بعد التشاور مع رئيس الدولة واعتماده.. محمد بن راشد يعلن تغييرات في حكومة الإمارات
في صين تعيش حجرا مزدوجا:
عام تتويج الإمبراطور شي جين بينغ...!
-- تهدف استراتيجية الحزب الشيوعي إلى تقوية سلطة الحزب على الاقتصاد باسم العودة إلى المثل العليا للاشتراكية
-- لم يمنع الانغلاق الأيديولوجي الصين، التي زادت صادراتها أثناء الوباء، من البقاء على ارتباط بالعولمة
-- تتجه الصين نحو محافظة ثقافية تزداد قوّة، مستمدّة من المدرسة القديمة
-- لا تزال الصين مرتهنة للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى للوصول إلى التقنيات العالية
من المتوقع أن يظل الرجل الأول في الصين في السلطة لخمس سنوات أخرى على الأقل في الخريف المقبل. وسيستمرّ الخط المتشدد الذي أقيم منذ عشريّة تقريبا.
بعد ما يقارب العامين من الحجر الصحي الشامل في ووهان، تجد الآن مدينة شيان، المشهورة بجيشها من جنود الطين، نفسها معزولة عن العالم، منذ اكتشاف بضع مئات من حالات كوفيد-19.
محاصرون، مُنع السكان البالغ عددهم 13 مليون نسمة من مغادرة منازلهم منذ نهاية ديسمبر (باستثناء الفحص)، وتجد السلطات صعوبة في تزويدهم بالطعام. وفي هذا المناخ المثير للقلق، يقوم اعوان يرتدون زي رواد الفضاء بنشر سحب من المطهرات في كل زاوية وركن في العاصمة الإمبراطورية السابقة، وتم قطع جميع المواصلات بالقطار أو الطائرة.
في مواجهة ظهور متحوّر أوميكرون، أصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق استراتيجية “صفر كوفيد”، في حالة تأهب قصوى مجددا. يخشى النظام من اندلاع حالات، قبل أسابيع قليلة من افتتاح أولمبياد بكين في 4 فبراير. وخصوصا، يريد تجنب أي زعزعة للاستقرار عند اقتراب حدث سياسي كبير: المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، في خريف عام 2022، والذي يفترض أن يتوج شي جين بينغ لولاية ثالثة.
وسيكون الرئيس، 68 عاما، الذي منح نفسه، بفضل تعديل الدستور في 2018، إمكانية البقاء في منصبه مدى الحياة الا في صورة ثورة غير محتملة، أول زعيم منذ عقود يتجاوز عشر سنوات على رأس البلد. وبذلك، يتحرّر من القواعد التي أصدرها الزعيم السابق دنغ شياو بينغ، والتي تهدف إلى منع شخصية جديدة على غرار ماو من التمسك بالسلطة.
جدار صحي
وبمجرد تثبيته لخمس سنوات أخرى على الأقل، سيواصل من يشغل أيضًا منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، الخط المتشدد الذي أسسه، وسيستمرّ ابن “الأمير الأحمر” ضحية تطهير ماو، تقوية سلطته وإسكات أدنى صوت احتجاج، مع التأكيد على مكانة الصين على الساحة الدولية ورغبتها في استعادة تايوان.
ستظل إمبراطورية الوسط، المعزولة منذ بداية الوباء، منغلقة خلف جدارها الصحي حتى مؤتمر الخريف، أو حتى بعده إذا استمر الوباء. وكرمز كامل المواصفات، لم يغادر شي جين بينغ البلاد منذ 18 يناير 2020. ويُجبر الأجانب المرخص لهم بدخول البلاد على الحجر الصحي من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ويخضعون لمجموعة من الاختبارات. وتم تقليص الرحلات الجوية الدولية إلى عدد صغير جدا.
«مع إعلان الدعاية الصينية أن نجاح استراتيجية ‘صفر كوفيد’ يعكس تفوق النظام الشيوعي على الديمقراطيات الغربية، لا خيار أمام بكين سوى مواصلة هذا النهج الراديكالي، يرى ريتشارد ماكجريجور، الباحث في معهد لوي في سيدني، اما السبب الآخر فهو أن الدولة ببساطة لا تستطيع تحمّل تفشّي المرض لأن نظام الصحة العامة لديها ليس قويا بما فيه الكفاية». إن للسلطات ما يدعو للقلق: وفقًا لدراسة حديثة أجراها أكاديميون في هونغ كونغ، فإن لقاح المختبر الصيني سينوفاك لا يحمي من أوميكرون، حتى مع ثلاث جرعات.
“هذا المتحوّر شديد العدوى، ويشكّل تهديدًا للاستراتيجية الصينية: فهو يجبر الحكومة على دفع القيود الصحية إلى أبعد من ذلك، دون ضمان النجاح”، يضيف تشاو تونغ، الباحث في مركز كارنيجي تسينغهوا في بكين.
ولئن أدى إلى الإغلاق المادي للبلاد، فإن الوباء سرّع عملية الانكفاء الأيديولوجي التي بدأت عام 2013، والتي تتجلى في انعدام كبير للثقة في الأجانب -لا سيما المنظمات غير الحكومية والصحفيين. ولم يمنع هذا الصين، التي زادت صادراتها أثناء الوباء، من البقاء على ارتباط بالعولمة.
زعيم محافظ جدا
هناك اتجاه أساسي آخر، وهو أن شي جين بينغ اخضع العديد من القطاعات الاقتصادية، منها عمالقة الإنترنت مثل علي بابا وفرض الانضباط عليها. “إن الحزب الشيوعي ليس إلا في بداية استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تقوية سلطة الحزب على الاقتصاد باسم العودة إلى المثل العليا للاشتراكية”، تؤكد أليس إيكمان، الباحثة المسؤولة عن آسيا في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية. مهما كان الثمن: لم يتردد النظام في التضحية بجاذبية المركز المالي لهونغ كونغ من أجل إخضاع الإقليم للسيطرة الكاملة.
ان “الإمبراطور الأحمر”، الذي يلوّح بحلم “الرخاء المشترك”، يدعو الآن الأغنى للمساهمة في الحد من التفاوت الاجتماعي. “لكن المجتمع سيتم إعادة تأطيره بشكل أكبر في حياته اليومية. نحن نتجه نحو محافظة ثقافية تزداد قوّة، تحت زخم قائد من ‘المدرسة القديمة’ جدا، يطالب بالعودة إلى نمط حياة أكثر بساطة”، تتابع أليس إيكمان. تُحظر أي ممارسة تعتبر منحرفة أو “مبتذلة”. بعد ادانة المشاهير الذكور بمظهر “مخنث”، وتحديد ممارسة ألعاب الفيديو للقصّر بثلاث ساعات في الأسبوع، منعت السلطات المنتخب الوطني لكرة القدم من اعتماد الوشم. كما يحظر النظام أيضًا حسابات الشبكات الاجتماعية التي تمجّد الاستهلاك الفاخر، مثل مستخدم إنترنت يتباهى بالاستمتاع بأكلة سرطان البحر في أجنحة فندقية فاخرة.
بالتأكيد، لا علاقة لتباطؤ النمو بهذا التصلب، وأن أوميكرون يزيد من تعقيد الوضع. “يمثل هذا المتحوّر تحديًا كبيرًا للاقتصاد الصيني الذي سبق أن تباطأ بشكل حاد في نهاية العام الماضي وسيستمر في ذلك في النصف الأول من العام، خاصة أن السلطات قد شرعت في إعادة هيكلة قطاع العقارات، المثقل بالديون، والذي يمثل في المجموع ما يقارب 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي”، تحذّر أليسيا هيريرو غارسيا، كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادي في ناتيكسيس.
الخطر الآخر، هو التوترات مع واشنطن التي لم تختف مع جو بايدن. رغم سعيها إلى أن تصبح أكثر استقلالية، “لا تزال الصين تعتمد على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى للوصول إلى التقنيات العالية، يلخص تشاو تونغ، وإذا حافظ بايدن على القيود المفروضة على صادرات هذا النوع من المكونات، فسيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لاستمرار تطوّرها السريع».
مع انها كانت رغبته الاثيرة، لن تكون فترة ولاية شي جين بينغ الثالثة سهلة.
-- لم يمنع الانغلاق الأيديولوجي الصين، التي زادت صادراتها أثناء الوباء، من البقاء على ارتباط بالعولمة
-- تتجه الصين نحو محافظة ثقافية تزداد قوّة، مستمدّة من المدرسة القديمة
-- لا تزال الصين مرتهنة للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى للوصول إلى التقنيات العالية
من المتوقع أن يظل الرجل الأول في الصين في السلطة لخمس سنوات أخرى على الأقل في الخريف المقبل. وسيستمرّ الخط المتشدد الذي أقيم منذ عشريّة تقريبا.
بعد ما يقارب العامين من الحجر الصحي الشامل في ووهان، تجد الآن مدينة شيان، المشهورة بجيشها من جنود الطين، نفسها معزولة عن العالم، منذ اكتشاف بضع مئات من حالات كوفيد-19.
محاصرون، مُنع السكان البالغ عددهم 13 مليون نسمة من مغادرة منازلهم منذ نهاية ديسمبر (باستثناء الفحص)، وتجد السلطات صعوبة في تزويدهم بالطعام. وفي هذا المناخ المثير للقلق، يقوم اعوان يرتدون زي رواد الفضاء بنشر سحب من المطهرات في كل زاوية وركن في العاصمة الإمبراطورية السابقة، وتم قطع جميع المواصلات بالقطار أو الطائرة.
في مواجهة ظهور متحوّر أوميكرون، أصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق استراتيجية “صفر كوفيد”، في حالة تأهب قصوى مجددا. يخشى النظام من اندلاع حالات، قبل أسابيع قليلة من افتتاح أولمبياد بكين في 4 فبراير. وخصوصا، يريد تجنب أي زعزعة للاستقرار عند اقتراب حدث سياسي كبير: المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني، في خريف عام 2022، والذي يفترض أن يتوج شي جين بينغ لولاية ثالثة.
وسيكون الرئيس، 68 عاما، الذي منح نفسه، بفضل تعديل الدستور في 2018، إمكانية البقاء في منصبه مدى الحياة الا في صورة ثورة غير محتملة، أول زعيم منذ عقود يتجاوز عشر سنوات على رأس البلد. وبذلك، يتحرّر من القواعد التي أصدرها الزعيم السابق دنغ شياو بينغ، والتي تهدف إلى منع شخصية جديدة على غرار ماو من التمسك بالسلطة.
جدار صحي
وبمجرد تثبيته لخمس سنوات أخرى على الأقل، سيواصل من يشغل أيضًا منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، الخط المتشدد الذي أسسه، وسيستمرّ ابن “الأمير الأحمر” ضحية تطهير ماو، تقوية سلطته وإسكات أدنى صوت احتجاج، مع التأكيد على مكانة الصين على الساحة الدولية ورغبتها في استعادة تايوان.
ستظل إمبراطورية الوسط، المعزولة منذ بداية الوباء، منغلقة خلف جدارها الصحي حتى مؤتمر الخريف، أو حتى بعده إذا استمر الوباء. وكرمز كامل المواصفات، لم يغادر شي جين بينغ البلاد منذ 18 يناير 2020. ويُجبر الأجانب المرخص لهم بدخول البلاد على الحجر الصحي من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ويخضعون لمجموعة من الاختبارات. وتم تقليص الرحلات الجوية الدولية إلى عدد صغير جدا.
«مع إعلان الدعاية الصينية أن نجاح استراتيجية ‘صفر كوفيد’ يعكس تفوق النظام الشيوعي على الديمقراطيات الغربية، لا خيار أمام بكين سوى مواصلة هذا النهج الراديكالي، يرى ريتشارد ماكجريجور، الباحث في معهد لوي في سيدني، اما السبب الآخر فهو أن الدولة ببساطة لا تستطيع تحمّل تفشّي المرض لأن نظام الصحة العامة لديها ليس قويا بما فيه الكفاية». إن للسلطات ما يدعو للقلق: وفقًا لدراسة حديثة أجراها أكاديميون في هونغ كونغ، فإن لقاح المختبر الصيني سينوفاك لا يحمي من أوميكرون، حتى مع ثلاث جرعات.
“هذا المتحوّر شديد العدوى، ويشكّل تهديدًا للاستراتيجية الصينية: فهو يجبر الحكومة على دفع القيود الصحية إلى أبعد من ذلك، دون ضمان النجاح”، يضيف تشاو تونغ، الباحث في مركز كارنيجي تسينغهوا في بكين.
ولئن أدى إلى الإغلاق المادي للبلاد، فإن الوباء سرّع عملية الانكفاء الأيديولوجي التي بدأت عام 2013، والتي تتجلى في انعدام كبير للثقة في الأجانب -لا سيما المنظمات غير الحكومية والصحفيين. ولم يمنع هذا الصين، التي زادت صادراتها أثناء الوباء، من البقاء على ارتباط بالعولمة.
زعيم محافظ جدا
هناك اتجاه أساسي آخر، وهو أن شي جين بينغ اخضع العديد من القطاعات الاقتصادية، منها عمالقة الإنترنت مثل علي بابا وفرض الانضباط عليها. “إن الحزب الشيوعي ليس إلا في بداية استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تقوية سلطة الحزب على الاقتصاد باسم العودة إلى المثل العليا للاشتراكية”، تؤكد أليس إيكمان، الباحثة المسؤولة عن آسيا في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية. مهما كان الثمن: لم يتردد النظام في التضحية بجاذبية المركز المالي لهونغ كونغ من أجل إخضاع الإقليم للسيطرة الكاملة.
ان “الإمبراطور الأحمر”، الذي يلوّح بحلم “الرخاء المشترك”، يدعو الآن الأغنى للمساهمة في الحد من التفاوت الاجتماعي. “لكن المجتمع سيتم إعادة تأطيره بشكل أكبر في حياته اليومية. نحن نتجه نحو محافظة ثقافية تزداد قوّة، تحت زخم قائد من ‘المدرسة القديمة’ جدا، يطالب بالعودة إلى نمط حياة أكثر بساطة”، تتابع أليس إيكمان. تُحظر أي ممارسة تعتبر منحرفة أو “مبتذلة”. بعد ادانة المشاهير الذكور بمظهر “مخنث”، وتحديد ممارسة ألعاب الفيديو للقصّر بثلاث ساعات في الأسبوع، منعت السلطات المنتخب الوطني لكرة القدم من اعتماد الوشم. كما يحظر النظام أيضًا حسابات الشبكات الاجتماعية التي تمجّد الاستهلاك الفاخر، مثل مستخدم إنترنت يتباهى بالاستمتاع بأكلة سرطان البحر في أجنحة فندقية فاخرة.
بالتأكيد، لا علاقة لتباطؤ النمو بهذا التصلب، وأن أوميكرون يزيد من تعقيد الوضع. “يمثل هذا المتحوّر تحديًا كبيرًا للاقتصاد الصيني الذي سبق أن تباطأ بشكل حاد في نهاية العام الماضي وسيستمر في ذلك في النصف الأول من العام، خاصة أن السلطات قد شرعت في إعادة هيكلة قطاع العقارات، المثقل بالديون، والذي يمثل في المجموع ما يقارب 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي”، تحذّر أليسيا هيريرو غارسيا، كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادي في ناتيكسيس.
الخطر الآخر، هو التوترات مع واشنطن التي لم تختف مع جو بايدن. رغم سعيها إلى أن تصبح أكثر استقلالية، “لا تزال الصين تعتمد على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى للوصول إلى التقنيات العالية، يلخص تشاو تونغ، وإذا حافظ بايدن على القيود المفروضة على صادرات هذا النوع من المكونات، فسيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لاستمرار تطوّرها السريع».
مع انها كانت رغبته الاثيرة، لن تكون فترة ولاية شي جين بينغ الثالثة سهلة.