إيكونوميست: نهاية «اللعبة» تقترب في فيينا
كتبت مجلة “إيكونوميست” البريطانية، أنه في عالم يزداد فيه التنافس الجيوسياسي -بالنسبة إلى أوكرانيا وتايوان وأبعد منهما- فإن القوى الكبرى كانت قادرة على الأقل على التعاون في الجهود الديبلوماسية لإحتواء البرنامج النووي الإيراني. المتشائمون يرون أن احتمالات الفشل عالية، آخذين في الاعتبار أن إيران ستستفيد من الأفضلية التي تتمتع بها، لأنها مقتنعة بأن أمريكا لن تذهب إلى الحربوبعد ثماني جولات من المفاوضات في فيينا، فهل تتمكن هذه القوى من إحياء الإتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه إبان رئاسة باراك أوباما عام 2015، وتخلى عنه خلفه دونالد ترامب بعد ثلاثة أعوام؟ تبدو جولة المفاوضات التي أستؤنفت الثلثاء حاسمة. ولم يكن المفاوضون أقرب إلى تحقيق اختراق مما هم عليه الآن، كما أنهم لم يكونوا أقرب إلى الإخفاق مما هم عليه الآن، وفق ما قال أحد المصادر. والمسؤولون الأمريكيون متشجعون على نحوٍ ملحوظ باحتمال التوصل إلى اتفاق. وكبادرة على حسن النية، أعلنت أمريكا الأسبوع الماضي، أنه في إمكان الروس والصينيين والشركات الأوروبية الحصول على استثناءات من العقوبات الأمريكية، حتى ولو انخرطوا في نشاطات مع بعض النواحي المدنية للبرنامج النووي الإيراني السلمي. ولفتت الصحيفة إلى أن مخاطر الفشل بادية أيضاً. والصقور الأمريكيون يرفعون الصوت أكثر في معارضتهم أي اتفاق.
وكثف الحوثيون في اليمن المتحالفين مع إيران هجماتهم بالصواريخ والمسيرات على دولة الإمارات العربية المتحدة. ودفع هذا في المقابل إلى نشر مدمرة أمريكية ومقاتلات متطورة، لإرسال إشارة تحذير ضمنية إلى إيران. وتجري إسرائيل تدريبات على قصف منشآت نووية إيرانية. وذكرت الصحيفة أن خطة العمل المشتركة الشاملة التي تعرف اختصاراً بالإتفاق النووي، قد قيدت إلى حد كبير البرنامج النووي الإيراني وعززت التفتيش في مقابل رفع الكثير من العقوبات عن إيران.
لكن إسرائيل وحتى بعض الديموقراطيين نددوا بالإتفاق الذي كان يتيح لإيران معاودة تخصيب الأورانيوم على نطاق واسع بعد 15 عاماً ولا يرغمها على وضع حد لبرنامجها الصاروخي الباليستي أو تدخلها في النزاعات الإقليمية. ووصف ترامب الاتفاق بأنه “الأسوأ من نوعه”، وعمد إلى فرض دفعات من العقوبات على إيران في سياق حملة “الضغط الأقصى». وفي المقابل، سرعت إيران من تخصيب الأورانيوم-أي المواد الانشطارية اللازمة للمفاعلات النووية ولصنع القنابل. ورفعت درجة التخصيب إلى 60 في المئة، أي أقل بشعرة من الدرجة اللازمة لصنع سلاح نووي. كما أنها حولت غاز الأورانيوم المخصب إلى معدن الأورانيوم-الذي يستخدم على الأرجح في القنابل- كما أن طهران عرقلت عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولفت المدير العام للوكالة رافاييل غروسي إلى أن إيران هي البلد الوحيد الذي لا يملك أسلحة نووية، ويخصب الأورانيوم بهذه النسبة العالية. وقد تناقص الوقت الذي تحتاجه إيران لبلوغ العتبة النووية-أي المرحلة التي تمكنها من صنع سلاح نووي من المواد الانشطارية- إلى شهر، أي أقصر بكثير من مدة السنة التي كانت تحتاجها في ظل الاتفاق النووي. (إن وضع رأس نووي على صاروخ يستغرق من عام إلى عامين).
ولذلك، تلح أمريكا على أن المحادثات قد دخلت مرحلة “انتهاء اللعبة”. وإذا لم يتم التوقيع على اتفاق في وقت قريب، فإن أي اتفاق في ما بعد سيفقد قيمته. وكلما طال وقت المفاوضات، فإن آجال القيود المفروضة بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، ستنتهي. وحتى في الوقت الحاضر، فإنه في حال العودة إلى الاتفاق، فلن تكون هناك سنة فاصلة بين إيران والعتبة النووية، وفق ما يقر كبير المفاوضين الأمريكيين روبرت مالي. وبالنسبة إلى الإيرانيين، فإن الإتفاق النووي يفقد قيمته أيضاً. إذ إن أي رفع للعقوبات الأمريكية سيكون مؤقتاً، إذا ما تم الأخذ في الاعتبار أن الرئيس الحالي جو بايدن قد لا يبقى في البيت الأبيض عام 2025. ومن الممكن أن يعود ترامب، أو حتى أي رئيس جمهوري آخر، سيتعرض لضغوط قوية كي يخرج من الاتفاق. ورفض المفاوضون الأمريكيون المطالب الإيرانية بالحصول على ضمانات بعدم فرض العقوبات مجدداً. وقالوا إنه لا يمكن بايدن أن يلزم خلفه، وإن أفضل ما يستطيع تقديمه هو وعد بالتزام الاتفاق طالما إيران ملتزمة به.