هكذا يمكن لبايدن أن يردع بوتين

هكذا يمكن لبايدن أن يردع بوتين


تناول السفير الأمريكي السابق إلى أوكرانيا جون هيربست العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية، فقال إن القمة الافتراضية قبل أسبوعين بين الرئيسين الأمريكي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين واستفزازات الكرملين المتزايدة، أثبتت أن واشنطن وموسكو قد تبنتا مقاربتين مختلفتين للعلاقات الأمريكية-الروسية.

وفي الوقت الذي كان بوتين يبحث عن نقاط الضعف لدى إدارة بايدن، فإن البيت الأبيض كان يفتش عن طريقة لـ”إيقاف” أو تحقيق الاستقرار في العلاقة من أجل تركيز الطاقة على الخطر الأكبر المفترض الذي تشكله الصين. وكانت النتائج غير متطابقة ولم تخدم المصالح الأمريكية وزادت من مخاطر ضربة رئيسية يوجهها الكرملين لأوكرانيا.

وكتب هيربست في مجلة “ناشونال إنترست”  أنه كان ثمة قضيتان بالنسبة إلى التحدي الذي يشكله الكرملين: أوكرانيا والهجمات السيبرانية. ولجأت موسكو إلى استخدام القضية الأولى ثم القضية الأخرى في مسعى للحصول على امتياز من إدارة بايدن، التي باتت في موقع دفاعي، أحياناً تؤديه بنجاح وأحياناً لا. إن بوتين موهوب بالإستفزازات التي تعد بالربح، مع ترك الباب مفتوحاً أمام احتمال التراجع بحيث لا يخسر شيئاً. إن مصلحته الأساسية هي حل مشكلته الكبرى في السياسة الخارجية: أوكرانيا. فقد أخفقت حربه الهجينة المحدودة في الدونباس في إقناع كييف بالتخلي عن التوجه غرباً.

وهكذا، فهو يبحث عن طريقة جديدة لتحقيق هذه الغاية من طريق دفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات أو خداع الولايات المتحدة وألمانيا أو فرنسا كي تقدم تنازلات تقوض موقع كييف وتصميمها. وكانت هذه هي القضية التي اختار بوتين أن يستخدمها في اختباره الأول لبايدن. في أوائل ربيع 2021، جمع الكرملين ما يصل إلى مئة ألف جندي بمحاذاة شرق الدونباس وفي شمال شبه جزيرة القرم، مقدماً ذرائع غير مقنعة لوجوده الضخم كالرد على مناورات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الدفاع عن أوروبا 2021 التي لم تشارك فيها أوكرانيا)، أو القول إن الحشد الروسي هو بمثابة تحرك وقائي لردع هجوم أوكراني محتمل على الدونباس (والذي لم يحدث منذ هزيمة أوكرانيا على يد القوات الروسية النظامية في إيوفايسك في صيف 2014).

استفزاز الكرملين
إن رد فريق بايدن على استفزاز الكرملين المحدد كان ممتازاً. إذ إنه سارع إلى استدراك الخطر والإعلان بأنه إذا شنت موسكو هجوماً عسكرياً تقليدياً، فإن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات رئيسية على روسيا وتزود أوكرانيا بعتاد عسكري إضافي بمئة مليون دولار. واتصل بايدن ووزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي بنظرائهم الأوكرانيين لإيصال رسالة الدعم هذه. كما اتصل ميلي بنظيره الروسي الجنرال فاليري جيراسيموف، للتأكد من أن موسكو فهمت أيضاً التصميم الأمريكي. ومنذ بدأت موسكو تكشف ضراوة سياستها الخارجية بهجومها السيبراني على أستونيا عام 2007، ومن ثم غزوها لجورجيا عام 2008، فإن هذا كان الرد الأمريكي الاسرع والأقوى على استفزاز الكرملين. وفيما ردعت واشنطن بالفعل تصعيداً روسياً محتملاً في أوكرانيا، فإن بوتين سحب بعض قواته عن الحدود.

إنجاز حقيقي
كان هذا إنجازاً حقيقياً، من دون أن يعني خسارة لبوتين. وذلك عائد جزئياً إلى سعي الإدارة الأمريكية عن تسوية مؤقتة مع موسكو بهدف التركيز على التهديد المتصاعد من الصين. لقد سعى فريق بايدن إلى “إيقاف” العلاقة مع موسكو أو تأسيس علاقة “مستقرة ويمكن التنبوء بها».
إن العائق الأكبر أمام ضربة روسية جديدة لأوكرانيا تتمثل في قراءة بوتين لتصميم بايدن. وفي حال توقفت المحادثات، يتعين على أمريكا إرسال الأسلحة الموعودة لأوكرانيا، والعمل مع الحلفاء لتعزيز قواتنا في جمهوريات البلطيق وبولندا ورومانيا. وربما يتعين البدء في إرسال قوة جوية إلى رومانيا كمقاتلات إف-22 رابتور ومقاتلات شبح من طراز إف -35 لايتنينغ 2 وكذلك مقاتلات هجومية من طراز ثندربولت 10 كرسالة ردع.