحوار السياسي الذي تم تشكيله وفق ميولات البعثة الأممية آنذاك، والذي تم التشكيك في ذمم الكثير من أعضائه من خلال شبهات الفساد والرشى التي قام خبراء دوليون بالتحقيق فيها ثم أخفوا نتيجة ما توصلوا إليه من حقائق تلافيا للوقوع تحت طائلة فضيحة مدوية للمجتمع الدولي.