صحف عربية: حرب مفتوحة لدحر الميليشيات من العراق
انطلقت موجة جديدة من الاحتجاجات في العاصمة العراقية بغداد، تعبيراً عن الغضب من تواصل عمليات اغتيال النشطاء المعارضين على أيدي الميليشيات المسلحة، في ظل عجز السلطات عن توقيف القتلة وتقديمهم للقضاء.
ووفقاً لصحف عربية أطلقت الحكومة العراقية حرباً مفتوحة من أجل دحر الميليشيات في البلاد، في وقت تسعى فيه حكومة مصطفى الكاظمي إلى استعادة الدولة من الجماعات المسلحة لتحقيق التوازن والاستقرار.
حرب مفتوحة
في صحيفة الاتحاد، أكد محللون غربيون أن أجواء التوتر التي تسود العراق منذ اعتقال السلطات أحد قادة الميليشيات هناك بتهمة التورط في اغتيال نشطاء بارزين، تبرز من جديد الخطر الذي تشكله هذه المجموعات المسلحة على الأمن والاستقرار في البلاد، وتأثيرها المدمر على الجهود المبذولة، لتعزيز استقلالية مؤسسات الدولة العراقية.
وأشار المحللون، إلى أن ما حدث خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، من نشر الميليشيات لعناصرها في مناطق حيوية من العاصمة بغداد، بُعيد اعتقال القيادي في ميليشيات الحشد الشعبي قاسم مصلح، يثير المخاوف من وقوع مواجهات عنيفة، بين قوات الأمن من جهة والميليشيات، التي تحظى بنفوذ كبير على الساحة الداخلية العراقية، من جهة أخرى. وقالو إنه “على الرغم من أن القبض على مصلح سيثير ردود فعل واسعة، وربما يقود إلى وقوع هجمات انتقامية من قبل بعض الميليشيات، فإن الحكومة العراقية ربما لم يكن لديها خيار آخر، سوى الإقدام على هذه الخطوة، في ضوء ما تتعرض له من ضغوط داخلية وخارجية مكثفة، للتعرف على هوية المتورطين في قتل النشطاء والصحفيين في البلاد واعتقالهم». وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى إن “اعتقال هذا القيادي يمثل ضربة كبيرة للميليشيات، إذ يشكل العملية الأكبر التي تستهدفهم على الإطلاق، منذ سنوات طويلة».
وشدد مسؤول عراقي مقرب من رئيس الوزراء، على أن المعارك قد تندلع في أي لحظة داخل المنطقة الخضراء أو خارجها، لكن من الصعب للغاية على الكاظمي التراجع الآن، وحتى إذا انتصرت الميليشيات في هذه الجولة، فإن ذلك سيجعل العراقيين يدركون حقيقة التهديدات التي تواجهها الحكومة.
دحر الميليشيات
وبدورها، كشفت صحيفة البيان أن العراق بدأ معركة دحر الميليشيات التي تتغذى على دعم أطراف سياسية داخلية وخارجية، إذ يسعى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى استعادة الدولة من الجماعات المسلحة، واعتقال الذين يسعون إلى تقويض استقرار العراق بأعمال عنف.
وأوضحت أن عملية اعتقال القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح، على خلفية اتهامات يواجهها باغتيال الناشط في الاحتجاجات العراقية إيهاب الوزني، حظيت بدعم سياسي محلي ودولي واسع لإجراءات الحكومة العراقية في مواجهة الميليشيات، مؤكدين أن ما قامت به حكومة الكاظمي خطوة نحو كشف من تورط في دماء العراقيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الكاظمي أكد في غير مناسبة أن حماية أمن الوطن وعدم تعريض أمن الشعب إلى المغامرات في هذه المرحلة التاريخية، مسؤولية ملقاة على عاتق الحكومة، وأن القوى الأمنية والعسكرية والقوى والأحزاب والتيارات السياسية، على قناعة بأن عدم الوقوف في وجه الميليشيات سيؤدي إلى تصاعد عمليات الاغتيال السياسي في العراق، بما يؤدي لضرب العملية الانتخابية. وأكد محللون أن تصاعد التصفيات والاغتيالات والترهيب يعزى إلى قرب إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، في محاولة للضغط على القوى المدنية للتراجع عن مواصلة زخمها في الشارع، خشية ابتلاع الأحزاب الكبيرة المستمرة في السلطة.
عجلات التغيير
ومن جهته، قال مشاري الذايدي في صحيفة الشرق الأوسط “في خطوة شجاعة، ونادرة، أصدر مجلس القضاء الأعلى بالعراق أوامر تقضي بإيقاف القيادي الإرهابي في الحشد الشعبي، قاسم مصلح، قائد عمليات الأنبار».
وأضاف “لعظم الأمر اجتمعت الرئاسات الأربع بالعراق، رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان والقضاء، للتباحث في أمر قاسم والتحقيق معه، وصدر بيان عنها بعد تهديدات صادرة من فصائل الحشد، وجاء فيه إنه (يجب دعم الدولة في حصر السلاح بيدها لوأد الفتنة، واتخاذ مواقف موحدة وجادة وحاسمة لتدارك الأزمة)». ولفت الكاتب إلى أن قاسم مصلح ليس مجرد مخالف لقانون المرور، بل رجل تلطخت يده بالدماء، وتابع رسمي للحرس الثوري الإيراني، متهم بقتل نشطاء العراق، خاصة في كربلاء، كما أنه عرّض مصالح العراق العليا للخطر من خلال استهداف القواعد الأمريكية، تنفيذاً لرغبات الحرس الثوري. وتابع “الامتحان عسير والوقت قصير، والعراق يخوض في مخاضة الألم ويحاول الخروج من نفق الفساد، الذي لفصائل الحشد النصيب الأوفى منه، فهل تفلح الدولة العراقية ممثلة بمؤسساتها السياسية والتنفيذية والقضائية والأمنية والتشريعية، في الانتصار للدولة ضد الميليشيا؟». واختتم مقاله بالقول “قد ينجح الكاظمي وقد يخفق، خاصة مع قرب الدعوة للانتخابات ومفرزاتها، لكن الأهم هو أنه ثمة مسار شرعت بالمشي عليه عجلات الدولة العراقية، عجلات ربما تغيّر مجرى التاريخ، كما غيّرت العجلات السومرية شكل العالم منذ القدم».
جرأة الكاظمي
وأما صحيفة العرب اللندنية، فقد أشارت إلى أنه رغم تضارب الأنباء بشأن إطلاق سراح القيادي البارز في هيئة الحشد الشعبي قاسم مصلح، أو نقله إلى مبنى أمن الميليشيا الموالية لإيران، انصبّ الاهتمام على ما حصل لسلاح الميليشيات الشيعية التي تشكل هيئة الحشد الشعبي.
ونوهت مصادر مقربة من الحكومة العراقية، بتحدي الكاظمي للحشد وجرأة اعتقال مصلح، وعدّت عملية الاعتقال تغييراً لافتاً في علاقة الحكومة العراقية بالحشد الشعبي.
وكشفت مصادر للصحيفة أن الكاظمي قال لهادي العامري رئيس منظمة بدر، إحدى أقوى الميليشيات في الحشد الشعبي، إنه سيخرج في خطاب تلفزيوني ويعلن استقالته، محمّلاً الأحزاب الشيعية مسؤولية انهيار الدولة، إذا لم يخرج عناصر الحشد من المنطقة الخضراء.
وقالت إن “العامري تفاجأ بعناد الكاظمي الشديد، ولم يتوقع أن يقْدم على مثل هذه الخطوة الكبيرة ويعتقل قيادياً بارزاً مثل مصلح، كما لم يتوقع قادة الحشد أن يعاند في إطلاق سراحه رغم ضغوطهم الكبيرة».
وأشار برلماني عراقي إلى أنه إذا صح أن فصائل الحشد الشعبي تمكنت من إطلاق سراح مصلح، فإن في ذلك إعلاناً صريحاً عن استقلال الحشد عن الدولة، وإن فيه اعترافاً علنياً بأن الميليشيا الموالية لإيران تعمل ضد الدولة وسلاحها غير قانوني.