حكومة لبنان.. خطوة إلى الأمام خطوتان لـ «الميليشيات»
تعيش الأزمة اللبنانية على ضفاف التوترات الإقليمية، اقتصاد منهار وسلاح ميليشيوي متفلت ينقل المآسي داخلياً وخارجياً، ويمنع تشكيل حكومة اختصاصيين، وفوق المآسي عهد رئاسي يصفه السياسيون بالأفشل في تاريخ هذا البلد الذي كان يوصف يوماً بسويسرا الشرق.
الطبقة السياسية تأخرت بتشكيل الحكومة منذ الرابع من أغسطس (آب) العام الماضي بعد وقوع انفجار مرفأ بيروت بمادة “نيترات الأمونيوم”، الذي قتل 200 شخص ودمر آلاف المنازل وأدى لنحو 7 آلاف جريح ومعوق. بالنسبة لملف تشكيل الحكومة، ترى أوساط سياسية أن المبادرات التي تحركت منذ وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت وحتى اليوم، فشلت كلها، والأسباب عديدة ولكن أبرزها إقليمي. حيث لا تزال مفاوضات فيينا بين المجتمع الدولي وإيران هي الحدث الأهم الذي تقاس عليه بقية التطوّرات السياسية والأمنية في لبنان، رغم أن لبنان لم يعد هما أولاً لدى المجتمع الدولي، إلا إيران وعبر “الحرس الثوري” التي تستعمله كورقة يمكن تحريكها والتهديد بها كلما سدت الأبواب في المحادثات.
أمام الوضع الإقليمي المعقد، برزت مبادرة جديدة لتأليف الحكومة، ولكنها مبادرة من أطراف لا يمكن أن تعد الأقوى في الداخل اللبناني، حيث ينتظر كثر “توجيهات” ميليشيات حزب الله، لتشكيل حكومة من جديد، أو الانتظار لوقت أطول بحثاً عن ضغوط خارجية ترتبط بتوافق أمريكي إيراني يغير معادلات عدة في المنطقة. وقبل أيام جاء كلام زعيم الميليشيات حسن نصر الله في الملفّ الحكومي ليرسم صورة للهيكلية السياسية للنظام اللبناني، مشيراً إلى دوره الرئيسي بتقرير كل شيء حيث لديه القدرة على تحريك الأمور خطوتين إلى الوراء كلما تقدم بعض السياسيين بمفاوضاتهم لتشكيل الحكومة.
رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وصل بيروت مستطلعاً آفاق حل، عبر نقاش اقتراح جديد تقدم به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والحل إعطاء بري حق تسمية وزيرين مسيحيين يوافق عليهما من جهة الرئيس ميشال عون ومن خلفه حزب الله، ومن جهة أخرى الحريري.
الخطوة المتقدمة للتشكيل وجدت موافقة أيضاً لدى البطريرك الماروني بشارة الراعي، بحسب مصادر في بيروت تحدثت لموقع “24”، ولكن أمام هذا الحل عقبات عديدة، منها موافقة عون وحزب الله من خلفه على الاقتراح بالشكل، وبعدها الموافقة على اسمي الوزيرين المقترحين، وبعدها أسماء بقية الوزراء في الحكومة، حيث تقول المصادر إن أي خطوة للأمام ستجد أمامها عقبات كثيرة تعيدها خطوات كثير إلى الخلف. وتتوقع المصادر أن تذهب فرنسا باقتراح صادم للسياسيين، يطالبهم بإعطاء مهمّة سياسيّة أو تنفيذية إلى المؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة، وسط الانهيار المتفاقم الذي بات يشكّل تهديداً متزايداً للاستقرار الاجتماعي والأمني. أمام هذا الوضع ينتظر لبنان أسابيع حاسمة، مع تعنت حزب الله وحلفائه، فإما تشكيل الحكومة وإعطائها الثقة في المجلس النيابي، وإمّا الذهاب إلى مزيد من التقهقر، والسيناريوهات غير المحسوبة.