الرئيس الروسي: أمريكا تجر روسيا للحرب

بوتين يلعب الجودو مع الغرب... هكذا يحصد النقاط

بوتين يلعب الجودو مع الغرب... هكذا يحصد النقاط


رأى خبير الشؤون الروسية في معهد المشروع الأمريكي ليون أرون أنه رغم وابل التحركات التهديدية والخطابات العدوانية شبه اليومية، لا ينوي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اجتياح واحتلال أوكرانيا.
 يحبون حين يفوز بوتين سريعاً وبعدد محدود من الضحايا. لقد اعتاد الزعيم السوفييتي الأسبق جوزف ستالين على أن يقول: “على أراضي العدو وبدماء قليلة».
وبصفته منتصراً في الحرب العالمية الثانية، يشيد الروس بستالين كما لم يشد به الاتحاد السوفييتي بعد مماته، واستحوذ بوتين وحيداً بين القادة السوفييت والروس الذين أعقبوا ستالين، على رتبته العليا، وهي “فرخوفنيي غلافنوكوماندويوشي” أو القائد الأعلى.

يسبقه بالنقاط
كتب أرون في صحيفة “ذاهيل” أنه وفقاً لاستطلاع رأي حديث، فإن ثلث الأوكرانيين مستعدون لحمل السلاح ضد المحتلين، وسيشعر الروس بالتوتر سريعاً إذا تكرر المستنقع الأفغاني الذي اختبره السوفييت. ومع توجهه نحو ما يمكن أن يكون رئاسة لمدى الحياة في 2024، سيكون ذلك آخر تعقيد يحتاجه بوتين. بصفته لاعب جودو أو متحمساً للجودو وكان يوماً ما بطلاً للعبة في لينينغراد، يتذكر بوتين بالتأكيد أنه نادراً ما يفوز المرء بإطاحة حاسمة، أو الإيبون، 100 نقطة. ولكن الأكثر شيوعاً هو المراكمة التدريجية للنقاط، وازا-أري، 10 نقاط، ويوكو، نقطة واحدة. في مباراة الجودو الافتراضية، يسبق بوتين الغرب بكثير من النقاط، ومن المرجح أن يسجل المزيد منها، حسب الكاتب.

حركتان
حصد بوتين أكبر عدد من النقاط بحركتين ترضيان الجمهور الذي يهمه بالدرجة الأولى، الروس. لقد اقتنعوا من خلال الدعاية التلفزيونية المتواصلة بأن أوكرانيا التي سلحتها وحرضتها الولايات المتحدة خططت لهجوم على روسيا، أو القرم أو محميتي الأمر الواقع الموليتين لروسيا في لوغانسك، ودونتسك.
وفي هذه الرواية، واجه بوتين الأعداء وأرعبهم بإظهار القوة العسكرية الروسية وجعلهم يهربون. مع شعبيته المبنية بشكل كبير على دوره مدافعاً عن الوطن الأم، من المتوقع أن يكون لهذه القصة أثر جيد في الداخل.
أما العنصر الثاني الذي أرضى الجمهور الداخلي حسب أرون، فهو مشهد الرئيس الأمريكي، الوحيد في العالم الذي يهم الروس إلى جانب رئيسهم، “يستمع” إلى موسكو و”يصغي” إليها، حسب تعابير بوتين المحببة إليه.
ووفق تعداد أرون، عقد الرئيس بايدن ما لا يقل عن ثماني قمم مع بوتين، سواءً كانت مباشرة أو افتراضية، خلال أول اثني عشر شهراً له في الرئاسة. يعد ذلك وتيرة قياسية في تاريخ العلاقات الأمريكية السوفييتية، أو الأمريكية الروسية. إن كل لقاء يبدو فيه الرئيس الروسي يعامل بندية من رئيس غربي يُنتج زيادة كبيرة في شعبية ساكن الكرملين.

موعد النقاط المقبلة
يتوقع أرون أن يكسب بوتين المزيد من النقاط حين يبدأ التفاوض على ثمن سحب القوات الروسية من الحدود. ومن المرجح، أن يحصل على اتفاق على قيود متبادلة على الصواريخ متوسطة المدى في أوروبا، وربما يشمل أنظمة الدفاع الصاروخي في رومانيا، وبولونيا، والتي تصر روسيا على أنها قابلة لإعادة البرمجة بشكل شبه فوري لتستهدف روسيا.
وثمة اتفاق آخر محتمل سيعالج مخاوف روسيا من حجم ووتيرة التدريبات الأطلسية في أوروبا الشرقية.
قد يكون التنازل الأبعد احتمالاً، لكنه غير مستحيل، التنازل لموسكو، الذي يمكن أن يكون بضغط من فرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة، لإجبار أوكرانيا على تطبيق اتفاقية مينسك-2 التي تقيد عملياً سيادة أوكرانيا بإضفاء الشرعية على منطقتي دونتسك ولوغانسك في أوكرانيا، لتجعل الأخيرة دولة نازفة بشكل دائم إن لم تكن دولة فاشلة بالفعل.

فرحة بوتين
من بين أكثر النتائج أهمية في ابتزاز بوتين هو اختبار تماسك حلف شمال الأطلسي وقدرته على استجابة سريعة وفعالة وتضامنه مع الديموقراطيات التي تعاني في ظل روسيا.
وفرح بوتين بعد أن وجد أن التحالف تشوبه بالنواقص على جميع تلك المستويات. لذلك، وفي المرحلة المقبلة من سياسة حافة الهاوية التي سيهندسها بالتأكيد قبل 2024 لتعبئة المواطنين، فإن من شبه المؤكد أن يذهب أبعد من ذلك، حسب أرون.

رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن “من الواضح” أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي اختارا “تجاهل” مخاوف روسيا الأمنية بدليل رفضهما الشروط الروسية في إطار المواجهة بشأن أوكرانيا. وقال بوتين بعد لقائه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، “نحلّل الردود الخطية التي تلقيناها من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي...لكن من الواضح من الآن تجاهل مخاوف روسيا المبدئية».
وشدد بوتين على أن عضوية أوكرانيا المحتملة في حلف الأطلسي ستقوض أمن روسيا، مشيراً إلى أن أمريكا قد تجر روسيا إلى حرب بهدف فرض عقوبات على موسكو.  وقال الرئيس الروسي، إن أمريكا تريد احتواء روسيا وتستخدم أوكرانيا لفعل ذلك.

وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن أقر خلال مكالمة هاتفية جرت بينهما أمس الأول الثلاثاء بضرورة “مناقشة” المخاوف الأمنية التي عبّرت عنها روسيا في خضم المواجهة الدائرة بينها وبين الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية.
وقال لافروف للتلفزيون الروسي في أعقاب المحادثة الهاتفية، إن “أنتوني بلينكن أقرّ بوجود مبررات لمواصلة الحوار “حول الأمن الروسي”. سنرى كيف ستسير الأمور».

ولم يأت الوزير الروسي في تصريحه على ذكر أوكرانيا أو القوات الروسية المنتشرة عند حدود هذا البلد، على الرغم من أن المكالمة الهاتفية بينه وبين نظيره الأمريكي تمحورت على التهديدات العسكرية الروسية للجارة الغربية الموالية للغرب.
وشدّد لافروف على أن القضية الأساسية بالنسبة لموسكو تظل رفض الغرب لمبدأ “عدم قابلية الأمن للتجزئة”، أي أنه لا يمكن لدولة أن تعزز أمنها على حساب دولة أخرى، وهو ما تتهم روسيا الغرب وحلف شمال الأطلسي بفعله عند حدودها الغربية.
وقال الوزير الروسي، “اليوم، أبلغت أنتوني بلينكن أننا لن ندع هذا الموضوع يُحجب. سنصر على إجراء محادثة صادقة والحصول على تفسيرات صادقة».