بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
في الجولة الدبلوماسية الأولى لعام 2022
الصين ترفض منطق «فخ الديون» في إفريقيا وجنوب آسيا
-- فخ سردي صاغه الذين يرغبون في إغراق إفريقيا إلى الأبد في فخ الفقر وفخ التخلف
-- مبادرة صينية في القرن الأفريقي لمساعدة دول المنطقة على الابتعاد عن أي منافسة جيوسياسية بين الدول الكبرى
-- زيارة الوزير الصيني إلى عاصمتين في جنوب آسيا تراودهما بكين بإلحاح، تمت تحت مراقبة لصيقة من نيودلهي
من 4 إلى 10 يناير، قام رئيس الدبلوماسية الصينية، وانغ يي، برحلة طويلة على شواطئ المحيط الهندي. رحلة مبوّبة في خمس محطات توقّف مختصرة، مقسّمة بين وجهات شرق إفريقيا وعواصم جنوب آسيا. ويرى الوزير الصيني، “ما يسمى بـ “ فخ الديون “هو في الواقع فخ سردي أنشأه أولئك الذين يرغبون في إغراق إفريقيا إلى الأبد في” فخ الفقر” و “فخ التخلّف». بالنسبة للجزء الأول من الجولة، ثلاث مراحل في شرق إفريقيا * كانت على خارطة طريق وزير الخارجية الصيني الرّحالة جدا: إريتريا وكينيا وجزر القمر. اي ثلاث دول ذات سيادة، مطلة على المحيط الهندي، هذا الفضاء البحري الواسع والاستراتيجي الذي اشتهر بانه يسيل لعاب جمهورية الصين الشعبية في العقود الأخيرة. خلال محطته الأولى في إفريقيا، ذكّر مبعوث بكين مضيفيه بأن إريتريا هي “صديق تقليدي للصين”، وأن البلدين “يشتركان في وجهات نظر متشابهة بشأن الحفاظ على الاستقلال والاستقرار السياسي والاجتماعي واستكشاف مساراتهما الخاصة للتنمية”. واستنكر الوزير أيضا العقوبات الأمريكية والأوروبية التي تستهدف إريتريا لتورطها في الحرب في منطقة تيغراي.
في كينيا، راع وانغ يي بمهارة الأنا المحلية: “كينيا هي الشريك الاستراتيجي ورمز التعاون الشامل للصين؛ ويلعب التعاون الصيني -الكيني دورًا نموذجيًا ورائدًا في البناء المشترك للحزام والطريق (طرق الحرير الجديدة) بين الصين وأفريقيا”. ولم تطرح خلال فترة الإقامة امام وسائل الإعلام ضخامة الديون التي تم التعاقد عليها خلال العقدين الماضيين من قبل المدين الكيني مع الدائن الصيني لتمويل البنى التحتية المختلفة.
في أرخبيل جزر القمر، المرحلة الإفريقية الأخيرة للوزير الصيني، أعلن الأخير الأسبوع الماضي: “إن الصين وجزر القمر، رغم اختلاف حجمهما ومستوى تطورهما، تقدمان نموذجًا للمعاملة المتساوية والتعاون والكسب المتبادل بين الدول”. للتذكير، زاد في السنوات الأخيرة، الوجود الصيني والاستثمارات الصينية في جزر القمر بشكل كبير. ومولت الصين بشكل خاص العديد من مشاريع البنية التحتية الهيكلية مثل بناء مجمّع مطار جديد، أو تجديد قصر الشعب في موروني، أو بناء مستشفى جديد في أنجوان.
«فخ سردي»
خلال جولته الأفريقية القصيرة في يناير، أعلن وانغ يي، أن جمهورية الصين الشعبية تريد دعم “مبادرة التنمية السلمية في القرن الأفريقي”. مشروع يهدف إلى مساعدة دول المنطقة على “الابتعاد عن أي منافسة جيوسياسية بين الدول الكبرى مع الحفاظ على مصيرها بأيديها».
وكان ممثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم أقل وضوحًا عندما تعلق الأمر بالرد على الاتهامات بـ “فخ الديون” التي وقعت فيها دول مختلفة، خاصة أفريقية وآسيوية على وجه الخصوص، في السنوات الأخيرة، مفضلا إخلاء كل مسؤولية للصين في هذا المجال -دون إقناع الحضور تمامًا ولا المراقبين الخارجيين: “ما يسمى بـ “ فخ الديون “هو في الواقع فخ سردي أنشأه الذين يرغبون في اغراق إفريقيا إلى الأبد في ‘فخ الفقر’ و ‘فخ التخلف’. ان الصين تدعو إلى الاستثمار العملي والفعال والتعاون التمويلي مع الدول الأفريقية على أساس طوعي ومتساو وعلمي، وفقا لاحتياجات الجانب الأفريقي، مما يعود بالفائدة على شعوب أفريقيا ولا يضرها”. دفاع مألوف يبرّر عدم الخوض فيه والتوقف عنده.
وتواصلت رحلة وانغ يي حول المحيط الهندي.
في أرخبيل جزر المالديف -وهي وجهة مألوفة أيضًا للسياسيين الصينيين ورجال الأعمال المغامرين -أشار وانغ يي إلى أن عام 2022 يصادف الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية الصينية المالديفية. وأشاد رئيس الدبلوماسية بأن البلدين يحافظان على “نمط من التبادلات الودية والمنفعة المتبادلة”، ودعا ماليه وبكين إلى “تبني رؤية أوسع وفتح فصل جديد من التعاون الودي والمفيد للطرفين”، خاصة “المشاركة في تطوير طريق الحرير البحري».
وخلال المرحلة الأخيرة من هذه الجولة الدبلوماسية الأولى لعام 2022، المخصصة لسيلان السابقة، شدد الممثل الصيني عمدا على “تقارب” اللحظة بين كولومبو وبكين، مذكّرا بأن سريلانكا كانت من بين الدول الأولى التي انضمت إلى مبادرة الحزام والطريق، العزيزة على السلطات الصينية، بعد وقت قصير من إطلاقها. وسلط الزائر، الذي لا يتعب، الضوء على بعض المشاريع الصينية -السريلانكية التي تجسد الاستثمار الصيني في الجزيرة، منها مدينة كولومبو الساحلية وميناء هامبانتوتا، “مشروعان أصبحا محركين للتنمية الاقتصادية في سريلانكا”، بحسب وانغ يي. عرض ممتع إلى حد ما لإنجازات تثير العديد من الخلافات، ولا سيما ميناء هامباتوتا، الذي يقع في مسقط رأس عشيرة راجاباكسا الحاكمة.
وللتذكير، كانت الصين الدولة الوحيدة التي وافقت على تمويل مشروع الميناء هذا رغم أن دراسات الجدوى المختلفة رسمت صورة معيقة له. وكانت البداية مع ذلك واضحة، عام 2017، واجهت حكومة السيد راجاباكسا (الأخ الأكبر للرئيس الحالي جوتابايا) مزاعم عن رشاوى تورّط بكين مسبقًا. لم تكن هذه البنية التحتية للميناء مربحة بأي حال من الأحوال، فقد تم بيعها لشركة حكومية صينية، تشاينا ميرشانتس بورت هولدينغ، بموجب عقد إيجار يمتدّ 99 عامًا، ولم تسمح الموارد المالية السريلانكية المستنفدة بسداد القرض الممنوح لبنائها. ومع ذلك، بعد خمس سنوات، في كولومبو كما في بكين، يتم رفض الحديث عن “فخ ديون” ملموس للغاية . عام 2022، يقترب الدين المستحق لسريلانكا تجاه بكين -أحد دائنيها الأربعة الرئيسيين -من 5 مليارات دولار.
علاوة على ذلك، جاءت زيارة الممثل الصيني في الوقت المناسب لكولومبو، على الأقل من وجهة نظر محاسبية. تواجه سيلان السابقة حاليًا وضعًا اجتماعيًا واقتصاديًا حرجًا: التضخم، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، والتقنين، ومالية مصابة بفقر الدم ... “كصديقة مقربة، ستساعد الصين دائمًا سريلانكا”، أكد من عاصمة الجزيرة الوزير وانغ يي، بعد أن طلب رئيس الدولة المضيفة من زائره التفضل “بإعادة هيكلة سداد ديون” سريلانكا.
قلق الهند
وبطبيعة الحال، فإن زيارة الوزير الصيني إلى عاصمتين في جنوب آسيا تراودهما بكين بإلحاح، تمت تحت مراقبة لصيقة من نيودلهي. الحكومة الهندية مندهشة من الهجوم المستمر، والثابت، والمتكرر بطرق مختلفة، لمنافستها الاستراتيجية الصينية، والتي هي علاوة على ذلك في محيطها المباشر. هذا، رغم أن التوترات الصينية الهندية لم تشهد أي انقطاع في بداية عام 2022. والسبب على وجه الخصوص هو نشاط القوات الصينية وكتائبها من المهندسين والفنيين الذين يقيمون في محيط متنازع عليه، منطقة لاداخ، مجموعة من البنى التحتية المختلفة -منها جسر على بحيرة بانغونغ تسو شديدة الحساسية -يهدف إلى تعزيز المواقع الصينية ونقل المعدات والقوات بسهولة أكبر عند الحاجة –على غرار المناوشات الحدودية الجديدة مع القوات المسلحة الهندية، كالتي حدثت في يونيو 2020 في وادي جالوان.
من جهة اخرى، في نهاية عام 2021، وفي تمشّ لا يمكن إلا أن يثير المزيد من عدم الثقة وغضب السلطات الهندية، اتخذت الحكومة الصينية مبادرة (مشكوك فيها) تقضي بإعادة تسمية حوالي خمسة عشر مكانًا باسم صيني، رغم انها تقع في ولاية أروناتشال براديش الهندية (100 ألف كيلومتر مربع)، والتي تسميها بكين من جانبها “زانغنان”، (“التبت الجنوبية”) وتظهر في الخرائط الصينية الرسمية -وكذلك على جوازات سفر مواطنيها -تحت السيادة الصينية. ومع ذلك، فإن الدول تعترف في مجملها تقريبًا بسيادة الهند على هذه الولاية الجبلية وعلى الحدود الشمالية الشرقية، بإمكاناتها الهائلة لتوليد الطاقة الكهرومائية، من بين أوراق أخرى.
ويلاحظ المراقبون الهنود بقلق تلازم هذا القرار الأحادي مع دخول قانون جديد في الصين حيز التنفيذ في الأول من يناير يسمى “قانون حدود الأراضي”. يصف هذا النص على وجه الخصوص سيادة الصين وسلامة أراضيها بأنها “مقدسة ولا تنتهك”. ووفقًا لبنوده، يمكن لبكين “اتخاذ تدابير لحماية وحدة الأراضي والحدود البرية ومنع ومكافحة أي عمل ينتهك السيادة الإقليمية والحدود البرية».
وفي ضوء التفسير الواسع للغاية لهذه الأحكام من قبل السلطات الصينية والعديد من الأمثلة الإقليمية حيث تتجاهل جمهورية الصين الشعبية القانون الدولي، ومعارضة الدول المجاورة، لفرض وجهات نظرها ومطالباتها الإقليمية -في بحر جنوب الصين، من بين آخرين -من السهل أن نفهم أنه في بداية عام 2022، ترحب أسمرة ونيروبي وموروني ومالي وكولومبو باهتمام بكين ومبادراتها. وفي المقابل، تظهر نيودلهي غضبًا مشروعًا مقرونًا بقلق مفهوم.
• منذ ثلاثين عامًا، طبق رئيس الدبلوماسية الصينية قاعدة ثابتة تتمثل في قيامه بأول رحلاته الرسمية إلى الخارج لأفريقيا.
• حصلت إريتريا على استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، ودعمت الصين حركة الاستقلال الإريترية.
• في يونيو 2020، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، أعربت إريتريا عن دعمها لقانون الأمن القومي المثير للجدل في هونغ كونغ.
• في نوفمبر 2021، أعطت إريتريا موافقتها على المشاركة في “طرق الحرير الجديدة” الصينية (مبادرة الحزام والطريق).
• الصين هي الدولة الرابعة التي فتحت سفارة في نيروبي بعد استقلال كينيا عام 1963.
• انظروا على وجه الخصوص الى مليارات الدولارات اللازمة لبناء خط سكك حديدية حديثة مع ميناء مومباسا. ويُعتقد أن الصين تمتلك حوالي 70 بالمائة من الدين الخارجي لكينيا.
• كانت الصين أول دولة تعترف باستقلال جزر القمر وأقامت علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة الجزرية النامية.
• زيارة إلى ماليه من قبل الرئيس شي جين بينغ عام 2014، وافتتاح سفارة صينية في الأرخبيل عام 2011.
• نستحضر بشكل خاص تمويل البنى التحتية الرئيسية المختلفة، منها توسيع مطار فيلانا الدولي في جزيرة ماليه، وإنشاء جسر سينامالي الذي يربطها بهولهوماليه. مشروعان مكلفان بتمويل من بنك الاستيراد والتصدير الصيني.
• عام 2022، يجب أن تسدد سريلانكا أكثر من 4 مليارات يورو من الديون، رغم أن احتياطياتها من النقد الأجنبي بالكاد تصل في بداية العام إلى مليار دولار.
- متخصص في آسيا، باحث في مركز الدراسات والبحوث حول الهند وجنوب آسيا وشتاتها (جامعة كيبيك في مونتريال)، من مؤلفاته “ما العمل مع كوريا الشمالية؟” (2019) و “أيام كيم جونغ أون الأخيرة (في السلطة)” (2019). كما قام بنشر “من المأزق الأفغاني إلى التيه الكوري الشمالي: يوميات جيوسياسية 2012-2015” (2016)
-- مبادرة صينية في القرن الأفريقي لمساعدة دول المنطقة على الابتعاد عن أي منافسة جيوسياسية بين الدول الكبرى
-- زيارة الوزير الصيني إلى عاصمتين في جنوب آسيا تراودهما بكين بإلحاح، تمت تحت مراقبة لصيقة من نيودلهي
من 4 إلى 10 يناير، قام رئيس الدبلوماسية الصينية، وانغ يي، برحلة طويلة على شواطئ المحيط الهندي. رحلة مبوّبة في خمس محطات توقّف مختصرة، مقسّمة بين وجهات شرق إفريقيا وعواصم جنوب آسيا. ويرى الوزير الصيني، “ما يسمى بـ “ فخ الديون “هو في الواقع فخ سردي أنشأه أولئك الذين يرغبون في إغراق إفريقيا إلى الأبد في” فخ الفقر” و “فخ التخلّف». بالنسبة للجزء الأول من الجولة، ثلاث مراحل في شرق إفريقيا * كانت على خارطة طريق وزير الخارجية الصيني الرّحالة جدا: إريتريا وكينيا وجزر القمر. اي ثلاث دول ذات سيادة، مطلة على المحيط الهندي، هذا الفضاء البحري الواسع والاستراتيجي الذي اشتهر بانه يسيل لعاب جمهورية الصين الشعبية في العقود الأخيرة. خلال محطته الأولى في إفريقيا، ذكّر مبعوث بكين مضيفيه بأن إريتريا هي “صديق تقليدي للصين”، وأن البلدين “يشتركان في وجهات نظر متشابهة بشأن الحفاظ على الاستقلال والاستقرار السياسي والاجتماعي واستكشاف مساراتهما الخاصة للتنمية”. واستنكر الوزير أيضا العقوبات الأمريكية والأوروبية التي تستهدف إريتريا لتورطها في الحرب في منطقة تيغراي.
في كينيا، راع وانغ يي بمهارة الأنا المحلية: “كينيا هي الشريك الاستراتيجي ورمز التعاون الشامل للصين؛ ويلعب التعاون الصيني -الكيني دورًا نموذجيًا ورائدًا في البناء المشترك للحزام والطريق (طرق الحرير الجديدة) بين الصين وأفريقيا”. ولم تطرح خلال فترة الإقامة امام وسائل الإعلام ضخامة الديون التي تم التعاقد عليها خلال العقدين الماضيين من قبل المدين الكيني مع الدائن الصيني لتمويل البنى التحتية المختلفة.
في أرخبيل جزر القمر، المرحلة الإفريقية الأخيرة للوزير الصيني، أعلن الأخير الأسبوع الماضي: “إن الصين وجزر القمر، رغم اختلاف حجمهما ومستوى تطورهما، تقدمان نموذجًا للمعاملة المتساوية والتعاون والكسب المتبادل بين الدول”. للتذكير، زاد في السنوات الأخيرة، الوجود الصيني والاستثمارات الصينية في جزر القمر بشكل كبير. ومولت الصين بشكل خاص العديد من مشاريع البنية التحتية الهيكلية مثل بناء مجمّع مطار جديد، أو تجديد قصر الشعب في موروني، أو بناء مستشفى جديد في أنجوان.
«فخ سردي»
خلال جولته الأفريقية القصيرة في يناير، أعلن وانغ يي، أن جمهورية الصين الشعبية تريد دعم “مبادرة التنمية السلمية في القرن الأفريقي”. مشروع يهدف إلى مساعدة دول المنطقة على “الابتعاد عن أي منافسة جيوسياسية بين الدول الكبرى مع الحفاظ على مصيرها بأيديها».
وكان ممثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم أقل وضوحًا عندما تعلق الأمر بالرد على الاتهامات بـ “فخ الديون” التي وقعت فيها دول مختلفة، خاصة أفريقية وآسيوية على وجه الخصوص، في السنوات الأخيرة، مفضلا إخلاء كل مسؤولية للصين في هذا المجال -دون إقناع الحضور تمامًا ولا المراقبين الخارجيين: “ما يسمى بـ “ فخ الديون “هو في الواقع فخ سردي أنشأه الذين يرغبون في اغراق إفريقيا إلى الأبد في ‘فخ الفقر’ و ‘فخ التخلف’. ان الصين تدعو إلى الاستثمار العملي والفعال والتعاون التمويلي مع الدول الأفريقية على أساس طوعي ومتساو وعلمي، وفقا لاحتياجات الجانب الأفريقي، مما يعود بالفائدة على شعوب أفريقيا ولا يضرها”. دفاع مألوف يبرّر عدم الخوض فيه والتوقف عنده.
وتواصلت رحلة وانغ يي حول المحيط الهندي.
في أرخبيل جزر المالديف -وهي وجهة مألوفة أيضًا للسياسيين الصينيين ورجال الأعمال المغامرين -أشار وانغ يي إلى أن عام 2022 يصادف الذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية الصينية المالديفية. وأشاد رئيس الدبلوماسية بأن البلدين يحافظان على “نمط من التبادلات الودية والمنفعة المتبادلة”، ودعا ماليه وبكين إلى “تبني رؤية أوسع وفتح فصل جديد من التعاون الودي والمفيد للطرفين”، خاصة “المشاركة في تطوير طريق الحرير البحري».
وخلال المرحلة الأخيرة من هذه الجولة الدبلوماسية الأولى لعام 2022، المخصصة لسيلان السابقة، شدد الممثل الصيني عمدا على “تقارب” اللحظة بين كولومبو وبكين، مذكّرا بأن سريلانكا كانت من بين الدول الأولى التي انضمت إلى مبادرة الحزام والطريق، العزيزة على السلطات الصينية، بعد وقت قصير من إطلاقها. وسلط الزائر، الذي لا يتعب، الضوء على بعض المشاريع الصينية -السريلانكية التي تجسد الاستثمار الصيني في الجزيرة، منها مدينة كولومبو الساحلية وميناء هامبانتوتا، “مشروعان أصبحا محركين للتنمية الاقتصادية في سريلانكا”، بحسب وانغ يي. عرض ممتع إلى حد ما لإنجازات تثير العديد من الخلافات، ولا سيما ميناء هامباتوتا، الذي يقع في مسقط رأس عشيرة راجاباكسا الحاكمة.
وللتذكير، كانت الصين الدولة الوحيدة التي وافقت على تمويل مشروع الميناء هذا رغم أن دراسات الجدوى المختلفة رسمت صورة معيقة له. وكانت البداية مع ذلك واضحة، عام 2017، واجهت حكومة السيد راجاباكسا (الأخ الأكبر للرئيس الحالي جوتابايا) مزاعم عن رشاوى تورّط بكين مسبقًا. لم تكن هذه البنية التحتية للميناء مربحة بأي حال من الأحوال، فقد تم بيعها لشركة حكومية صينية، تشاينا ميرشانتس بورت هولدينغ، بموجب عقد إيجار يمتدّ 99 عامًا، ولم تسمح الموارد المالية السريلانكية المستنفدة بسداد القرض الممنوح لبنائها. ومع ذلك، بعد خمس سنوات، في كولومبو كما في بكين، يتم رفض الحديث عن “فخ ديون” ملموس للغاية . عام 2022، يقترب الدين المستحق لسريلانكا تجاه بكين -أحد دائنيها الأربعة الرئيسيين -من 5 مليارات دولار.
علاوة على ذلك، جاءت زيارة الممثل الصيني في الوقت المناسب لكولومبو، على الأقل من وجهة نظر محاسبية. تواجه سيلان السابقة حاليًا وضعًا اجتماعيًا واقتصاديًا حرجًا: التضخم، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، والتقنين، ومالية مصابة بفقر الدم ... “كصديقة مقربة، ستساعد الصين دائمًا سريلانكا”، أكد من عاصمة الجزيرة الوزير وانغ يي، بعد أن طلب رئيس الدولة المضيفة من زائره التفضل “بإعادة هيكلة سداد ديون” سريلانكا.
قلق الهند
وبطبيعة الحال، فإن زيارة الوزير الصيني إلى عاصمتين في جنوب آسيا تراودهما بكين بإلحاح، تمت تحت مراقبة لصيقة من نيودلهي. الحكومة الهندية مندهشة من الهجوم المستمر، والثابت، والمتكرر بطرق مختلفة، لمنافستها الاستراتيجية الصينية، والتي هي علاوة على ذلك في محيطها المباشر. هذا، رغم أن التوترات الصينية الهندية لم تشهد أي انقطاع في بداية عام 2022. والسبب على وجه الخصوص هو نشاط القوات الصينية وكتائبها من المهندسين والفنيين الذين يقيمون في محيط متنازع عليه، منطقة لاداخ، مجموعة من البنى التحتية المختلفة -منها جسر على بحيرة بانغونغ تسو شديدة الحساسية -يهدف إلى تعزيز المواقع الصينية ونقل المعدات والقوات بسهولة أكبر عند الحاجة –على غرار المناوشات الحدودية الجديدة مع القوات المسلحة الهندية، كالتي حدثت في يونيو 2020 في وادي جالوان.
من جهة اخرى، في نهاية عام 2021، وفي تمشّ لا يمكن إلا أن يثير المزيد من عدم الثقة وغضب السلطات الهندية، اتخذت الحكومة الصينية مبادرة (مشكوك فيها) تقضي بإعادة تسمية حوالي خمسة عشر مكانًا باسم صيني، رغم انها تقع في ولاية أروناتشال براديش الهندية (100 ألف كيلومتر مربع)، والتي تسميها بكين من جانبها “زانغنان”، (“التبت الجنوبية”) وتظهر في الخرائط الصينية الرسمية -وكذلك على جوازات سفر مواطنيها -تحت السيادة الصينية. ومع ذلك، فإن الدول تعترف في مجملها تقريبًا بسيادة الهند على هذه الولاية الجبلية وعلى الحدود الشمالية الشرقية، بإمكاناتها الهائلة لتوليد الطاقة الكهرومائية، من بين أوراق أخرى.
ويلاحظ المراقبون الهنود بقلق تلازم هذا القرار الأحادي مع دخول قانون جديد في الصين حيز التنفيذ في الأول من يناير يسمى “قانون حدود الأراضي”. يصف هذا النص على وجه الخصوص سيادة الصين وسلامة أراضيها بأنها “مقدسة ولا تنتهك”. ووفقًا لبنوده، يمكن لبكين “اتخاذ تدابير لحماية وحدة الأراضي والحدود البرية ومنع ومكافحة أي عمل ينتهك السيادة الإقليمية والحدود البرية».
وفي ضوء التفسير الواسع للغاية لهذه الأحكام من قبل السلطات الصينية والعديد من الأمثلة الإقليمية حيث تتجاهل جمهورية الصين الشعبية القانون الدولي، ومعارضة الدول المجاورة، لفرض وجهات نظرها ومطالباتها الإقليمية -في بحر جنوب الصين، من بين آخرين -من السهل أن نفهم أنه في بداية عام 2022، ترحب أسمرة ونيروبي وموروني ومالي وكولومبو باهتمام بكين ومبادراتها. وفي المقابل، تظهر نيودلهي غضبًا مشروعًا مقرونًا بقلق مفهوم.
• منذ ثلاثين عامًا، طبق رئيس الدبلوماسية الصينية قاعدة ثابتة تتمثل في قيامه بأول رحلاته الرسمية إلى الخارج لأفريقيا.
• حصلت إريتريا على استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، ودعمت الصين حركة الاستقلال الإريترية.
• في يونيو 2020، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، أعربت إريتريا عن دعمها لقانون الأمن القومي المثير للجدل في هونغ كونغ.
• في نوفمبر 2021، أعطت إريتريا موافقتها على المشاركة في “طرق الحرير الجديدة” الصينية (مبادرة الحزام والطريق).
• الصين هي الدولة الرابعة التي فتحت سفارة في نيروبي بعد استقلال كينيا عام 1963.
• انظروا على وجه الخصوص الى مليارات الدولارات اللازمة لبناء خط سكك حديدية حديثة مع ميناء مومباسا. ويُعتقد أن الصين تمتلك حوالي 70 بالمائة من الدين الخارجي لكينيا.
• كانت الصين أول دولة تعترف باستقلال جزر القمر وأقامت علاقات دبلوماسية مع هذه الدولة الجزرية النامية.
• زيارة إلى ماليه من قبل الرئيس شي جين بينغ عام 2014، وافتتاح سفارة صينية في الأرخبيل عام 2011.
• نستحضر بشكل خاص تمويل البنى التحتية الرئيسية المختلفة، منها توسيع مطار فيلانا الدولي في جزيرة ماليه، وإنشاء جسر سينامالي الذي يربطها بهولهوماليه. مشروعان مكلفان بتمويل من بنك الاستيراد والتصدير الصيني.
• عام 2022، يجب أن تسدد سريلانكا أكثر من 4 مليارات يورو من الديون، رغم أن احتياطياتها من النقد الأجنبي بالكاد تصل في بداية العام إلى مليار دولار.
- متخصص في آسيا، باحث في مركز الدراسات والبحوث حول الهند وجنوب آسيا وشتاتها (جامعة كيبيك في مونتريال)، من مؤلفاته “ما العمل مع كوريا الشمالية؟” (2019) و “أيام كيم جونغ أون الأخيرة (في السلطة)” (2019). كما قام بنشر “من المأزق الأفغاني إلى التيه الكوري الشمالي: يوميات جيوسياسية 2012-2015” (2016)