قوة اللوبي الإسرائيلي دفعته إلى التردد حتى فات الأوان

فورين بوليسي: هذه هي التحديات التي تُواجه بايدن في 2022

فورين بوليسي: هذه هي التحديات التي تُواجه بايدن في 2022


وضعت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية قائمة التحديات التي على الرئيس الأمريكي الاستعداد لها في العام المقبل.
واستهل الكاتب ستيفن م والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، مقاله بالإشادة ببعض النجاحات للرئيس الحالي جو بايدن، من التعامل مع اقتحام الكونغرس، وجائحة كورونا، إلى إنهاء أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة. لكنه في الوقت نفسه، اعتبر أنه رغم بعض النجاحات الحقيقية في السياسة الخارجية، فإن 2022 لن يكون مريحاً للرئيس، إذ لا تزال الجائحة تمثل مشكلة خطيرة، كما يتزايد قلق واشنطن من أعدائها، بالتزامن مع تشتّت حلفائها. وفي غضون ذلك، تعيش نسبة كبيرة من الأمريكيين في عوالم بديلة مليئة بالروايات الكاذبة و”الحقائق” المختلقة.

وقال الكاتب إنه ورغم أن قضية تايوان ستستمر في تعقيد العلاقات الصينية الأمريكية، إلا الصراع لن يتطور إلى مواجهة عسكرية بين البلدين بسببها في 2022. وإذ رأى أن فريق بايدن سيستمر في التركيزعلى المنافسة طويلة الأمد مع الصين، أمل والت أن يُترجم الإجماع الناشئ بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على هذه القضية، إلى سياسات فعالة لتقوية الولايات المتحدة داخلياً.
واستبعد الكاتب أن تشن روسيا هجوماً كبيراً لإخضاع أوكرانيا بأكملها، ورأى أن بايدن لن يكون الرابح في هذه القضية. فالإدارة الأمريكية لا ترغب في حرب على أرض بعيدة عنها، كما تُدرك أن إرسال المزيد من الأسلحة إلى كييف، لن يقلب ميزان القوة بما يكفي لردع غزو روسي محدود.
وأوضح الكاتب، أن التحدي الذي يواجهه بايدن، وحلف شمال الأطلسي، الآن هو معرفة كيفية الحفاظ على الاستقلال الأوكراني دون الخضوع للابتزاز الروسي. وإذا سهل التوصل إلى اتفاق على حياد أوكرانيا في 2014 ؛ فإن ذلك أصبح أكثر صعوبة اليوم.

إسرائيل وإيران
واعتبر والت أن قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران كان واحداً من أكثر قرارات السياسة الخارجية صعوبة في الأعوام الـ50 الماضية. وأشار إلى أن بايدن تعهد بإعادة العمل بخطة العمل الشاملة المشتركة بمجرد توليه منصبه، لكن قوة اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة دفعته إلى التردد، حتى فات الأوان. وأضاف أنه بسبب خطأ ترامب الفادح، فإن خيارات اليوم غير جذابة، وأن الرهان في المستقبل، يتمثّل في مضي إسرائيل وحلفائها في الولايات المتحدة في 2022 في التلميح إلى احتمال توجيه ضربة وقائية، ومحاولة دفع الإدارة الأمريكية إلى تحمل العبء بدلاً عنها. وأمل والت أن لا يستمع بايدن لهذا التوجه، لكنه في الوقت نفسه أكد أنه لا يُمكن للرئيس تجاهله حتى لو أراد التركيز على آسيا، وتغيّر المناخ، وجائحة كورونا مع تخصيص وقت واهتمام أقل للشرق الأوسط.

مخاوف على المصداقية
يتعيّن على بايدن معرفة كيفية معالجة مشكلة مصداقية الولايات المتحدة، كما عليه أولاً فهم ماهية هذه المشكلة.
ووفق والت، تُواجه الولايات المتحدة اليوم مشكلة مصداقية لسببين رئيسيين، أولاً، المبالغة في الالتزامات، وصعوبة الوفاء بجميع ضماناتها الأمنية في وقت واحد. وبمرور الوقت، يستنزف هذا النهج الموارد والإرادة السياسية. ولهذا السبب، تراجعت مصداقية الولايات المتحدة إلى حد ما اليوم، لا لأن بايدن متردّد بل لأن البلد ككل سئم الحروب التي لا طائل منها. وثانياً، الاستقطاب المحلي والخلل السياسي إضافة إلى ردود فعل الإدارة الأمريكية على أي وضع دولي.
وسأل والت “لماذا يتعيّن على الدول الأخرى تعديل سياساتها بما يتماشى مع سياسات الولايات المتحدة؟”، مشيراً إلى أن تضاؤل الإيمان بقدرة الولايات المتحدة الأساسية على إنجاز الأمور بفاعلية، يؤدي حتماً إلى تآكل مصداقيتها، وحتى عندما تكون الإرادة موجودة، فإن إقناع الآخرين بالقدرة على الوفاء بالوعود أمر مهم، أيضاً.

الأزمة الإنسانية المقبلة
قال والت: “لا يمكن معرفة مكان الأزمة الإنسانية المقبلة، في أفغانستان، أم فنزويلا، أم ميانمار، أم لبنان، أم أفريقيا جنوب الصحراء، لكن من المرجح أن يؤدي مزيج من الضغط البيئي، والعنف المستمر، والانهيار الاقتصادي إلى تداعيات جديدة على المجتمع العالمي المنهك بالمآسي الماضية والوباء المستمر.
وبما أن الأزمة ستستهلك على الفور الموارد النادرة، أي الوقت، نصح والت بايدن بالتحلّي بالمرونة في التعامل مع المفاجئ.

أولويات والتزام
وعن المكلّفين بإدارة السياسة الخارجية للولايات المتحدة، قال الكاتب إن التحدي الأخير في 2022، سيكون مقاومة الضغوط للانخراط في الأزمة الحالية.
وقال والت: “عندما تنفجر الأزمة الانسانية المقبلة، سيُواجه بايدن وفريقه ضغوطاً محلية كبرى، من جماعات الضغط، والصحافيين، ونشطاء حقوق الإنسان، ومصالح الشركات».
وأضاف أن رغبة الإدارة في إثبات شعار “أمريكا عادت”، يمكن أن تجعلها عرضة بشكل خاص لهذه الضغوط، ما يزيد خطورة انحراف الإدارة عن مسارها بسبب الأحداث المفاجئة. وإذا حدث، فستنضم إلى القائمة الطويلة من لإدارات الحديثة التي بذلت الكثير من المحاولات، ولكنها أنجزت معظمها بشكل سيئ.

الحرب الأهلية
واعتبر والت أن مستقبل الولايات المتحدة، وحياة الأمريكيين، أكثر أهمية، محذراً من مواجهة الولايات المتحدة خطر الحرب الأهلية، وحتى إن لم يتجسد العنف على نطاق واسع، فمن السهل تخيل سلسلة  أحداث مزعزعة مثل، الانتخابات المتنازع عليها، وحكومات منتخبة لا تمثل الإرادة الشعبية وتفتقر إلى شرعية واسعة النطاق، وعجز المؤسسات الحكومية المتزايد عن أداء الوظائف الأساسية بفعالية.
وبالإضافة إلى تهديد الحريات الأساسية، ونوعية حياة الأمريكيين، فإن الانقسامات المحلية من هذا النوع ستجعل من المستحيل تقريباً، إدارة سياسة خارجية فعالة، ما يؤدي إلى تسريع التدهور في الولايات المتحدة. وختم والت بالقول إنه لهذه الأسباب، لم تتغيّر التحديات الرئيسية التي يواجهها بايدن في 2022 منذ أن أدى اليمين الدستورية. وحتى تنجح الولايات المتحدة على المسرح العالمي، يجب أن ينتهي الجنون الحزبي الذي يقضي على أسس ديمقراطيتها، مؤكداً أن الإصلاحات الدستورية بعيدة المدى فقط هي التي ستوقف التدهور، لكن جهود الإصلاح الرئيسية ستتعرض لرفض بعض المجموعات، خاصة الحزب الجمهوري، الذي يستفيد حالياً من السياسة المناهضة للديمقراطية القائمة.