تركيا تفشل في تحقيق أهدافها من التقارب مع الدول الإقليمية
رأت المحللة كريستينا جوفانوفسكي أن تركيا فشلت في تحقيق أهدافها في العلاقات الإقليمية، بعدما واجهت محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتراجع عن سياساته الخارجية الشرسة، فتوراً في ظل الانحسار المستمر لشعبيته في الداخل. وكتبت جوفانوفسكي، في موقع "ذا ميديا لاين" الأمريكي والمتخصّص في أخبار الشرق الأوسط، أن أنقرة أبدت علنًا رغبتها في تحسين العلاقات مع إسرائيل، والسعودية، بينما من المقرر أن تكون هناك رحلة دبلوماسية في أوائل مايو (ايار) إلى مصر لنفس الهدف. ومع ذلك، كانت لدول المنطقة ردود فعل متباينة على مبادرات تركيا.
ردود فعل
أعلنت السعودية إغلاق ثمان مدارس حكومية تركية في المملكة، بعد يومين من إعلان كبير مساعدي أردوغان أنه يأمل إصلاح العلاقات مع الرياض. كما عانت أنقرة من إحراج مماثل في مارس (آذار)، عندما أعلنت استئناف المحادثات مع مصر، لكن تقريراً من وكالة الأنباء المصرية قلّل من أهمية الخطوة. ونقل الموقع عن أتيلا يسيلادا، الخبير الاقتصادي التركي البارز، قوله إن "دول المنطقة تشعر بالخوف والانزعاج من أردوغان، بالنسبة لها، فإن أردوغان ثوري خطير، يحب التدخل في شؤون الآخرين".
وبالنسبة لمصر، يكمن الخطر في جماعة الإخوان الإرهابية والصحافيين المصريين الذين هربوا إلى تركيا. ورغم أن أنقرة طلبت من الصحافيين التوقف عن التهجم على مصر، قال يسيلادا إن "أنقرة لم توقف عمل كبار الشخصيات في جماعة الإخوان المسلمين، وأن الدول العربية سئمت افتراض أن أنقرة ستحد من نفوذ الجماعة إذا تمّ التوصل إلى اتفاق".
ورجّح يسيلادا أن "ينتظر أردوغان موسم السياحة في الصيف، قبل أن يقرر إذا كان سيطرد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لكسب ود مصر".
تراجع شعبية اردوغان
وقد تكون الدول العربية الأخرى، مثل مصر، مصدراً مربحاً للاستثمار الأجنبي المباشر، وهو الأمر الذي يتكل عليه الاقتصاد التركي بقوة لتحقيق النمو، ووهو الذي يفتقر إليه حالياً.
ويدرك الرئيس التركي تماماً التأثير السياسي للاقتصاد بعدما أُلقي باللوم جزئياً على ضعف الموارد المالية للبلاد، في هزيمة حزبه في سباق رئاسة بلدية اسطنبول في 2019.
وأظهر استطلاع أجرته شركة الأبحاث التركية Metropoll انخفاض شعبية أردوغان بـ 5% تقريباً.
وقال يسيلادا: "هو يحتاج حقاً لشيء ما لاستعادة مكانته هذا العام. اضطراب اجتماعي، انتخابات مبكرة، انقسام في الحزب، أي شيء يمكن أن يحدث".
رأس المال
حالة الطوارئ كانت واضحة، عندما أعلن أردوغان إغلاق البلاد اعتباراً من الخميس حتى 17 مايو (أيار). ويزيد عدد الإصابات بكورونا المستجد يومياً في تركيا، ويُهدد باحداث تأثير كبير في السياحة، القطاع الحيوي من الاقتصاد.
كما أجبر الاقتصاد المتعثر تركيا على التحرك نحو علاقات دافئة مع الاتحاد الأوروبي، بعدما وصلت علاقات الطرفين إلى أدنى مستوياتها بسبب المنافسة مع اليونان على الحقوق البحرية في البحر المتوسط.
حصار وعزلة
وقال هوركان أصلي أكسوي، نائب رئيس مركز دراسات تركيا التطبيقية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية: "تعرف تركيا أنها تحتاج إلى تدفّق رأس المال، ولا يزال الاتحاد الأوروبي أكبر مستثمر في تركيا".
وظهرت حاجة أنقرة لتحسين العلاقات، بعد موافقة العديد من المنافسين الإقليميين لأنقرة، بما في ذلك مصر، واليونان، وإسرائيل، على التعاون في تصدير الغاز إلى أوروبا. ويعتقد العديد من المحللين أن تركيا شعرت بأنها محاصرة مع تفاقم عزلتها بسبب سياستها الخارجية العدوانية أحادية الجانب في سوريا، وليبيا، حيث أرسلت قوات أو دعمت تلك الموجودة في البلاد.
الصمت الاسرائيلي
وقال أكسوي إن مصر تبدو الأكثر انفتاحاً على تحسين العلاقات، فيما قوبلت محاولات الانفتاح على إسرائيل بالصمت.
وأضاف أن تركيا "كانت الدولة الوحيدة، ذات الأغلبية المسلمة، التي تتمتع بعلاقات جيدة مع إسرائيل، التي يحيط بها في الغالب أعداء، ما يجعل وجود قوة إقليمية إلى جانبها مفيداً". لكن هذا الواقع تغيّر، مع توقيع إسرائيل الاتفاق الإبراهيمي، واتهام أنقرة، في الوقت نفسه، بدعم حركة حماس الفلسطينية. وفي نهاية العام الماضي، قال أردوغان إنه يريد تحسين العلاقات مع تل أبيب، وعين سفيراً لدى إسرائيل بعد سحب كبير دبلوماسيي أنقرة في 2018. لكن أكسوي قال إن "وجود ميل يميني في السياسة الداخلية للبلدين، صعّب احتمال تحسين العلاقات"، مضيفاً "يمكننا أن نرى أن تركيا لم تعد عنصر جذب بالنسبة لإسرائيل".