رئيس الدولة ونائباه يعزون رئيس روسيا في ضحايا حادث تحطم الطائرة
سباق في سماء أوروبا.. كييف تتحدّى موسكو في حرب المسيرات
بفضل استراتيجية الطيران على ارتفاعات أعلى وتنظيم هجومي أدق، فضلاً عن زيادة وتيرة الإطلاق، باتت الطائرات الروسية المُسيّرة أكثر فاعلية وتهديداً للدفاعات الجوية الأوكرانية، حيث ارتفعت نسبة النجاح في إصابة الأهداف إلى ثلاثة أضعاف، ما قد يدل على تحوّل ملموس في تكتيكات الحرب لصالح موسكو برأي خبراء عسكريين.
وبالمُقابل، باتت طائرات «دارتس» الهجومية للجيش الأوكراني سلاحاً تكنولوجياً هاماً وأساسياً في مواجهة روسيا، حيث تمّ اختبارها بنجاح كبير. وهي تتميّز بدقتها العالية وقُدرتها على تحمّل نيران المُضادات، مما يُعزز فعالية الضربات الجوية التي تشنّها كييف.
تكتيك روسي مُبتكر
وقال الكاتب والمحلل السياسي في مجلة «لو بوان» الفرنسية، توماس غريندورغ، إنّ الحرب بين روسيا وأوكرانيا هي أيضاً حرب طائرات بدون طيار، حيث يتنافس الطرفان في الإبداع والاختراع لجعل هذه الأجهزة مفتاح الصراع. فالطرفان يسعيان لابتكار أساليب جديدة لجعل هذه الطائرات حاسمة في الحرب. ومُنذ أيّام تبدو الدفاعات الأوكرانية مُحاصرة بهجمات روسية كثيفة بطائرات بدون طيار، تُسجّل معدلات نجاح غير مسبوقة منذ بدء الحرب.
ووفقاً للقوات الجوية الأوكرانية، وصلت نسبة اختراق الطائرات الروسية (وخاصة شاهد، التي باتت تُصنّع في روسيا بعد أن تأسست في إيران) إلى 15% من إجمالي الهجمات بين أبريل -نيسان ويونيو -حزيران الماضيين، مُقارنة بـ 5% في الثلاثة أشهر السابقة. كما ارتفع في ذات الوقت حجم الهجمات، ففي ليلة واحد بين 20 و21 يوليو -تموز الجاري، شنّت روسيا هجوماً بـ 426 طائرة مسيرة، سبقه بأيّام هجوم بـ 728 طائرة.
وبحسب ياسر أتالان، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، فإنّ المشكلة ليست في تدهور الدفاع الجوي الأوكراني، بل في تبنّي روسيا لأسلوب أسراب الطائرات وتغيير مسار الطيران مما يزيد فاعليتها. وفي الواقع، تتجنّب الطائرات الروسية المسيرة، بتحليقها على ارتفاعات أعلى، الدفاعات الجوية الأوكرانية.
ويُقال إنّ بعضها مُجهّز بمُحرّكات نفاثة إضافية لزيادة سرعتها قبل الاصطدام، وبالتالي إلحاق أقصى ضرر ممكن أو تجاوز دفاعات العدو. كما أنّ «زيادة حجم عمليات الإطلاق تُثقل كاهل أنظمة الدفاع الأوكراني، مما يزيد من مُعدّل النجاح»، كما يوضح أتالان.
قلق ألماني
وأنشأت موسكو أيضاً أكبر مركز لإنتاج الطائرات المسيرة في العالم في ييلابوغا، وتُروّج له حالياً على نطاق واسع. وقد خفّضت روسيا، من خلال زيادة حجم الإنتاج، سعر وحدة طائرات «شاهد» المسيرة بعشرة أضعاف، من 200 ألف دولار إلى 20 ألف دولار. وتمّ إرسال 25 ألف عامل كوري شمالي إلى مصنع ييلابوغا للمُشاركة في تجميعها.
وبات الجيش الروسي يصنع أيضاً طائرة مسيرة جديدة، وهي «غيران 3»، التي يُمكنها حمل ما يصل إلى 300 كيلوغرام من الذخيرة، وقطع مسافة قصوى تبلغ 2000 كيلومتر، وتصل سرعتها إلى ما بين 550 و600 كيلومتر في الساعة، أو حتى 700 كيلومتر في الساعة في مرحلة الهجوم. في حين أن سابقتها لم تتجاوز سرعتها 200 كيلومتر في الساعة، وكانت تحمل شحنة مُتفجرة أصغر بسدسها فقط.
وتُطلق القوات الروسية طائراتها بدون طيار ضدّ أوكرانيا من شاحنات «بيك آب دودج» أمريكية، كما ظهر في عدة مقاطع فيديو بثتها وسائل الإعلام الرسمية. لذا، تُثير هذه القضية قلق حلفاء أوكرانيا. ففي مقابلة بُثّت على قناة الجيش الألماني على يوتيوب، حذّر اللواء كريستيان فرويدينغ، المُشرف على دعم كييف، أوكرانيا من أنّ موسكو قد تُعدّ لهجوم جوي ضخم، بحشد ما يقرب من ألفي طائرة مُسيّرة.
وبحسب رأيه، فإن وسائل الدفاع التقليدية ستكون غير ذات جدوى لارتفاع تكلفتها، فصاروخ باتريوت أرض-جو واحد يكلف أكثر من 5 ملايين يورو، بينما تكلف طائرة شاهد بدون طيار ما بين 30 ألفاً و50 ألف يورو.
«دارتس» سلاح أوكراني جديد
وتتمتع هذه المُقاتلات التي تمّ اختبارها في القتال بالقُدرة على التحليق لمسافة 40 كيلومتراً بحمولة تزن 14 كيلوغراماً، وهي تُمثّل واحدة من أكبر الرهانات التكنولوجية لكييف ضدّ موسكو. لكن هل يُمكنها تغيير مجرى الحرب؟ يجري اليوم توريد هذه الطائرات بدون طيار من إنتاج شركة دارتس للجيش الأوكراني.
وبينما يبدو أن موسكو تكتسب اليد العليا في الأجواء الأوكرانية، تُعدّ هذه المُقاتلات، محور آمال كييف.
ووفقاً لصحيفة «لو باريزيان» الفرنسية، فإنّ طائرات دارتس المُسيّرة «خضعت للاختبار بالفعل ولا تُعاني من أيّ عوائق». وأشادت بها منصّة «Defense Tech Community» الإلكترونية المتخصصة، حيث قالت إنّها تستطيع تنفيذ «ضربات عالية الدقة»، وسرعتها القصوى تصل إلى 160 كيلومتراً في الساعة، كما أنّها قادرة على تحمّل «نيران الأسلحة الصغيرة بمختلف أنواعها».
وعلى صعيد آخر، فقد زادت أوكرانيا إنتاجها من الطائرات المسيرة بشكل ملحوظ منذ بدء الحرب مع روسيا. ووفقاً لصحيفة «كييف إندبندنت»، التي نقلت معلوماتها عن وزير الدفاع السابق رستم عمروف، فإنّ الشركات الأوكرانية باتت قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة مُسيّرة سنوياً.
وكشف أنّه «في يونيو -حزيران الماضي، تمكّنت قوات الدفاع الأوكرانية من تدمير واحد من كل 3 أهداف روسية باستخدام الطائرات المُسيّرة».