بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
ناشونال إنترست: حياد النمسا نموذج لحل أزمة أوكرانيا
بعد الحرب العالمية الثانية، قُسمت النمسا على غرار ألمانيا، بين القوى الغربية والاتحاد السوفياتي. وكل من شاهد فيلم “الرجل الثالث”، يدرك أن فيينا، مثلها مثل برلين، كانت مقسمة إلى أربع مناطق احتلال. وفي مقابل الحل في ألمانيا، اتفقت القوى الغربية والاتحاد السوفياتي على معاهدة رسمية عام 1955، كانت نتيجتها توحيد النمسا وحيادها. وضمنت المعاهدة انسحاباً سوفياتياً وغربياً من النمسا، وكانت المرة الوحيدة التي انسحبت فيها قوات سوفياتية من أوروبا إبان الحرب الباردة.
وبالنظر إلى الوضع في أوكرانيا اليوم، يتساءل الكاتب ستيفن إف. زابو في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، لماذا لا يتم العمل على اتفاق مماثل؟ بإمكان الولايات المتحدة وشركائها الغربيين تقديم اقتراح للحكومة الروسية يقوم على أن يضمن الجانبان حياد أوكرانيا. وفي المقابل، توافق روسيا على حياد أوكرانيا وتسحب قواتها عن حدودها. ويمكن أن تشمل المعاهدة القضايا العالقة مثل أنظمة الصواريخ الأمريكية المضادة للصواريخ الباليستية في أوروبا وإنتشار القوات الروسية في إطار إتفاق جديد في شأن القوات التقليدية في أوروبا. ويمكن لمنطقة الدونباس، التي خسرتها أوكرانيا فعلاً، الإندماج بروسيا.
ويمكن أوكرانيا عندها التركيز على بناء نظامها السياسي والاقتصادي مثلما فعلت ألمانيا الغربية من دون ألمانيا الشرقية. وبينما لكل دولة الحق في تقرير تحالفاتها، فإن ذلك ينطبق على الولايات المتحدة والغرب نفسه وليس على أوكرانيا وحدها. ويرى الكاتب أن البيان المتسرع والمرتجل في قمة حلف شمال الأطلسي في بوخارست عام 2008 حول عضوية أوكرانيا وجورجيا في الحلف، كان خطأً استراتيجياً دفعت نحوه إدارة جورج بوش على رغم المعارضة الألمانية والفرنسية.
وحتى لو كانت أوكرانيا ترغب في أن تكون عضواً في حلف شمال الأطلسي والإتحاد الأوروبي، لا سبب للقبول بذلك أو أنه أمر يصب في مصلحة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفيما لا أحد يرغب في الحديث عن دوائر نفوذ، فإنه من الواضح أن القلق الإستراتيجي والعامل الجغرافي يصبان في مصلحة روسيا، بينما لا ترغب الولايات المتحدة ولا شركاءها الأطلسيون في التورط في حربٍ بسبب أوكرانيا. وسيكون ذلك معادلاً لأزمة الصواريخ الكوبية، لكن فقط مع عكس الأمور هذه المرة.
ويبدو أن الحشد الروسي غايته التوصل إلى حلٍ ديبلوماسي أكثر منه حل عسكري. والثمن الذي ستدفعه روسيا في حال غزت أوكرانيا سيكون كبيراً وسيدمر أي أمل بمستقبل أوروبي سلمي ويثير مخاطر حرب أوسع. صحيح أن موسكو انتهكت مذكرة بودابست لعام 1994، التي وعدت فيها بإستقلال أوكرانيا في مقابل تخلي كييف عن ترسانتها النووية، لذلك، فإن أي اتفاق يجب أن يكون معاهدة وليس مذكرة تفاهم. وفي حال أقدمت روسيا على انتهاك المعاهدة، فإن العواقب عندها ستكون أكبر بكثير. وإذا كانت أوكرانيا محظوظة، يمكن أن يتنهي بها الأمر إلى وضعية النمسا. وليس من مصلحة أوكرانيا ولا مصلحة الغرب الاستمرار بإستراتيجية الغموض الحالية. إن حلف الأطلسي ليس في حالة أضعف مع نمسا محايدة، وسيكون أكثر استقراراً في حال تبديد الغموض حيال أوكرانيا. إن الالتزامات الأمنية الأمريكية في أوروبا والشرق الأوسط هي أكبر من قدرة واشنطن، بينما التحدي الصيني يتطلب إعادة تقويم استراتيجي في الولايات المتحدة. إن غزواً روسياً أو تصعيداً في أوكرانيا سيزيد من الأعباء الإستراتيجية لأمريكا ويضعف موقعها في آسيا.