كان للإعلان تأثيره
إليزابيث الثانية وورقة الملكة القرينة المستقبلية
-- إذا كان تشارلز هو الوريث المعين منذ أن كان عمره 3 سنوات، فإن مكانة زوجته الثانية، ظلت محل جدل في المملكة
-- اتخــاذ قرارهــا تـمّ منطقيــاً بالتشــاور مــع تشـارلز، وحتى بموافقـة ويليـام
-- يهدف بيان الملكة الأخير إلى التأثير بشكل أكبر في الرأي العام لصالح كاميلا
-- في قلب الملكة، إخلاص كاميلا لتشارلز هو الذي مكّنها من تسجيل نقاط
لطالما كانت كاميلا باركر بولز واحدة من أكثر النساء المكروهات في بريطانيا، وها أنها ستصبح في يوم من الأيام الملكة القرينة، لأن هذه هي إرادة صاحبة الجلالة. ماذا سيبقى من النظام الملكي البريطاني بعد وفاة الملكة إليزابيث؟ لا أحد، لا في القصر ولا في الجمهور، مستعد حقًا لمواجهة هذا السؤال لأن سيدة القبّعات هذه مندمجة تماما بالمؤسسة... ومع ذلك، فمن الحتمي أن يقترب ذلك اليوم. في سن الـ 95، اجتازت جلالة الملكة لتوها علامة فارقة غير مسبوقة في بريطانيا اليوبيل البلاتيني: سبعون عامًا على العرش. وامام دهشة الجميع، انتهزت الفرصة لتكرّس زوجة ابنها، وقالت إنها تريد أن تُعرف كاميلا بالملكة عندما يصبح تشارلز ملكاً، معربة عن “أُمنيتها الصادقة” في أن تحصل كاميلا على هذا اللقب. وأضافت الملكة في رسالتها، “عندما يحين ذلك الوقت”، يجب أن تصبح كاميلا “الملكة القرينة». كان للإعلان تأثيره: في اليوم التالي، 6 فبراير، تصدرت جميع الصحف الإنجليزية عناوين “الملكة كاميلا”، مع صورة متوجة للمعنية بالأمر. وطغى الخبر تقريبًا على ما اعد سلفا من تقارير وملفات خاصة مبرمجة منذ شهور للاحتفال باليوبيل التاريخي لإليزابيث.
«لن يعيش أحد
منا إلى الأبد»
لماذا هذا الإعلان، وخاصة في هذا الوقت؟ كان من الممكن أن تقتصر الملكة على الاحتفال بيوبيلها، وتبني موقف وندسور ذاته القاضي بعدم إبداء رأيها مطلقًا.
لكن لإليزابيث الثانية إحساس بالواجب مرتبط بالجسد، وتدرك أنه “لن يعيش أي منا إلى الأبد”. في نظرها، مهمتها الأساسية هي ضمان استمرارية النظام الملكي.
ومع ذلك، إذا كان تشارلز هو الوريث المعين منذ أن كان عمره 3 سنوات، فإن مكانة زوجته الثانية، كاميلا، ظلت محل جدل في المملكة.
ان مسألة معرفة ما إذا كانت ستصبح ملكة، تثير بانتظام التكهنات، واستطلاعات الرأي، والمقالات النارية.
يتصادم معسكران: من ناحية، أولئك الذين ما زالوا يرون كاميلا على أنها عشيقة، ومحاورة “تامبون جيت” الشهيرة، والمنافسة الأبدية لديانا، والتي واجه ويليام وهاري صعوبة في قبولها، وحتى المسؤولة المحتملة عن هروب ساسيكس (تقول الشائعات إنها لم تكن ترحب بميغان).
من ناحية أخرى، أولئك الأقل عددًا وفقًا لاستطلاعات الرأي، الذين يعتقدون أنها في النهاية هي الحب الحقيقي الكبير لتشارلز، وأنها تستحق مكانها، وبالتالي اللقب الذي يتناسب معه.
مع استمرار المعزوفة لفترة طويلة، كان لا بد من تسوية قضية وضع كاميلا قبل أن يأتي حدث حزين يضع القصر في الحائط.
أو ربما حتى قبل ان تضيف السيرة الذاتية للأمير هاري، التي أُعلن عن نشرها في نهاية عام 2022، الزيت على النار ...
لقد قررت إليزابيث الثانية اعفاء ابنها الأكبر من مناقشات شائكة.
ومستغلة كونها في ذروة شعبيتها (85 بالمائة نسبة الرضا) وتركيز كل الأنظار عليها وعلى رقمها القياسي التاريخي، بدأت الملكة بالتشديد في رسالتها على أهمية القرين والقرينة: “لقد كانت نعمة بالنسبة لي أن أجد في الأمير فيليب شريكًا مستعدًا لتولي دور القرين، وتقديم التضحيات التي تترافق معه... إنه دور رأيت أمي تؤديه في عهد والدي».
وبعد الاشادة بأولئك الذين لولاهم لما كان أي شيء ممكنًا، واصلت الملكة بتوجيه الشكر لشعبها.
“سأبقى ممتنّة ومتشرّفة إلى الأبد بالولاء والمودة التي تواصلون إظهارها لي. وعندما يصبح ابني تشارلز ملكًا، أعلم أنكم ستمنحونه وزوجته كاميلا نفس الدعم الذي قدمتموه لي؛ وأتمنى صادقة أنه عندما يحين الوقت، ستعرف كاميلا باسم الملكة القرينة».
هنا، نوع من التوجيه المسبق، لكنه مكتوب وموقّع “خادمتكم إليزابيث”.
وتحت القلم الملكي، تبدو الصيغة المهذّبة “أعلم أنكم ستمنحونه وزوجته كاميلا نفس الدعم”، في الواقع، وكأنها أمر قضائي: اغلق الملف، التنفيذ -شكرًا لكم – والى اللقاء.
يصعب الطعن في إرادة جلالة الملكة المحبوبة، خاصة عند الاحتفال بمرور سبعين عامًا على خدمتها للأمة، أليس كذلك؟
هل حقًا نحن مستعدون
لـ “الملكة كاميلا”؟
تثبت هذه الرسالة أن الزمن يتغير، والنظام الملكي معه. عام 2005، قررت إليزابيث الثانية عدم حضور الزواج المدني بين تشارلز وكاميلا.
رئيسة الكنيسة الأنغليكانية، لا تؤيد الطلاق صراحة، اعتبرت الملكة بعد ذلك أن هذا الزواج يجب أن يظل شأناً متحفظاً.
لم تحضر الا حفل الاستقبال الخاص، والـــــــــذي وافقــــت مع ذلك على دفــــــع فاتورتــــه (جميل). في ذلك الوقت، أعلن باكنغهام أن كاميلا ستحمل لقب دوقة كورنـوال، وليس أميرة ويلز، احترامًا لذكرى السيدة ديانا.
كما تم تحديد أنه عندما يأتي اليوم، ستصبح كاميلا الأميرة القرينة وليست ملكة ...
لا تزال وفاة ديانا واحدة من الصدمات القليلة التي هزت التاج.
ولا يزال ظلها معلقًا فوق القصر، حيث أنها لا تزال والدة الملك المستقبلي ويليام، وقد تم تنصيب تمثالها منذ صيف عام 2021 (والذي كان ينبغي أن يصادف عيد ميلادها الستين) في حدائق قصر كينسينغتون.
في البلاد، لم ينس أحد أميرة القلوب، ولا تلك المقابلة التي أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية عام 1995، والتي اعترفت فيها باكية: “كنا ثلاثة في هذا الزواج، كان مزدحمًا بعض الشيء ...”، عندها أصبحت كاميلا، العجلة الثالثة للعربة التي أطلقت عليها ديانا أيضًا “روتويللر”، واحدة من أكثر النساء المكروهات في البلاد.
منذئذ، تدفقت المياه تحت جسر لندن. والآن ما يقرب من واحدة من كل زيجتين من الزيجات الإنجليزية تنتهي بالطلاق، وقد أكدت كاميلا ذاتها.
سبعة عشر عامًا من الخدمة الجيدة والمخلصة الى جانب تشارلز في جميع الاحتفالات والزيارات والرحلات الرسمية عبر الكومنولث دون ارتكاب أي خطأ، وهذا أمر مهم.
ومن وجهة نظر الصورة، فإن وجودها يريح أمير ويلز، ويساعد في تسهيل التواصل معه. ومثل قرين اخر قبلها، تتمتع كاميلا بموهبة إضحاك تشارلز... وفي العائلة المالكة، الفكاهة بمثابة الإسمنت.
نقطة جيدة أخرى: دوقة كورنوال لا تعزف عن المهمة: مع أكثر من 200 التزام سنويًا قبل انتشار الوباء، فهي راعية لحوالي 90 جمعية خيرية، وملتزمة بشكل خاص ضد العنف المنزلي، ومساعدة كبار السن، أو من أجل الترويج للقراءة وتبني الحيوانات. قضايا نبيلة تؤثر على الناس.
كما عرفت كاميلا أيضًا كيف تتعامل مع الصحافة، ولم تثر أي هجوم مطلقًا، بل أظهرت ترحيبا ودفئا مع عصابة كتاب الأعمدة الملكية الذين يتابعون الزوجين الأميريين في كل مكان، وأجرت أحيانًا بعض المقابلات.
تدريجيًا، انتهى بها الأمر بقضم نقاط في سجلّ الشعبية، كما يتضح من الظهور الأخير في متاجر الهدايا التذكارية للأكواب والأقنعة الأخرى التي تحمل صورتها.
ففي قلب الملكة، كان إخلاصها الوفيّ لتشارلز هو الذي مكّنها من تسجيل نقاط (إلى جانب حبها للحيوانات).
أيضًا، في ديسمبر 2021، منحت إليزابيث كاميلا وسام الرباط، وهي أعلى رتبة في الفروسية البريطانية... شرف لم تنله أي زوجة أخرى لأبنائها.
ولئن كانت كاميلا هي الشخصية الحادية عشرة المفضلة في العائلة المالكة بنسبة 34 بالمائة من الآراء الإيجابية، فإن تصنيفها يرتفع باستمرار، ويهدف بيان الملكة الأخير أيضًا إلى التأثير بشكل أكبر في الرأي العام لصالحها.
علاوة على ذلك، سارع رئيس أساقفة كانتربري، جاستن ويلبي، إلى الموافقة على هذا القرار على تويتر.
اذن، تتغير الأزمنة، وسيكون من غير المناسب لوم النظام الملكي أو رجال الدين، الذين غالبًا ما يتّهمون باتباع المبادئ القديمة، على الانسجام أخيرًا مع روح العصر للسماح للزوجة الثانية بالحصول على نفس حقوق الأولى.
علامة على وصاية وشيكة؟
يرى بعض المراقبين وراء موقف الملكة هذا توقيع تشارلز، الذي كان يناور وراء الكواليس لتحديد مكانة زوجته.
ويقول بيتر هانت، المراسل الملكي السابق لبي بي سي: “لماذا الآن؟ لماذا تصدر عناوين الصحف عن قصد عن الملكة كاميلا بدلاً من التركيز على اليوبيل البلاتيني؟ الجواب يكمن بالتأكيد في نقل القصر إلى بلاط تشارلز، وهو بلاط مدرك تمامًا لإمكانية الوصاية على العرش في المستقبل.
بالطبع في الأشهر الأخيرة، خاصة منذ وفاة زوجها فيليب، تبدو الملكة أكثر هشاشة. في أكتوبر، أرادت أن تفعل الكثير وانتهى بها الأمر في المستشفى ذات ليلة في لندن.
لقد طُلب منها دبلوماسيًا أن تبطئ من سرعتها، وتتخلى عن كاسها المسائي، وكذلك عن اجندتها، الا انها لا تزال تحتفظ بكل شيء، ولم تفوض أيًا من سلطتها الدستورية.
إن اتخاذ قرارها بشأن كاميلا تمّ منطقياً بالتشاور مع تشارلز، وحتى بموافقة ويليام. ويبدو أيضًا أنه إذا لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه قبل هذا الوقت، ففي أسرار باكنغهام، قد تم في الواقع تسجيل الاختيار منذ خمس سنوات على الأقل.
ففي رسالة اليوبيل، كتبت إليزابيث الثانية أيضًا: “بينما نحتفل بهذه الذكرى، يسعدني أن أجدد لكم الوعد الذي قطعته عام 1947 بأن حياتي ستكرس دائمًا لخدمتكم”.
بمعنى آخر، لا تعتمدوا عليها في التنازل عن العرش. إنها تمهد الطريق لوريثها، وتفوض له واجبات تمثيلية مرهقة، لكنها لا تسلم المشعل.
الكلمة الأخيرة متروكة لها عندما يتعلق الأمر بتحديد مصير ساسكس، ومصير الأمير أندرو (الابن المفضل الذي انتهت باستبعاده بعد قضية الاغتصاب)، أو حتى اللقب المستقبلي لكاميلا. إنها لا تزال هي من يعيّن أو يعزل ويتجاهل، أو يسلط الضوء على بيادق رقعة الشطرنج الملكية.
لم تفقد إليزابيث أيًا من سلطتها أو قدرتها على الضغط على شعبها وكذلك عشيرتها. ولئن وافقت على كاميلا، فقد ذكّرتها بأنه سيتعين عليها الارتقاء إلى مستوى الدور، مشيرة، في شكل تحذير، انه يتطلب “تضحيات” و “زهد”. من جانبها، تستمر في تلقي صناديقها الحمراء كل يوم، وتدير الأعمال اليومية، وتلتقي مرة واحدة في الأسبوع مع رئيس الوزراء.
إن عام الاحتفالات هذا هو عامها. ويجب أن يكون للاحتفالات المبرمجة لشهر يونيو تأثير عالمي، وأن تساعد في تعزيز عودة السياحة إلى إنجلترا... فالبلد كله يعرف: ان الملكة تظل أفضل ورقة رابحة في القوة الناعمة.
في سن 95، بالطبع، هي تثير القلق؛ لكن بين آل وندسور، النساء صلبات. وصلت الملكة الأم إلى 101، ربما ايضا رقمًا قياسيًا يمكن لابنتها تحطيمه. ثم أثبتت ردود الفعل العفوية على ذكر “الملكة كاميلا”، أن إنجلترا ليســت مستعدة بعــــد لمنح “جلالة الملكة” لامرأة أخرى ...
-- اتخــاذ قرارهــا تـمّ منطقيــاً بالتشــاور مــع تشـارلز، وحتى بموافقـة ويليـام
-- يهدف بيان الملكة الأخير إلى التأثير بشكل أكبر في الرأي العام لصالح كاميلا
-- في قلب الملكة، إخلاص كاميلا لتشارلز هو الذي مكّنها من تسجيل نقاط
لطالما كانت كاميلا باركر بولز واحدة من أكثر النساء المكروهات في بريطانيا، وها أنها ستصبح في يوم من الأيام الملكة القرينة، لأن هذه هي إرادة صاحبة الجلالة. ماذا سيبقى من النظام الملكي البريطاني بعد وفاة الملكة إليزابيث؟ لا أحد، لا في القصر ولا في الجمهور، مستعد حقًا لمواجهة هذا السؤال لأن سيدة القبّعات هذه مندمجة تماما بالمؤسسة... ومع ذلك، فمن الحتمي أن يقترب ذلك اليوم. في سن الـ 95، اجتازت جلالة الملكة لتوها علامة فارقة غير مسبوقة في بريطانيا اليوبيل البلاتيني: سبعون عامًا على العرش. وامام دهشة الجميع، انتهزت الفرصة لتكرّس زوجة ابنها، وقالت إنها تريد أن تُعرف كاميلا بالملكة عندما يصبح تشارلز ملكاً، معربة عن “أُمنيتها الصادقة” في أن تحصل كاميلا على هذا اللقب. وأضافت الملكة في رسالتها، “عندما يحين ذلك الوقت”، يجب أن تصبح كاميلا “الملكة القرينة». كان للإعلان تأثيره: في اليوم التالي، 6 فبراير، تصدرت جميع الصحف الإنجليزية عناوين “الملكة كاميلا”، مع صورة متوجة للمعنية بالأمر. وطغى الخبر تقريبًا على ما اعد سلفا من تقارير وملفات خاصة مبرمجة منذ شهور للاحتفال باليوبيل التاريخي لإليزابيث.
«لن يعيش أحد
منا إلى الأبد»
لماذا هذا الإعلان، وخاصة في هذا الوقت؟ كان من الممكن أن تقتصر الملكة على الاحتفال بيوبيلها، وتبني موقف وندسور ذاته القاضي بعدم إبداء رأيها مطلقًا.
لكن لإليزابيث الثانية إحساس بالواجب مرتبط بالجسد، وتدرك أنه “لن يعيش أي منا إلى الأبد”. في نظرها، مهمتها الأساسية هي ضمان استمرارية النظام الملكي.
ومع ذلك، إذا كان تشارلز هو الوريث المعين منذ أن كان عمره 3 سنوات، فإن مكانة زوجته الثانية، كاميلا، ظلت محل جدل في المملكة.
ان مسألة معرفة ما إذا كانت ستصبح ملكة، تثير بانتظام التكهنات، واستطلاعات الرأي، والمقالات النارية.
يتصادم معسكران: من ناحية، أولئك الذين ما زالوا يرون كاميلا على أنها عشيقة، ومحاورة “تامبون جيت” الشهيرة، والمنافسة الأبدية لديانا، والتي واجه ويليام وهاري صعوبة في قبولها، وحتى المسؤولة المحتملة عن هروب ساسيكس (تقول الشائعات إنها لم تكن ترحب بميغان).
من ناحية أخرى، أولئك الأقل عددًا وفقًا لاستطلاعات الرأي، الذين يعتقدون أنها في النهاية هي الحب الحقيقي الكبير لتشارلز، وأنها تستحق مكانها، وبالتالي اللقب الذي يتناسب معه.
مع استمرار المعزوفة لفترة طويلة، كان لا بد من تسوية قضية وضع كاميلا قبل أن يأتي حدث حزين يضع القصر في الحائط.
أو ربما حتى قبل ان تضيف السيرة الذاتية للأمير هاري، التي أُعلن عن نشرها في نهاية عام 2022، الزيت على النار ...
لقد قررت إليزابيث الثانية اعفاء ابنها الأكبر من مناقشات شائكة.
ومستغلة كونها في ذروة شعبيتها (85 بالمائة نسبة الرضا) وتركيز كل الأنظار عليها وعلى رقمها القياسي التاريخي، بدأت الملكة بالتشديد في رسالتها على أهمية القرين والقرينة: “لقد كانت نعمة بالنسبة لي أن أجد في الأمير فيليب شريكًا مستعدًا لتولي دور القرين، وتقديم التضحيات التي تترافق معه... إنه دور رأيت أمي تؤديه في عهد والدي».
وبعد الاشادة بأولئك الذين لولاهم لما كان أي شيء ممكنًا، واصلت الملكة بتوجيه الشكر لشعبها.
“سأبقى ممتنّة ومتشرّفة إلى الأبد بالولاء والمودة التي تواصلون إظهارها لي. وعندما يصبح ابني تشارلز ملكًا، أعلم أنكم ستمنحونه وزوجته كاميلا نفس الدعم الذي قدمتموه لي؛ وأتمنى صادقة أنه عندما يحين الوقت، ستعرف كاميلا باسم الملكة القرينة».
هنا، نوع من التوجيه المسبق، لكنه مكتوب وموقّع “خادمتكم إليزابيث”.
وتحت القلم الملكي، تبدو الصيغة المهذّبة “أعلم أنكم ستمنحونه وزوجته كاميلا نفس الدعم”، في الواقع، وكأنها أمر قضائي: اغلق الملف، التنفيذ -شكرًا لكم – والى اللقاء.
يصعب الطعن في إرادة جلالة الملكة المحبوبة، خاصة عند الاحتفال بمرور سبعين عامًا على خدمتها للأمة، أليس كذلك؟
هل حقًا نحن مستعدون
لـ “الملكة كاميلا”؟
تثبت هذه الرسالة أن الزمن يتغير، والنظام الملكي معه. عام 2005، قررت إليزابيث الثانية عدم حضور الزواج المدني بين تشارلز وكاميلا.
رئيسة الكنيسة الأنغليكانية، لا تؤيد الطلاق صراحة، اعتبرت الملكة بعد ذلك أن هذا الزواج يجب أن يظل شأناً متحفظاً.
لم تحضر الا حفل الاستقبال الخاص، والـــــــــذي وافقــــت مع ذلك على دفــــــع فاتورتــــه (جميل). في ذلك الوقت، أعلن باكنغهام أن كاميلا ستحمل لقب دوقة كورنـوال، وليس أميرة ويلز، احترامًا لذكرى السيدة ديانا.
كما تم تحديد أنه عندما يأتي اليوم، ستصبح كاميلا الأميرة القرينة وليست ملكة ...
لا تزال وفاة ديانا واحدة من الصدمات القليلة التي هزت التاج.
ولا يزال ظلها معلقًا فوق القصر، حيث أنها لا تزال والدة الملك المستقبلي ويليام، وقد تم تنصيب تمثالها منذ صيف عام 2021 (والذي كان ينبغي أن يصادف عيد ميلادها الستين) في حدائق قصر كينسينغتون.
في البلاد، لم ينس أحد أميرة القلوب، ولا تلك المقابلة التي أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية عام 1995، والتي اعترفت فيها باكية: “كنا ثلاثة في هذا الزواج، كان مزدحمًا بعض الشيء ...”، عندها أصبحت كاميلا، العجلة الثالثة للعربة التي أطلقت عليها ديانا أيضًا “روتويللر”، واحدة من أكثر النساء المكروهات في البلاد.
منذئذ، تدفقت المياه تحت جسر لندن. والآن ما يقرب من واحدة من كل زيجتين من الزيجات الإنجليزية تنتهي بالطلاق، وقد أكدت كاميلا ذاتها.
سبعة عشر عامًا من الخدمة الجيدة والمخلصة الى جانب تشارلز في جميع الاحتفالات والزيارات والرحلات الرسمية عبر الكومنولث دون ارتكاب أي خطأ، وهذا أمر مهم.
ومن وجهة نظر الصورة، فإن وجودها يريح أمير ويلز، ويساعد في تسهيل التواصل معه. ومثل قرين اخر قبلها، تتمتع كاميلا بموهبة إضحاك تشارلز... وفي العائلة المالكة، الفكاهة بمثابة الإسمنت.
نقطة جيدة أخرى: دوقة كورنوال لا تعزف عن المهمة: مع أكثر من 200 التزام سنويًا قبل انتشار الوباء، فهي راعية لحوالي 90 جمعية خيرية، وملتزمة بشكل خاص ضد العنف المنزلي، ومساعدة كبار السن، أو من أجل الترويج للقراءة وتبني الحيوانات. قضايا نبيلة تؤثر على الناس.
كما عرفت كاميلا أيضًا كيف تتعامل مع الصحافة، ولم تثر أي هجوم مطلقًا، بل أظهرت ترحيبا ودفئا مع عصابة كتاب الأعمدة الملكية الذين يتابعون الزوجين الأميريين في كل مكان، وأجرت أحيانًا بعض المقابلات.
تدريجيًا، انتهى بها الأمر بقضم نقاط في سجلّ الشعبية، كما يتضح من الظهور الأخير في متاجر الهدايا التذكارية للأكواب والأقنعة الأخرى التي تحمل صورتها.
ففي قلب الملكة، كان إخلاصها الوفيّ لتشارلز هو الذي مكّنها من تسجيل نقاط (إلى جانب حبها للحيوانات).
أيضًا، في ديسمبر 2021، منحت إليزابيث كاميلا وسام الرباط، وهي أعلى رتبة في الفروسية البريطانية... شرف لم تنله أي زوجة أخرى لأبنائها.
ولئن كانت كاميلا هي الشخصية الحادية عشرة المفضلة في العائلة المالكة بنسبة 34 بالمائة من الآراء الإيجابية، فإن تصنيفها يرتفع باستمرار، ويهدف بيان الملكة الأخير أيضًا إلى التأثير بشكل أكبر في الرأي العام لصالحها.
علاوة على ذلك، سارع رئيس أساقفة كانتربري، جاستن ويلبي، إلى الموافقة على هذا القرار على تويتر.
اذن، تتغير الأزمنة، وسيكون من غير المناسب لوم النظام الملكي أو رجال الدين، الذين غالبًا ما يتّهمون باتباع المبادئ القديمة، على الانسجام أخيرًا مع روح العصر للسماح للزوجة الثانية بالحصول على نفس حقوق الأولى.
علامة على وصاية وشيكة؟
يرى بعض المراقبين وراء موقف الملكة هذا توقيع تشارلز، الذي كان يناور وراء الكواليس لتحديد مكانة زوجته.
ويقول بيتر هانت، المراسل الملكي السابق لبي بي سي: “لماذا الآن؟ لماذا تصدر عناوين الصحف عن قصد عن الملكة كاميلا بدلاً من التركيز على اليوبيل البلاتيني؟ الجواب يكمن بالتأكيد في نقل القصر إلى بلاط تشارلز، وهو بلاط مدرك تمامًا لإمكانية الوصاية على العرش في المستقبل.
بالطبع في الأشهر الأخيرة، خاصة منذ وفاة زوجها فيليب، تبدو الملكة أكثر هشاشة. في أكتوبر، أرادت أن تفعل الكثير وانتهى بها الأمر في المستشفى ذات ليلة في لندن.
لقد طُلب منها دبلوماسيًا أن تبطئ من سرعتها، وتتخلى عن كاسها المسائي، وكذلك عن اجندتها، الا انها لا تزال تحتفظ بكل شيء، ولم تفوض أيًا من سلطتها الدستورية.
إن اتخاذ قرارها بشأن كاميلا تمّ منطقياً بالتشاور مع تشارلز، وحتى بموافقة ويليام. ويبدو أيضًا أنه إذا لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه قبل هذا الوقت، ففي أسرار باكنغهام، قد تم في الواقع تسجيل الاختيار منذ خمس سنوات على الأقل.
ففي رسالة اليوبيل، كتبت إليزابيث الثانية أيضًا: “بينما نحتفل بهذه الذكرى، يسعدني أن أجدد لكم الوعد الذي قطعته عام 1947 بأن حياتي ستكرس دائمًا لخدمتكم”.
بمعنى آخر، لا تعتمدوا عليها في التنازل عن العرش. إنها تمهد الطريق لوريثها، وتفوض له واجبات تمثيلية مرهقة، لكنها لا تسلم المشعل.
الكلمة الأخيرة متروكة لها عندما يتعلق الأمر بتحديد مصير ساسكس، ومصير الأمير أندرو (الابن المفضل الذي انتهت باستبعاده بعد قضية الاغتصاب)، أو حتى اللقب المستقبلي لكاميلا. إنها لا تزال هي من يعيّن أو يعزل ويتجاهل، أو يسلط الضوء على بيادق رقعة الشطرنج الملكية.
لم تفقد إليزابيث أيًا من سلطتها أو قدرتها على الضغط على شعبها وكذلك عشيرتها. ولئن وافقت على كاميلا، فقد ذكّرتها بأنه سيتعين عليها الارتقاء إلى مستوى الدور، مشيرة، في شكل تحذير، انه يتطلب “تضحيات” و “زهد”. من جانبها، تستمر في تلقي صناديقها الحمراء كل يوم، وتدير الأعمال اليومية، وتلتقي مرة واحدة في الأسبوع مع رئيس الوزراء.
إن عام الاحتفالات هذا هو عامها. ويجب أن يكون للاحتفالات المبرمجة لشهر يونيو تأثير عالمي، وأن تساعد في تعزيز عودة السياحة إلى إنجلترا... فالبلد كله يعرف: ان الملكة تظل أفضل ورقة رابحة في القوة الناعمة.
في سن 95، بالطبع، هي تثير القلق؛ لكن بين آل وندسور، النساء صلبات. وصلت الملكة الأم إلى 101، ربما ايضا رقمًا قياسيًا يمكن لابنتها تحطيمه. ثم أثبتت ردود الفعل العفوية على ذكر “الملكة كاميلا”، أن إنجلترا ليســت مستعدة بعــــد لمنح “جلالة الملكة” لامرأة أخرى ...