من الخيال العلمي إلى حقيقة مرعبة:

«عام الأسد».. رواية توقعت الوباء الحالي...!

«عام الأسد».. رواية توقعت الوباء الحالي...!

-- يكفي تشغيل التلفزيون لتعيش واقعا وحقيقة ما كان في خانة الخيال العلمي
--  الرسالة، هي نداء من أجل عالم جديد أفضــل، بعــد فيـروس كورونـا 2020
-- أصبحت القوة التخيلية لديون ماير حقيقة في ووهان
-- من المدهش أن يتخيل روائي جائحة فيروس كورونا كما نعيشها اليوم
-- نقطة اختلاف وحيدة، ظهر المصاب الصفر في أفريقيا وليس في الصين
-- الاهتمام بإعادة قراءة هذه الرواية يدفع للتفكير على المستوى الفلسفي والسياسي


   إن نص رواية الخيال العلمي هذه، التي كتبها ديون ماير، يتردد صداه بشكل مذهل في الحجر الشامل الذي فرضه فيروس كورونا. لقد تصور المؤلف الجنوب أفريقي الوباء الحالي في روايته السابعة المنشورة عام 2017، والمترجمة من الإنجليزية، الحمّى، والأفريكانية، كورس، المنشورة عام 2016.
   زمن كتابة هذه الرواية، التي تتنزّل في أدب ما بعد نهاية العالم، عاش ديون ماير في عالم تدور مشاكله حول الحروب في أنحاء مختلفة من العالم، ومسائل الهجرة، ومسائل العنصرية، والمشكلات الاجتماعية في أفريقيا، ومسألة الفساد في جنوب أفريقيا، وبعض التفكك للدولة تحت حكم جاكوب زوما. وكان ديون ماير قد استنكر، كمواطن، بصوت عال وواضح، فساد تلك الحكومة. وافترض أن الأجواء المؤذية السائدة في ذلك الوقت دفعته إلى تخيّل عالم يمكن أن يدمره “فيروس كورونا”، هكذا ورد اسمه في روايته.

تقريبا رواية استباقية
  انطلاقا من هذا المعطى الفيروسي، تصوّر رواية من جنس الخيال العلمي، تقطع الانفاس، وتجري أحداثها في جنوب إفريقيا بشخصيتين رئيسيتين، الأب وابنه وفيروس كورونا الذي يقضي على 90 بالمئة من سكان العالم. وفي هذا الصدد، ومقارنة بالوباء الحالي، أعلن ديون ماير في مقابلة أجريت معه في الآونة الاخيرة: “تذكرت روايتي وخفت»!
    فعلا، انه يعيش اليوم ما تخيّله قبل ثلاث سنوات. وحتى ان كان سيناريوه الكارثي قد ذهب الى الاقصى، فمن المدهش أن يتخيّل ديون ماير جائحة فيروس كورونا لعام 2020 كما نعيشها اليوم، مع المشاهد التي نلاحظها من حولنا، كما تنقلها وسائل الإعلام، من الصين، من إيطاليا أو إسبانيا أو فرنسا أو الجزائر أو جنوب إفريقيا أو زيمبابوي أو الولايات المتحدة الأمريكية.    ويخشى الروائي من ان يعيش عام 2020 ما كان مجرد خيال عام 2016، اي الموت، والحجر الشامل، والاندفاع المجنون من أجل الاحتياجات الغذائية، والقلق، والخوف من فقدان حياته، ورحيل اقاربه، وأن يخاف.

عالم من العدائية يترسّخ
   في عالم أصبح عدائيا بسبب فيروس كورونا، حوّلت أنانية هذا وذاك البشرية إلى قتلة من أجل البقاء. هناك أيضًا أنانية الدول التي تم توصيفها على غرار إلغاء الرحلات الجوية الدولية من قبل الولايات المتحدة كمثال، واختطاف الأقنعة. كما ان التسابق لشراء الأسلحة قصد الدفاع عن النفس حاضر بشكل غريب في الرواية ويمكن رؤيته اليوم في الولايات المتحدة حيث يصطف العديد من الأمريكيين لشراء أسلحة في حال أصبح سيناريو ديون ماير واقعا.

في روايته، ولد
الفيروس في أفريقيا
   في الرواية، ظهر المصاب الصفر في أفريقيا وليس في الصين. وتتذكر شخصية الابن نيكو ستورم، بأسلوب فلاش باك: “ نعلم أن الحمى جاءت من أفريقيا، ونعرف أنه اندماج فيروسين: فيروس بشري وفيروس خفاش... في ذلك الوقت، كتب الكثير عنه قبل أن يموت العالم”. ولذلك تبدأ الكارثة في “عام الأسد” في القارة الأفريقية. ولا شك ان ديون ماير استلهم من فيروس الإيبولا الذي فتك بالناس عام 2014.
   بدأ “فيروس كورونا”، الذي تخيله ديون ماير عام 2016، من رجل مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية كانت دفاعاته المناعية ضعيفة. وكان هذا الأخير نائمًا تحت شجرة مانغو عندما سقط سائل من خفاش على وجهه. عاد إلى القرية، وأصيب بحمّى. بالنسبة لمن حوله، كانت مجرد إنفلونزا. ساءت حالته مع قشعريرة ورعشة، ثم صعوبات في التنفس، ومن ثم انتشر في القرية مزيج الفيروسين، فيروسه وفيروس الحيوان.

حبكة نفسية محكمة البناء
   يشرح الراوي أن المادة الوراثية قد اختلطت، وبالتالي “ولد فيروس جديد”.
ينتقــــل بســـــهولة، و”يسبب مرضا في غاية الخطورة”. تعمل احدى أقارب رجل المانغو في المطار، ومن هنا انتشر في العالم، وأصبحت القوة التخيلية لديون ماير حقيقة في ووهان عام 2019!
   بنيت كحبكة نفسية، يسرد الروائي العلاقة بين نيكو ستورم ووالده ويليم ستورم. بعد كارثة زوال الكوكب، ينقذ الأب ابنه، ومع بعض الناجين، يعيد بناء مجتمع جديد مختلف عن ذلك الذي كان موجودًا قبل الجائحة العالمية؛ ويأمل مجتمع أمانزي في الانتقال “من الفوضى إلى النظام، ومن الظلام إلى النور، ومن الجوع إلى الوفرة».
   قُتل على يد عصابة، يريد ابنه نيكو الانتقام، وتقع الحبكة البوليسية في هذا المستوى، مما يعطي القصة إيقاعًا “رهيبا”. تفتتح الرواية بمشهد مخيف على طريق مهجور حيث تهاجم الكلاب ويليم ستورم وابنه... لا ناجين، مجرد “رينجروفر”، وبعض الطعام منتهي الصلوحية، وكلاب برية، انه عالم قمري.

دفع سيناريو كارثي
حتى النهاية
   إن الاهتمام بإعادة قراءة هذه الرواية يدفع للتفكير على المستوى الفلسفي والسياسي إذا حدثت مثل هذه الإمكانية، أي موت 90 بالمئة من سكان العالم. رجل تطوعي، هدف ويليم ستورم هو خلق عالم جديد حيث الإفراط في الاستهلاك، وعلوية المال على ما هو انساني، والأنانية، والكراهية وازدراء أفقر الناس، تصبح اشياء من الماضي.
   وبموهبة الحكواتي، يقود ديون ماير القارئ في سردية مغامرة كبيرة من ناحية، وفي خرافة فلسفية حول هشاشة الإنسان من ناحية أخرى، ولكن أيضًا حول قدرته على الانبعاث من جديد.
    يمكن أن تختفي البشرية في أي لحظة، بسبب عدو غير مرئي -فيروس كورونا-ومثل هذا الاحتمال يجب أن يدفع للتفكير في علاقتنا بالعالم، بالآخرين، بأنفسنا. وإذا كانت قراءة هذه الرواية عام 2017 ممتعة لأتباع روايات ادب ما بعد نهاية العالم، فإن إعادة قراءتها عام 2020 ينزّلها في واقعية مؤلمة لأنه يكفي تشغيل التلفزيون لتعيش واقعا وحقيقة ما كان في خانة الخيال العلمي، مع الحفاظ على النسبة، التي أنشأها ديون ماير.
    ان الناجين من أمانزي، الناجون من فيروس كورونا 2016، يخلقون ديمقراطية جديدة، اذن الأمل قائم ومسموح، رغم الجانب المظلم في البشرية. إن رسالة إعادة قراءة هذه الرواية، من جنس ادب ما بعد نهاية العالم، هي في رأيي نداء من أجل عالم جديد أفضل، بعد فيروس كورونا لعام 2020!

 بن عودة لبداعي :
أستاذ في جامعات لومان حيث يشغل منصب نائب مدير مختبر أبحاث اللغات والآداب واللغويات في جامعات أنجيه ومين. ومتخصص في الأدب المقارن الأفريقي والأفرو أمريكي، وهو مؤلف العديد من المقالات والكتب حول الأدب الأفريقي الناطق باللغة الإنجليزية والفرنسية. ومن مؤلفاته “ويني مانديلا: الأسطورة والواقع»،





 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot
https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/sv388/ https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/ladangtoto/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/scatter-hitam/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/blog/sv388/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/uploads/depo-5k/ https://smpn9prob.sch.id/content/luckybet89/