يقع  ديوان الشعر «طوي سيف» للشاعر الإماراتي سالم عبيد العليلي الذي صدر عن دائرة ثقافة الشارقة في 2018 بالقطع المتوسطة عن 303 صفحة يضم 48 قصيدة، تمكن من خلالها الشاعر أن يبحر في التفاصيل الدقيقة للحياة العامة في الإمارات بحقبة زمنية معينة، وقد استهل الديوان بتقديم من الشاعر الدكتور منصور الشامسي، الذي عبر في كلماته الأولى عن عشقه لشعر الخال سالم عبيد سيف، ووصف أشعاره باعذب الكلمات مهتم بالصور وجماليات المفردات.
الشعر النبطي من الأداب التى تخاطب جمهور محدد، ولا تحاول أن تخرج عن اطار المحلية ومفرداتها وهذا النوع من الأشعار بقدر ما هو سلس وبسيط إلا أنه يعتبر من السهل الممتنع، حيث تأتي الكلمات على لسان الشاعر فيصدم القارئ والمتلقي بمفردات يمارسها يوميا لكنه تمكن من صياغتها في قالب أدبي بسيط للغاية، فاللغة العامية لأي مجتمع تعتبر المفتاح السريع للقلب وصاحب التأثير الفعال على المجتمع وتحفيزة بل وكتابة تاريخة والتأريخ لمراحله المتعاقبة.

الشعر الشعبي واحد من أهم الأداب التى تغوص في الوجدان، بل يعتمد هذا الشعر على البناء اللغوي وتطويع المفردات لتكوين حالة من حالات البهجة والحزم ورسم المشاعر في صورها المتعددة والمختلفة، وكم من شعار نبطي حرك وجدان الشعوب واثر في حياتهم اليومية برصد اساليب المعيشة وكتابة الحالة العامة للحياة في الحقبة الزمنية، فيعتبر الشاعر واحد من أهم المأرخين للتراث والثقافة وناقل للروايات والاحداث.
ويعتبر ديوان «طوي سيف» من الدواوين التى تخاطب الوجدان وينتقل بالقارئ من محطة إلى أخرى بسلاسة واقتدار، فحين يستشهد الشاعر سالم عبيد العليلي بقصدية هب النسيم التى يقول فيها

هب النسيم الفجر معذاه
وقض غناتي وقت لرقاد
ريف هبوبه زين محلاه
ذعذاع بارد قام يزداد
وقت الربيع والناس تنصاه
فيه اورقت لغصان بعواد

هذه الصورة المشرقة توحي بان الشاعر نقل حالة من الوجدان ورسمها بالكلمات، وكانه استعار الريشة وعبر عنها بالحروف، فالصورة يعرفها القارئ ويشعر بها لكن قليل من يتمكن من التعبير عنها، لكن الشاعر  سالم عبيد العليلي أدرك بانه مسؤول عن توصيل أفكاره واحساسه للمجتمع بما يملكه من موهبة شعرية متوهجة، حيث قال في مطلع قصيدة بعنوان «دوام المحال» بعض الكلمات التى يشير فيها لواحدة من قضايا العصر، يقول فيها

دوام الحال سيدي م المحال
وانقطاع الود يا روحي شنيع
الزمن غدار يدعي الانفصال
وا سعى بالشر سعيانه فظيع
كن معي حاضر دايم الاتصال
واترك الهجران واستولى طبيع

شعر بسيط يبارز الكلمة في تكوينها، ويرسم الحرف بأسلوب مرتب متزن سهل التوصيل والفهم، حتى أن الأبيات على وزن وقافية يجعل منها نسيج غنائي ملحن في علم الأصوات، وبعيد عن جماليات الكلمات والتعبير الشعري، إلا انه بالقصائد يؤرخ لفترات متعاقبة ويرصد الحياة الاجتماعية بنص شعري مكتمل الاركان الادبية.

اما القصيدة التى كانت عنوانا للديوان «طوي سيف» فجاءات في منتصف القصائد أو بأقل قليل،
وهل أراد الشاعر أن يكون لاسم ديوانه مدلولا يخاطب به جمهوره، فالطوي معروف قديما ببئر الماء النقي الذي يلتف من حوله القاصي والداني، واينما كان حل عليه الناس وجاوروه، الطوي في الثقافة العربية مصدرا من مصادر الحياة وبدونه لا حياة تذكر، ربما أراد الشاعر أن يقرن أشعاه واهدافه منها بالطوي، فإذا كان الطوي يمنح الناس الحياة ويمدهم بالماء البارد، فالشاعر أيضا يمنح الجمهور والناس صور تغذي عقولهم وتشارك في تشكيل وجدانهم، اي أن هناك علاقة وطيدة بين الطوي وقصائد سالم عبيد العليلي، ومطلع القصية يقول:

سيد المها قايد لراما
ساكن ورابي في طوي سيف
بين النسايم والسهاما
لا يشتكي برد ولا صيف
كتب القصيدة وكأنه يرسم الأجواء المحيطة للمجتمع في هذه المرحلة، واصر في جميع قصائد الديوان أن يؤصل لانتمائه لهذا التاريخ ويكون مؤرخ لمراحله المتعاقبة، فالديوان جدير بالاشادة والقراءة ومنه قصائد كثيرة تصلح أن تكون أغاني يتم يشدو بها المغنيين.