يقدم أداء متطوراً في مجالات البرمجة والرياضيات والكتابة والصحة والإدراك البصري وغيرها

"جي بي تي 5" نسخة حديثة تعيد ترتيب المفهوم التكنولوجي العصري

نعيش اليوم في عصر الوعود الرقمية التي يطلقها آباء الذكاء الاصطناعي، وعود ليست كأي وعود سمعناها في السابق، فهذا سام ألتمان يقول لنا إننا سنتمكن من تحقيق أهدافنا، بل وتحقيق ما لم يحققه أي إنسان عبر التاريخ، من خلال التطورات التي تزودنا بها شركته "أوبن أي آي"، وآخرها النسخة الأحدث من نموذج الذكاء الاصطناعي "جي بي تي 5".
لتبدو وكأنها دعوة للتحليق في أبعاد الطموح والدخول في عصر لم يسبق له مثيل عبر تاريخ البشرية ككل.

النموذج الأذكى
يعد "جي بي تي 5" الترقية الرئيسة لـ"جي بي تي 4"، وتصفه الشركة بالنموذج الأذكى والأسرع والأكثر فائدة حتى الآن، 
المزود بالتفكير المدمج الذي يوفر للمستخدمين ذكاء على مستوى الخبراء، الذي سيشكل قوة عظمى هائلة متاحة عند الطلب لم يكن من الممكن تخيلها خلال أي وقت سابق عبر التاريخ. ويمثل نقلة نوعية مقارنة بجميع النماذج السابقة، ويقدم أداء متطوراً في مجالات البرمجة والرياضيات والكتابة والصحة والإدراك البصري وغيرها.
تعدنا الشركة من خلال نموذجها الأحدث بالوصول إلى فريق خبراء من حملة شهادات دكتوراه ليساعدونا في أي شيء نريد القيام به، وبأنه سنتمكن قريباً جداً من إنجاز أكثر مما استطاع أي شخص في التاريخ إنجازه.

النظام الموحد
الأمر الأكثر وضوحاً كان القفزة المذهلة في السرعة التي حققتها النسخة الجديدة من "شات جي بي تي"، فمثلاً استطاع النموذج توليد أكثر من 400 سطر برمجي في أقل من دقيقتين لبناء محاكاة كاملة لتأثير ظاهرة برنولي (مبدأ في علم الفيزياء يصف العلاقة بين سرعة الموائع وضغطها)، نحن نتحدث هنا عن نموذج محدث بنسبة سرعة قد تصل إلى ضعف سرعة سابقتها وقد تتجاوز الضعف أحياناً.
والسر في السرعة يعود إلى النظام الموحد الذي يعطي هذه النسخة القدرة على اختيار النموذج الأفضل بناءً على نوع المحادثة التي تجريها معه والكلام ومحتوى السؤال المطروح، 
مما يحافظ على الطاقة ويحقق أعلى سرعة. فالنموذج يعرف بنفسه متى يستجيب بسرعة ومتى يفكر لفترة أطول لتقديم الإجابة الأنسب بمستوى خبير، فإذا طرحت عليه مثلاً سؤالاً لا يتطلب درجة تفكير عالية سيقوم باختيار نموذج خفيف والعكس صحيح، في حين كان يتطلب سابقاً من المستخدم تحديد النموذج بنفسه، وكان هذا الأمر يربك المستخدمين العاديين، فالأمر يحتاج لمهارة وبخاصة في تحديد النموذج المناسب.

فهم ضمني
إضافة إلى أنه من خلال استخدام النموذج الجديد سيحصل المستخدم على نتيجة أفضل بكثير من سابقيه، ومن خلال تجربة الاستخدام يبدو "جي بي تي 5" كما لو أن لديه حدساً عالياً فهو يستطيع أن يخرج ما وراء السؤال ليجيبك بذكاء مبهر، حتى لو لم يستطع المستخدم التعبير عن السؤال بالطريقة المثلى أو وضع تفاصيل إضافية تسهل على النموذج الإجابة، إذ يجمع هذا النموذج بصورة فعالة كل القدرات المختلفة للنماذج المتخصصة السابقة في نموذج عام واحد.

تحسينات متفرقة
وزود النموذج بتحسينات على رغم بساطتها فإنها ستحدث فارقاً واضحاً في النتائج، مثل توليد صوت يبدو أكثر واقعية وطبيعية والقدرة على تحليل الصور بدقة أكبر، إضافة إلى النجاح في تحويله إلى مساعد شخصي أعلى فاعلية من خلال تحقيق التكامل مع أدوات "غوغل"، مثل "جي مايل" وتقويم "غوغل".
أما في ما يتعلق بتوليد مقاطع الفيديو، ما زلنا في حاجة إلى الاعتماد على "سورا" sora، 
وهي أداة متخصصة منفصلة توفرها "أوبن أي آي" لإنشاء مشاهد فيديو واقعية وتخيلية بالاعتماد على التعليمات النصية،
 في حين يظهر النموذج قدرة عالية على فهم الفيديو الذي تزوده به وتحليله بدقة وتقديم مراجعة تبعاً لمحتوى الفيديو، ولهذه القدرة فوائد لا يمكن إحصاؤها على مستوى التعليم والتدريب العملي.

نظام التوجيه الفوري
لكن ما حدث، وإن كانت الصعوبات متوقعة، خفض من زخم الإطلاق، 
لم يعمل نظام التوجيه الفوري (الذي يحدد اختيار النموذج الأنسب لكل طلب تبعاً للحالة) بالصورة الصحيحة عند إطلاق النموذج، 
مما جعله يبدو أقل ذكاء وأكثر تعقيداً. لكن الرئيس التنفيذي لـ"أوبن أي آي" سام ألتمان أكد خلال جلسة أسئلة على منصة "ريديت"، 
إصلاح الخلل خلال اليوم التالي وتحسين آلية اختيار النموذج وجعلها أكثر شفافية.
والحقيقة أن ألتمان واكب بصورة يومية عمليات التعديل المطلوبة من قبل المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، 
وصولاً إلى إعادة النماذج القديمة، بما في ذلك نموذج "جي بي تي 4"،
 بناءً على طلب المستخدمين.
 وشهدت القرارات الجديدة وعلى رأسها إلغاء النماذج القديمة موجة غضب، اضطرت بعدها الشركة لرفع حدود الاستخدام للمشتركين في الخدمات المدفوعة على أمل إرضاء المستخدمين وتهدئة موجة الغضب.

الهدف الأساس
يحاول المتخصصون والمهتمون في مجال الذكاء الاصطناعي مع كل تطور جديد تحسس الطريق نحو الذكاء الاصطناعي العام AGI، 
الذي يمكننا القول إنه الهدف الأساس والنهائي لمعظم الجهود التي تسخر اليوم.
والذكاء الاصطناعي العام هو أن يكون النظام قادراً على فهم واستيعاب أية مهمة فكرية، 
جامعاً مجموعة من المزايا التي يتخصص بها الإنسان في العادة أهمها التفكير المرن والتفكير المنطقي، وصولاً إلى أداء مهام تخصصية بكفاءة أعلى من البشر أنفسهم.
ولكن مع كل هذه القدرات المبهرة نستطيع القول إن "جي بي تي 5"، 
لا يشكل أكثر من خطوة صغيرة في طريق الألف ميل للوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام، 
في حين وصفها الرئيس التنفيذي للشركة بالخطوة المهمة في الطريق إلى الذكاء الاصطناعي العام.