رئيس الدولة والرئيس الروسي يبحثان سبل احتواء التصعيد في المنطقة والاحتكام إلى الحوار
العد التنازلي يقترب.. هل يطلق ترامب شرارة الحرب مع إيران؟
في واحدة من أكثر اللحظات السياسية والعسكرية حساسية في الشرق الأوسط، تقترب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من اتخاذ قرار تاريخي بتوجيه ضربة عسكرية مباشرة للمنشآت النووية الإيرانية. المشهد يبدو معقداً ومفتوحاً على جميع السيناريوهات، في ظل تصاعد التوترات بين طهران وتل أبيب، وزخم عسكري أميركي متنام في المنطقة.
بينما تتجه الأنظار إلى البيت الأبيض، يتسارع التحرك العسكري الأميركي في الشرق الأوسط. تقارير متعددة تشير إلى نشر عشرات الطائرات المقاتلة، من طرازات F-16 وF-22 وF-35، فضلا عن إرسال أكثر من 30 طائرة للتزود بالوقود. كل هذه التعزيزات توصف رسمياً بأنها «دفاعية»، لكن التوقيت وطبيعتها يعكسان استعداداً لعملية هجومية محتملة.
تزامن هذا مع تحرك حاملة الطائرات الأميركية «نيمتز» من بحر الصين الجنوبي باتجاه المنطقة، ما يؤكد أن القرار التنفيذي قد بات قريباً، بانتظار لحظة الحسم في البيت الأبيض.
البيت الأبيض بين الصمت والاستعداد
أشار مراسل سكاي نيوز عربية، في واشنطن، مجدي يازجي، إلى تضارب المعلومات حول اجتماع مجلس الأمن القومي الأميركي، فبينما تؤكد بعض المصادر بدء الاجتماع، تنفي أخرى انعقاده، في ظل تكتم البيت الأبيض عن التفاصيل. الأهم أن تصريحات المسؤولين الأميركيين، وكذلك تغيّر نبرة الإعلام المحلي، تؤشر إلى أن الضربات العسكرية باتت خياراً مطروحاً بجدية. ويؤكد يازجي أن نائب الرئيس الأميركي بدأ تحركات داخلية، بلقاء أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، في محاولة لتحشيد الدعم لأي عمل عسكري محتمل، خاصة وأن ترامب يواجه انتقادات داخلية من قاعدته الشعبية المناهضة للحروب.
ترامب بين لغة الحرب وشعار «أميركا أولا»
أطلق الرئيس الأميركي تصريحات نارية، مطالباً إيران بـ»الاستسلام» الكامل، ومستخدماً مصطلح «نحن» للإشارة إلى القوة والسيطرة، وهو ما يمثل تناقضاً صارخاً مع تعهداته الانتخابية بعدم الانخراط في حروب جديدة. لكنه في الوقت ذاته، يراهن على فكرة الحسم والهيبة الأميركية، في ملف بالغ الحساسية داخلياً ودولياً. أوضح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن هدف إسرائيل ليس إسقاط النظام الإيراني بل تدمير برنامجه النووي والصاروخي. تصريحات ساعر تنسجم مع موقف وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، الذي أكد أن تغيير النظام الإيراني من مسؤولية الشعب الإيراني.
وفي المقابل، شدد وزير الدفاع الحالي يسرائيل كاتس أن بلاده ستستهدف مواقع استراتيجية إيرانية إذا اقتضى الأمر، مع تركيز خاص على منشأة «فوردو» النووية، التي تعتبر هدفاً رئيسياً لإسرائيل.
الردع عبر التصعيد
وأطلق رئيس الأركان الإيراني عبد الرحيم موسوي تهديدات مباشرة، داعياً الإسرائيليين إلى مغادرة تل أبيب وحيفا حفاظاً على حياتهم. وأضاف أن العمليات الإيرانية الأخيرة هي رسائل ردعية موجهة لإسرائيل.
وتواصل إيران استهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة، بما في ذلك هجمات على مركز الاستخبارات العسكرية ومراكز قيادية في تل أبيب. وأعلنت طهران أنها اعترضت 28 طائرة إسرائيلية خلال 24 ساعة، في حين واصل سلاح الجو الإسرائيلي غاراته على مواقع غربي إيران.
نقل بشار صغير، مراسل سكاي نيوز عربية، تفاصيل عسكرية ميدانية دقيقة، مشيراً إلى أن إسرائيل ركزت عملياتها على غرب إيران، حيث تقع منصات إطلاق الصواريخ، خصوصاً في كَرْمَن شاه والأهواز. وقد أدى تحييد هذه المنصات إلى انسحاب القوات الإيرانية شرقاً نحو طهران وأصفهان.
وأوضح صغير أن الضربات الجوية الإسرائيلية خلقت حالة من الارتباك داخل الجيش الإيراني، الذي يفتقر للوقت والقدرة على إعادة تنظيم نفسه، ما أدى إلى تراجع كبير في عدد الصواريخ المطلقة على إسرائيل.
كما تحدث عن الحملة النفسية الإيرانية التي تهدف إلى ترهيب الجبهة الداخلية الإسرائيلية، مع اعتماد آليات جديدة للتحذير من الهجمات الصاروخية، تمنح السكان 10 دقائق للاحتماء في الملاجئ.
إيران كشفت الخديعة الأميركية
قدم الباحث السياسي الإيراني سعيد شاوردي خلال حديثه الى سكاي نيوز عربية رؤية مختلفة، مؤكداً أن إيران تدافع عن نفسها ضد ما وصفه بـ»عدوان أميركي وإسرائيلي»، مشيراً إلى أن طهران أدركت وجود خدعة أميركية منذ جولات المفاوضات السابقة.
يرى شاوردي أن الهدف الأميركي كان يتمثل في دفع إيران للتخلي الكامل عن التخصيب النووي، ليُتاح استهداف منشآتها الفارغة لاحقاً، لكنه أشار إلى أن إيران أفشلت هذه الخطة، ورفضت الشروط الأميركية، مشدداً على أن بلاده لن تقبل بالاستسلام كما يطالب ترامب. اما المستشار السابق في الخارجية السعودية، سالم اليامي، فأوضح خلال مداخلته أن طهران أدركت مبكراً أن واشنطن شريك مباشر في الهجمات الإسرائيلية، رغم محاولات الإنكار.
يرى اليامي أن الجيش الإسرائيلي قد لا يمتلك القدرة التقنية لضرب بعض المنشآت الإيرانية شديدة التحصين، مثل منشأة «فوردو»، التي تقع تحت الجبال، بينما الولايات المتحدة تمتلك الأدوات اللازمة لذلك.
وأكد اليامي أن الإيرانيين أمام لحظة صعبة، إذ لا يملكون من أسلحة الردع سوى الصواريخ والطائرات المسيّرة، ما يجعلهم في موقع الدفاع، وسط تصاعد كبير في الضغوط الدولية والإقليمية.
وحذر اليامي من تكرار سيناريو العراق، قائلا إن المخاوف الحقيقية تكمن في أن يُعلن لاحقاً – بعد فوات الأوان – أن إيران لم تكن بصدد تطوير سلاح نووي.