رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة الأمير فيصل بن تركي
قمة نيس للمحيطات.. نجاح «رمزي» لماكرون وسط تحديات بيئية
اعتبر محللون وخبراء سياسيون فرنسيون أن قمة الأمم المتحدة للمحيطات التي عقدت في مدينة نيس الفرنسية أمس الأول الاثنين أظهرت حرصًا متجددًا على حماية أعماق البحار، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن محدودية الإرادة السياسية العالمية أمام التحديات البيئية المتسارعة.
وبينما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «النصر» فيما يتعلق بالمعاهدة الدولية لحماية أعالي البحار، أشار مراقبون إلى أن الكثير من الالتزامات بقيت في دائرة الرمزية ولم ترقَ إلى مستوى الطموحات العلمية أو البيئية.
نجاح رمزي
وفي مستهل قمة المحيطات في نيس، أعلن ماكرون أن «المعركة قد كُسبت» بشأن التصديق على معاهدة أعالي البحار، وهي أبرز نقاط القمة. وقد أشار إلى أن خمسين دولة قد أودعت وثائق التصديق رسميًا، بينما التزمت 15 دولة أخرى بالانضمام قبل نهاية العام. إلا أن فرنسا لم تنجح في بلوغ الهدف الرمزي ببلوغ 60 تصديقًا خلال القمة، وهو الحد اللازم لدخول المعاهدة حيّز التنفيذ بعد 120 يومًا من آخر تصديق. من جانبه، قال الدكتور باتريس لوران، الباحث السياسي في «معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية» لـ»إرم نيوز» إن «ماكرون نجح إعلاميًا في تقديم فرنسا كقائد أممي في حماية المحيطات، لكن مضمون القمة ظل بعيدًا عن أي تحول بنيوي.
وأوضح أن الإعلان عن المعاهدة خطوة مهمة، لكنها لا تكفي في غياب آليات تنفيذ صارمة ورقابة دولية حقيقية». بدوره، قال كارلو كارارو، أستاذ دولي وخبير في الاقتصاد البيئي في «مركز البحوث السياسية الأوروبية» (CEPR)، لـ»إرم نيوز» إن «ما نراه في نيس هو نسخة بيئية من قمم المناخ: الكثير من النوايا والقليل من الأفعال.
ورأى كارارو أنه بدون التزام واضح من الولايات المتحدة ودول مجموعة العشرين، ستبقى هذه الجهود بلا أسنان. على أوروبا أن تقود بمبادرات أكثر جرأة لا تكتفي بالتصريحات».
واعتبر أنه على الرغم من البريق الإعلامي لقمة نيس، فإن الواقع يشي بأن المعركة من أجل إنقاذ المحيطات لم تُكسب بعد. وبينما تراهن فرنسا على المعاهدات متعددة الأطراف، يبقى التهديد الأحادي، لا سيما من قبل الولايات المتحدة، أكبر تحدٍ أمام تحقيق أهداف 2030. وتساءلت: «هل تكون نيس مجرد حلقة جديدة في سلسلة مؤتمرات الوعد دون وفاء؟».
هجوم مبطن على ترامب
وأشار ماكرون إلى «أن الأعماق البحرية ليست للبيع، ولا غرينلاند، ولا القطب الجنوبي»، في انتقاد غير مباشر للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يعتزم إطلاق عمليات تنقيب عن النيكل والمعادن في المحيط الهادئ خارج الأطر الدولية.
وقد انضم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى دعوات ماكرون، مؤكدًا أن «الأعماق لا يمكن أن تتحول إلى الغرب الأمريكي المتوحش».
غياب الالتزام الجماعي
ورغم الحضور الواسع الذي تجاوز 60 رئيس دولة وحكومة، لم تُعلن أي تعهدات جماعية صارمة لحماية المحيطات. وباستثناء معاهدة أعالي البحار، اقتصرت النتائج على مبادرات فردية غير مُلزِمة. فرنسا مثلاً أعلنت قيودًا على استخدام «الشلّاتة القاعية» (نوع من الصيد الجائر) في 4% من مياهها الوطنية فقط، ما أثار انتقادات المنظمات البيئية لضعف الطموح الفرنسي، بحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية.
وعلى العكس من فرنسا، أعلنت بريطانيا عزمها على حظر الشلّاتة في 41 منطقة بحرية محمية، أي نحو 30 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل نصف المساحات المحمية في إنجلترا. أما جزر ساموا فقد سبقت الجميع قبل القمة، وأعلنت حظر الصيد في 9 محميات بحرية جديدة تغطي 36 ألف كيلومتر مربع، ما يمثل 30% من مياهها الوطنية.
غياب أمريكي لافت... وحضور فاتر
رغم كونها الدولة صاحبة أكبر منطقة بحرية في العالم، لم ترسل الولايات المتحدة سوى وفد تقني إلى نيس. في المقابل، عبّر رؤساء دول من الجنوب العالمي، مثل البرازيل وبالاو، عن قلقهم من تصاعد «التهديد الأحادي»، داعين إلى اتخاذ إجراءات ملزمة ضد السباق الاستثماري لنهب المعادن البحرية.
ورئيس بالاو صرح قائلًا: «إذا أردتم حماية المحيطات فعلًا، أثبتوا ذلك عبر تخفيف ديون الدول الجزرية الصغيرة». مؤكدًا أن المحيط بالنسبة لهم «ليس مجرد مورد، بل هو الحياة والثقافة والاقتصاد».
والهدف الدولي المعلن هو حماية 30% من المحيطات بحلول عام 2030 (ما يعرف بمبادرة 30 إكس 30)، لكن الواقع أن الحماية الفعلية تغطي فقط 8.36%.
وقد قالت منظمة غرينبيس إن هذا المعدل سيجعلنا نبلغ الهدف في عام 2107، أي بعد 82 عامًا من الموعد المقرر، إذا استمرت الوتيرة على هذا النحو.