محمد بن راشد: التنمية هي مفتاح الاستقرار .. والاقتصاد أهم سياسة
تنافس أوروبي-روسي في جنوب القوقاز؟
أضاء وزير الخارجية التركي الأسبق يشار ياكيش على التطورات السريعة التي شهدتها منطقة جنوب القوقاز خلال الأسابيع الماضية حيث يمكن أن تشكل المنطقة نقطة احتكاك جديدة بين الغرب وروسيا. واستهل ياكيش مقاله في صحيفة “أراب نيوز” السعودية بالإشارة إلى الدعوة التي وجهها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إلى الرئيس الأذري إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان لعقد اجتماع على هامش جدول أعمال قمة الشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبي. واستضافت بروكسل تلك القمة الأسبوع الماضي.كان من المفترض أن تعقد قمة ثلاثية بين علييف وباشينيان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، الذكرى الأولى لوقف إطلاق نار الحرب في ناغورنو كراباخ. لكن القمة لم تنعقد. على طريق الاستعدادات لاجتماع بروكسل، دعا بوتين في 26 نوفمبر، وعلى عجل، الزعيمين الأرميني والأذري إلى عقد قمة ثلاثية في سوتشي من أجل الحفاظ على تأثيره في المسألة الأذرية-الأرمينية.
لم يكن متوقعاً أن يتمكن اجتماع بروكسل من حل جميع القضايا العالقة. لكنه حقق بعض التقدم الملموس حيث شكل إعلان علييف وباشينيان التزاماتهما بحل الخلاف الثنائي واحداً من أهم النتائج. وتم تحقيق إنجاز مهم آخر هو تأسيس خط اتصال مباشر بين وزارتي الدفاع الأذرية والأرمينية بتسهيل من بارنييه. لكن التأكد من النتائج متروك للمستقبل. النتيجة الثالثة هي اتفاق حول القضية الصعبة بإعادة تفعيل البنية التحتية للنقل التي خرجت عن الخدمة طوال عقود في منطقة القوقاز والمعروفة باسم ممر زانغازور الذي ربط سابقاً بين جمهوريتي أذربيجان وأرمينيا السوفياتيتين.
يشير الكاتب إلى أن بوتين حاول إقناع باشينيان بإعادة تفعيل ممر النقل من دون أن ينجح بذلك. لكن الاتحاد الأوروبي بدا أكثر نجاحاً. ربما قدم الأخير إغراءات أكثر جاذبية لتشجيع الزعيم الأرميني على الموافقة. يملك الاتحاد الأوروبي أصولاً ضخمة مخصصة للترويج لصالح الشراكة الشرقية. لقد سبق أن تم تخصيص أكثر من 2.6 مليار دولار لخطة استثمارية اقتصادية إقليمية، لكن يقدر أن تجمع خطة أخرى طويلة المدى قرابة 20 مليار دولار لاستثمارات عامة وخاصة.
سيتم تقسيم هذه الأموال بين ست دول سوفياتية سابقة: أرمينيا، أذربيجان، بيلاروسيا، جورجيا، مولدوفا، وأوكرانيا. لكن أرمينيا قد تحصل على حصة أكبر بشكل غير متناسق لأسباب عدة، من بينها خسارتها الحرب وحاجتها لإعادة الإعمار، وتمتعها بشتات قوي في أوروبا، وتسجيل دخلها الفردي الرقم الأدنى بين دول الشراكة الشرقية.
إن أذربيجان دولة ثرية نفطياً لكن ما تحتاج إليه هو المزيد من الدعم الإداري. في الواقع، هي تطوعت لتغطية كلفة إعادة تفعيل خط سكك زانغازور، وهو مشروع يحدّث الشبكة الموجودة أساساً. السبب الذي يدفع أذربيجان إلى تحمل هذا العبء المالي هو أن المشروع سيربطها بواحدة من مقاطعاتها. وعد الاتحاد الأوروبي بإرسال مهمة خبراء لدعم ترسيم الحدود في المناطق المتنازع عليها بين أذربيجان وأرمينيا. لكن روسيا لن تحب أن تتعرض للتهميش في هذه المسألة المهمة، لأن الحدود المتنازع عليها هي في منطقة تعتبرها موسكو فناءها الخلفي بينما يضم الأرشيف الروسي معلومات أساسية أكثر بشأن هذا الموضوع.
انعكاس على ملف مرتبط
إن تخفيف التوتر في العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا أثر على العلاقات التركية-الأرمينية أيضاً. أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن البلدين وافقا على استئناف الرحلات الجوية التجارية التي تم تعليقها لعقود. في 2009، فشلت محاولة فتح المعبر الحدودي بين الدولتين بسبب معارضة أذربيجان. قال جاويش أوغلو إن كل خطوة سيتم اتخاذها هذه المرة بالتشاور مع أذربيجان لتفادي أي اعتراض. وعينت تركيا الموفد التركي السابق إلى واشنطن سيردار تورغوت للإشراف على المفاوضات. وأعلنت أرمينيا أيضاً أنها ستعين منسقاً.
فرص أخرى
أضاف ياكيش أن الاتفاق حول إعادة تأهيل بنية النقل التحتية سيساعد تركيا بالحصول على إمكانية وصول مباشر إلى أذربيجان. لقد كان لديها وصول مباشر إلى إقليم ناخيتشيفان لكن ليس إلى البر الأذري الأساسي. سيصبح خط سكك الحديد، إذا أعيد تأهيله، واحداً من محاور مبادرة الحزام والطريق وسيربط تركيا بجمهوريات آسيا الوسطى التركية. قد تؤدي هذه البداية المتحفظة إلى مرحلة لاحقة من فتح الحدود بين تركيا وأرمينيا بما يحيي الاقتصاد المحلي وبفتح الباب أمام فرص أخرى في المستقبل.
خطران
يعتقد ياكيش أن الاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي يواجه خطرين: الأول أنه قد يقع ضحية التنافس بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، حيث يحاول بوتين وبارنييه أن يكونا وسيطه الأساسي. وقد يكون التنافس الآخر أكثر حساسية، لأنه واقع بين باشينيان والرئيس الأرميني أرمين ساركيسيان. يريد كلاهما أن يكون اللاعب الأساسي وهنالك اختلافات دقيقة بين مقاربتيهما. لذلك قد تسقط تهدئة التوتر بين أذربيجان وأرمينيا أيضاً ضحية تنافس داخلي في أرمينيا نفسها وفقاً لياكيش.