للعودة إلى حالتها الأصلية

اليابان: أوكيناوا تريد كنس القواعد الأمريكية...!

اليابان: أوكيناوا تريد كنس القواعد الأمريكية...!

-- بسـبب التهديـد الصيني، تـرى الحكومـة اليابانيـة أن أوكيناوا هي خط الدفــاع الأول ضد جارتهـا القويـة
-- لإخضــاع الأرخبيــل، خفضت الحكومــة الأمــوال المخصصة للتنمية الاقتصادية في أفقر محافظة في البلاد


    يعارض حاكم هذا الأرخبيل الواقع في جنوب غرب البلاد، ديني تاماكي، وهو أول نائب من أعراق مختلطة، أمريكي ياباني، نقل قاعدة عسكرية أمريكية إلى أراضيه بطلب من الحكومة المركزية.
   لا تعرف الحرب السياسية -القانونية أي هدنة بين أرخبيل أوكيناوا -الذي يحتضن معظم الجنود الأمريكيين المتمركزين في اليابان والبالغ عددهم 50 ألف جندي -والحكومة المركزية اليابانية.

 ويشتبك المعسكران حول نقل أنشطة قاعدة فوتينما الجوية البحرية التي تؤوي القوات البحرية في جنوب أوكيناوا باتجاه شمال الجزيرة. وهذه الخطوة المطروحة منذ تسعينات القرن الماضي من قبل طوكيو وواشنطن، تتضمن استصلاح 200 هكتار في خليج أورا، لبناء مهبطين للطائرات بطول 2 كيلومتر.    المشكلة، أن هذه الأعمال تثير غضب السكان المحليين، المعادين للقواعد الأمريكية التي أنشئت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على أرض تمثل أقل من 1 بالمائة من مساحة البلاد. ومن ثم التأخير في بناء الموقع. وأحدث مثال: اكتشاف هشاشة قاع البحر، أجبر وزارة الدفاع في نهاية نوفمبر على طلب تصاريح محلية جديدة. تم رفض الطلب على الفور من قبل حاكم محافظة أوكيناوا، ديني تاماكي. وسخر المعارض التاريخي لوجود القواعد، من وزارة “لم تقم بالحد الأدنى من التحقيق قبل بدء المشروع».

تدمير الشعاب المرجانية
   لم يفوّت تاماكي هذه الفرصة الجديدة لينتصب كمدافع عن السكان والبيئة في منطقته.
 “يشعر الكثير من المواطنين بالخوف والاستياء والحزن بسبب الاستيلاء على الأرض الذي فُرض بطريقة عنيفة وأحادية الجانب، دون تفسير كافٍ”، ذكّر ابن المارينز الأمريكي -الذي عاد إلى الولايات المتحدة -قبل ولادته عام 1959 -وامرأة يابانية.
ودخل تاماكي، عازف الجيتار، ومنشـــــط إذاعي سابق، وناشط سلام، السياسة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ليصبح عام 2009 أول مختلط العرق أمريكي -ياباني يُنتخب نائبا.

   عقيدته؟ تخفيف “العبء” المرتبط بالقواعد الأمريكية. وقال في ذلك الوقت “حان الوقت للحكومة اليابانية ان تسمح لأوكيناوا بالعودة إلى حالتها الأصلية”، داعيا المنطقة إلى “تحرير الاقتصاد من ارتهانه للقواعد».
   في هذه المعركة، نقل فوتينما له قيمة رمزية. تقرر تغيير مكانها بعد خطف واغتصاب فتاة تبلغ من العمر 12 عاما عام 1995 على يد ثلاثة جنود أمريكيين. وأثارت المأساة مشاعر غضب عميقة في أوكيناوا. وبعد مفاوضات شاقة، قررت طوكيو وواشنطن عام 2005 نقل أنشطتها إلى منطقة هينوكو شمال الجزيرة، وهي منطقة منعزلة أكثر.

   في أوكيناوا، ازدادت التعبئة حجما ضد المشروع بسبب الدمار الذي لحق ببيئة خليج أورا، الذي يضم مجموعة كبيرة من أبقار البحر -وهي أنواع من الثدييات البحرية المحمية -والشعاب المرجانية.
   انتُخب حاكمًا عام 2018، نظم تاماكي استفتاءً على نقل القاعدة في العام التالي: عارضه 72 بالمائة من السكان. وصرّح المحافظ حينها “من الضروري الآن أن تراجع الحكومة سياستها”.

 ولكن الآن، وبسبب القلق من التهديد الصيني، ترى الحكومة اليابانية أن أوكيناوا هي خط الدفاع الأول ضد جارتها القوية. والانتقال إلى مناطق أخرى أمر حساس للغاية من الناحية السياسية، فالسكان يرفضون مجرّد الحديث في الموضوع.

ابتزاز مالي
   هذا الإنكار لرأي السكان المحليين، يُنظر إليه في أوكيناوا على أنه ازدراء، حيث يشعر السكان المحليون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية منذ ضم اليابان عام 1879 لما كان آنذاك مملكة ريوكيو المستقلة. ولفترة طويلة، عانى الأرخبيل الصغير، الذي كان مسرحًا لقتال عنيف عام 1945، من إنكار ثقافته.
   ورداً على معارضة تاماكي للعمل الجديد، خفضت الحكومة، لأول مرة منذ عشر سنوات، الأموال المخصصة للتنمية الاقتصادية في أفقر محافظة في البلاد إلى أقل من 2.3 مليار يورو.
 واعترف مســـؤول رفيع المستوى لوكالة كيودو للأنباء، دون الكشف عن هويته: “بالطبع الدعم المالي لأوكيناوا مرتبط بمسألة القاعدة».
  وهكذا تتوقع طوكيو أن تضعف الحاكم المتمرد، ويزداد هذا الرهان أهمية، حيث إنه في خريف عام 2022، سيكون مقعد تاماكي محور سباق جديد.