كيف أوقع لافروف تراس في الفخ؟

كيف أوقع لافروف تراس في الفخ؟


التقت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس نظيرها الروسي سيرغي لافروف في موسكو الخميس الماضي ودعت الكرملين إلى سحب قواته من الحدود الشرقية لأوكرانيا، وكررت أن أي غزو روسي لأوكرانيا سيتسبب في حزمة عقوبات غير مسبوقة من لندن. ووصف لافروف المباحثات مع تراس بغير مثمرة واتهم الجانب البريطاني برفض التعامل مع الموقف الروسي بحسن نية. وقال: “إني محبط في الواقع لأن محادثاتنا تحولت إلى حوار صم. كنا نبدو كأننا نصغي لكننا لم نكن نسمع شيئاً. إن إيضاحاتنا المفصلة، وقعت على أرض غير صالحة».

وزيارة تراس هي الأولى لوزير خارجية بريطاني لموسكو منذ أربعة أعوام، وكان ينظر إليها على أنها خطوة حاسمة في جهود المملكة المتحدة لنع عدوان روسي على أوكرانيا بدمج الديبلوماسية مع الردع. وشكلت المحادثات لحظة سياسية مهمة لتراس التي يعتقد على نحو متزايد أنها مرشحة محتملة لخلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي تحاصره الفضائح. ولكن محرر شؤون الأمن القومي مارك أيبكوبوس كتب في مجلة “ناشيونال انترست” الأمريكية، أن هذه الجهود أتت بنتائج عكسية بعدما وقعت وزيرة الخارجية في زلة رئيسية. فلافروف، المفاوض المحنك الذي أمضى 18 عاماً في منصبه، نصب لها شركاً، عندما سألها إذا كانت ستعترف بسيادة روسيا على روستوف وفورونيغ، منطقتان في جنوب غرب روسيا.

واستناداً إلى مصدرين ديبلوماسيين حسب ما نقلت عنهما صحيفة “كومرسانت الروسية”، فإن تراس أكلت الطعم فأجابت إن المملكة المتحدة “لن تعترف مطلقاً بسيادة روسيا على المنطقتين” قبل أن تصحح لها السفيرة البريطانية لدى موسكو ديبورا برونيرت.
وسارع المسؤولون الروس ووسائل الإعلام الرسمية إلى البناء على هذه الهفوة. وصرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي بأن “هذا هو الواقع الذي علينا أن ندافع عن أنفسنا فيه». ولفتت إلى أن الجولة الأخيرة من مفاوضات “صيغة نورماندي” التي تضم روسيا، وألمانيا، وفرنسا، وأوكرانيا، في برلين في الأسبوع الماضي، أظهرت انقسامات ديبلوماسية عميقة بين موسكو، وأوكرانيا، والغرب.
ورفضت كييف الموقف الروسي الذي يدعوها إلى التفاوض مباشرة مع انفصاليي منطقة دونباس. وقال رئيس الوفد الروسي ديميتري كوزاك: “لسوء الحظ، انتهت تسع ساعات تقريباً من المفاوضات دون أي نتائج ملموسة».

وقال وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن الجمعة، إن الغزو الروسي قد يكون وشيكاً، وفق التقويمات الأخيرة للاستخبارات الأمريكية، التي تفيد بأن بوتين سرع الجدول الزمني للهجوم إلى
«غضون أيام”. ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن جميع الرعايا الأمريكيين إلى مغادرة أوكرانيا فوراً.
والسبت، تحدث بايدن وبوتين لأكثر من ساعة بالهاتف. وأكد الرئيس الأمريكي لنظيره أن واشنطن ستتصرف “بحزم وتفرض عقوبات سريعة وقاسية” على روسيا إذا غزت أوكرانيا.

فهل سيكون لهذا التحذير تأثير كبير على قرارات بوتين؟ يبقى السؤال مفتوحاً.
وحتى الساعة، تواصل أمريكا سحب جنودها من أوكرانيا. ووصف المساعد الرئاسي الروسي يوري أوشاكوف المحادثة بين بايدن وبوتين بـ “متوازنة وحرفية”، لكنه أضاف أنها كانت في “مناخ من الهستيريا التي يروج لها المسؤولون الأمريكيون عن الغزو الروسي المفترض لأوكرانيا، والجميع يعرف هذا».