نهاية نظام في المملكة المتحدة:
بوريس جونسون، أزمة ضمير للمحافظين...!
-- يتم تداول اسم وزير الدفاع السابق توبياس إلوود، كخليفة محتمل لبوريس جونسون
-- أول حزب سياسي في البلاد وفي السلطة منذ اثني عشر عامًا، يلعب حاليًا صورته وبقاءه السياسي
هل سيجرّ رئيس الوزراء حزب المحافظين معه في سقوطه؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه المحافظون البريطانيون على أنفسهم اليوم.«لن يستقيل، لأن هذا الرجل وقح”. مواجها بوريس جونسون في مجلس العموم يوم 31 يناير المنقضي، لم يذكر زعيم حزب العمال كير ستارمر حتى اسم رئيس الوزراء البريطاني، وقد تردد صدى كلماته في صمت غير عادي، وتابع: “سيتعين على المحافظين أن يطرحوا على أنفسهم سؤالاً: هل هم مستعدون للمخاطرة بسمعتهم وسمعة البلد على محرقة غروره، أم أنهم سيعفوننا من رئيس وزراء لا يليق بالمسؤوليات المنوطة بعهدته؟ هذا هو واجبهم... ويعود إليهم فقط وقف هذه المهزلة التي استمرت لفترة طويلة، وسيُحكم عليهم من خلال هذا القرار «.
أزمة ضمير
ماذا سيفعل المحافظون، “هذا هو السؤال الوحيد الذي يستحق الطرح”؟ يرى أستاذ العلوم السياسية نيك كوهين. “ليس كل المحافظين معتلين اجتماعيًا ومتملقين، يتحلى بعضهم بمبادئ أخلاقية قوية”، مضيفا: “كل سلطة مفسدة، ولكن سلطة جونسون تفسد كل من يدافع عنها».
يبدو أن هناك أزمة ضمير ضخمة استحوذت على 359 نائبًا محافظًا. ففي بلد لا يوجد فيه فصل بين الكنيسة والدولة، حيث تترأس إليزابيث الثانية أيضًا الكنيسة الأنغليكانية، وحيث تفرض المدارس العامة الصلاة على الطلاب، غالبًا ما تنتصب الأخلاق في السياسة في الساحة العامة.
وتكشف أزمة ضمير المحافظين في الواقع عن نهاية نظام اعتمد على الاستقامة والنزاهة في قمة الدولة.
لأنه في غياب دستور وقواعد مكتوبة، من خصائص الملكية البرلمانية البريطانية، ان الحياة السياسية تقوم على عقد أخلاقي قائم على ما يسمى في بريطانيا “نظرية الرجل الصالح للحكومة”، وبعبارة أخرى “نظرية الرجل الطيب “، باختصار، الاستقامة والصدق كمبدأين للحكم.
حتى وقت قريب، كان بإمكان البريطانيين الاعتماد على مسؤوليهم المنتخبين للانسحاب من الحياة العامة في حال تضارب المصالح، والفضائح الجنسية أو المالية، وعدم الامتثال واحترام القواعد، وبالطبع الكذب في البرلمان، الذي يعتبر جريمة حقيقية ضد ميثاق الشرف البرلماني.
وهكذا استندت الحياة العامة البريطانية برمتها إلى احترام هذه الخطوط والضمانات غير المرئية. لكن البريكسيت وبوريس جونسون، زعزعا الوضع والتقاليد. “لا شيء في الحياة العامة والمهنية لبوريس جونسون يوحي بأنه سيشعر بثقل ووخز ضميره”، هكذا انتقد مقال افتتاحي في الإيكونيميست مؤخرًا. بمعنى آخر، ما العمل عندما لا يريد “الرجل” الذي يحكم أن يلعب اللعبة ويفضل الوقاحة على النزاهة؟ بالنسبة لعديد المراقبين البريطانيين، تظهر فضيحة” بارتي غيت”، أن “القالب قد انكسر”، وأن النظام الديمقراطي البريطاني في خطر.
في بلدان أخرى، سيكون للمظاهرات الكبيرة أو الآلية الدستورية اليد العليا في المصير السياسي لرئيس الوزراء الذي يجد نفسه قيد التحقيق الجنائي. في بريطانيا، وحدها النزاهة والاستقامة يمكن أن تقود بوريس جونسون إلى الاستقالة، وإذا رفض أن يحسم بنفسه، فالأمر متروك لحزبه ليقرر مصيره.
«حمض ينخر الحزب»
هذه الآلية في طور التنفيذ. وفقًا لقوانين حزب المحافظين، يجب على ما لا يقل عن 15 بالمائة من أعضاء البرلمان المحافظين (54 اليوم) إرسال ما يسمى بخطاب سحب ثقة لبدء اقتراح بحجب الثقة في البرلمان. وتصل هذه الرسائل قطرة-قطرة منذ عدة أسابيع، لكنها تصل. وصرح بعض النواب بذلك علنًا، وأحيانًا على حسابهم على تويتر، مثل وزير الدفاع السابق توبياس إلوود، الذي يتم تداول اسمه كخليفة محتمل لجونسون، في حين يفضل آخرون التحفظ.
طريق التحدي، مهده عدد قليل من الشخصيات ذات الثقل الحزبي الذين سحبوا دعمهم من رئيس الوزراء ودعوه إلى الاستقالة. مثل أندرو ميتشل، وزير سابق في حكومة ديفيد كاميرون مسؤول عن التنمية الدولية، والنائب المحافظ منذ عام 1987، والذي يرى أن “تآكل ثقة الجمهور في حزبنا ورئيس وزرائنا يشكل أزمة وطنية. وما كان هذا ليحدث في عهد مارجريت تاتشر أو في عهد تيريزا ماي... هذه الفضائح حمض ينخر الحزب».
بالنسبة لنيك كوهين، لم يعد بوريس جونسون الموضوع الحقيقي: “لا يوجد شيء آخر يمكن معرفته أو قوله عن مثل هذا الشخص المغرور المعتوه والذي لن يتغير”. في الواقع، الأمر يتجاوز بوريس جونسون، إلى أن أول حزب سياسي في البلاد، وفي السلطة منذ اثني عشر عامًا، يلعب حاليًا صورته وبقاءه السياسي. “هل سيقاتل المحافظون أم سيسمحون لسقوط قائدهم أن يجرهم معه إلى الهاوية؟».
-- أول حزب سياسي في البلاد وفي السلطة منذ اثني عشر عامًا، يلعب حاليًا صورته وبقاءه السياسي
هل سيجرّ رئيس الوزراء حزب المحافظين معه في سقوطه؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه المحافظون البريطانيون على أنفسهم اليوم.«لن يستقيل، لأن هذا الرجل وقح”. مواجها بوريس جونسون في مجلس العموم يوم 31 يناير المنقضي، لم يذكر زعيم حزب العمال كير ستارمر حتى اسم رئيس الوزراء البريطاني، وقد تردد صدى كلماته في صمت غير عادي، وتابع: “سيتعين على المحافظين أن يطرحوا على أنفسهم سؤالاً: هل هم مستعدون للمخاطرة بسمعتهم وسمعة البلد على محرقة غروره، أم أنهم سيعفوننا من رئيس وزراء لا يليق بالمسؤوليات المنوطة بعهدته؟ هذا هو واجبهم... ويعود إليهم فقط وقف هذه المهزلة التي استمرت لفترة طويلة، وسيُحكم عليهم من خلال هذا القرار «.
أزمة ضمير
ماذا سيفعل المحافظون، “هذا هو السؤال الوحيد الذي يستحق الطرح”؟ يرى أستاذ العلوم السياسية نيك كوهين. “ليس كل المحافظين معتلين اجتماعيًا ومتملقين، يتحلى بعضهم بمبادئ أخلاقية قوية”، مضيفا: “كل سلطة مفسدة، ولكن سلطة جونسون تفسد كل من يدافع عنها».
يبدو أن هناك أزمة ضمير ضخمة استحوذت على 359 نائبًا محافظًا. ففي بلد لا يوجد فيه فصل بين الكنيسة والدولة، حيث تترأس إليزابيث الثانية أيضًا الكنيسة الأنغليكانية، وحيث تفرض المدارس العامة الصلاة على الطلاب، غالبًا ما تنتصب الأخلاق في السياسة في الساحة العامة.
وتكشف أزمة ضمير المحافظين في الواقع عن نهاية نظام اعتمد على الاستقامة والنزاهة في قمة الدولة.
لأنه في غياب دستور وقواعد مكتوبة، من خصائص الملكية البرلمانية البريطانية، ان الحياة السياسية تقوم على عقد أخلاقي قائم على ما يسمى في بريطانيا “نظرية الرجل الصالح للحكومة”، وبعبارة أخرى “نظرية الرجل الطيب “، باختصار، الاستقامة والصدق كمبدأين للحكم.
حتى وقت قريب، كان بإمكان البريطانيين الاعتماد على مسؤوليهم المنتخبين للانسحاب من الحياة العامة في حال تضارب المصالح، والفضائح الجنسية أو المالية، وعدم الامتثال واحترام القواعد، وبالطبع الكذب في البرلمان، الذي يعتبر جريمة حقيقية ضد ميثاق الشرف البرلماني.
وهكذا استندت الحياة العامة البريطانية برمتها إلى احترام هذه الخطوط والضمانات غير المرئية. لكن البريكسيت وبوريس جونسون، زعزعا الوضع والتقاليد. “لا شيء في الحياة العامة والمهنية لبوريس جونسون يوحي بأنه سيشعر بثقل ووخز ضميره”، هكذا انتقد مقال افتتاحي في الإيكونيميست مؤخرًا. بمعنى آخر، ما العمل عندما لا يريد “الرجل” الذي يحكم أن يلعب اللعبة ويفضل الوقاحة على النزاهة؟ بالنسبة لعديد المراقبين البريطانيين، تظهر فضيحة” بارتي غيت”، أن “القالب قد انكسر”، وأن النظام الديمقراطي البريطاني في خطر.
في بلدان أخرى، سيكون للمظاهرات الكبيرة أو الآلية الدستورية اليد العليا في المصير السياسي لرئيس الوزراء الذي يجد نفسه قيد التحقيق الجنائي. في بريطانيا، وحدها النزاهة والاستقامة يمكن أن تقود بوريس جونسون إلى الاستقالة، وإذا رفض أن يحسم بنفسه، فالأمر متروك لحزبه ليقرر مصيره.
«حمض ينخر الحزب»
هذه الآلية في طور التنفيذ. وفقًا لقوانين حزب المحافظين، يجب على ما لا يقل عن 15 بالمائة من أعضاء البرلمان المحافظين (54 اليوم) إرسال ما يسمى بخطاب سحب ثقة لبدء اقتراح بحجب الثقة في البرلمان. وتصل هذه الرسائل قطرة-قطرة منذ عدة أسابيع، لكنها تصل. وصرح بعض النواب بذلك علنًا، وأحيانًا على حسابهم على تويتر، مثل وزير الدفاع السابق توبياس إلوود، الذي يتم تداول اسمه كخليفة محتمل لجونسون، في حين يفضل آخرون التحفظ.
طريق التحدي، مهده عدد قليل من الشخصيات ذات الثقل الحزبي الذين سحبوا دعمهم من رئيس الوزراء ودعوه إلى الاستقالة. مثل أندرو ميتشل، وزير سابق في حكومة ديفيد كاميرون مسؤول عن التنمية الدولية، والنائب المحافظ منذ عام 1987، والذي يرى أن “تآكل ثقة الجمهور في حزبنا ورئيس وزرائنا يشكل أزمة وطنية. وما كان هذا ليحدث في عهد مارجريت تاتشر أو في عهد تيريزا ماي... هذه الفضائح حمض ينخر الحزب».
بالنسبة لنيك كوهين، لم يعد بوريس جونسون الموضوع الحقيقي: “لا يوجد شيء آخر يمكن معرفته أو قوله عن مثل هذا الشخص المغرور المعتوه والذي لن يتغير”. في الواقع، الأمر يتجاوز بوريس جونسون، إلى أن أول حزب سياسي في البلاد، وفي السلطة منذ اثني عشر عامًا، يلعب حاليًا صورته وبقاءه السياسي. “هل سيقاتل المحافظون أم سيسمحون لسقوط قائدهم أن يجرهم معه إلى الهاوية؟».