رئيس الدولة والرئيس الروسي يبحثان سبل احتواء التصعيد في المنطقة والاحتكام إلى الحوار
بعد 10 سنوات في السلطة
كوريا الشمالية: لا يزال كيم جونغ أون حذرًا من بكين...!
-- تريد بكين منع المجاعة من التسبّب في تدفق اللاجئين، كما حدث في التسعينات
-- اليابان عدو عمره 100 عام، لكن الصين هي عدو عمره ألف عام
-- فعلت بيونغ يانغ دائما كل شيء من أجل تفادي هيمنة الصين ونفوذها
-- قبل الوباء، كانت 90 بالمائة من تجارة كوريا الشمالية مع الصين
-- طيلة الحرب الباردة، استمرت كوريا الشمالية في اللعب على وتر المنافسة بين الصين والاتحاد السوفياتي
قد تكون الصين الحليف الوحيد لكوريا الشمالية، لكن وريث أسرة كيم الشيوعية يخشى التدخل في شؤونه الداخلية. بدأ النشاط يدبّ منذ الخريف عند جسر الصداقة الصينية-الكورية الشمالية الذي يربط بين سينويجو، في كوريا الشمالية، وداندونغ، في الصين، ما وراء نهر يالو.وقالت إدارة الجمارك الصينية، إن التجارة الثنائية وصلت إلى 69.9 مليون دولار في سبتمبر، بزيادة 142.8 بالمائة في عام.
ومن المفترض أن يساعد استئناف التجارة الثنائية، كوريا الشمالية على تلبية احتياجاتها الطبية والغذائية الكبيرة -التي تقدرها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بنحو 860 ألف طن لعام 2021.
هذا الانتعاش -ومع ذلك، ما زلنا بعيدين عن المستويات السابقة للوباء -يشهد على حدود سياسة “الاكتفاء الذاتي الوطني”، التي رُفع شعارها منذ إغلاق الحدود في بداية وباء فيروس كورونا عام 2020، من قبل الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون.
في ديسمبر من هذا العام، يحتفل هذا الأخير بالعشرية التي قضاها على رأس البلاد في وقت دقيق، حيث يعاني الشعب من أزمة اقتصادية خطيرة. فرغم طموحات الزعيم الشاب، لا تزال كوريا الشمالية، في الواقع، تعتمد على حليفها الوحيد: الصين.
«الصين، عدو
عمره ألف عام»
ومع ذلك، فإن علاقة بيونغ يانغ مع جارتها القوية معقدة. وسيكون من التبسيط جدًا التفكير في أن الصين يمكن أن يكون لها أي تأثير على قراراتها. العقد الذي انقضى منذ وفاة والده كيم جونغ إيل في 17 ديسمبر 2011، جعله يفرض نفسه داخليًا ولكن أيضًا على الساحة الدولية. وتمكّن كيم الثالث من فرض نفسه على واشنطن وكذلك على بكين.
وبهذا المعنى، يتنزّل كيم جونغ أون في خانة أسلافه الذين كانوا دائمًا حذرين من الجار الصيني. “الكوريون الشماليون لديهم قول مأثور: اليابان عدو عمره 100 عام، لكن الصين هي عدو عمره ألف عام”، يوضّح يون صن من مركز التحليل الأمريكي ستيمسون.
ورغم أن ماو تسي تونغ (1893-1976) جند جيش التحرير الشعبي إلى جانب الشمال خلال الحرب الكورية (1950-1953)، ظل اعتراف بيونغ يانغ بالجميل محدودًا خوفًا من تدخل بكين في الشؤون الكورية الشمالية، ومن تهديد لسلطة الزعيم كيم إيل -سونغ. وطيلة الحرب الباردة، استمر الشمال في اللعب على وتر المنافسة بين الصين والاتحاد السوفياتي.
في عهد كيم جونغ أون، تم استبدال الاتحاد السوفياتي بالعدو الأمريكي، لكن استمر انعدام الثقة تجاه الصين، التي أقامت على وجه الخصوص علاقات دبلوماسية مع كوريا الجنوبية عام 1992 دون تحذير كوريا الشمالية.
عام 2012، صادرت بيونغ يانغ من مجموعة هايتشنغ شيانغ الصينية موقعا لتعدين خام الحديد في جنوب غرب البلاد، متهمة إياها بأنها استثمرت نصف الاستثمارات الموعودة فقط. وأعقب إعدام كيم عام 2013 لعمه بالمصاهرة، جانغ سونغ-تايك، الذي كان يسيطر على الاقتصاد وزرع شبكات كبيرة في الصين، وتلاه عام 2017 تصفية أخيه غير الشقيق كيم جونغ نام، الذي اغتيل في مطار كوالالمبور، وهو أيضا وريث أسرة كيم، ويتمتع بحماية بكين.
رغم التقارب الواضح،
لا تزال العلاقات معقدة
ينضاف إلى كل ذلك السعي وراء التطوير النووي. تبدو القذائف الصاروخية والتجارب النووية وكأنها رسائل موجهة إلى الأمريكيين وكذلك للصينيين. نُفِّذت تجربة فبراير 2013 قبل مباشرة الرئيس شي جين بينغ مهامه مما أثار غضب بكين وادانتها حتى للتجارب التالية. ولم تطعن الصين لاحقا في فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات اقتصادية قاسية على نحو متزايد. بل إنها طبقتها جزئيًا، دون تجميد التجارة. إنها تريد منع تسبب المشاكل الغذائية في تدفق اللاجئين، كما حدث خلال المجاعة الكبرى في التسعينات. قبل الوباء، كانت 90 بالمائة من تجارة كوريا الشمالية مع الصين.
عندما فتح قوس الانفراج في شبه الجزيرة عام 2018، والتي تميزت بسلسلة القمم بين كيم جونغ أون ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، ثم مع الأمريكي دونالد ترامب؛ بدأت بيونغ يانغ ايضا تقاربًا مع بكين. وتجسد هذا مع زيارة شي جين بينغ لبيونغ يانغ في يونيو 2019. ومنذ فشل قمة فبراير 2019 بين ترامب وكيم، أصبح التواصل مع الأمريكيين في أدنى مستوياته على الإطلاق ويبدو أن العلاقات مع بكين قد تحسنت.
«ظاهريًا، كل شيء على ما يرام، لكن الواقع لا يزال معقدًا. كوريا الشمالية قريبة من الصين لأنه لا خيار لديها، لكنها لا تريد أن تكون مرتهنة لها بأي شكل من الأشكال. وفعلت دائما كل شيء من اجل تفادي هيمنة وتأثير الصين ونفوذها”، يُذكّر شين بونغ-سوب، من جامعة كوانجوون في كوريا الجنوبية. وتخشى بيونغ يانغ من التأثير المزعزع للاستقرار، والذي قد يؤدي للإطاحة بالنظام، والى وجود صيني مفرط على أرضها.
بالإضافة إلى المسائل الاقتصادية، فإن الصين ضرورية أيضًا للحوار مع الأمريكيين، وأولوية بالنسبة للكوريين الشماليين. “إنها الوحيدة القادرة على التوسط بين الطرفين اذ لا يزال منسوب انعدام الثقة بين واشنطن وبيونغ يانغ مرتفعًا للغاية”، يشير تشيونغ سيونغ تشانغ، من معهد سيجونغ الكوري الجنوبي.
إن بكين هي الحبيب اللدود لمملكة الناسك أكثر من أي وقت مضى.
-- اليابان عدو عمره 100 عام، لكن الصين هي عدو عمره ألف عام
-- فعلت بيونغ يانغ دائما كل شيء من أجل تفادي هيمنة الصين ونفوذها
-- قبل الوباء، كانت 90 بالمائة من تجارة كوريا الشمالية مع الصين
-- طيلة الحرب الباردة، استمرت كوريا الشمالية في اللعب على وتر المنافسة بين الصين والاتحاد السوفياتي
قد تكون الصين الحليف الوحيد لكوريا الشمالية، لكن وريث أسرة كيم الشيوعية يخشى التدخل في شؤونه الداخلية. بدأ النشاط يدبّ منذ الخريف عند جسر الصداقة الصينية-الكورية الشمالية الذي يربط بين سينويجو، في كوريا الشمالية، وداندونغ، في الصين، ما وراء نهر يالو.وقالت إدارة الجمارك الصينية، إن التجارة الثنائية وصلت إلى 69.9 مليون دولار في سبتمبر، بزيادة 142.8 بالمائة في عام.
ومن المفترض أن يساعد استئناف التجارة الثنائية، كوريا الشمالية على تلبية احتياجاتها الطبية والغذائية الكبيرة -التي تقدرها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بنحو 860 ألف طن لعام 2021.
هذا الانتعاش -ومع ذلك، ما زلنا بعيدين عن المستويات السابقة للوباء -يشهد على حدود سياسة “الاكتفاء الذاتي الوطني”، التي رُفع شعارها منذ إغلاق الحدود في بداية وباء فيروس كورونا عام 2020، من قبل الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون.
في ديسمبر من هذا العام، يحتفل هذا الأخير بالعشرية التي قضاها على رأس البلاد في وقت دقيق، حيث يعاني الشعب من أزمة اقتصادية خطيرة. فرغم طموحات الزعيم الشاب، لا تزال كوريا الشمالية، في الواقع، تعتمد على حليفها الوحيد: الصين.
«الصين، عدو
عمره ألف عام»
ومع ذلك، فإن علاقة بيونغ يانغ مع جارتها القوية معقدة. وسيكون من التبسيط جدًا التفكير في أن الصين يمكن أن يكون لها أي تأثير على قراراتها. العقد الذي انقضى منذ وفاة والده كيم جونغ إيل في 17 ديسمبر 2011، جعله يفرض نفسه داخليًا ولكن أيضًا على الساحة الدولية. وتمكّن كيم الثالث من فرض نفسه على واشنطن وكذلك على بكين.
وبهذا المعنى، يتنزّل كيم جونغ أون في خانة أسلافه الذين كانوا دائمًا حذرين من الجار الصيني. “الكوريون الشماليون لديهم قول مأثور: اليابان عدو عمره 100 عام، لكن الصين هي عدو عمره ألف عام”، يوضّح يون صن من مركز التحليل الأمريكي ستيمسون.
ورغم أن ماو تسي تونغ (1893-1976) جند جيش التحرير الشعبي إلى جانب الشمال خلال الحرب الكورية (1950-1953)، ظل اعتراف بيونغ يانغ بالجميل محدودًا خوفًا من تدخل بكين في الشؤون الكورية الشمالية، ومن تهديد لسلطة الزعيم كيم إيل -سونغ. وطيلة الحرب الباردة، استمر الشمال في اللعب على وتر المنافسة بين الصين والاتحاد السوفياتي.
في عهد كيم جونغ أون، تم استبدال الاتحاد السوفياتي بالعدو الأمريكي، لكن استمر انعدام الثقة تجاه الصين، التي أقامت على وجه الخصوص علاقات دبلوماسية مع كوريا الجنوبية عام 1992 دون تحذير كوريا الشمالية.
عام 2012، صادرت بيونغ يانغ من مجموعة هايتشنغ شيانغ الصينية موقعا لتعدين خام الحديد في جنوب غرب البلاد، متهمة إياها بأنها استثمرت نصف الاستثمارات الموعودة فقط. وأعقب إعدام كيم عام 2013 لعمه بالمصاهرة، جانغ سونغ-تايك، الذي كان يسيطر على الاقتصاد وزرع شبكات كبيرة في الصين، وتلاه عام 2017 تصفية أخيه غير الشقيق كيم جونغ نام، الذي اغتيل في مطار كوالالمبور، وهو أيضا وريث أسرة كيم، ويتمتع بحماية بكين.
رغم التقارب الواضح،
لا تزال العلاقات معقدة
ينضاف إلى كل ذلك السعي وراء التطوير النووي. تبدو القذائف الصاروخية والتجارب النووية وكأنها رسائل موجهة إلى الأمريكيين وكذلك للصينيين. نُفِّذت تجربة فبراير 2013 قبل مباشرة الرئيس شي جين بينغ مهامه مما أثار غضب بكين وادانتها حتى للتجارب التالية. ولم تطعن الصين لاحقا في فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات اقتصادية قاسية على نحو متزايد. بل إنها طبقتها جزئيًا، دون تجميد التجارة. إنها تريد منع تسبب المشاكل الغذائية في تدفق اللاجئين، كما حدث خلال المجاعة الكبرى في التسعينات. قبل الوباء، كانت 90 بالمائة من تجارة كوريا الشمالية مع الصين.
عندما فتح قوس الانفراج في شبه الجزيرة عام 2018، والتي تميزت بسلسلة القمم بين كيم جونغ أون ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، ثم مع الأمريكي دونالد ترامب؛ بدأت بيونغ يانغ ايضا تقاربًا مع بكين. وتجسد هذا مع زيارة شي جين بينغ لبيونغ يانغ في يونيو 2019. ومنذ فشل قمة فبراير 2019 بين ترامب وكيم، أصبح التواصل مع الأمريكيين في أدنى مستوياته على الإطلاق ويبدو أن العلاقات مع بكين قد تحسنت.
«ظاهريًا، كل شيء على ما يرام، لكن الواقع لا يزال معقدًا. كوريا الشمالية قريبة من الصين لأنه لا خيار لديها، لكنها لا تريد أن تكون مرتهنة لها بأي شكل من الأشكال. وفعلت دائما كل شيء من اجل تفادي هيمنة وتأثير الصين ونفوذها”، يُذكّر شين بونغ-سوب، من جامعة كوانجوون في كوريا الجنوبية. وتخشى بيونغ يانغ من التأثير المزعزع للاستقرار، والذي قد يؤدي للإطاحة بالنظام، والى وجود صيني مفرط على أرضها.
بالإضافة إلى المسائل الاقتصادية، فإن الصين ضرورية أيضًا للحوار مع الأمريكيين، وأولوية بالنسبة للكوريين الشماليين. “إنها الوحيدة القادرة على التوسط بين الطرفين اذ لا يزال منسوب انعدام الثقة بين واشنطن وبيونغ يانغ مرتفعًا للغاية”، يشير تشيونغ سيونغ تشانغ، من معهد سيجونغ الكوري الجنوبي.
إن بكين هي الحبيب اللدود لمملكة الناسك أكثر من أي وقت مضى.