شخصيات في حياتنا‎ ‎

شخصيات في حياتنا‎ ‎

غالباً ما يشكل الأصدقاء والمعارف جزءاً مهماً في حياتنا، البعض يمدنا بالطاقات الإيجابية والبعض الآخر لم يؤد المطلوب منه، لكن ‏في العموم يؤثر فينا الجميع طالما عقولنا ليست مغلقة تستقبل العلم ولديها الرغبة في التطوير، من بين هؤلاء " معاذ الطيب" شاب لم ‏يتجاوز الثلاثين من عمره، يتمتع بقدرة غريبة في جذب المحيطين به واحتوائهم بشكل مبالغ فيه، يعيد في الأذهان ترتيب أوراق ‏الشعور بالتحول الجذري لانطباعنا عن شباب اليوم، فالصورة الذهنية أنهم سطحيون بلا هوية مفهومة، يسعون وراء المرح واللامبالاة ‏غير مهتمين بالولاء ولا الانتماء، لكن سرعان ما تغير الفكرة بتأمل لمثل هؤلاء الشباب الواعي المثقف الباحث عن المعرفة والمدافع ‏عن وطنه وقضايا قومه‎ ‎
تعرفت على "معاذ الطيب" في مكتبه بمنشأة ثقافية معنية بالتراث، إنسان بسيط في إطاره الخارجي لكن يحمل من العلم الكثير، لديه ‏حب شديد للقراءة والاطلاع، يعتبر واحدا من المثقفين الذين يدركون معنى الحوار بعيداً عن الجدال، لم أستغرب عندما أخبرني بأنه ‏عاش في مصر فترة دراسة الماجيستير في الإخراج السينمائي بالجامعة الأمريكية، وكيف كانت معاملة المصريين للوافدين من أجل ‏تحصيل العلم أو السياحة خاصة من الجنسيات العربية، اختلف كثيراً عن الذين ينقلون الصورة غير الجميلة عن مصر والمصريين، ‏كان محايداً عقلانيا لا يذوب مع الخليط الشبابي الأجوف معتمداً على تحقيق الهدف من خلال صقل الخبرات واكتساب المهارات وبناء ‏ذاته والتسلح بالمعرفة‎ ‎
ليس من الضروري أن تتعلم من شخص مشهور، أو رجل حكيم أو كاتب عبقري أو شاعر مخضرم، لكن التعلم الحقيقي يأتي من أبطال ‏القصص لا كتابها، نحصل على الخبرة من أهلها لا ممن يروون عنها، الاختلاط مع شخوص وعوالم حقيقية بعيداً عن العناوين البراقة ‏والكتب الرنانة، فالحياة مع الأشخاص بعيداً عن الحياة الافتراضية تنعش الذاكرة وتبقيها حية، وتزيد من الوعي والخيال، كما أن الحوار ‏مع هؤلاء مفيد خاصة بعيداً عن الأضواء والميكروفون والكاميرا التى تحول الآراء وتخفي ما في الصدور، هنا ومع هؤلاء نشعر بأننا ‏بلا تزييف ولا ضوضاء نعيش بوجوه حقيقية‎. ‎
بالتقصي عن حقيقة "معاذ الطيب" والدافع وراء هذا التطوع الإنساني، وجدته باراً بوالديه حريص على احتواء والدته وتحمل مسؤولية ‏أشقائه، وتلاوة ما يزيد عن عشرة أجزاء من القرآن يومياً على روح والده وآخرين، بالإضافة لأكثر من عشرة آلاف من بين ذكر وصلاة ‏وتسبيح، فضلاً عن تكوين جروب لختمة على روح أشخاص رحلوا، كل تلك الخصال ترطب الروح وتهذب النفس وترتقي بالإنسانية ‏لدرجات التخلص من الأنانية والحسد.‎ ‎
له بعض المقالات في مجال السينما وما تحتويه من فنيات، كالإخراج والتصوير وكتابة السيناريو وفن التصوير الفوتوغرافي، وغيرها ‏من الأطروحات التعليمية والمعرفية، كما يقوم على المستوى الإنساني بتقديم المساعدة والاهتمام بالآخر والسعي لقضاء حوائج الناس ‏بدون رياء أو طلب للشهرة، تلك هي الإنسانية التى تتجسد في شبابنا العربي الواعد المهموم بقضايا الوطن الكبير‎ .‎