زعيمة اليمين المتطرف الإيطالي:

جيورجيا ميلوني تهدد حليفها « ومنافسها» سالفيني...!

جيورجيا ميلوني تهدد حليفها « ومنافسها» سالفيني...!

-- يعتبر ستيف بانون، أحد مهندسي فوز ترامب عام 2016، أنها تجسد «الوجه العقلاني للشعبوية اليمينية»
-- تعتمد استراتيجية متقنة لتجعل من نفسها شخصية أكثر قبولًا
-- في السنوات الأخيرة، عملت جيورجيا ميلوني أيضًا على بناء صورتها في الخارج
-- تدعي أنها تستلهم من ديغول رؤيته لأوروبا الدول، وتعتبر ريغان مرجعا للفكر المحافظ
-- يرى الإيطاليون أنفسهم فيها لأنها تجسد جزءًا من هويتهم، ويجدونها رصينة وبسيطة وأصيلة


   شخصية صاعدة من اليمين المتطرف الإيطالي، تزحف ابنة روما جيورجيا ميلوني، (زعيمة حزب فراتلي دي إيطاليا) في استطلاعات الرأي، وتهدد حليفها (ومنافسها) ماتيو سالفيني.
   في الظاهر، كل شيء على ما يرام. قبل أسبوعين، تمنى ماتيو سالفيني عيد أم سعيدًا للشخصية الصاعدة في أقصى اليمين الإيطالي، جيورجيا ميلوني. “سنعطي إيطاليا قريباً الحكومة التي تستحقها، أجابت ابنة روما البالغة من العمر 44 عاماً، مع كل الاحترام لأولئك الذين يريدون تقسيمنا”.

 وفي الأشهر الأخيرة، كان التنافس بين وزير الداخلية السابق، ورئيسة حزب فراتلي دي إيطاليا صارخًا، حيث استحوذت جيورجيا ميلوني على نقاط في استطلاعات الرأي.
   وفقًا لاستطلاع SWG لقناة السابعة التلفزيونية، نُشر في 17 مايو، فإن حزبها بات ثاني أكبر قوة في البلاد، خلف رابطة ماتيو سالفيني. في رصيده 19 فاصل 5 بالمائة من نوايا التصويت، مقابل 21 بالمائة لحزب الوزير السابق. وتراجع الحزب الديمقراطي إلى المرتبة الثالثة (19 فاصل 2 بالمائة). وأظهر استطلاع آخر أجراه معهد EMG في 13 مايو أيضًا صعود فراتلي دي إيطاليا إلى المرتبة الثانية في القوى السياسية المحلية، وهو نجاح كبير لجورجيا ميلوني، مرادفًا لمخاوف ماتيو سالفيني.

صعود سريع على
 الساحة الإيطالية
   ولدت جيورجيا ميلوني عام 1977 في روما، ودخلت السياسة في سن 15 عامًا بالانضمام إلى الحركة الاجتماعية الإيطالية، وهي حزب يُعتبر وريث حزب بينيتو موسوليني الحزب الفاشي القومي، ثم انضمت إلى التحالف الوطني الذي خلفه. كان صعودها صاروخيا: تم انتخابها عضوًا في البرلمان عن لاتسيو (منطقة روما) في سن 29 عامًا فقط عام 2006، بل أكثر من ذلك، أصبحت أصغر نائبة لرئيس مجلس النواب في تاريخ البلاد. بعد ذلك بعامين، عام 2008، دخلت حكومة سيلفيو برلسكوني، الذي عينها وزيرة للشباب، وهو المنصب الذي شغلته طيلة ثلاث سنوات.

   انتهى التقارب مع يمين برلسكوني عندما أسست جيورجيا ميلوني فراتلي دي إيطاليا (إخوان إيطاليا) عام 2014. وحتى اليوم، فإن الحزب يرسم على شعاره الشعلة الخضراء -البيضاء -الحمراء لفاشيي الحركة الاجتماعية الإيطالية. وتحت ألوانه الجديدة، قدمت نفسها للأوروبيين عام 2014، ثم للانتخابات البلدية في روما عام 2016، ولكن دون جدوى. الا ان جيورجيا ميلوني تصنع اسمًا وصورة تدريجيًا: صورة امرأة لديها أفكار يمينية للغاية ولكنها حريصة على عدم الوقوع في المغالاة.

   «أنا جيورجيا، أنا امرأة، أنا أم، أنا إيطالية، أنا مسيحية”، صرحت ببساطة في خطاب انتشر في أكتوبر 2019. تم تحويل هذا الخطاب وإعادة مزجه من طرف “دي جي” على خلفية موسيقى الالكترو، جمعت كلماته 11 مليون مشاهدة على يوتيوب وأصبحت نشيدًا لمتابعيها. وتحت هذا العنوان أيضًا -أنا جيورجيا، باللغة الإيطالية -نشرت ميلوني سيرتها الذاتية في مارس الماضي، والتي لا تزال تتصدر الكتب السياسية الأكثر مبيعًا في أمازون على الجانب الآخر من جبال الألب.

«يرى الإيطاليون أنفسهم فيها لأنها تجسد جزءً من هويتنا، ونجدها رصينة وبسيطة وأصيلة وهذا يسرّ”، يشرح كاتب الراي والسيناتور السابق باولو جوزانتي، نقلاً عن ماريان. من حيث الأفكار، جيورجيا ميلوني ليست أقل تطرفا: مناهضة للهجرة، استنكرت أسلمة أوروبا، وقالت إنها تؤيد فرض حصار في البحر على سفن المنظمات غير الحكومية التي تنقذ المهاجرين، كما تعارض زواج المثليين والتبني والإجهاض. في المقابل، خففت موقفها من الاتحاد الأوروبي واليورو: “هناك مجموعة لا حصر لها من المواقف المحتملة بين قرار مغادرة الاتحاد والخضوع التام للمصالح الفرنسية والألمانية”، تؤكد التي تدعي أنها تستلهم الكثير من ديغول (رؤيته لأوروبا الدول) ، وريغان (“مرجع للفكر المحافظ»).

الظهور دوليًا في
 السنوات الأخيرة
   في السنوات الأخيرة، عملت جيورجيا ميلوني أيضًا على بناء صورتها في الخارج. عام 2019، شاركت في المؤتمر الكبير للمحافظين الأمريكيين، بعد عام من مشاركة الفرنسية ماريون مارشال، التي غالبًا ما تُقارن بها. في العام الذي تلى، تمت دعوتها أيضًا إلى إفطار الصلاة الوطني في واشنطن، وهو حدث شارك فيه دونالد ترامب. وعام 2020 ايضا، تذكر صحيفة تايمز اسمها في قائمة النجوم الصاعدة لتلك السنة. كما تظهر مع فيكتور أوربان، رئيس الوزراء المجري، كلما اتيحت الفرصة. ويعتبر ستيف بانون، أحد مهندسي فوز دونالد ترامب عام 2016، أنها تجسد “الوجه العقلاني للشعبوية اليمينية».

   تسارع صعود ابنة روما مع الأزمة الصحية، خاصة منذ أن شكّل رئيس الحكومة ماريو دراجي، في أوائل فبراير، أغلبية تمتد من الحزب الديمقراطي إلى رابطة ماتيو سالفيني، مرورا بحركة 5 نجوم. الآن ميلوني وحدها، أو يكاد، تجسد وجه المعارضة: “نحن لسنا في معارضة من أجل مكسب سياسي ولكن عن قناعة”، صرح فيديريكو موليكون، السيناتور عن فراتلي دي إيطاليا، لبوليتيكو. و”إذا كان ثلث الإيطاليين يؤيدون بشدة دراجي، فإننا نعطي صوتًا لغالبية الإيطاليين الذين لديهم مخاوف.»

   في مواجهة القيود الصحية، استحوذت جيورجيا ميلوني على الناخبين الجنوبيين في البلاد، ولكن ليس هذا فقط. في مواجهة ماتيو سالفيني، المقيّد بحكم موقعه في الأغلبية، تستفيد رئيسة فراتلي دي إيطاليا أيضًا من نقل الأصوات من الرابطة. منذ أكثر من عام بقليل، كان حزبها لا يتجاوز نسبة 10بالمائة من نوايا التصويت، بينما كان حزب سالفيني يفوق 30 بالمائة. والآن يقف الحليفان -والخصمان -جنبًا إلى جنب ويمكن أن تحلم ميلوني بعكس توازن القوى في الانتخابات العامة المقبلة.

   «إنها واحدة من اولئك الأشخاص الذين لا يتمتعون بذكاء خاص، ولكنهم يعرفون كيف يغتنمون الفرص واللحظات وقلب الطاولة لوضع خصومهم في مأزق”، يرى أنتيمو لويجي فارو، أستاذ علم الاجتماع والعلوم السياسية في جامعة روما لا سابينزا، نقلا عن ماريان. ويذكّر بان صعودها يتوازى أيضًا مع تغيير في الأسلوب والمظهر، “إنها تعطي لنفسها مظهرًا مقبولًا أكثر، وكل هذا جزء من استراتيجية متقنة”. وإذا ما نجحت في الوصول إلى السلطة، فستصبح جيورجيا ميلوني، أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة الإيطالية.
------------------------------