تساؤلات إنسان

تساؤلات إنسان

دخل منزله مرهقاً وفي يده سلة فواكه، اجتمع حوله أبناؤه وبناته، ابتسم ابتسامة المجبور بالمجاملة، فعمله شاق، وضع السلة، حضن أبناءه، دخل الحمام (وإنتوا بكرامة) نظر إلى نافذة الحمَام، وجد حماماً وحمامة ومعهم أبناؤهم الصفاصيف وهم في هدوء تام، فتح الشفاط، فتأذوا منه وأثار حركتهم لقربهم إليه، أشعل الإنارة، أربك سكونهم، أغلق الإنارة وفتح صنبور الماء بشويش وهو ينظر إليهم كي لا يٌزعج سكونهم، وفي داخله صوت داخلي يقول: من أسكنهم بلا سكن وأطعمهم بلا طعام، وأراح بالهم دون عقول تفهم، حرارة الصيف وصقيع الشتاء بالنسبة لهم سواء، لا تهمهم حروب الدول ولا هموم ولا غموم ولا مجاعات ولا فقر ولا مال ولا غنى ولا مظاهر ولا ماركات ولا سيارات ولا حقد ولا حسد، ما يهمهم هو الاجتماع في العشة بسكون، سأل نفسه من أصحاب العقول! الحمام أم بنو الإنسان !، سأل نفسه لو الإنسان عايش مع إنسان في نفس العشة، لرفسه رفسة أسقطته من أعلى الشباك، ونام بغطاء لا يشاركه فيه أحد، لأكل حبَ الطعام وملأ كرشه، واشتكى الجوع، سمع صوتاً ينادي خارج الحمَام بابا، أقفل صنبور الماء ، حمل طفله وأخذ يلعب معه إلى أن نام الطفل، فلما سكن البيت، رجع إلى جيرانه الحمام وأخذ يكلمهم: ألا أجد مكاناً معكم فأرتاح البال وأسامركم وتعلموني لغتكم، لم يسمع أي رد، خرج من الحمَام وذهب إلى صالة البيت، رأى سلة الفواكه أخذ برتقالة وراح يقشرها عند باب المنزل الخارجي وجد قطاً وقطة يلاحقان بعضهما بسرعة البرق ويصرخان وكأن بينهما ثأر، وترى في عينيهما يتطاير الشرر، سأل نفسه ما الذي يجعل بين الهر والهر خلافاً كهذا ، لا أرصدة أموال ولا عمل ولا ميراث ولا رخاء اقتصادي، كلها كيس قمامة، هل أكل السمك المتبقي في كيس القمامة قبل صاحبه، هل اتفقا على أن كل يوم يأكل الطعام هر معين وهذا اليوم خالف أحدهما الخطة فبدأت المعركة، انتهى من أكل البرتقالة، دخل المطبخ وجد أجنحة دجاج متبقية من الغداء، أخذهما اقترب من معركة الهرر رمى لهما الجناحين بطريقة متباعدة كل واحد منهم اتجه إلى جناح ليأكله، انطفأ شرر العين ، خفت الصوت ، انتهى الخلاف...
ذهب إلى غرفته لينام، تمدد على سريره، سأل نفسه بصوته الداخلي:
لست وحدك، مازال في الحياة طعم.
فقط تذوق الحياة بعين القلب لا بعين العادة.
استيقظ من نومه خرج من بيته، سمع صوت زقزقة العصافير ،خرج ليبحث عن الإنسان الذي بداخله، دمتم بخير.