رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة الأمير فيصل بن خالد
الطبقة السياسية الفرنسية منقسمة بشأن الضربات الأمريكية على إيران
في حين أنّ الموقف الرسمي للدبلوماسية الفرنسية مُتزن إلى حدّ ما بشأن الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، حيث دعت باريس إلى خفض التصعيد في الشرق الأوسط، إلا أنّ الحكومة باتت مُحاصرة بين أحزاب مُعارضة تُطالب بالدعم غير المشروط للتدخل الأمريكي ضدّ طهران، وأحزاب أخرى تطلب الإدانة المُطلقة لهجمات الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنّ فرنسا لم تُوجّه إدانة شديدة للقصف الذي شنّته حليفتها على 3 مواقع نووية إيرانية، إلا أنّ رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون وحكومته أعربا عن نأيهما عن التدخل الأمريكي، ودعياً إلى خفض التصعيد وبدء المُفاوضات بين جميع الأطراف.
وأجرى ماكرون اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان يوم الأحد، ودعاه إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس» لإتاحة «العودة إلى المسار الدبلوماسي»، مُكرراً دعوته للإفراج الفوري عن المواطنين الفرنسيين سيسيل كولر وجاك باريس، المُحتجزين في إيران.
وشدّد الرئيس الفرنسي على أنّ «الحوار، والالتزام الواضح من إيران بالتخلّي عن الأسلحة النووية، وإلاّ تعريض المنطقة بأكملها للخطر. هذا هو المسار الوحيد الذي يُؤدّي إلى السلام والأمن للجميع».
كما وأعربت فرنسا، على لسان وزير خارجيتها جان نويل بارو، عن «قلقها» بعد الضربات الأمريكية، وحثّت «الأطراف على ضبط النفس لتجنّب أي تصعيد من شأنه أن يُؤدّي إلى امتداد الصراع». وأكدت فرنسا أنّها «لم تُشارك في هذه الضربات ولا في التخطيط لها»، وأنُها «مُقتنعة بأنّ التسوية الدائمة لهذه القضية تتطلب حلاً تفاوضياً في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي».
غضب اليسار
هذا الردّ المُتحفّظ، الذي تُكرّر فيه فرنسا رفضها حصول إيران على أسلحة نووية، وتُظهر في ذات الوقت تردّدها الضمني في إدانة الضربات الأمريكية باعتبارها انتهاكاً للقانون الدولي، أثار غضب اليسار. فصرّحت حركة «فرنسا الأبيّة» في بيان لها «بُمجرّد الاكتفاء بالتعبير عن قلقها، فإنّ فرنسا لا ترقى إلى مستوى الموقف. عليها أن تُدين هذا الهجوم بشكل صريح، وأن تنسحب من أيّ تحالف مع المُحرّضين على الحرب».
كما دعت الحركة التي تقود اليسار الفرنسي إلى إطلاق مُناقشات وإجراء تصويت بشأن موقف الدولة في الجمعية الوطنية (البرلمان).
جان لوك ميلينشون زعيم حزب فرنسا الأبيّة، برّر إدانته للضربات الأمريكية في سياق سلمية السياسي الفرنسي المعروف جان جوريس في أوائل القرن العشرين، والذي اغتيل في عام 1914 لمواقفه الداعية للسلام ورفضه دخول الحرب العالمية الأولى، بقوله «جوريس أيضاً لم يكن يُحب القيصر، ونحن لا نُحب خامنئي لكن ليس لدينا خصومة. وبينما دعا فرنسا إلى التعبير عن رأيها بشكل مُغاير، إلا أنّ ميلينشون لم يُهاجم ردّ فعل السلطة التنفيذية بشكل مُباشر.
دعم اليمين
من ناحية أخرى، لم يتردد إريك سيوتي، زعيم حزب اتحاد اليمين من أجل الجمهورية، المُتحالف مع حزب التجمّع الوطني اليميني المُتطرّف، في إعلان دعمه للتدخل الأمريكي ضدّ إيران، فقد ندّد بما أســـــــماه «حكومـــــة ميونيخ» في إشــــارة للاتفاقية التي تمّ توقيعها عام 1938 مع ألمانيـــــا النازيــــــة، وهي مُصطلح بات يُستخدم في فرنسا للتعبير عن الخداع والاستسلام.
واستهدف سيوتي بحدّة بيان وزير الخارجية جان نويل بارو، حيث انتقد غياب الدعم الفرنسي الواضح للضربات الأمريكية.
وهو ما استدعى بالمُقابل النائب عن حزب العمال الفرنسي، أنطوان لومان، بالردّ الفوري، قائلاً «يا لها من لعنة على الولايات المتحدة».
لكنّ حُلفاء إريك سيوتي لا يُؤيّدون موقفه بوضوح، فالنائب عن حزب التجمّع الوطني الذي تتزعّمه ماري لوبان، جان فيليب تانجوي، أعرب في تصريحات تلفزيونية عن تحفظاته بشأن التدخل الأمريكي، وانضم إلى الموقف الفرنسي الرسمي بشأن دعوته إلى استجابة دبلوماسية، إلا أنّه مع ذلك، يرى أنّ ضربات الولايات المتحدّة على إيران، يجب أن يتم «الترحيب بها»، إذا ما كانت «هذه العملية تقتصر على تدمير المواقع النووية فقط، وليست مُقدّمة لحرب قد تدوم طويلاً».