محمد بن راشد: التنمية هي مفتاح الاستقرار .. والاقتصاد أهم سياسة
ناشونال إنترست: إيران تحاول احتواء خسارة حلفائها في العراق
في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، شهد العراق الانتخابات الأكثر إثارة للجدل منذ إسقاط نظام صدام حسين في 2003، وأثيرت مزاعم كثيرة عن تزوير خلال الاقتراع وبعده، خاصةً من الأحزاب الخاسرة.
ومن جهة ثانية، ربما تكون نسبة الإقبال المتدنية، نحو 14%، مؤشراً على أن غالبية العراقيين فقدت الأمل على نحوٍ متزايدٍ في تغيير أساسي عبر صناديق الإقتراع.
وكتب حميد رضا عزيزي في مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية، أن هذا الإحباط العام ناجم عن الفوضى السائدة منذ عامين، أي بعد الاحتجاجات الشعبية والاضطرابات والعنف الذي مارسته الدولة وغيرها ضد المدنيين، فضلاً عن تحالفات سياسية هشة، وتزايد التدخل الخارجي.
ومن هذه الناحية، فإن نسبة الاقتراع المتدنية، بصرف النظر عن النتائج، يجب النظر إليها على أنها علامة تحذير من مستقبل الاستقرار في العراق.
ومع ذلك، لم تكن نتائج الانتخابات أقل أهمية، في الوقت الذي تشير فيه إلى تغيير مهم في تركيبة المعسكرات الفائزة، وهنا، يعتقد أن الخاسر الرئيسي، كان الفصائل الشيعية القريبة من إيران، التي دخلت السباق الانتخابي تحت مظلة الإطار التنسيقي الشيعي.
تحدي النتائج
وعند إعلان النتائج الأولية، بدأت الفصائل المنضوية تحت لواء الإطار التنسيقي في تحدي النتائج، متحدثة عن “تزوير انتخابي”، ودعت إلى إلغاء النتائج.
وفي الوقت نفسه، نزل مؤيدو هذه الفصائل إلى الشوارع للاحتجاج. وسرعان ما تحولت التظاهرات إلى عنف بعدما اشتبك المحتجون مع قوى الأمن العراقية في بغداد.
وفي الأثناء، دفعت العلاقة الوثيقة بين غالبية فصائل الإطار التنسيقي وإيران، الكثير من المراقبين إلى وصف طهران بـ “الخاسر الأكبر” في الانتخابات العراقية، قائلةً إن التطورات الأخيرة، ضربة قوية لنفوذ طهران في هذه الدولة العربية.
وقيل إن مقاربة إيران للانتخابات وما بعدها يمثلان اختلافاً كبيراً بين إيران وحلفائها العراقيين، فبعد الانتخابات وبينما كانت فصائل الإطار التنسيقي تبدي تشكيكاً في طريقة تعامل الحكومة مع الاقتراع، خرج المتحدث باسم الحكومة الإيرانية سعيد قطب زادة ليهنئ “ لحكومة العراقية والأمة وممثلي الشعب العراقي” على نجاح الانتخابات. وفي 1 ديسمبر (كانون الأول)، وفي ما بدا أنه محاولة من طهران للنأي بالنفس عن الاحتجاجات التي تلت الإنتخابات، قال قطب زادة، إن كل ما تهتم به طهران “هو عملية ديمقراطية وسلمية لنقل السلطة” في العراق، مضيفاً أن إيران تدعم “العملية الشرعية” في البلد المجاور.
وفي الوقت نفسه، ظهرت مؤشرات كثيرة على أن إيران كانت تحاول تهدئة حلفائها العراقيين، بإيفاد مسؤولين رفيعين إلى بغداد، بينهم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال إسماعيل قاآني.
الصدر
وبالنسبة إلى إيران، فإن ما يهمها أكثر، هو من ربح الانتخابات لا من خسرها. فالكتلة التي يتزعمها رئيس التيار الصدري النافذ مقتدى الصدر، والتي فازت بأكبر حصة من المقاعد في البرلمان الجديد، كانت تعتبر في الماضي من أوثق حلفاء إيران في العراق. لكن الصدر في الأعوام الماضية، ذهب بعيداً في فصل نفسه عن إيران، وعن المجموعات العراقية المدعومة من طهران، وبات أحد التحديات الرئيسية لمصالحها في العراق على المدى البعيد.
وفضلاً عن ذلك، استغل الصدر موجة الوطنية العراقية، وتصاعد المشاعر المناهضة لإيران في العراق، بتقديم نفسه شخصية مستقلة ووطنية.
وبتبنيه هذا الموقف، لم يتوانَ عن توجيه الانتقاد علناً للميليشيات العراقية المدعومة من طهران، ولتوسع التنافس الإيراني الأمريكي فوق الأراضي العراقية.
وبدا أن الخلافات بين إيران والصدر زادت خاصةً بعد اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في العراق في يناير (كانون الثاني) 2020. ومنذ ذلك التاريخ، يحاول الصدر أن يلعب دور المحور في السياسات الشيعية في العراق، وهو الدور الذي كان سليماني وإيران يحتفظان به في العراق على نطاق واسع.
أبومهدي المهندس
ومما زاد متاعب إيران في العراق، فقدان الشخصية الاكثر ولاء لطهران، أي أبو مهدي المهندس، الذي اغتيل مع سليماني، وهو الذي اضطلع بدور كبير في تأسيس الحشد الشعبي والتزامه دون شروط بخطط إيران ومصالحها. وأدى رحيله إلى توسع الانشقاقات داخل الميليشيات الشيعية، وحتى داخل الحشد الشعبي، ما صبّ في مصلحة الصدر.
وخلص الكاتب إلى أنه من المضمون القول إن إيران تعاني من تضرر استراتيجيتها في العراق،
وتحاول تقليل التأثيرات الناجمة عن فشل حلفائها في الانتخابات التشريعية.
إن الركائز الأساسية للمقاربة الإيرانية تقوم على منع نزاع مسلح أو عنف على نطاق واسع في صفوف حلفائها في العراق، والحفاظ على المجموعات الشيعية، ومنع تشكل غالبية حكومية، أو أي إعادة هيكلة للدولة العراقية.
إن قدرة فصائل الإطار التنسيقي على الاستمرار في العمل مثل كتلة منسجمة من جهة، والدور الذي يمكن أن يضطلع به السنة والأكراد والمستقلون من جهة ثانية، يمكن أن يحددا في نهاية المطاف نجاح إيران، أو فشلها.