أطراف المشهد السياسي تحاول تجاوز تداعيات انسحاب سعد الحريري
تساؤلات واسعة.. لبنان يترقب الانتخابات بواقع مأزوم
تحاول أطراف المشهد السياسي في لبنان، تجاوز تداعيات انسحاب رئيس الوزراء اللبناني الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري من الانتخابات النيابية في لبنان، والتي بقي على إجرائها 97 يوماً، وهو القرار الذي أثر على الكتلة السنية في لبنان بشكل كبير، وفتح الباب أمام تساؤلات واسعة أمام شكل تحالفات الانتخابات المقبلة. وسلطت صحف عربية صادرة أمس الاثنين، الضوء على الحراك الذي تقوده جهات عدة لمحاولة الوصول لأفضل السيناريوهات أو أقلها ضرراً، في ظل واقع سياسي واقتصادي معقد يعيشه لبنان.
خيارات بديلة
وقالت صحيفة “العرب” إن “تيار المستقبل يناقش الخيارات البديلة في حال استمر رئيس الحزب المنسحب من الحياة السياسية سعد الحريري التمسك بموقفه، فيما تسعى أطراف سياسية عدة إلى استقطاب أصوات المكون السني الأكثري في الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مايو -أيار القادم كحزبي القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه جبران باسيل صهر الرئيس اللبناني ميشال عون».
وأضافت “في غياب زعيم سياسي سني، وهو أمر يضعف مكوناً أساسياً داخل المعادلة السياسية اللبنانية، يسعى بهاء الحريري شقيق سعد الحريري الأكبر، إلى طرح نفسه بديلا عن شقيقه لقيادة ما يعرف بالحريرية السياسية في لبنان». وأشارت إلى أن الفراغ القيادي السني في لبنان سيستمر لفترة طويلة، حيث أنه لا يبدو أن هناك مترشحاً جدياً قادراً على خلافة الحريري، مضيفة أن “سعد الحريري لن يتراجع عن قرار انسحابه من الحياة السياسية، وبالتالي فإن أصوات المكون السني تشغل بال عدد من الأحزاب السياسية التي تريد الاستفادة منها لتدعيم قاعدتها الشعبية والبرلمانية». وقالت الصحيفة: “ستؤثر مقاطعة الحريري وتيار المستقبل الذي يتبعه على العشرين مقعدا التي حصل عليها في انتخابات 2018، والعديد من المقاعد التي فازت بها جماعات أخرى لها تحالفات محلية مع تيار المستقبل، ويبدو أنصار تيار المستقبل وداعموه أقرب لمنح أصواتهم لحزب القوات اللبنانية على حساب التيار الوطني الحر».
تطورات متلاحقة
وفي السياق، قالت صحيفة “الرأي” الكويتية، إن “الانتخابات النيابية التي لم يَعُدْ يفصل البلاد عنها إلا 97 يوماً تتقدّم تباعاً إلى صدارة المشهد الداخلي وسط انطباعات بأن صناديق الاقتراع صارت تتحكّم بمسار الإنقاذ.
وأضافت “تكتسب ذكرى زلزال 14 فبراير -شباط 2005 “ذكرى اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري” أهمية خاصة هذه السنة، باعتبار أنها تأتي على وهج الانسحاب المزلزل الذي أعلنه الرئيس الأسبق للحكومة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري من العمل السياسي، ولو تحت مسمى التعليق».
وأشارت إلى أن هذه الخطوة التي تحوّلت تداعياتها “بقعة زيت” تتمدّد في أكثر من اتجاه، بدءاً من البيت السني الذي وجد نفسه مضطراً لإيجاد صيغة لإدارة الفراغ الذي تركه انكفاء الزعيم الأقوى لهذا المكوّن على أبواب انتخابات مفصلية. وقالت: “ما كاد الحريري يعلن انكفاءه حتى شخصت الأنظار على السنيورة، وبدأ الجو الاعلامي والسياسي يتعامل مع السنيورة حُكْماً كخيارٍ واقعي، في ضوء تجاوب النائبة بهية الحريري مع رغبة ابن شقيقها بعدم دخول العائلة في السباق الانتخابي». ولفتت إلى أن السنيورة بدأ أولى خطواته العملية بأمرين، اولاً التوجه نحو خيار منطقي أكثر فاعلية، وهو خيار إدارة الأزمة السنية وليس تزعُّمها، حيث بدأ معالجة أول ملف سياسي داخلي، الذي يتمثل في التوتر بين “القوات” و”المستقبل».
الإطاحة بالانتخابات
بدوره قال الكاتب صحيفة “النهار” اللبنانية نبيل بومنصف، إن “التيار الوطني الحر هو أكثر من يمكن تصنيفه بين الأفرقاء السياسيين صاحب مصلحة في إرجاء الانتخابات لدوافع عديدة، أبرزها إطلاقاً تراجع زخمه الشعبي وشعبيته إلى درجات خطيرة للمرة الأولى منذ أسس العماد ميشال عون هذا التيار».
وأضافت “تراجع التيار العوني ليس أمراً مفاجئاً أو طارئاً، فكل الاستطلاعات تدل إلى ذلك بفعل الانهيار الذي حصل في عهد عون أولاً، وبسبب سياسات الإنكار التي يتبعها عون في رمي تبعات الانهيار على كل الأفرقاء الآخرين إلا نفسه وفريقه». وتابعت “في حال التأجيل ثمة أفرقاء يستفيدون حكماً، إما لإنجاز ترتيباتهم الداخلية أو إعادة التموضع بعد هذه الترتيبات، ومن أبرزهم تيار المستقبل وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، إذ يحافظون على أحجامهم النيابية الحالية ولا يتعرضون لاهتزازات خطيرة في تمثيلهم، ولكن ثمة فئة ثالثة ستكون في موقع الخاسر وهي “القوات اللبنانية” والأحزاب المعارضة للسلطة والجماعات المنبثقة من ثورة 2019، وهذه الأحزاب والمجموعات تشكل مبدئياً النواة الصلبة لمعارضة برلمانية يفترض أن تعيد بعضاً من التوازن إلى الاختلال الهائل الذي يتحكم بالواقع اللبناني».
انتخابات دون تغيير
وقال الكاتب في صحيفة “الجمهورية” اللبنانية نبيل هيثم، إنه “من السذاجة الاعتقاد بأنّ تغيير الواقع السياسي والنيابي الحالي مُمكن عبر قانون انتخابي وصف من اللحظة التي أقرّ فيها في العام 2017، بأنّه القانون المسخ والأسوأ في تاريخ القوانين التي حكمت لعبة الانتخابات منذ نشوء لبنان، ولا يمكن له بالتالي، بخلطته اللامنطقية، وصوته التفضيلي العجيب الغريب، ونسبيّته الهزيلة غير المسبوقة في أي دولة في العالم، أن يؤدّي ولو إلى تغيير طفيف».
وأضاف “ليس في هذا الكلام افتراء على القانون الانتخابي الحالي، أو حسم وهمي ومسبق ومتسرّع لنتائج انتخابات 15 أيّار، أو نعيٌ مسبق لوعود التغيير التي دأبت قوى سياسية على دحرجتها على رؤوس اللبنانيين منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول)، ووعدتهم بأنّ شمس التغيير ستسطع في ربيع الـ2022، بل انّ الجواب اليقيني والواقعي والموضوعي والعقلاني مُصاغ سلفاً بأنّ نور الشمس الموعودة لن يبزغ ابدا من رحم قانون انتخابي متخلّف».
وتابع “قمة السذاجة هنا، لا بل قمة الغباء افتراض انّ المكوّنات السياسيّة في البلد غافلة عن هذه الحقيقة، التي تؤكّدها استطلاعات هذه المكونات للأرض الانتخابية، وكذلك تؤكدها خلاصات مراكز الدراسات والاحصاءات المحلية والخارجية التي التقت جميعها على أن لا تبدّل يذكر في الخريطة النيابية التي ستفرزها انتخابات مايو (أيار)، عن الخريطة القائمة حالياً، ما يعني بقاء القديم على قدمه». وقال الكاتب: “الحلبة الانتخابية دخلت في لعبة اتهامات متبادلة بتعطيل الانتخابات، ومن دون ان يثبت أي طرف اتهاماته للطرف الآخر بوقائع وأدلة ملموسة، وهو الأمر الذي اثار علامات استفهام حول مصير الانتخابات وتشكيك في إمكان إجرائها».