القاعدة التركية في قبرص قد تمهد لاعتداءات أوسع

القاعدة التركية في قبرص قد تمهد لاعتداءات أوسع


في وقت يسود فيه التوتر الشرق المتوسط، أدخلت تركيا تحسينات على مطار في شمال قبرص وجعلته قاعدة جوية نشرت فيها طائرات دون طيار، متطورة.
وعن هذا الموضوع، كتب مايكل روبن في موقع مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدث أمام شبان في 19 مايو (أيار) 2021، عن أسباب التدخلات العسكرية التركية في قبرص، وشرق المتوسط، والعراق، وعن الأسباب التي تحمله على تأييد حماس.
وقال أردوغان إن “تركيا عندنا ليست 780 ألف كيلومتراً مربعاً...إن تركيا في كل مكان».

وأعلن أنه سيزور شمال قبرص في 20 يوليو (تموز)، ليضيف أن الرسالة التي سيبعث بها من شمال قبرص “لا تعني فقط الجزيرة وإنما العالم بأسره».
وبينما لمح أردوغان إلى أنه سيعلن في خطابه اكتشاف حقل كبير للغاز في المياه القبرصية، فإنه قد يعلن أيضاً خطوات أحادية جديدة حول فاروشا، المدينة التي كانت منتجعاً وأخلاها أهلها القبارصة اليونانيون، خلال الغزو التركي للجزيرة، وحملة التطهير العرقي التي تلته.
وغزت تركيا الجزيرة في 1974، وبعد أقل من عقد أنشأت دولة دمية سمتها “جمهورية شمال قبرص” التركية في المنطقة المحتلة.
وبينما مضى على وجود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قبرص “يونفيسيب” أكثر من نصف قرن، فإنه لا الأمم المتحدة ولا المبادرات الغربية المختلفة، توصلت إلى حل القضية الأساسية المتمثلة في الاحتلال التركي.

وبينما يبرر بعض الأتراك الوجود التركي بالحماية من تطهير عرقي قبرصي يوناني مفترض، فإن هذا الطرح يتجاهل أن النظام اليوناني الذي سعى إلى ضم الجزيرة،  وتسبب في الغزو التركي، سقط في غضون بعد الغزو، لينتفي معه أي سبب لبقاء القوات التركية في الجزيرة. وفي الوقت نفسه، فإن الأسرة الدولية تواصل الإعتراف بوحدة المياه القبرصية، وبتبعيتها لحكومة نيقوسيا.
وبينما يميل أردوغان إلى إطلاق التهديدات، فإن تحركاته في قبرص مختلفة. ففي 16 ديسمبر -كانون الأول 2019، أعلن مدير الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل ديمير، أن تركيا أطلقت أولى طائراتها دون طيار، من محافظة موغلا إلى مطار ليفكونيكو، أو قاعدة جيجتكالي الجوية، التي أعادت تركيا تصميمها.

وتواصل تركيا تحويل ليفكونيكو إلى قاعدة للطائرات دون طيار، ووفق ما شرح أردوغان “يوجد الآن في قبرص مطاران، أحدهما أرجان الذي يعرفه مواطنونا في تركيا، والآخر كان موجوداً وبات له اسم جديد اليوم جيجتكالي، الذي نحول إليه طائرتنا دون طيار».
وفي السابق، كانت تركيا تستخدم قاعدتها للطائرات دون طيار في شمال قبرص، للاستطلاع بينما كانت تتولى سفنها مسحاً جيولوجياً بحثاً عن الغاز والنفط في المياه القبرصية، لكنها بعد تطوير قاعدة ليفكونيكو، نقلت الكثير من طائرات “بيرقدار –تي. بي2” دون طيار إلى القاعدة.

وسبق لتركيا استخدام هذا النوع من الطائرات في مهاجمة أهداف كردية في العراق، وضد قوات المشير خليفة حفتر في ليبيا المناوئة للمقاتلين الموالين لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.
وفيما كانت النسخ السابقة من هذه الطائرات فعالة فقط في مدى يبلغ مئة ميل، فإن التحسينات التي أدخلت على أنظمة التوجيه والعمليات، وسعت مداها كثيراً، خاصةً أنها أصبحت قادرة على التحليق  27 ساعة.

وفي الوقت الذي كان أردوغان يندد فيه بإسرائيل ومصر ويسعى إلى اكتساب نفوذ في لبنان، وغزة، فإن القاعدة الجديدة في قبرص، جعلت كل ذلك في مداه.
وسبق لتركيا أن قلبت الأمن الإقليمي بمزاعم عن حقها في جزر يونانية وانتهاك للمياه الإقليمية لقبرص واليونان، والمنطقة البحرية الخاصة لإسرائيل أيضاً.
ولذلك، على الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وإسرائيل والدول العربية المعتدلة، توقع أن تصبح الاعتداءات والانتهاكات التركية، أسوأ بكثير في وقت قريب.

إن الكلمات اللطيفة لن تجلب السلام إلى شرق المتوسط، والاستراتيجية الوحيدة التي يمكن أن تنجح في المنطقة الإثبات لأردوغان أن تركيا ستخسر أكثر مما ستربح، إذا مضت في تغيير الوضع القائم.