رئيس الدولة يمنح الرئيس الأميركي «وسام زايد» تقديراً لجهوده في تعزيز علاقات البلدين
الرئاسية الفرنسية 2022
خسر اليسار فرصته، لأنه لم يعد واقعًا سياسيًا...!
-- في اجتماع قادة اليسار، كانت الأسبقية للحاضرين على الأفكار
-- مع انهيار الشيوعية، تصور الاشتراكيون السياسة على أنها مسرح أخلاقي تتصادم فيه «القيم»
-- قبل عام من الانتخابات الرئاسية، من الذي ما زال يؤمن ببديل يساري لمبارزة ماكرون ولوبان؟
-- إذا تعلق الأمر بالعدد فإن الصورة كانت ناجحة، أما تجســيد القـوة والبديــل، فتلك مسـألة أخــرى
إذا كان هناك سبب واحد للاهتمام باجتماع قادة اليسار في 17 أبريل 2021، فسيكون ملاحظة التقدم المحرز في هذه المناسبة ليس على طريق اتحاد اليسار، وانما في تلك المحاكاة. ذهب الحدث إلى ما وراء مسرح الحيلة والحسابات السياسية، وإلى ما وراء المؤامرة نفسها. في ذلك اليوم، لم ينجز اليسار شيئًا تاريخيًا، فقد وقع في محاكاة ساخرة لنفسه.
بعد أربعين عامًا تقريبًا من انتخاب فرانسوا ميتران، أعاد تمثيل اتحاد اليسار... على حسابه.
تم عرض المسرحية خلف أبواب مغلقة في غرفة اجتماعات في فندق في الدائرة العاشرة، على مرمى حجر من كانال دي لورك، وسط بوبولاند.
كان من الممكن تخيّل مكان أكثر رمزية (بورصة العمل أو الصندوق المشترك، على سبيل المثال) لهذا الإصدار الجديد من 10 مايو 1981، ولكن تم التنظيم بسرعة بحيث لم يكن هناك وقت للتفكير في الرموز. لقد كانوا هناك، وهذا في حد ذاته إنجاز.
الرد على
الاستطلاعات بإشارات
توافد عشرين سياسيًا يساريًا ذائع الصيت أو أقل شهرة على أبواب فندق هوليداي إين مثل مرشحين للعبة تلفزيون الواقع. الأولوية كانت للكاستينغ على الديكور، وللمسؤولين على الأفكار… إذا كان الأمر يتعلق بالعدد، فإن الصورة كانت ناجحة، أما تجسيد القوة والبديل، فهذه مسألة أخرى.
من الواضح أنه لم يكن القصد من الاجتماع تقديم رد سياسي على الأزمة التي تمر بها البلاد (صحية، اقتصادية، سياسية، رمزية) وتقديم بديل لارتجال السلطة، ولكن للرد على شائعة ولدت من مسح تم اعتماده: انتصار محتمل لمارين لوبان في الانتخابات الرئاسية “احتمال تدعمه دراسة منذ ذلك الحين، ملاحظة المحرر”. ويتنزّل هذا الاجتماع في حلقة تعليقات إعلامية للرد على استطلاعات الرأي بإشارات لا أكثر، إشارات على وحدة الصف، وعلى لمّ الشمل، ليس برنامجًا مشتركا ولكن أجندة غامضة، وليس لاختيار مرشح وحدة، وانما منطق الاستبعاد عن طريق الاقتراع، كما هو الحال في تلفزيون الواقع.
«لقد التقينا للمرة الأولى منذ فترة طويلة، وهذا خبر سار في حد ذاته”، قال أوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي. ووفقًا لهذا المسؤول السياسي، للفوز عام 2022، “نحتاج إلى مرشح يجمّع”. “أولئك الذين يئسوا من السياسة يمكنهم ان يقولوا لأنفسهم أن شيئًا ما يحدث”... “ايجابي جدا”، “واعد جدا”، “جو جيد”، تردّد من جميع الجهات.
“لم يكن الأمر رديئًا، ولم تكن هناك كلمة أعلى من الأخرى”، أشار النائب الاوروبي (اليسار الجمهوري والاشتراكي) إيمانويل موريل. “لم يكن سيئا... يدرك الجميع خطورة اللحظة ومسؤوليتنا الجماعية”، يضيف يانيك جادوت. وحسب ساندرين روسو –الخضر-، كان للاجتماع معنى علاج نفسي لزوجين: “تحدثنا بإسهاب، كان من الجيد تكرار الأشياء، كما بين الأزواج المسنين».
انقلاب جثة كبيرة
اللافت في هذا الاجتماع، ليس الاخراج بل غيابه. نحن لا نتحدث عن بروتوكول أو آداب. لم يتم مراعاة أي من القواعد الرسمية التي تحكم الاجتماعات الدبلوماسية أو اجتماعات أقسام الأحزاب والجمعيات. مجرد فلاش موب تم استدعاؤه على عجل على وسائل التواصل الاجتماعي. كل واحد كان يرتدي كمّامته، مما خفّف من حدة الاختلاف في الشهرة. جادوت هو الوحيد الذي برز بسبب طول قامته وبدا أنه يمارس نوعًا من الهيمنة الغامضة على المجموعة... مشروع الالغاء الانتخابي كان هو. ولفترة وجيزة، كنا سنرى فيه معلّم لا كاسا دي بابيل دون حس التنظيم.
لا جدول أعمال، لا تقرير، ولم يستجب اختيار الضيوف الى أي معايير تمثيلية. كان للحزب الاشتراكي خمسة نواب، وفرنسا المتمردة واحد فقط، وكان للخضر ما لا يقل عن ثلاثة مرشحين على العداد. تم ترك باب الدخول والخروج من الفندق مفتوحا، ومن الواضح أن الضيوف كانوا هناك لالتقاط صورة... صورة الاتحاد. وفي غياب برنامج مشترك، تم الاقتصار على وعد غامض: سنرى بعضنا البعض مرة أخرى. قبل عام من الانتخابات الرئاسية، من الذي ما زال يؤمن ببديل يساري لمبارزة ماكرون ولوبان التي أعلنتها استطلاعات الرأي؟
يمكننا تقديم تفسير لهذا الوضع. إذا لم يكن لدى اليسار فرصة لكسب السلطة عام 2022، فهذا ليس لأنه منقسم ومقسّم إلى كتلتين لا يمكن التوفيق بينهما -هذه مجرد آثار جانبية -إنه ببساطة لم يعد موجودًا كواقع سياسي».
سخرية بلا عاطفة
طوال القرن العشرين، غرسته الماركسية في الواقع الرأسمالي الحقيقي وعهدت إليه بدور تفاوضي في تقاسم مداخيل رأس المال والعمل. منذ الستينات، أضاف اليسار إلى الكفاح ضد التفاوت الاقتصادي، ما يسمى بالمطالب الثقافية، ثم المجتمعية، وأخيراً البيئية. لم يعد يرغب فقط في تغيير العمل، ولكن الحياة بأكملها... ثم نسي العمل. ومن خلال التخلي عن مجال علاقات الإنتاج، اختبر اليسار نوعًا من الافتراض في سماء القيم. توقف عن الدفاع عن مصالح العمال لصالح الدفاع عن حقوق الإنسان. ومن الناحية الاجتماعية، أصبح اليسار “مقدسًا”، على حد تعبير جان بودريلار عشية عام 1981. وسيذهب جاك لانغ إلى حد التأكيد على أنه في 10 مايو “عبر الفرنسيون الحدود التي تفصل بين الليل والنور».
لقد فقد ميزان القوى، الذي كان حتى ذلك الحين هيكل الحقيقة السياسية، معناه. منذ انهيار الشيوعية ونهاية سرديات الانعتاق العظيمة، تصور الاشتراكيون السياسة على أنها مسرح أخلاقي تتصادم فيه “القيم”. وسواء كان ذلك اجتماعيًا أو مجتمعيًا، أو اقتصاديًا أو دبلوماسيًا، فقد أثبت ممثلوه أنفسهم كمدافعين شرسين عن: إنسانية أخلاقية، وحق التدخل الاستعماري الجديد، والعلمانية الخالصة، والتشدد المحاسبي، إلخ.
منذ ثلاثين عامًا، اليسار في السلطة، محروم من المعايير وتحوّل إلى الليبرالية الجديدة، انهار في حد ذاته. لقد أمضى سبع سنوات في الجمع بين إدارة الأزمات النيوليبرالية والمحاكاة الذاتية للقيم.
وقد أفسحت دياركيّة السلطة السياسية في ظل الجمهورية الخامسة (الرئيس ضد رئيس الوزراء) الطريق أمام احتكار وظيفي أكثر: الإدارة والاتصال... ديلور وبيلهان. سيصوغ اليسار هناك ثقافته في الحكم، وقادته، وفضيلتهم الزائفة. ما زلنا نعيش في دوار المحاكاة هذا، والذي كانت فترة الخمس سنوات للرئيس فرنسوا هولند أبرز ما فيه... لقد فقدت السياسة شغفها بالاستسلام لسخرية بلا عاطفة ليسار كوميدي.
كاتب. بعد أن كان مساعدًا لميلان كونديرا، أسس عام 1993 البرلمان الدولي للكتّاب وشبكة مدن اللاجئين. وهو مؤلف للعديد من الكتب، منها “ آلة صنع القصص وإعادة صياغة العقول” و”طغيان المهرجين».
-- مع انهيار الشيوعية، تصور الاشتراكيون السياسة على أنها مسرح أخلاقي تتصادم فيه «القيم»
-- قبل عام من الانتخابات الرئاسية، من الذي ما زال يؤمن ببديل يساري لمبارزة ماكرون ولوبان؟
-- إذا تعلق الأمر بالعدد فإن الصورة كانت ناجحة، أما تجســيد القـوة والبديــل، فتلك مسـألة أخــرى
إذا كان هناك سبب واحد للاهتمام باجتماع قادة اليسار في 17 أبريل 2021، فسيكون ملاحظة التقدم المحرز في هذه المناسبة ليس على طريق اتحاد اليسار، وانما في تلك المحاكاة. ذهب الحدث إلى ما وراء مسرح الحيلة والحسابات السياسية، وإلى ما وراء المؤامرة نفسها. في ذلك اليوم، لم ينجز اليسار شيئًا تاريخيًا، فقد وقع في محاكاة ساخرة لنفسه.
بعد أربعين عامًا تقريبًا من انتخاب فرانسوا ميتران، أعاد تمثيل اتحاد اليسار... على حسابه.
تم عرض المسرحية خلف أبواب مغلقة في غرفة اجتماعات في فندق في الدائرة العاشرة، على مرمى حجر من كانال دي لورك، وسط بوبولاند.
كان من الممكن تخيّل مكان أكثر رمزية (بورصة العمل أو الصندوق المشترك، على سبيل المثال) لهذا الإصدار الجديد من 10 مايو 1981، ولكن تم التنظيم بسرعة بحيث لم يكن هناك وقت للتفكير في الرموز. لقد كانوا هناك، وهذا في حد ذاته إنجاز.
الرد على
الاستطلاعات بإشارات
توافد عشرين سياسيًا يساريًا ذائع الصيت أو أقل شهرة على أبواب فندق هوليداي إين مثل مرشحين للعبة تلفزيون الواقع. الأولوية كانت للكاستينغ على الديكور، وللمسؤولين على الأفكار… إذا كان الأمر يتعلق بالعدد، فإن الصورة كانت ناجحة، أما تجسيد القوة والبديل، فهذه مسألة أخرى.
من الواضح أنه لم يكن القصد من الاجتماع تقديم رد سياسي على الأزمة التي تمر بها البلاد (صحية، اقتصادية، سياسية، رمزية) وتقديم بديل لارتجال السلطة، ولكن للرد على شائعة ولدت من مسح تم اعتماده: انتصار محتمل لمارين لوبان في الانتخابات الرئاسية “احتمال تدعمه دراسة منذ ذلك الحين، ملاحظة المحرر”. ويتنزّل هذا الاجتماع في حلقة تعليقات إعلامية للرد على استطلاعات الرأي بإشارات لا أكثر، إشارات على وحدة الصف، وعلى لمّ الشمل، ليس برنامجًا مشتركا ولكن أجندة غامضة، وليس لاختيار مرشح وحدة، وانما منطق الاستبعاد عن طريق الاقتراع، كما هو الحال في تلفزيون الواقع.
«لقد التقينا للمرة الأولى منذ فترة طويلة، وهذا خبر سار في حد ذاته”، قال أوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي. ووفقًا لهذا المسؤول السياسي، للفوز عام 2022، “نحتاج إلى مرشح يجمّع”. “أولئك الذين يئسوا من السياسة يمكنهم ان يقولوا لأنفسهم أن شيئًا ما يحدث”... “ايجابي جدا”، “واعد جدا”، “جو جيد”، تردّد من جميع الجهات.
“لم يكن الأمر رديئًا، ولم تكن هناك كلمة أعلى من الأخرى”، أشار النائب الاوروبي (اليسار الجمهوري والاشتراكي) إيمانويل موريل. “لم يكن سيئا... يدرك الجميع خطورة اللحظة ومسؤوليتنا الجماعية”، يضيف يانيك جادوت. وحسب ساندرين روسو –الخضر-، كان للاجتماع معنى علاج نفسي لزوجين: “تحدثنا بإسهاب، كان من الجيد تكرار الأشياء، كما بين الأزواج المسنين».
انقلاب جثة كبيرة
اللافت في هذا الاجتماع، ليس الاخراج بل غيابه. نحن لا نتحدث عن بروتوكول أو آداب. لم يتم مراعاة أي من القواعد الرسمية التي تحكم الاجتماعات الدبلوماسية أو اجتماعات أقسام الأحزاب والجمعيات. مجرد فلاش موب تم استدعاؤه على عجل على وسائل التواصل الاجتماعي. كل واحد كان يرتدي كمّامته، مما خفّف من حدة الاختلاف في الشهرة. جادوت هو الوحيد الذي برز بسبب طول قامته وبدا أنه يمارس نوعًا من الهيمنة الغامضة على المجموعة... مشروع الالغاء الانتخابي كان هو. ولفترة وجيزة، كنا سنرى فيه معلّم لا كاسا دي بابيل دون حس التنظيم.
لا جدول أعمال، لا تقرير، ولم يستجب اختيار الضيوف الى أي معايير تمثيلية. كان للحزب الاشتراكي خمسة نواب، وفرنسا المتمردة واحد فقط، وكان للخضر ما لا يقل عن ثلاثة مرشحين على العداد. تم ترك باب الدخول والخروج من الفندق مفتوحا، ومن الواضح أن الضيوف كانوا هناك لالتقاط صورة... صورة الاتحاد. وفي غياب برنامج مشترك، تم الاقتصار على وعد غامض: سنرى بعضنا البعض مرة أخرى. قبل عام من الانتخابات الرئاسية، من الذي ما زال يؤمن ببديل يساري لمبارزة ماكرون ولوبان التي أعلنتها استطلاعات الرأي؟
يمكننا تقديم تفسير لهذا الوضع. إذا لم يكن لدى اليسار فرصة لكسب السلطة عام 2022، فهذا ليس لأنه منقسم ومقسّم إلى كتلتين لا يمكن التوفيق بينهما -هذه مجرد آثار جانبية -إنه ببساطة لم يعد موجودًا كواقع سياسي».
سخرية بلا عاطفة
طوال القرن العشرين، غرسته الماركسية في الواقع الرأسمالي الحقيقي وعهدت إليه بدور تفاوضي في تقاسم مداخيل رأس المال والعمل. منذ الستينات، أضاف اليسار إلى الكفاح ضد التفاوت الاقتصادي، ما يسمى بالمطالب الثقافية، ثم المجتمعية، وأخيراً البيئية. لم يعد يرغب فقط في تغيير العمل، ولكن الحياة بأكملها... ثم نسي العمل. ومن خلال التخلي عن مجال علاقات الإنتاج، اختبر اليسار نوعًا من الافتراض في سماء القيم. توقف عن الدفاع عن مصالح العمال لصالح الدفاع عن حقوق الإنسان. ومن الناحية الاجتماعية، أصبح اليسار “مقدسًا”، على حد تعبير جان بودريلار عشية عام 1981. وسيذهب جاك لانغ إلى حد التأكيد على أنه في 10 مايو “عبر الفرنسيون الحدود التي تفصل بين الليل والنور».
لقد فقد ميزان القوى، الذي كان حتى ذلك الحين هيكل الحقيقة السياسية، معناه. منذ انهيار الشيوعية ونهاية سرديات الانعتاق العظيمة، تصور الاشتراكيون السياسة على أنها مسرح أخلاقي تتصادم فيه “القيم”. وسواء كان ذلك اجتماعيًا أو مجتمعيًا، أو اقتصاديًا أو دبلوماسيًا، فقد أثبت ممثلوه أنفسهم كمدافعين شرسين عن: إنسانية أخلاقية، وحق التدخل الاستعماري الجديد، والعلمانية الخالصة، والتشدد المحاسبي، إلخ.
منذ ثلاثين عامًا، اليسار في السلطة، محروم من المعايير وتحوّل إلى الليبرالية الجديدة، انهار في حد ذاته. لقد أمضى سبع سنوات في الجمع بين إدارة الأزمات النيوليبرالية والمحاكاة الذاتية للقيم.
وقد أفسحت دياركيّة السلطة السياسية في ظل الجمهورية الخامسة (الرئيس ضد رئيس الوزراء) الطريق أمام احتكار وظيفي أكثر: الإدارة والاتصال... ديلور وبيلهان. سيصوغ اليسار هناك ثقافته في الحكم، وقادته، وفضيلتهم الزائفة. ما زلنا نعيش في دوار المحاكاة هذا، والذي كانت فترة الخمس سنوات للرئيس فرنسوا هولند أبرز ما فيه... لقد فقدت السياسة شغفها بالاستسلام لسخرية بلا عاطفة ليسار كوميدي.
كاتب. بعد أن كان مساعدًا لميلان كونديرا، أسس عام 1993 البرلمان الدولي للكتّاب وشبكة مدن اللاجئين. وهو مؤلف للعديد من الكتب، منها “ آلة صنع القصص وإعادة صياغة العقول” و”طغيان المهرجين».