الأزمة في أوكرانيا:

خمسة سيناريوهات لغزو روسي محتمل...!

خمسة سيناريوهات لغزو روسي محتمل...!

-- الإطاحة بالرئيس الأوكراني زيلينسكي من السلطة واستبداله بزعيم موال، من السيناريوهات المطروحة
-- التكلفة السياسية والعسكرية لاجتياح شامل ستكون باهظة للغاية بالنسبة لبوتين
-- إعادة خلق نسخة موسعة من «نوفوروسيا» العصر الإمبراطوري
-- سيناريو السيطرة على كامل الأراضي الأوكرانية، هو الأقل احتمالًا في نظر الخبراء
-- سؤال يخيّم على النشاط الدبلوماسي المكثف خلال الأسابيع القليلة الماضية: هل نتجه إلى حرب؟


   رغم المفاوضات الجارية بين الكرملين والبيت الأبيض، فإن اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا بات أقرب ما يكون.    منذ حرب البوسنة (1992-1995) وقبل ذلك، منذ أزمة برلين (1958-1963)، التي بلغت ذروتها في بناء الجدار صيف عام 1961، لم تكن أوروبا قريبة جدًا من صراع مسلح مثلما هي اليوم. فمع نشر الكرملين 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، نشهد تزايد المخاطر. ويخيّم سؤال على النشاط الدبلوماسي المكثف خلال الأسابيع القليلة الماضية: هل نتجه إلى الحرب؟
   يعتقد الخبير الروسي السويدي توماس ريس، أنّ المشكلة برمتها هي أن هالة فلاديمير بوتين قائمة على القوة، ولا يمكنه تحمّل الظهور بمظهر الضعيف أو إعطاء الانطباع بالتراجع.
  وفي انتظار التحقق مما إذا كانت الآلية الجهنمية المخيفة سيتم تشغيلها، قامت لاكسبريس الفرنسية، بتحديد السيناريوهات المختلفة.

• السيناريو الأول - الغزو الكامل لأوكرانيا
   السيناريو الأكثر عدوانية، وهو الهجوم الشامل بهدف السيطرة على كامل الأراضي الأوكرانية، هو الأقل احتمالًا في نظر الخبراء. “حتى لو تمكن بوتين من هزم القوات العسكرية الأوكرانية واحتلال البلد بأكمله، وهذا أمر غير مؤكد، فإنه سيظل يواجه مقاومة متزايدة من السكان.

   ستشمل مثل هذه العملية تعبئة جميع القوات الروسية للاستيلاء على مناطق حضرية كبيرة، مثل كييف (العاصمة الأوكرانية التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة)، ومدن أخرى مثل خاركيف (1.5 مليون) أو أوديسا (مليون). خاصة أن غزو أوكرانيا شيء، لكن احتلالها شيء آخر، “الاحتفاظ بمدينة مثل خاركيف يتطلب وجود ما لا يقل عن 100 ألف جندي روسي”، يقول دبلوماسي في كييف.
   ويتطلب الاحتلال العسكري أيضًا لوجستيات ثقيلة جدًا. “تبتلع فرقة مدرعة من الجيش الأمريكي أثناء تحركها حوالي 2.4 مليون لتر من الوقود يوميًا، يذكّر الخبير الأمريكي جورج فريدمان، مؤسس مركز الأبحاث الجيوسياسي فيوتشرز ومقره تكساس، لكن روسيا بصدد نشر عدة فرق، والتي سيتعين عليها بالضرورة اتباع قافلة لا نهاية لها من مركبات الإمداد التي تحقق التواصل مع مستودعات الوقود العملاقــــة.

 المسـالة معقدة ومكلفة.
   «هذا السيناريو يبدو غير مرجح بما ان التكلفة السياسية والعسكرية لمثل هذه العملية ستكون باهظة للغاية بالنسبة لبوتين”، يثري فرانسوا هايسبورغ، المستشار الخاص في مؤسسة البحوث الاستراتيجية ومؤلف “عودة الحرب” (أوديل جاكوب، 2021).
ومن ثم فإن هذا السيناريو يفترض وجود قوة احتلال كافية للسيطرة على سكان أوكرانيا البالغ عددهم 41 مليون نسمة، ولحراسة الحدود الجديدة مع دول الناتو.
   كما “سيكون خطر تدويل النزاع مرتفعا للغاية، وسيرسل الغرب على نطاق واسع معدات عسكرية لدعم أوكرانيا.
 علاوة على ذلك، فإن الحالة الإنسانية ستكون كارثية مع فرار موجات من اللاجئين الأوكرانيين من الصراع نحو أوروبا.
 لذلك لا أعتقد أن هذه هي الفرضية التي يفضلها الكرملين”، يخلص فرانسوا هايزبورغ.

• السيناريو الثاني -
 إعادة تشكيل “نوفوروسيا” العصر الإمبراطوري
    يتضمن هذا السيناريو أيضًا تعبئة للقوات الروسية على نطاق واسع، حتى لو كان الهدف محدودًا بدرجة أكبر. هذا، حسب حلم فلاديمير بوتين، هو إعادة خلق نسخة موسعة من “نوفوروسيا” (روسيا الجديدة) العصر الإمبراطوري. بما يعني الاستيلاء على المنطقة الناطقة بالروسية في شرق وجنوب أوكرانيا. وسيسمح هذا بالتقاطع البري بين روسيا وإقليم ترانسنيستريا الانفصالي المولدافي (الموالي لروسيا، غير المعترف به من قبل المجتمع الدولي).
   وضع من شأنه، بحكم الأمر الواقع، أن يحرم أوكرانيا من الوصول إلى البحر الأسود وبحر آزوف.
 “خاركيف “المدينة الصناعية في الشمال الشرقي”، الخاضعة لسيطرة الحكومة الأوكرانية، يمكن احتلالها أيضًا. وتحتاج روسيا إلى ذريعة: سيقولون إنهم يحمون السكان الناطقين بالروسية”، هذا ما أعلنه يوم الخميس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست.
   «الأراضي التي سيتم احتلالها ستكون أقل من اراضي سيناريو الغزو الشامل، لكن روسيا ستظل مجبرة على تعبئة جزء كبير من قواتها المسلحة. وسيشمل ذلك غزوًا بريًا واسع النطاق، فضلاً عن استخدام البحرية والقوات الجوية”، تفصّل ميليندا هارينج، نائب مدير مركز أوراسيا التابع للمجلس الأطلسي ومقره الولايات المتحدة. ومثل هذا الهجوم، سيتطلب، من بين أمور أخرى، السيطرة على أوديسا، ثالث أكبر مدينة في البلاد.
   «مرة أخرى، يمكن أن نتوقع مقاومة كبيرة من السكان، تواصل الباحثة، وحتى لو كانت روسيا قادرة نظريًا على الاستيلاء على هذه الأراضي، يبدو لي أنه في غاية الصعوبة بالنسبة لها الاحتفاظ بها على المدى الطويل”. ووفق مسح نشر في ديسمبر من قبل المعهد الدولي لعلم الاجتماع في كييف، فإن 25 فاصل 6 بالمائة من السكان الذين يعيشون في شرق أوكرانيا على استعداد لحمل السلاح في حال الغزو الروسي.

• السيناريو الثالث -
 إقامة ربط بري بين شبه جزيرة القرم ودونباس
   في هذا السيناريو، ستواصل روسيا قضمها لأوكرانيا من خلال الضم الصريح لدونباس (هذا ليس هو الحال اليوم) وإنشاء “جسر بري” يربط هذه المنطقة بشبه جزيرة القرم. والهدف هنا هو فتح طريق جديد إلى شبه الجزيرة التي تم ضمها عام 2014، والتي ترتبط حاليًا بروسيا فقط من خلال جسر تم بناؤه فوق مضيق كيرتش (في أقصى شرق شبه جزيرة القرم، باتجاه كراسنودار).
   و”رغم العقوبات الدولية الشديدة التي ستُفرض ضد روسيا، يبدو أن إقامة استمرارية إقليمية وامتداد ترابي بين هذه الأقاليم المختلفة هدف موثوق به، يلاحظ في استوكهولم، الخبير توماس ريس. وهذا من شأنه أن يسهل إمداد وتزويد شبه جزيرة القرم من قبل موسكو”. وإلى جانب استبعاد أوكرانيا من بحر آزوف، فإن مثل هذه العملية ستسمح فعلا لروسيا بالسيطرة على قناة شمال القرم (التي تربط شبه جزيرة القرم بنهر دنيبر في أوكرانيا) والتي توفر ما يقرب من 85 بالمائة من احتياجات المياه العذبة لشبه الجزيرة، قبل أن يتم حظرها من قبل كييف عام 2014.
   تتطلب مثل هذه العملية استخدام قوة عسكرية كبيرة لاختراق المواقع المحصنة على طول خط جبهة دونباس، والاستيلاء على مدينة ماريوبول (450 ألف نسمة). لكن تكلفة الهجوم ستكون أقل بكثير من تكلفة السيناريوهين السابقين. “لا توجد مدينة منيعة في المنطقة، ويمكن الالتفاف على مدن ميليتوبول، وبيرديانسك، وماريوبول في البداية، يعتقد فرانسوا هايسبورغ. وبالتالي، فإن هذه الغنيمة الحربية تبدو واقعيّة وستشكل بالنسبة لروسيا امتدادًا نموذجيًا، أوسع، من العملية التي نُفِّذت عام 2014. «

• السيناريو الرابع - الإطاحة بالرئيس
زيلينسكي أو تصفيته
   في هذا السيناريو، تزيح روسيا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من السلطة، من أجل استبداله بزعيم مؤيد لها. ذكرت وزارة الخارجية البريطانية هذا المسار يوم السبت. وأشارت الدبلوماسية البريطانية إلى أن “لدينا معلومات تفيد بأن أجهزة المخابرات الروسية تقيم صلات مع العديد من السياسيين الأوكرانيين السابقين. وبحسب معلوماتنا، تسعى الحكومة الروسية إلى تنصيب زعيم موال لروسيا في كييف”، مشيرة بشكل خاص إلى النائب الأوكراني السابق يفغيني موراييف بصفته “مرشح محتمل”. وعقب هذه الاتهامات، أعلنت أوكرانيا يوم الأحد نيّتها “تفكيك” أي جماعة موالية لروسيا موجودة على أراضيها.
   و”يبدو لي أنه من الصعب على روسيا أن تنجح في دفع زيلينسكي للاستقالة، لذا فمن المرجح أن تحاول موسكو خطفه أو القضاء عليه من أجل السماح بصعود زعيم ملائم أكثر لمصالحها، تشير ميليندا هارينج، قد تتسبب موسكو أيضًا في عدم الاستقرار السياسي في أوكرانيا من خلال إثارة الاضطرابات داخليًا من خلال عملاء النفوذ هناك.
   «سيناريو القضاء على زيلينسكي لا يمكن أن يكون غاية في حد ذاته، لكنه يضاف إلى أحد الأهداف المذكورة سابقًا، يضيف توماس ريس، وبالمثل، فإن الهجمات الإلكترونية الهائلة التي تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد مرجحة للغاية في كل الأحوال”.
في 16 يناير، زعمت أوكرانيا أن لديها “دليل” على تورط روسيا في هجوم إلكتروني استهدف عدة مواقع حكومية.

• السيناريو الخامس -
 الحل الدبلوماسي
   هذا السيناريو لا يزال على الطاولة. بعد محادثات وصفت بأنها “صريحة” يوم الجمعة الماضي بين رئيسي الدبلوماسية، سيرجي لافروف وتوني بلينكين، يعقد الروس والأمريكان اجتماعا آخر هذا الأسبوع.
لكن وزارة الخارجية الروسية قالت إنه إذا استمر الغرب في تجاهل “مخاوفها المشروعة” بشأن تعزيز الناتــــو في أوكرانيا وأوروبا الشرقية، فسيكون لذلك “أخطر العواقب».
   في الوقت الحالي، يشترط الكرملين وقف التصعيد بمعاهدات تضمن عدم توسيع الناتو، ولا سيما الى أوكرانيا، وعلى انسحاب الحلف الأطلسي من أوروبا الشرقية. مطالب يعتبرها الغرب غير مقبولة.
   «ومع ذلك، لا تزال هناك ارضيّة من الاهتمامات المشتركة التي يمكن الاتفاق عليها، مثل موضوع الصواريــــــخ متوسطة المدى في أوروبا أو شفافية التدريبات العسكرية من هذا الجانب أو ذاك، تعتقد تاتيانا كاستويفا-جان، مديرة مركز روســــيا في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، لا يزال من الممكن إيجاد حل دبلوماسي يسمح للطرفين بحفظ ماء الوجه مع الحفاظ على السلام في القارة الأوروبية”.
 في نفس اليوم، أكد وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين، بناءً على طلب موسكو، أنه سيقدم “أفكارًا” في شكل رد مكتوب على المطالب الروسية.