3 تداعيات خطيرة للحرب بين الغرب و روسيا
رأى الباحث في المجلس الأطلسي والموظف السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية ماثيو بوروز في مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أنه قبل الاندفاع نحو مواجهة شاملة مع روسيا، يتعين على إدارة الرئيس جو بايدن التفكير في العواقب التي يمكن أن تنجم عن ذلك على المدى الطويل، على الولايات المتحدة والحلفاء على حد سواء.
وحذر بعض المعلقين من تصعيد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، فضلاً عن عدم فعالية العقوبات على الرئيس فلاديمير بوتين. ومع ذلك ثمة عواقب استراتيجية لاندلاع نزاع مع روسيا، يتعين على الولايات المتحدة تجنبها.
وكان العقدان الماضيان حافلين بالمفاجآت غير السارة التي كانت تبدو أول الأمر كأنها أفكار جيدة. والجميع يتذكر كيف وعد الزعماء الأمريكيون بتحقيق الديموقراطية في أفغانستان والعراق، لتنتهي هاتان التجربتان بأثمان باهظة، خصوصاً في أفغانستان، وانسحاب مذل. وعلى رغم أن روسيا هي من يثير الأزمة الراهنة، وأن ثمة حاجة لردها على أعقابها، فإن هناك أيضاً نتائج يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها أن يلتفتوا إليها.
ويلفت الباحث إلى أنه من الصعوبة بمكان التنبوء بالعواقب الإقتصادية سلفاً. إن العداء الدولي، حتى من الحلفاء، عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كان من غير الممكن تصوره بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) وتدفق التعاطف الذي لخصته صحيفة “لوموند” الفرنسية في عنوانها العريض “كلنا أمريكيون”. وإبان أزمة الصواريخ الكوبية، لم يكن نيكيتا خروتشيف يتخيل أنه سيرغم على الاستقالة، الأمر الذي أقدم عليه بعد عامين.
عواقب وخيمة التنبؤات الدقيقة مستحيلة، والأزمة الأوكرانية الحالية ليست استثناء. ومع ذلك، لا يعني هذا أن المحللين والمراقبين يجب ألا يأخذوا في الاعتبار الأصداء بعيدة المدى وأن يمنعوا تلك الأمور المعادية لمصالح الولايات المتحدة. وإنه لأمر أكثر حيوية في نظام دولي، أن تترك حتى قرارات وتكيفات ثانوية يقدم عليها قادة في العالم، عواقب وخيمة.
3 أخطار
وبعدما راكم الباحث عقدين من التجربة في ما يتعلق بالرؤية الإستراتيجية، أولاً من خلال عمله في الإستخبارات الوطنية والآن في المجلس الأطلسي، يحذر من ثلاثة أخطار كبرى:
أولاً، إن نشوب حرب باردة جديدة هي احتمال فعلي، وإن تصعيد الأزمة الأوكرانية من الممكن أن يعزز ظهور عالم منقسم. وبخلاف صمتها على ضم روسيا لشبه جزير القرم، فإن بكين أرسلت إشارات على أنها تدعم “الهواجس الأمنية” لموسكو. وسيطلب الرئيس الروسي مساعدة الصين للتخفيف من آثار العقوبات الغربية. وإذا عاقبت الولايات المتحدة الصين لمساعدتها موسكو على تجاوز العقوبات المالية الغربية، فإن التوتر الأمريكي-الصيني الذي يعاني ارتفاعاً فعلياً، من الممكن أن يتطور إلى أزمة جديدة. وغني عن القول إن الصدمة الاقتصادية التي سيسفر عنها انقسام أكبر اقتصادين في العالم، ستؤدي إلى انحراف في مسار الانتعاش العالمي بحلول أواسط 2022.
ثانياً، إن العقوبات الأمريكية والأوروبية من المحتمل أن تسرع خطط الصين لتطوير عملتها الرقمية، مما يساعدها وروسيا على تفادي آثار العقوبات. وطورت روسيا بديلاً لنظام سويفت المالي، لكن اليوان الرقمي سيمثل تحدياً أكبر للدولار الأمريكي بينما يعزز نفوذ الصين في بلدان مبادرة الحزام والطريق.
ثالثاً، إن التشققات التي برزت أصلاً بين الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين ربما تسوء أكثر، إذا ما ردت موسكو على العقوبات الأوروبية، بقطع امدادات الغاز. وتؤشر التقارير الإعلامية إلى قلق أمريكي وأوروبي متصاعد حيال هذه الإمكانية.
ولفت إلى أن إدارة بايدن تريد تفادي تورط عسكري في أوكرانيا، لكن حتى في حال شن عمليات روسية محدودة، سيجد بايدن نفسه تحت ضغط من الكونغرس وضغوط أخرى كي يتدخل بفاعلية أكثر، من طريق إرسال الأسلحة والمدربين العسكريين، والمشاركة في المعلومات الاستخباراتية، مما يحوّل أوكرانيا فعلياً إلى حرب بالوكالة لحلف شمال الأطلسي. كما ستتعرض الإدارة الأمريكية لضغوط كي تفرض عقوبات اقتصادية قاسية لمعاقبة موسكو إذا ما شنت غزواً شاملاً. وهذا ما سيؤدي إلى تصدع مع الحلفاء الأوروبيين الذين يعتمدون على امدادات الطاقة من روسيا.
وخلص الكاتب إلى أن الإدارة الأمريكية أخفقت في أخذ الاحتياطات لما قد يطرأ خلال الانسحاب من أفغانستان، لكن الآن لديها الوقت كي تفكر في العواقب بعيدة المدى لعدم التوصل إلى اتفاق مع بوتين.